الباحث القرآني
سورة "والعاديات" وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَالْحُسْنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ. وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عباس وأنس ومالك وقتادة. وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْعادِياتِ ضَبْحاً﴾ أَيِ الْأَفْرَاسُ تْعدُو. كَذَا قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ، أَيْ تَعْدُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَضْبَحُ. قَالَ قَتَادَةُ: تَضْبَحُ إِذَا عَدَتْ، أي تحمحم. وقال الْفَرَّاءُ: الضَّبْحُ: صَوْتُ أَنْفَاسِ الْخَيْلِ إِذَا عَدَوْنَ. ابن عباس: ليس شي مِنَ الدَّوَابِّ يَضْبَحُ غَيْرُ الْفَرَسِ وَالْكَلْبِ وَالثَّعْلَبِ. وَقِيلَ: كَانَتْ تُكْعَمُ [[الكعام: شي يجعل على فم البعير.]] لِئَلَّا تَصْهَلَ، فَيَعْلَمَ الْعَدُوُّ بِهِمْ، فَكَانَتْ تَتَنَفَّسُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِقُوَّةٍ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ فَقَالَ: يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: ٢ - ١]، وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
[[آية ٧٢ سورة الحجر.]]، [الحجر: ٧٢]، وَأَقْسَمَ بِخَيْلِهِ وَصَهِيلِهَا وَغُبَارِهَا، وَقَدْحِ حَوَافِرِهَا النَّارَ مِنَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ... الْآيَاتُ الْخَمْسُ. وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ [[قوله: (قال أهل اللغة ... ) إلى آخر البيت. هكذا ورد في جميع نسخ الأصل وظاهر أن فيه سقطا يوضحه أبو حيان في البحر بقوله: (قال أهل اللغة: أصله للثعلب فاستعير للخيل ... ) إلخ. على أن المؤلف أورده فيما يأتي.]]:
وَطَعْنَةٍ ذَاتِ رَشَاشٍ وَاهِيهْ ... طَعَنْتُهَا عِنْدَ صُدُورِ الْعَادِيَهْ
يَعْنِي الْخَيْلَ. وَقَالَ آخَرُ:
وَالْعَادِيَاتُ أَسَابِيُّ الدِّمَاءِ بِهَا ... كَأَنَّ أَعْنَاقَهَا أَنْصَابُ تَرْجِيبِ [[البيت لسلامة بن جندل. والاسابي: الطرق من الدم. وأسابي الدماء: طرائقها. والترحيب: أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها. قال ابن منظور: (فإنه شبه أعناق الخيل بالمرجب. وقيل: شبه أعناقها بالحجارة التي تذبح عليها النسائك).]]
يَعْنِي الْخَيْلَ. وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
وَالْخَيْلُ تُعْلَمُ حِينَ تَضْ ... - بَحُ فِي حِيَاضِ الْمَوْتِ ضَبْحًا
وَقَالَ آخَرُ:
لَسْتُ بِالتُّبَّعِ الْيَمَانِيِّ إِنْ لَمْ ... تَضْبَحِ الْخَيْلُ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ
وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَأَصْلُ الضَّبْحِ وَالضُّبَاحِ لِلثَّعَالِبِ، فَاسْتُعِيرَ لِلْخَيْلِ. وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: ضَبَحَتْهُ النَّارُ: إِذَا غَيَّرَتْ لَوْنَهُ وَلَمْ تُبَالِغْ فِيهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا أَنْ تَلَهْوَجْنَا شِوَاءً ... بِهِ اللَّهَبَانُ مَقْهُورًا ضَبِيحًا [[البيت لمضرس الأسدي. والملهوج من الشواء: الذي لم يتم نضجه. واللهبان: اتقاد النار واشتعالها.]]
وَانْضَبَحَ لَوْنُهُ: إِذَا تَغَيَّرَ إِلَى السَّوَادِ قَلِيلًا. وَقَالَ:
عُلِقْتُهَا قَبْلَ انْضِبَاحِ لَوْنِي وَإِنَّمَا تَضْبَحُ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ إِذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهَا مِنْ فَزَعٍ وَتَعَبٍ أَوْ طَمَعٍ. وَنَصَبَ ضَبْحاً عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ وَالْعَادِيَاتِ تَضْبَحُ ضَبْحًا. وَالضَّبْحُ [[في القاموس: (والضبح بالكسر الرماد).]] أَيْضًا الرَّمَادُ. وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: ضَبْحاً نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ: مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ضَبَحَتِ الْخَيْلُ ضَبْحًا مِثْلُ ضَبَعَتْ، وَهُوَ السَّيْرُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الضَّبْحُ وَالضَّبْعُ: بِمَعْنَى الْعَدْوِ وَالسَّيْرِ. وَكَذَا قَالَ الْمُبَرِّدُ: الضَّبْحُ مَدُّ أَضْبَاعِهَا فِي السَّيْرِ. وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى أُنَاسٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرُهَا، وَكَانَ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّهُمْ قُتِلُوا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِخْبَارًا لِلنَّبِيِّ ﷺ بِسَلَامَتِهَا، وَبِشَارَةً لَهُ بِإِغَارَتِهَا عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ. وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْعَادِيَاتِ الْخَيْلَ، ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ. وَالْمُرَادُ الْخَيْلُ الَّتِي يَغْزُو عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ. وَفِي الْخَبَرِ: (مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حُرْمَةَ فرس الغازي، فيه شُعْبَةٌ مِنَ النِّفَاقِ). وَقَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّهَا الْإِبِلُ، قَالَ مُسْلِمٌ: نَازَعْتُ فِيهَا عِكْرِمَةَ فَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ الْخَيْلُ. وَقُلْتُ: قَالَ عَلِيٌّ هِيَ الْإِبِلُ فِي الْحَجِّ، وَمَوْلَايَ أَعْلَمُ مِنْ مَوْلَاكَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: تَمَارَى [[التماري والمماراة: المجادلة.]] عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْعادِياتِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هِيَ الْإِبِلُ تَعْدُو فِي الْحَجِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْخَيْلُ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً [العاديات: ٤] فَهَلْ تُثِيرُ إِلَّا بِحَوَافِرِهَا! وَهَلْ تَضْبَحُ الْإِبِلُ! فَقَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ كَمَا قُلْتَ، لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَمَا مَعَنَا إِلَّا فَرَسٌ أَبْلَقُ لِلْمِقْدَادِ، وَفَرَسٌ لِمَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَتُفْتِي النَّاسَ بِمَا لَا تَعْلَمُ! وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَأَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ: فَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ، وَفَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ، فَكَيْفَ تَكُونُ الْعَادِيَاتُ ضَبْحًا! إِنَّمَا الْعَادِيَاتُ الْإِبِلُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَمِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى عَرَفَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالسُّدِّيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
فَلَا وَالْعَادِيَاتِ غَدَاةَ جَمْعٍ ... بِأَيْدِيهَا إِذَا سَطَعَ الْغُبَارُ
يَعْنِي الْإِبِلَ. وَسُمِّيَتِ الْعَادِيَاتُ لِاشْتِقَاقِهَا مِنَ الْعَدْوِ، وَهُوَ تَبَاعُدُ الْأَرْجُلِ فِي سُرْعَةِ الْمَشْيِ. وَقَالَ آخَرُ:
رَأَى صَاحِبِي فِي الْعَادِيَاتِ نَجِيبَةً ... وَأَمْثَالَهَا فِي الْوَاضِعَاتِ الْقَوَامِسِ [[في اللسان مادة (عدا): (وحكى الأزهري عن ابن السكيت (وابل عادية: ترعى الخلة ولا ترعى الحمض .. ) وقال: وكذلك العاديات) وساق البيت. وفي اللسان أيضا مادة (رضع): (وناقة واضع وواضعة ونوق واضعات: ترعى الحمض حول الماء. وأنشد ابن برى قول الشاعر ... ) إلخ. ولفظ (القوامس) هكذا ورد في اللسان وشرح القاموس. وبعض نسخ الأصل. وفي نسخة: (القرامس) بالراء. ولعل الصواب: (العرامس) جمع عرمس (بكسر العين): وهي الناقة الصلبة الشديدة.]]
وَمَنْ قَالَ هِيَ الْإِبِلُ فَقَوْلُهُ ضَبْحاً بِمَعْنَى ضَبْعًا، فَالْحَاءُ عِنْدَهُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْعَيْنِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: ضَبَعَتِ الْإِبِلُ وَهُوَ أَنْ تَمُدَّ أَعْنَاقَهَا فِي السَّيْرِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الضبع مد أضباعها في السير. والضبح أكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْلِ. وَالضَّبْعُ فِي الْإِبِلِ. وَقَدْ تُبَدَّلُ الْحَاءُ مِنَ الْعَيْنِ. أَبُو صَالِحٍ: الضَّبْحُ مِنَ الْخَيْلِ: الْحَمْحَمَةُ، وَمِنَ الْإِبِلِ التَّنَفُّسُ. وقال عطاء: ليس شي مِنَ الدَّوَابِّ يَضْبَحُ إِلَّا الْفَرَسَ وَالثَّعْلَبَ وَالْكَلْبَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: ضَبَحَ الثَّعْلَبُ، وَضَبَحَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا. قَالَ تَوْبَةُ:
وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الْأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ [[في نسخة: (جندل) وهي رواية في البيت.]] وَصَفَائِحُ
لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ الْبَشَاشَةِ أَوْ زَقَا ... إِلَيْهَا صَدًى مِنْ جَانِبٍ الْقَبْرِ ضَابِحُ [[في رواية صائح. ولا شاهد فيه.]]
زَقَا الصَّدَى يَزْقُو زُقَاءً [[في اللسان: (زقا يزقو ويزقى زقوا وزقاء وزقوا وزقيا وزقيا وزقيا.)]]: أَيْ صَاحَ. وَكُلُّ زَاقٍ صَائِحٍ. وَالزَّقْيَةُ: الصَّيْحَةُ.
(فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) قَالَ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ: هِيَ الْخَيْلُ حِينَ تُورِي النَّارَ بِحَوَافِرِهَا، وَهِيَ سَنَابِكُهَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: أَوْرَتْ بِحَوَافِرِهَا غُبَارًا. وَهَذَا يُخَالِفُ سَائِرَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي قَدْحِ النَّارِ، وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْإِبِلِ. وَرَوَى ابْنُ نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً. فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ فِي الْحَجِّ. ابْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ الْإِبِلُ تَطَأُ الْحَصَى، فَتَخْرُجُ مِنْهَا النَّارُ. وَأَصْلُ الْقَدْحِ الِاسْتِخْرَاجُ، وَمِنْهُ قَدَحْتُ الْعَيْنَ: إِذَا أَخْرَجْتُ مِنْهَا الْمَاءَ الْفَاسِدَ. وَاقْتَدَحْتُ بِالزَّنْدِ. وَاقْتَدَحْتُ الْمَرَقَ: غَرَفْتُهُ. وَرَكِيٌّ قَدُوحٌ: تُغْتَرَفُ بِالْيَدِ. وَالْقَدِيحُ: مَا يَبْقَى فِي أَسْفَلِ الْقِدْرِ، فَيُغْرَفُ بِجَهْدٍ. وَالْمِقْدَحَةُ: مَا تُقْدَحُ بِهِ النَّارَ. وَالْقَدَّاحَةُ وَالْقَدَّاحُ: الْحَجَرُ الَّذِي يُورِي النَّارَ. يُقَالُ: وَرَى الزَّنْدُ (بِالْفَتْحِ) يَرِي وَرْيًا: إِذَا خَرَجَتْ نَارُهُ. وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: وَرِيَ الزَّنْدُ (بِالْكَسْرِ) يَرِي فِيهِمَا. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَةِ "الْوَاقِعَةٍ" [[راجع ج ١٧ ص (٢٢١)]]. وقَدْحاً انْتُصِبَ بِمَا انْتُصِبَ بِهِ ضَبْحاً. وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَاتُ فِي الْخَيْلِ، وَلَكِنَّ إِيرَاءَهَا: أَنْ تُهَيِّجَ الْحَرْبَ بَيْنَ أَصْحَابِهَا وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ. وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْحَرْبِ إِذَا الْتَحَمَتْ: حَمِيَ الْوَطِيسُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [[آية ٦٤ سورة المائدة.]] [المائدة: ٦٤]. وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَقَالَهُ قَتَادَةُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَقَالَهُ قَتَادَةُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُورَيَاتِ قَدْحًا: مَكْرُ الرِّجَالِ فِي الْحَرْبِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذَا أَرَادَ الرَّجُلَ أَنْ يَمْكُرَ بِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ لَأَمْكُرَنَّ بِكَ، ثُمَّ لَأُورِيَنَّ لَكَ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: هُمُ الَّذِينَ يَغْزُونَ فَيُورُونَ نِيرَانَهُمْ بِاللَّيْلِ، لِحَاجَتِهِمْ وَطَعَامِهِمْ. وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهَا نِيرَانُ الْمُجَاهِدِينَ إِذَا كَثُرَتْ نَارُهَا إِرْهَابًا. وَكُلُّ مَنْ قَرُبَ مِنَ الْعَدُوِّ يُوقِدُ نِيرَانًا كَثِيرَةً لِيَظُنَّهُمُ الْعَدُوُّ كَثِيرًا. فَهَذَا إِقْسَامٌ بِذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هِيَ النَّارُ تُجْمَعُ. وَقِيلَ: هِيَ أَفْكَارُ الرِّجَالِ تُورِي نَارَ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ أَلْسِنَةُ الرِّجَالِ تُورِي النَّارَ مِنْ عَظِيمِ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيَظْهَرُ بِهَا، مِنْ إِقَامَةِ الْحُجَجِ، وَإِقَامَةِ الدَّلَائِلِ، وَإِيضَاحِ الْحَقِّ، وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ. وَرَوَى ابْنُ جُرَيْحٍ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: فَالْمُنْجِحَاتِ أَمْرًا وَعَمَلًا، كَنَجَاحِ الزَّنْدِ إِذَا أَوُرِيَ. قُلْتُ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ مَجَازٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُورِي زِنَادَ الضَّلَالَةِ. وَالْأَوَّلُ: الْحَقِيقَةُ، وَأَنَّ الْخَيْلَ مِنْ شِدَّةِ عَدْوِهَا تَقْدَحُ النَّارَ بِحَوَافِرِهَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: الْعَرَبُ تُسَمِّي تِلْكَ النَّارَ نَارَ أَبِي حُبَاحِبٍ، وَكَانَ أَبُو حُبَاحِبٍ شَيْخًا مِنْ مُضَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ أَبْخَلِ النَّاسِ، وَكَانَ لَا يُوقِدُ نَارًا لِخُبْزٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى تَنَامَ الْعُيُونُ، فَيُوقِدَ نُوَيْرَةً تَقِدُ مَرَّةً وَتَخْمَدُ أُخْرَى، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ لها أحد أَطْفَأَهَا، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا أَحَدٌ. فَشَبَّهَتِ العرب هذه النار بناره، لأنه لا ينتقع بِهَا. وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ السَّيْفُ عَلَى الْبَيْضَةِ فَاقْتَدَحَتْ نَارًا، فَكَذَلِكَ يُسَمُّونَهَا. قَالَ النَّابِغَةُ:
وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَتُوقِدُ بِالصِّفَاحِ نَارَ الحباحب [[السلوقي: الدرع المنسوبة إلى سلوق قرية باليمن. والصفاح: جمع صفاحة وهي الحجر العريض.]]
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلۡعَـٰدِیَـٰتِ ضَبۡحࣰا","فَٱلۡمُورِیَـٰتِ قَدۡحࣰا"],"ayah":"وَٱلۡعَـٰدِیَـٰتِ ضَبۡحࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق