الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ قالَ الحَوارِيُّونَ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: كانَ الحَوارِيُّونَ أعْلَمَ بِاللَّهِ مِن أنْ يَقُولُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟ إنَّما قالُوا: هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْتَ رَبَّكَ، هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَدْعُوَهُ؟ (p-٥٩٣)وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قالَ: سَألْتُ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ عَنْ قَوْلِ الحَوارِيِّينَ: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ ؟ أوْ: (تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ؟) فَقالَ: أقْرَأنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) بِالتّاءِ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأها: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ)، بِالتّاءِ وبِنَصْبِ (رَبَّكَ) . وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّهُ قَرَأها: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ)، وقالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَسْألَ رَبَّكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عامِرٍ الشَّعْبِيِّ، أنَّ عَلِيًّا كانَ يَقْرَؤُها: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ قالَ: هَلْ يُطِيعُكَ رَبُّكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَحْيى بْنِ وثّابٍ، وأبِي رَجاءٍ، أنَّهُما قَرَآ: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ بِالياءِ والرَّفْعِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ قالَ: قالُوا: هَلْ يُطِيعُكَ رَبُّكَ إنْ سَألْتَهُ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مائِدَةً مِنَ السَّماءِ، فِيها جَمِيعُ الطَّعامِ إلّا اللَّحْمَ، فَأكَلُوا مِنها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿مائِدَةً﴾ قالَ: المائِدَةُ (p-٥٩٤)الخِوانُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿وتَطْمَئِنَّ﴾ قالَ: تُوقِنَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿تَكُونُ لَنا عِيدًا لأوَّلِنا وآخِرِنا﴾ يَقُولُ: نَتَّخِذُ اليَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عِيدًا، نُعَظِّمُهُ نَحْنُ ومَن بَعْدَنا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿تَكُونُ لَنا عِيدًا لأوَّلِنا وآخِرِنا﴾ قالَ: أرادُوا أنْ تَكُونَ لِعَقِبِهِمْ مِن بَعْدِهِمْ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في (نَوادِرِ الأُصُولِ)، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في (العَظَمَةِ)، وأبُو بَكْرٍ الشّافِعِيُّ في (فَوائِدِهِ) المَعْرُوفَةِ بِالغَيْلانِيّاتِ، عَنْ سَلْمانَ الفارِسِيِّ قالَ: لَمّا سَألَ الحَوارِيُّونَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ المائِدَةَ، كَرِهَ ذَلِكَ جِدًّا، وقالَ: اقْنَعُوا بِما رَزَقَكُمُ اللَّهُ في الأرْضِ، ولا تَسْألُوا المائِدَةَ مِنَ السَّماءِ، فَإنَّها إنْ نَزَلَتْ عَلَيْكم كانَتْ آيَةً مِن رَبِّكُمْ، وإنَّما