الباحث القرآني
﴿قَالَ ٱللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُهَا عَلَیۡكُمۡۖ فَمَن یَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّیۤ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا لَّاۤ أُعَذِّبُهُۥۤ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١١٥﴾ - قراءات
٢٤٣٢٥- في قراءة عبد الله -من طريق الأعمش-: (قالَ سَأُنزِلُها عَلَيْكُمْ)[[أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ١/٣١٣. وهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن الأعمش، وطلحة بن مصرف. انظر: البحر المحيط ٤/٦٢.]]. (ز)
٢٤٣٢٦- عن عاصم أنه قرأ: ﴿إنِّي مُنَزِّلُها﴾ مُثَقَّلَةً[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وهي قراءة متواترة، قرأ بها نافع، وأبو جعفر، وابن عامر، وعاصم، وقرأ بقية العشرة: ‹مُنزِلُها› بالتخفيف. انظر: النشر ٢/٢٥٦، والإتحاف ص٢٥٨.]]. (٥/٦٠٥)
﴿قَالَ ٱللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُهَا عَلَیۡكُمۡۖ فَمَن یَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّیۤ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا لَّاۤ أُعَذِّبُهُۥۤ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١١٥﴾ - تفسير الآية
٢٤٣٢٧- عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله ﷺ: «أنزلت المائدة مِن السماء خُبزًا ولحمًا، وأُمِروا ألّا يخونوا ولا يَدَّخِروا لغدٍ، فخانوا وادَّخروا ورَفَعوا لغدٍ، فمُسِخوا قِرَدةً وخنازير»[[أخرجه الترمذي ٥/٣٠٢-٣٠٣ (٣٣١٣)، وابن جرير ٩/١٢٨، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٥ (٧٠٢٢)، ٤/١٢٥١-١٢٥٢ (٧٠٤٥). قال الترمذي: «هذا حديث قد رواه أبو عاصم وغير واحد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث الحسن بن قزعة». وقال البزار في مسنده ٤/٢٥٠ (١٤١٩): «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمار مرفوعًا إلا من هذا الوجه».]]. (٥/٦٠٠)
٢٤٣٢٨- وعن عمار بن ياسر -من طريق خِلاس بن عمرو- موقوفًا، مثلَه[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي حاتم. قال الترمذي ٥/٣٠٣: «والوقف أصح».]]. (٥/٦٠٠)
٢٤٣٢٩- عن عكرمة، أنّ رسول الله ﷺ قال: «لولا بنو إسرائيلَ ما خَنِز[[ما خنز: ما أنتن. النهاية ٢/٨٣.]] الخبزُ، ولا نَتَن اللحمُ، ولكنَّهم خبَّئوه لغدٍ؛ فأنتَن اللحمُ، وخَنِز الخبز»[[عزاه السيوطي إلى سفيان بن عيينة مرسلًا.]]. (٥/٦٠٠)
٢٤٣٣٠- عن عمار بن ياسر -من طريق خلاس بن عمرو- قال: نزلت المائدةُ عليها ثَمَرٌ مِن ثَمرِ الجنة[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٨، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]]. (٥/٦٠٠)
٢٤٣٣١- عن رجل من بني عجل، قال: صلَّيْتُ إلى جنب عمّار بن ياسر، فلما فرغ قال: هل تدري كيف كان شأن مائدة بني إسرائيل؟ قال: فقلت: لا. قال: إنهم سألوا عيسى ابن مريم مائدةً يكون عليها طعامٌ يأكلون منه لا ينفد. قال: فقيل لهم: فإنها مقيمة لكم ما لم تخبئوا أو تخونوا أو ترفعوا، فإن فعلتم فإني أعذبكم عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين. قال: فما تَمَّ يومهم حتى خَبَّئوا ورفعوا وخانوا، فعُذِّبوا عذابًا لم يُعَذِّبه أحدًا من العالمين. وإنكم معشر العرب كنتم تتبعون أذناب الإبل والشاء، فبعث الله فيكم رسولا من أنفسكم تعرفون حسبه ونسبه، وأخبركم على لسان نبيكم أنكم ستظهرون على العرب، ونهاكم أن تكنِزوا الذهب والفضة، وأيم اللهِ، لا يذهب الليل والنهار حتى تكنزوهما ويعذبكم عذابا أليمًا[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٧.]]. (ز)
٢٤٣٣٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: المائدةُ سمكةٌ وأرغفةٌ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤٦.]]. (٥/٦٠٠)
٢٤٣٣٣- قال عبد الله بن عباس: أنزل على المائدة كل شيء غير اللحم[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٥٥-.]]. (ز)
٢٤٣٣٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوفي- قال: نَزَل على عيسى ابن مريم والحوارِيِّين خِوانٌ عليه خبزٌ وسمكٌ، يأكلون منه أينما نزلوا إذا شاءوا[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٦.]]. (٥/٦٠٢)
٢٤٣٣٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في المائدة، قال: كان طعامًا يَنزِلُ عليهم من السماء حيثما نَزَلوا[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٨، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص٣٥٠.]]. (٥/٦٠٢)
٢٤٣٣٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق عقيل- أنّه كان يُحَدِّثُ عن عيسى ابن مريم أنّه قال لبني إسرائيل: هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يومًا، ثم تسأَلوه فيُعطِيَكم ما سألتم، فإن أجرَ العامل على مَن عَمِل له؟ ففَعَلوا، ثم قالوا: يا معلمَ الخير، قُلتَ لنا: إنّ أجرَ العاملِ على مَن عَمِل له. وأمَرتَنا أن نصومَ ثلاثين يومًا، ففَعَلنا، ولم نَكُن نعمَلُ لأحدٍ ثلاثين يومًا إلا أطعَمَنا، فـ﴿هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء﴾ إلى قوله: ﴿أحدا من العالمين﴾. فأقبَلَتِ الملائكةُ تَطيرُ بمائدةٍ مِن السماء، عليها سبعةُ أحواتٍ وسبعةُ أرغفةٍ، حتى وضَعَتها بين أيديهم، فأكَل منها آخِرُ الناسِ كما أكَل منها أوَّلُهم[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢١، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٤، ١٢٤٦. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٥٩٩)
٢٤٣٣٧- قال كعب الأحبار: نزلت مائدة منكوسة تطير بها الملائكة بين السماء والأرض، عليها كلُّ الطعام إلا اللحم[[تفسير البغوي ٣/١١٩.]]. (ز)
٢٤٣٣٨- عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي -من طريق أبي إسحاق- في قوله: ﴿أنزل علينا مائدة من السماء﴾، قال: خُبزًا، وسمكًا[[أخرجه ابن الأنباري في كتاب الأضداد ص٣٥١.]]. (٥/٦٠١)
٢٤٣٣٩- عن سعيد بن جُبير -من طريق مسلم الأعمش- قال: أُنزِل على المائدةِ كلُّ شيءٍ إلا اللحمَ. والمائدةُ: الخوِانُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤٥، ١٢٤٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٦٠٣)
٢٤٣٤٠- عن سعيد بن جُبير -من طريق جعفر- قال: نَزَلتِ المائدةُ وهي طعام يَفُورُ، فكانوا يأكلون منها قُعُودًا، فأحدَثوا، فرُفِعَتْ شيئًا، فأَكَلُوا على الرُّكَبِ، ثم أحدَثوا، فرُفِعَت شيئًا، فأكَلوا قيامًا، ثم أحدَثوا، فرُفِعت البَتَّةَ[[أخرجه ابن الأنباري ص٣٥١ واللفظ له، وأبو الشيخ في العظمة (١٠١٣).]]. (٥/٦٠١)
٢٤٣٤١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- في قوله: ﴿أنزل علينا مائدة من السماء﴾، قال: هو مَثَلٌ ضُرِب، ولم يَنزِل عليهم شيءٌ[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٦٠٣)
٢٤٣٤٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- قال: مائدةٌ عليها طعام، أبَوها حينَ عُرِض عليهم العذابُ إن كفَروا، فأبَوا أن تَنزِلَ عليهم[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٠. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد، وابن المنذر.]]. (٥/٦٠٤)
٢٤٣٤٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي يحيى- قال: هو الطعامُ يَنزِلُ عليهم حيثُ نَزَلوا[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٦٠٢)
٢٤٣٤٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد- أنّ الخبزَ الذي أُنزِلَ مع المائدةِ كان مِن أُرْزٍ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤٦. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٦٠٢)
٢٤٣٤٥- عن الحسن البصري -من طريق قتادة- قال: لَمّا قيل لهم: ﴿فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا﴾، قالوا: لا حاجةَ لنا فيها. فلم تَنزِل عليهم[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٠، وابن أبي حاتم ٤/١٢٥٢، وابن الأنباري ص٣٥١-٣٥٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٦٠٤)
٢٤٣٤٦- عن عطيةَ بن سعد العَوفي -من طريق فضيل بن مرزوق- قال: المائدةُ سمكةٌ فيها مِن طَعمِ كلِّ طعام[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٥-١٢٦، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٦ واللفظ له، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص٣٥١. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٥/٦٠١)
٢٤٣٤٧- عن وهب بن مُنَبِّهٍ -من طريق القاسم الحنفي- أنّه سُئِل عن المائدة التي أنزَلَها اللهُ مِن السماء على بني إسرائيل. قال: كان يَنزِلُ عليهم في كلِّ يومٍ في تلك المائدةِ مِن ثمارِ الجنة، فأكَلَوا ما شاءُوا مِن ضُرُوبٍ شَتّى، فكانت يَقعُدُ عليها أربعةُ آلافٍ، فإذا أكَلوا أبدَل اللهُ مكانَ ذلك بمثلِه، فَلبِثوا بذلك ما شاء الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤٨.]]. (٥/٦٠٣)
٢٤٣٤٨- عن وهب بن مُنَبِّهٍ -من طريق المنذر بن النعمان- يقول في قوله: ﴿أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا﴾، قال: نزل عليهم قِرَصةٌ[[قِرَصَة- بوزْن عِنَبة-: جمع قُرْص، وهو الرَّغيف. النهاية (قرص).]] من شعير، وأَحْواتٌ. قال الحسن: قال أبو بكر: فحدثت به عبد الصمد بن معقل، فقال: سمعت وهبًا وقيل له: وما كان ذلك يُغنِي عنهم؟ فقال: لا شيء، ولكن الله حشا بين أضعافهن البركة، فكان قوم يأكلون ثم يخرجون، ويجيء آخرون فيأكلون ثم يخرجون، حتى أكلوا جميعهم وأَفْضَلوا[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٠٠-٢٠١، وابن جرير ٩/١٢٦، وابن أبي حاتم ٤/١٢٤٦.]]. (ز)
٢٤٣٤٩- عن وهب بنِ مُنَبِّهٍ، قال: كانت مائدةً يَجلِسُ عليها أربعةُ آلافٍ، فقالوا لقومٍ مِن وُضَعائِهم: إنّ هؤلاء يُلَطِّخون ثيابَنا علينا، فلو بَنَيْنا لها دُكّانًا[[الدُّكّان: الدَّكَّة المبنية للجلوس عليها. النهاية (دكن)]] يَرفَعُها. فبَنَوا لها دُكّانًا، فجَعَلَتِ الضُّعفاءُ لا تَصِلُ إلى شيءٍ، فلَمّا خالَفوا أمرَ اللهِ ﷿ رفَعها عنهم[[أخرجه ابن الأنباري ص٣٥٠.]]. (٥/٦٠١)
٢٤٣٥٠- عن مَيسَرَةَ= (ز)
٢٤٣٥١- وزاذانَ [أبي عمر الكندي] -من طريق عطاء بن السائب- قالا: كانتِ المائدةُ إذا وُضِعَت لبني إسرائيلَ اختَلَفَتِ الأيدي فيها بكلِّ طعامٍ[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر.]]. (٥/٦٠٣)
٢٤٣٥٢- قال قتادة بن دعامة: كانت تنزل عليهم بُكْرَةً وعشِيًّا، حيث كانوا كالمن والسلوى لبني إسرائيل[[تفسير البغوي ٣/١٢٠.]]. (ز)
٢٤٣٥٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّها كانت مائدةً يَنزِلُ عليها الثَّمرُ مِن ثمارِ الجنة، وأُمِروا ألّا يُخَبِّئُوا ولا يخونوا ولا يَدَّخِروا لغدٍ، بلاءٌ أبلاهم اللهُ به، وكانوا إذا فعَلوا شيئًا مِن ذلك أنبأهم به عيسى، فخان القومُ فيه، فخَبَّئُوا وادَّخَروا لغدٍ[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٩، وابن الأنباري ص٣٥١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]٢٢١٣. (٥/٦٠٣)
٢٤٣٥٤- عن إسحاق بن عبد الله -من طريق أبي معشر- أن المائدةَ نَزَلَتْ على عيسى ابن مريم، عليها سبعةُ أرغفةٍ، وسبعةُ أحواتٍ، يَأكُلون منها ما شاءُوا، فسرَق بعضُهم منها، وقال: لعلَّها لا تَنْزِلُ غدًا. فرُفِعَتْ[[أخرجه ابن جرير ٩/١٢٧.]]. (٥/٦٠٢)
٢٤٣٥٥- قال محمد بن السائب الكلبي: كان عليها خبز، ورز، وبقل[[تفسير البغوي ٣/١١٩.]]٢٢١٤. (ز)
﴿فَمَن یَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّیۤ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا لَّاۤ أُعَذِّبُهُۥۤ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١١٥﴾ - تفسير
٢٤٣٥٦- عن عبد الله بن عَمرٍو بن العاص -من طريق أبي المغيرة القوّاس- قال: إنّ أشدَّ الناسِ عذابًا يومَ القيامة مَن كفَر مِن أصحاب المائدة، والمنافقون، وآلُ فرعون[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٦٠٤)
٢٤٣٥٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين﴾، قال: ذُكِر لنا: أنّهم لما صنَعوا في المائدة ما صنَعوا حُوِّلوا خنازير[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٢، وابن أبي حاتم ٤/١٢٥٢ وفيه: عن قتادة عن عمار بن ياسر. وذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٥٦- نحوه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٦٠٤)
٢٤٣٥٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿فمن يكفر بعد منكم﴾: بعدَما جاءَته المائدة ﴿فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين﴾ يقول: أُعَذِّبُه بعذابٍ لا أُعَذِّبُه أحدًا غيرَ أهل المائدة[[أخرجه ابن جرير ٩/١٣٢، وابن أبي حاتم ٤/١٢٥٢.]]. (٥/٦٠٤)
٢٤٣٥٩- عن محمد بن السائب الكلبي= (ز)
٢٤٣٦٠- ومقاتل: أنزل الله خبزًا، وسمكًا، وخمسة أرغفة، فأكلوا ما شاء الله تعالى، والناس ألف ونيِّف، فلما رجعوا إلى قراهم ونشروا الحديث ضحك منهم مَن لم يشهد، وقالوا: ويحكم! إنّما سَحَر أعينكم. فمَن أراد الله به الخير ثَبَّته على بصيرته، ومن أراد فتنته رجع إلى كفره، ومُسِخوا خنازير ليس فيهم صبي ولا امرأة، فمكثوا بذلك ثلاثة أيام، ثم هلكوا، ولم يتوالدوا، ولم يأكلوا، ولم يشربوا، وكذلك كل ممسوخ[[تفسير البغوي ٣/١٢٠.]]. (ز)
٢٤٣٦١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قالَ اللَّهُ﴾ ﷿: ﴿إنِّي مُنَزِّلُها﴾ يعني: المائدة ﴿عَلَيْكُمْ﴾ فنزلها يوم الأحد، ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ﴾ نزول المائدة ﴿مِنكُمْ فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾. فنزلت من السماء عليها سمك طريٌّ، وخبز رقاق، وتمر. وذكروا: أنّ عيسى ﷺ قال لأصحابه وهم جلوس في روضة: هل مع أحد منكم شيء؟ فجاء شمعون بسمكتين صغيرتين، وخمسة أرغفة، وجاء آخر بشيء من سويق، فعمد عيسى ﷺ فقطَّعهما صغارًا، وكسر الخبز فوضعها فِلَقًا فِلَقًا[[فِلَق الخبز: كِسَره. النهاية (فلق).]]، ووضع السَّويق، فتوضأ، ثم صلّى ركعتين، ودعا ربه ﷿، فألقى الله ﷿ على أصحابه شِبْه السُّبات، ففتح القومُ أعينَهم، فزاد الطعامُ حتى بلغ الرُّكَب، فقال عيسى ﷺ للقوم: كلوا، وسَمُّوا الله ﷿، ولا ترفعوا. وأمرهم أن يجلسوا حِلَقًا حِلَقًا، فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا، وهم خمسة آلاف رجل، وهذا ليلة الأحد ويوم الأحد، فنادى عيسى ﷺ، فقال: أكلتم؟ قالوا: نعم. قال: لا ترفعوا. قالوا: لا نرفع. فرفعوا، فبلغ ما رفعوا من الفضل أربعة وعشرين مِكْتَلًا[[المِكْتَل: شبه الزنبيل، يسع خمسة عشر صاعًا. تاج العروس (كتل).]]، فآمنوا عند ذلك بعيسى ﷺ، وصدَّقوا به، ثم رجعوا إلى قومهم اليهود من بني إسرائيل ومعهم فضل المائدة، فلم يزالوا بهم حتى ارتدوا عن الإسلام، فكفروا بالله، وجحدوا بنزول المائدة، فمسخهم الله ﷿ وهم نيام خنازير، وليس فيهم صبي ولا امرأة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥١٨-٥١٩.]]. (ز)
﴿فَمَن یَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّیۤ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابࣰا لَّاۤ أُعَذِّبُهُۥۤ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ١١٥﴾ - بسط قصة إنزال المائدة
٢٤٣٦٢- عن سلمان الفارسي -من طريق أبي عثمان النهدي- قال: لما سأل الحَوارِيُّون عيسى ابنَ مريمَ المائدة كَرِه ذلك جِدًّا، وقال: اقنَعوا بما رزقكم الله في الأرض، ولا تسألوا المائدة من السماء، فإنها إن نزلت عليكم كانت آيةً مِن ربِّكم، وإنما هَلَكَت ثمودُ حِينَ سألوا نبيهم آيةً، فابتُلُوا بها حتى كان بَوارُهم فيها. فأَبَوا إلا أن يَأتِيَهم بها، فلذلك قالوا: ﴿نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين﴾. فلما رأى عيسى أن قد أبَوا إلا أن يَدعُوَ لهم بها، قام فألقى عنه الصُّوفَ، ولَبِسَ الشعَرَ الأسود، وجُبَّةً مِن شعَرٍ، وعَباءَةً مِن شعَرٍ، ثم تَوضَّأ واغتَسَل، ودخَل مُصَلّاه، فصَلّى ما شاء الله، فلمّا قضى صلاتَه قام قائِمًا مُستَقبِلَ القِبلة، وصَفَّ قَدَمَيه حتى استَوَيا، فألصَق الكعبَ بالكعب، وحاذى الأصابعَ بالأصابع، ووضَع يدَه اليُمنى على اليُسرى فوق صدرِه، وغضَّ بصرَه، وطَأْطَأْ رأسَه خُشوعًا، ثم أرسَل عَينَيه بالبكاء، فما زالت دموعُه تَسيلُ على خَدَّيه، وتَقطُرُ مِن أطرافِ لحيتِه، حتى ابتَلَّتِ الأرضُ حِيالَ وجهِه مِن خشوعِه، فلمّا رأى ذلك دعا الله، فقال: ﴿اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا﴾ تكونُ عظةً منك لنا، ﴿وآية منك﴾ أي: علامةً منك، تكونُ بينَنا وبينَك، وارزُقنا عليها طعامًا نَأكُلُه، ﴿وأنت خير الرازقين﴾. فأنزل الله عليهم سُفرَةً حَمراءَ بينَ غَمامَتَين؛ غَمامةٍ فوقَها، وغَمامةٍ تحتَها، وهم ينظرون إليها في الهواء مُنقَضَّةً مِن فَلَكِ السماء تَهوِي إليهم، وعيسى يبكي خوفًا للشُّروطِ التي اتخَذ الله عليهم فيها؛ أنه يُعَذِّبُ مَن يَكفُرُ بها منهم بعدَ نزولها عذابًا لم يُعَذِّبه أحدًا مِن العالَمين، وهو يدعو اللهَ في مكانِه، ويقول: إلهي، اجعَلها رحمةً، إلهي، لا تَجعَلها عذابًا، إلهي، كم مِن عَجيبةٍ سَألتُك فأعطَيتَني، إلهي، اجعَلنا لك شاكِرِين، إلهي، أعُوذُ بك أن تكونَ أنزَلتَها غضبًا ورِجزًا، إلهي، اجعَلها سلامةً وعافيةً، ولا تَجعَلها فتنةً ومُثلَةً. فما زال يدعو حتى استَقَرَّتِ السُّفرةُ بينَ يدي عيسى، والحَوارِيُّون وأصحابُه حولَه، يَجِدون رائحةً طيبةً، لم يجدوا فيما مضى رائحةً مِثلَها قَطُّ، وخَرَّ عيسى والحواريون لله سُجَّدًا؛ شُكرًا له بما رزقهم مِن حيث لم يَحتَسِبوا، وأراهم فيه آيةً عظيمةً ذاتَ عَجَبٍ وعِبرَةٍ، وأقبَلَتِ اليهود ينظُرُون، فرَأَوا أمرًا عجيبًا أورَثَهم كَمَدًا وغَمًّا، ثم انصرفوا بغيظٍ شديدٍ، وأقبَل عيسى والحَوارِيُّون وأصحابُه حتى جَلَسوا حولَ السُّفرة، فإذا عليها مِندِيلٌ مُغَطًّى، قال عيسى: مَن أجرَؤُنا على كشفِ المنديلِ عن هذه السُّفرة، وأوثَقُنا بنفسِه، وأحسَنُنا بلاءً عندَ ربِّه، فَليَكشِف عن هذه الآية حتى نراها، ونَحمَدَ ربَّنا، ونَذكُرَ باسمِه، ونَأكُلَ مِن رزقِه الذي رَزَقَنا؟ فقال الحَوارِيُّون: يا رُوحَ الله وكلمتَه، أنت أولانا بذلك، وأحَقُّنا بالكشف عنها. فقام عيسى، فاستَأنَف وُضُوءًا جديدًا، ثم دخَل مُصَلّاه، فصلّى بذلك رَكَعات، ثم بكى طويلًا، ودعا الله أن يأذَنَ له في الكشف عنها، ويَجعَلَ له ولقومِه فيها بركةً ورزقًا، ثم انصرف، وجلس إلى السُّفرة، وتناول المنديل، وقال: بسم الله خيرِ الرازقين. وكَشَف عن السفرة، وإذا هو عليها سمكةٌ ضخمةٌ مَشوِيَّةٌ، ليس عليها بَواسِير، وليس في جَوفِها شَوكٌ، يَسيلُ السمنُ منها سَيلًا، قد نُضِّد حولَها بقُولٌ مِن كلِّ صِنفٍ غيرَ الكُرّاث، وعندَ رأسِها خَلٌّ، وعندَ ذَنَبِها مِلحٌ، وحولَ البُقُولِ خمسةُ أرغِفَةٍ، على واحدٍ منها زيتونٌ، وعلى الآخَر ثَمَراتٌ، وعلى الآخر خمسُ رُمّاناتٍ، فقال شَمعون رأسُ الحَوارِيِّين لعيسى: يا رُوحَ الله وكلمتَه، أمِن طعامِ الدنيا هذا، أم مِن طعامِ الجنة؟ فقال: أما آن لكم أن تَعتَبروا بما تَرَون مِن الآيات، وتَنتَهوا عن تَنقِيرِ المسائل، ما أخوَفَني عليكم أن تُعاقَبوا في سبب هذه الآية. فقال شمعون: لا وإلهِ إسرائيلَ، ما أردتُ بها سُوءًا، يا ابنَ الصِّدِّيقة. فقال عيسى: ليس شيءٌ ممّا تَرَون عليها مِن طعامِ الجنة، ولا مِن طعام الدنيا، إنما هو شيءٌ ابتَدَعه اللهُ في الهواءِ بالقُدرةِ الغالِبَة القاهِرَة؛ فقال له: كُن. فكان أسرعَ مِن طرفةِ عين، فكُلُوا مما سَألتُم باسم الله، واحمدُوا عليه ربَّكم، يُمِدَّكم منه ويَزِدكم، فإنه بَديع قادر شاكر. فقالوا: يا روح الله وكلمته، إنّا نحبُّ أن تُرِيَنا آيةً في هذه الآية. فقال عيسى: سبحان الله، أما اكتَفَيتُم بما رأَيتُم مِن هذه الآية حتى تَسأَلوا فيها آيةً أُخرى! ثم أقبَل عيسى على السمكة، فقال: يا سمكةُ، عُودي بإذنِ اللهِ حيَّةً كما كُنتِ. فأحياها اللهُ بقُدرتِه، فاضطَرَبَت وعادت بإذنِ الله حَيَّةً طَرِيَّةً، تَلَمَّظُ كما يَتَلَمَّظُ الأسد، تدُورُ عَيناها، لها بَصيصٌ، وعادت عليها بَواسِيرُها، ففَزِع القومُ منها وانحاسوا[[حاسوا وجاسوا، بِمَعنًى واحد: يذهبون ويجيئون. اللسان (جوس).]]، فلمّا رأى عيسى ذلك منهم فقال: ما لكم تَسأَلون الآيةَ، فإذا أراكُمُوها ربُّكم كَرِهتُمُوها؟! ما أخوَفَني عليكم أن تُعاقَبوا بما تَصنعون، يا سمكةُ، عُودِي بإذن الله كما كُنتِ. فعادتْ بإذن الله مشويَّةً كما كانت في خَلقِها الأول، فقالوا لعيسى: كُن أنت يا رُوحَ اللهِ الذي تَبدَأُ بالأكلِ منها، ثم نحنُ بعدُ. فقال: مَعاذَ اللهِ مِن ذلك، يَبدَأُ بالأكلِ مَن طَلَبَها. فلَمّا رأى الحَوارِيُّون وأصحابُهم امتِناعَ نبيهم منها خافوا أن يكونَ نزولها سُخطَةً، وفي أكلِها مُثلَةً، فتحامَوها، فلمّا رأى ذلك عيسى دعا لها الفقراءَ والزَّمنى، وقال: كلوا من رزق ربكم ودعوة نبيكم، واحمَدوا اللهَ الذي أنزَلَها لكم؛ ليكون مَهناها لكم وعقوبتُها على غيرِكم، وافتَتِحوا أكلَكم باسم الله، واختِموه بحمدِ الله. ففعلوا، فأكل منها ألفٌ وثلاثُمائةِ إنسان، بين رجلٍ وامرأةٍ، يَصدُرون عنها كلُّ واحدٍ منهم شبعان يَتَجَشَّأُ، ونظَر عيسى والحَوارِيُّون فإذا ما عليها كهيئةِ إذ نَزَلَت مِن السماء، لم يُنتَقَص منه شيءٌ، ثم إنها رُفِعَت إلى السماء وهم يَنظُرون، فاستَغنى كلُّ فقيرٍ أكَل منها، وبَرِئ كلُّ زمنٍ منهم أكَل منها، فلم يزالوا أغنياءَ صِحاحًا حتى خرَجوا مِن الدنيا، ونَدِم الحَواريُّون وأصحابُهم الذين أبَوا أن يَأكُلوا منها نَدامةً سالت منها أشفارُهم، وبَقِيتْ حَسرتُها في قلوبِهم إلى يوم الممات. قال: فكانتِ المائدةُ إذا نَزَلَتْ بعدَ ذلك أقبَلَت بنو إسرائيلَ إليها مِن كلِّ مكانٍ يَسعَون، يُزاحِمُ بعضُهم بعضًا، الأغنياءُ والفقراء، والنساءُ والصِّغارُ والكِبار، والأصِحّاءُ والمرضى، يرَكَبُ بعضُهم بعضًا، فلما رأى عيسى ذلك جَعَلَها نُوَبًا بينَهم، فكانت تَنزِلُ يومًا ولا تَنزِلُ يومًا، فلَبِثوا في ذلك أربعين يومًا، تَنزِلُ عليهم غِبًّا عندَ ارتفاعِ الضُّحى، فلا تَزالُ موضوعةً يُؤكَلُ منها، حتى إذا قالوا ارتَفَعَت عنهم بإذن الله إلى جوِّ السماء، وهم يَنظُرُون إلى ظِلِّها في الأرضِ حتى تَوارى عنهم، فأوحى اللهُ إلى عيسى: أنِ اجعَل رزقي في المائدة لليَتامى والفقراءِ والزَّمنى، دُونَ الأغنياء مِن الناس. فلما فعَل اللهُ ذلك ارتاب بها الأغنياءُ، وغَمَصوا[[عند ابن أبي حاتم: «غمطوا». وكلاهما بمعنى الاستهانة والاستحقار. ينظر: النهاية (غمص، غمط).]] ذلك، حتى شَكُّوا فيها في أنفسِهم، وشَكَّكوا فيها الناس، وأذاعوا في أمرِها القبيحَ والمنكرَ، وأدرَك الشيطانُ منهم حاجَتَه، وقذَف وسْواسَه في قلوبِ المرتابين، حتى قالوا لعيسى: أخبرنا عن المائدة ونزولها مِن السماء حقٌّ؛ فإنه ارتاب بها بشرٌ منّا كثيرٌ؟ قال عيسى: هلَكتُم، وإلهِ المسيح، طَلَبتُم المائدةَ إلى نبيكم أن يَطلُبَها لكم إلى ربِّكم، فلما أن فعل وأنزَلَها الله عليكم رحمةً ورزقًا، وأَراكم فيها الآياتِ والعِبَر؛ كَذَّبتم بها، وشَكَكتُم فيها! فأبشِروا بالعذاب، فإنه نازِلٌ بكم إلا أن يَرحَمَكم الله. وأوحى اللهُ إلى عيسى: إنِّي آخِذٌ المكذِّبين بشَرطي، فإنِّي مُعذِّبٌ منهم مَن كفَر بالمائدةِ بعدَ نزولها عذابًا لا أُعَذِّبُه أحدًا مِن العالمين. فلمّا أمسى المرتابون بها، وأخَذوا مَضاجِعَهم في أحسَن صورةٍ من نسائِهم آمِنِين، فلما كان مِن آخِرِ الليلِ مَسَخَهم اللهُ خنازير، وأصبَحوا يَتتبعون الأقذارَ في الكُناسات[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤٤- ١٢٥٥، وأبو الشيخ في العظمة (١٠١١). وعزاه السيوطي إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وأبي برك الشافعي في فوائده المعروفة بالغَيلانيات.]]. (٥/٥٩٤)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.