هَلَكَتْ ثَمُودُ حِينَ سَألُوا نَبِيَّهم آيَةً، فابْتُلُوا بِها حَتّى كانَ بَوارُهم فِيها، فَأبَوْا إلّا أنْ يَأْتِيَهم بِها، فَلِذَلِكَ قالُوا: ﴿نُرِيدُ أنْ نَأْكُلَ مِنها وتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا ونَعْلَمَ أنْ قَدْ صَدَقْتَنا ونَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشّاهِدِينَ﴾، فَلَمّا رَأى عِيسى أنْ قَدْ أبَوْا إلّا أنْ يَدْعُوَ لَهم بِها، قامَ فَألْقى عَنْهُ الصُّوفَ ولَبِسَ الشَّعَرَ الأسْوَدَ، وجُبَّةً مَن شَعَرٍ، وعَباءَةً مِن شَعَرٍ، ثُمَّ (p-٥٩٥)تَوَضَّأ، واغْتَسَلَ، ودَخَلَ مُصَلّاهُ، فَصَلّى ما شاءَ اللَّهُ، فَلَمّا قَضى صَلاتَهُ قامَ قائِمًا مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ، وصَفَّ قَدَمَيْهِ حَتّى اسْتَوَيا، فَألْصَقَ الكَعْبَ بِالكَعْبِ، وحاذى الأصابِعَ بِالأصابِعِ، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمْنى عَلى اليُسْرى، فَوْقَ صَدْرِهِ، وغَضَّ بَصَرَهُ، وطَأْطَأ رَأْسَهُ خُشُوعًا، ثُمَّ أرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالبُكاءِ، فَما زالَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلى خَدَّيْهِ، وتَقْطُرُ مِن أطْرافِ لِحْيَتِهِ، حَتّى ابْتَلَّتِ الأرْضُ حِيالَ وجْهِهِ مِن خُشُوعِهِ، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ دَعا اللَّهَ فَقالَ: ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنا أنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا لأوَّلِنا وآخِرِنا﴾ تَكُونُ عِظَةً مِنكَ لَنا، ﴿وآيَةً مِنكَ﴾ أيْ عَلامَةً مِنكَ، تَكُونُ بَيْنَنا وبَيْنَكَ، وارْزُقْنا عَلَيْها طَعامًا نَأْكُلُهُ، ﴿وأنْتَ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْراءَ بَيْنَ غَمامَتَيْنِ، غَمامَةٍ فَوْقَها، وغَمامَةٍ تَحْتَها، وهم يَنْظُرُونَ إلَيْها في الهَواءِ مُنْقَضَّةً مِن فَلَكِ السَّماءِ تَهْوِي إلَيْهِمْ، وعِيسى يَبْكِي خَوْفًا لِلشُّرُوطِ الَّتِي اتَّخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيها، أنَّهُ يُعَذِّبُ مَن يَكْفُرُ بِها مِنهم بَعْدَ نُزُولِها عَذابًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ، وهو يَدْعُو اللَّهَ في مَكانِهِ ويَقُولُ: إلَهِي اجْعَلْها رَحْمَةً، إلَهِي لا تَجْعَلْها عَذابًا، إلَهِي كَمْ مِن عَجِيبَةٍ سَألْتُكَ فَأعْطَيْتَنِي، إلَهِي اجْعَلْنا لَكَ شاكِرِينَ، إلَهِي أعُوذُ بِكَ أنْ تَكُونَ أنْزَلْتَها غَضَبًا ورِجْزًا، إلَهِي اجْعَلْها سَلامَةً وعافِيَةً، ولا تَجْعَلْها فِتْنَةً ومُثْلَةً، فَما زالَ يَدْعُو حَتّى اسْتَقَرَّتِ السُّفْرَةُ بَيْنَ يَدَيْ عِيسى، والحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُ حَوْلَهُ، يَجِدُونَ رائِحَةً طَيِّبَةً، لَمْ يَجِدُوا فِيما مَضى رائِحَةً مِثْلَها قَطُّ، وخَرَّ عِيسى والحَوارِيُّونَ لِلَّهِ سُجَّدًا، شُكْرًا لَهُ بِما رَزَقَهم مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا، وأراهم فِيهِ آيَةً (p-٥٩٦)عَظِيمَةً ذاتَ عَجَبٍ وعِبْرَةٍ، وأقْبَلَتِ اليَهُودُ يَنْظُرُونَ، فَرَأوْا أمْرًا عَجِيبًا، أوْرَثَهم كَمَدًا وغَمًّا، ثُمَّ انْصَرَفُوا بِغَيْظٍ شَدِيدٍ، وأقْبَلَ عِيسى والحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُ حَتّى جَلَسُوا حَوْلَ السُّفْرَةِ، فَإذا عَلَيْهِ مِندِيلٌ مُغَطًّى، قالَ عِيسى: مَن أجْرَؤُنا عَلى كَشْفِ المِندِيلِ عَنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، وأوْثَقُنا بِنَفْسِهِ، وأحْسَنُنا بَلاءً عِنْدَ رَبِّهِ، فَلْيَكْشِفْ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ حَتّى نَراها، ونَحْمَدَ رَبَّنا، ونَذْكُرَ بِاسْمِهِ، ونَأْكُلَ مِن رِزْقِهِ الَّذِي رَزَقَنا؟ فَقالَ الحَوارِيُّونَ: يا رُوحَ اللَّهِ، وكَلِمَتُهُ، أنْتَ أوْلانا بِذَلِكَ، وأحَقُّنا بِالكَشْفِ عَنْها، فَقامَ عِيسى، فاسْتَأْنَفَ وُضُوءًا جَدِيدًا، ثُمَّ دَخَلَ مُصَلّاهُ، فَصَلّى بِذَلِكَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ بَكى طَوِيلًا ودَعا اللَّهَ أنْ يَأْذَنَ لَهُ في الكَشْفِ عَنْها، ويَجْعَلَ لَهُ ولِقَوْمِهِ فِيها بَرَكَةً ورِزْقًا، ثُمَّ انْصَرَفَ وجَلَسَ إلى السُّفْرَةِ وتَناوَلَ المِندِيلَ، وقالَ: بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الرّازِقِينَ، وكَشَفَ عَنِ السُّفْرَةِ، وإذا هو عَلَيْها سَمَكَةٌ ضَخْمَةٌ مَشْوِيَّةٌ، لَيْسَ عَلَيْها بَواسِيرُ، ولَيْسَ في جَوْفِها شَوْكٌ، يَسِيلُ السَّمْنُ مِنها سَيْلًا، قَدْ نُضِّدَ حَوْلَها بُقُولٌ مِن كُلِّ صِنْفٍ غَيْرَ الكُرّاثِ، وعِنْدَ رَأْسِها خَلٌّ، وعِنْدَ ذَنَبِها مِلْحٌ، وحَوْلَ البُقُولِ خَمْسَةُ أرْغِفَةٍ، عَلى واحِدٍ مِنها زَيْتُونٌ، وعَلى الآخَرِ ثَمَراتٌ، وعَلى الآخَرِ خَمْسُ رُمّاناتٍ، فَقالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الحَوارِيِّينَ لِعِيسى: يا رُوحَ اللَّهِ، وكَلِمَتُهُ، أمِن طَعامِ الدُّنْيا هَذا، أمْ مِن طَعامِ الجَنَّةِ؟ فَقالَ: أما آنَ لَكم أنْ تَعْتَبِرُوا بِما تَرَوْنَ مِنَ الآياتِ، وتَنْتَهُوا عَنْ تَنْقِيرِ المَسائِلِ، ما أخْوَفَنِي عَلَيْكم أنْ تُعاقَبُوا في سَبَبِ هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ شَمْعُونُ: لا وإلَهِ إسْرائِيلَ، (p-٥٩٧)ما أرَدْتُ بِها سُوءًا يا ابْنَ الصِّدِّيقَةِ، فَقالَ عِيسى: لَيْسَ شَيْءٌ مِمّا تَرَوْنَ عَلَيْها مِن طَعامِ الجَنَّةِ، ولا مِن طَعامِ الدُّنْيا، إنَّما هو شَيْءٌ ابْتَدَعَهُ اللَّهُ في الهَواءِ بِالقُدْرَةِ الغالِبَةِ القاهِرَةِ، فَقالَ لَهُ: كُنْ، فَكانَ أسْرَعَ مِن طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَكُلُوا مِمّا سَألْتُمْ بِاسْمِ اللَّهِ، واحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبَّكُمْ، يَمُدَّكم مِنهُ ويَزِدْكُمْ، فَإنَّهُ بَدِيعٌ قادِرٌ شاكِرٌ، فَقالُوا: يا رُوحَ اللَّهِ وكَلِمَتُهُ، إنّا نُحِبُّ أنْ تُرِيَنا آيَةً في هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ عِيسى: سُبْحانَ اللَّهِ، أما اكْتَفَيْتُمْ بِما رَأيْتُمْ مِن هَذِهِ الآيَةِ، حَتّى تَسْألُوا فِيها آيَةً أُخْرى، ثُمَّ أقْبَلَ عِيسى عَلى السَّمَكَةِ فَقالَ: يا سَمَكَةُ، عُودِي بِإذْنِ اللَّهِ حَيَّةً كَما كُنْتِ، فَأحْياها اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ، فاضْطَرَبَتْ وعادَتْ بِإذْنِ اللَّهِ حَيَّةً طَرِيَّةً، تَلَمَّظُ كَما يَتَلَمَّظُ الأسَدُ، تَدُورُ عَيْناها، لَها بَصِيصٌ، وعادَتْ عَلَيْها بَواسِيرُها، فَفَزِعَ القَوْمُ مِنها وانْحاسُوا، فَلَمّا رَأى عِيسى ذَلِكَ مِنهم فَقالَ: ما لَكم تَسْألُونَ الآيَةَ، فَإذا أراكُمُوها رَبُّكم كَرِهْتُمُوها، ما أخْوَفَنِي عَلَيْكم أنْ تُعاقَبُوا بِما تَصْنَعُونَ، يا سَمَكَةُ، عُودِي بِإذْنِ اللَّهِ كَما كُنْتِ، فَعادَتْ بِإذْنِ اللَّهِ مَشْوِيَّةً كَما كانَتْ في خَلْقِها الأوَّلِ، فَقالُوا لِعِيسى: كُنْ أنْتَ يا رُوحَ اللَّهِ الَّذِي تَبْدَأُ بِالأكْلِ مِنها، ثُمَّ نَحْنُ بَعْدُ، فَقالَ: مَعاذَ اللَّهِ مِن ذَلِكَ، يَبْدَأُ بِالأكْلِ مَن طَلَبَها، فَلَمّا رَأى الحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُمُ امْتِناعَ نَبِيِّهِمْ مِنها، خافُوا أنْ يَكُونَ نُزُولُها سُخْطَةً، وفي أكْلِها مُثْلَةٌ، فَتَحامَوْها، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ عِيسى دَعا لَها الفُقَراءُ والزَّمْنى، وقالَ: كُلُوا مِن رِزْقِ رَبِّكم ودَعْوَةِ نَبِيِّكُمْ، واحْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي أنْزَلَها لَكُمْ، يَكُونُ مَهَناها لَكم وعُقُوبَتُها عَلى غَيْرِكُمْ، وافْتَتِحُوا أكْلَكم بِاسْمِ اللَّهِ، واخْتِمُوهُ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَفَعَلُوا، فَأكَلَ مِنها ألْفٌ وثَلاثُمِائَةِ إنْسانٍ، بَيْنَ رَجُلٍ وامْرَأةٍ، يَصْدُرُونَ (p-٥٩٨)عَنْها كُلُّ واحِدٍ مِنهم شَبْعانُ يَتَجَشَّأُ، ونَظَرَ عِيسى والحَوارِيُّونَ، فَإذا ما عَلَيْها كَهَيْئَةِ إذْ نَزَلَتْ مِنَ السَّماءِ، لَمْ يَنْتَقِصْ مِنهُ شَيْءٌ، ثُمَّ إنَّها رُفِعَتْ إلى السَّماءِ، وهم يَنْظُرُونَ، فاسْتَغْنى كُلُّ فَقِيرٍ أكَلَ مِنها، وبَرِئَ كُلُّ زَمِنٍ مِنهم أكَلَ مِنها، فَلَمْ يَزالُوا أغْنِياءَ صِحاحًا حَتّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيا، ونَدِمَ الحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُمُ الَّذِينَ أبَوْا أنْ يَأْكُلُوا مِنها نَدامَةً سالَتْ مِنها أشْفارُهُمْ، وبَقِيَتْ حَسْرَتُها في قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ المَماتِ، قالَ: فَكانَتِ المائِدَةُ إذا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، أقْبَلَتْ بَنُو إسْرائِيلَ إلَيْها مِن كُلِّ مَكانٍ يَسْعَوْنَ، يُزاحِمُ بَعْضُهم بَعْضًا، الأغْنِياءُ والفُقَراءُ، والنِّساءُ والصِّغارُ والكِبارُ، والأصِحّاءُ والمَرْضى، يَرْكَبُ بَعْضُهم بَعْضًا، فَلَمّا رَأى عِيسى ذَلِكَ جَعَلَها نُوَبًا بَيْنَهُمْ، فَكانَتْ تَنْزِلُ يَوْمًا، ولا تَنْزِلُ يَوْمًا، فَلَبِثُوا في ذَلِكَ أرْبَعِينَ يَوْمًا، تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ غِبًّا عِنْدَ ارْتِفاعِ الضُّحى، فَلا تَزالُ مَوْضُوعَةً يُؤْكَلُ مِنها، حَتّى إذا قالُوا ارْتَفَعَتْ عَنْهُمْ، بِإذْنِ اللَّهِ إلى جَوِّ السَّماءِ، وهم يَنْظُرُونَ إلى ظِلِّها في الأرْضِ حَتّى تَوارى عَنْهم. فَأوْحى اللَّهُ إلى عِيسى أنِ اجْعَلْ رِزْقِي في المائِدَةِ لِلْيَتامى، والفُقَراءِ، والزَّمْنى، دُونَ الأغْنِياءِ مِنَ النّاسِ، فَلَمّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ، ارْتابَ بِها الأغْنِياءُ، وغَمَصُوا ذَلِكَ، حَتّى شَكُّوا فِيها في أنْفُسِهِمْ، وشَكَّكُوا فِيها النّاسَ، وأذاعُوا في أمْرِها القَبِيحَ والمُنْكَرَ، وأدْرَكَ الشَّيْطانُ (p-٥٩٩)مِنهم حاجَتَهُ، وقَذَفَ وسْواسَهُ في قُلُوبِ المُرْتابِينَ حَتّى قالُوا لِعِيسى: أخْبِرْنا عَنِ المائِدَةِ ونُزُولِها مِنَ السَّماءِ حَقٌّ، فَإنَّهُ قَدِ ارْتابَ بِها بَشَرٌ مِنّا كَثِيرٌ؟ قالَ عِيسى: هَلَكْتُمْ وإلَهِ المَسِيحِ، طَلَبْتُمُ المائِدَةَ إلى نَبِيِّكم أنْ يَطْلُبَها لَكم إلى رَبِّكُمْ، فَلَمّا أنْ فَعَلَ، وأنْزَلَها اللَّهُ عَلَيْكم رَحْمَةً ورِزْقًا، وأراكم فِيها الآياتِ والعِبَرَ، كَذَّبْتُمْ بِها، وشَكَكْتُمْ فِيها، فَأبْشِرُوا بِالعَذابِ، فَإنَّهُ نازِلٌ بِكم إلّا أنْ يَرْحَمَكُمُ اللَّهُ، وأوْحى اللَّهُ إلى عِيسى: إنِّي آخِذٌ المُكَذِّبِينَ بِشَرْطِي، فَإنِّي مُعَذِّبٌ مِنهم مَن كَفَرَ بِالمائِدَةِ بَعْدَ نُزُولِها عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ، فَلَمّا أمْسى المُرْتابُونَ بِها، وأخَذُوا مَضاجِعَهم في أحْسَنِ صُورَةٍ مَعَ نِسائِهِمْ آمِنِينَ، فَلَمّا كانَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ مَسَخَهُمُ اللَّهُ خَنازِيرَ، وأصْبَحُوا يَتَّبِعُونَ الأقْذارَ في الكُناساتِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يُحَدِّثُ عَنْ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ أنَّهُ قالَ لِبَنِي إسْرائِيلَ: هَلْ لَكم أنْ تَصُومُوا لِلَّهِ ثَلاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَسْألُوهُ فَيُعْطِيَكم ما سَألْتُمْ، فَإنَّ أجْرَ العامِلِ عَلى مَن عَمِلَ لَهُ؟ فَفَعَلُوا، ثُمَّ قالُوا: يا مُعَلِّمَ الخَيْرِ، قُلْتَ لَنا: إنَّ أجْرَ العامِلِ عَلى مَن عَمِلَ لَهُ، وأمَرْتَنا أنْ نَصُومَ ثَلاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنا، ولَمْ نَكُنْ نَعْمَلُ لِأحَدٍ ثَلاثِينَ يَوْمًا إلّا أطْعَمَنا، فَـ ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ فَأقْبَلَتِ المَلائِكَةُ تَطِيرُ بِمائِدَةٍ مِنَ السَّماءِ، عَلَيْها سَبْعَةُ أحْواتٍ، وسَبْعَةُ (p-٦٠٠)أرْغِفَةٍ، حَتّى وضَعَتْها بَيْنَ أيْدِيهِمْ، فَأكَلَ مِنها آخِرُ النّاسِ كَما أكَلَ مِنها أوَّلُهم. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ (الأضْدادِ)، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(أُنْزِلَتِ المائِدَةُ مِنَ السَّماءِ خُبْزًا، ولَحْمًا، وأُمِرُوا ألّا يَخُونُوا ولا يَدَّخِرُوا لِغَدٍ، فَخانُوا، وادَّخَرُوا، ورَفَعُوا لِغَدٍ، فَمُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ») . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ مَوْقُوفًا، مِثْلَهُ، قالَ التِّرْمِذِيُّ: والوَقْفُ أصَحُّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ قالَ: نَزَلَتِ المائِدَةُ عَلَيْها ثَمَرٌ مِن ثَمَرِ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: المائِدَةُ سَمَكَةٌ وأرْغِفَةٌ. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(لَوْلا بَنُو إسْرائِيلَ ما خَنِزَ الخُبْزُ، ولا نَتَنَ اللَّحْمُ، ولَكِنَّهم خَبَّؤُوهُ لِغَدٍ، فَأنْتَنَ اللَّحْمُ، وخَنِزَ الخُبْزُ») . (p-٦٠١)وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ (الأضْدادِ)، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿أنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ قالَ: خُبْزًا وسَمَكًا. وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ، وأبُو الشَّيْخِ في (العَظَمَةِ)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: نَزَلَتِ المائِدَةُ وهي طَعامٌ يَفُورُ، فَكانُوا يَأْكُلُونَ مِنها قُعُودًا، فَأحْدَثُوا، فَرُفِعَتْ شَيْئًا، فَأكَلُوا عَلى الرُّكَبِ، ثُمَّ أحْدَثُوا فَرُفِعَتْ شَيْئًا، فَأكَلُوا قِيامًا، ثُمَّ أحْدَثُوا فَرُفِعَتْ ألْبَتَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: كانَتْ مائِدَةً يَجْلِسُ عَلَيْها أرْبَعَةُ آلافٍ، فَقالُوا لِقَوْمٍ مِن وُضَعائِهِمْ: إنَّ هَؤُلاءِ يُلَطِّخُونَ ثِيابَنا عَلَيْنا، فَلَوْ بَنَيْنا لَها دُكّانًا يَرْفَعُها، فَبَنَوْا لَها دُكّانًا، فَجَعَلَتِ الضُّعَفاءُ لا تَصِلُ إلى شَيْءٍ، فَلَمّا خالَفُوا أمْرَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ رَفَعَها عَنْهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ (الأضْدادِ)، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ قالَ: المائِدَةُ سَمَكَةٌ فِيها مِن طَعْمِ كُلِّ طَعامٍ. (p-٦٠٢)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أنَّ الخُبْزَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَ المائِدَةِ كانَ مِن أُرْزٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَ عَلى عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ والحَوارِيِّينَ خِوانٌ عَلَيْهِ خُبْزٌ وسَمَكٌ، يَأْكُلُونَ مِنهُ أيْنَما نَزَلُوا إذا شاؤُوا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ (الأضْدادِ)، مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في المائِدَةِ قالَ: كانَ طَعامًا يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ حَيْثُما نَزَلُوا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: هو الطَّعامُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ نَزَلُوا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ إسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّ المائِدَةَ نَزَلَتْ عَلى عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْها سَبْعَةُ أرْغِفَةٍ وسَبْعَةُ أحْواتٍ يَأْكُلُونَ مِنها ما شاؤُوا، فَسَرَقَ بَعْضُهم مِنها، وقالَ: لَعَلَّها لا تَنْزِلُ غَدًا، فَرُفِعَتْ. (p-٦٠٣)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّها كانَتْ مائِدَةً يَنْزِلُ عَلَيْها الثَّمَرُ مِن ثِمارِ الجَنَّةِ، وأُمِرُوا ألّا يُخَبِّئُوا، ولا يَخُونُوا، ولا يَدَّخِرُوا لِغَدٍ، بَلاءٌ أبْلاهُمُ اللَّهُ بِهِ، وكانُوا إذا فَعَلُوا شَيْئًا مِن ذَلِكَ أنْبَأهم بِهِ عِيسى، فَخانَ القَوْمُ فِيهِ فَخَبَّؤُوا، وادَّخَرُوا لِغَدٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: أُنْزِلَ عَلى المائِدَةِ كُلُّ شَيْءٍ إلّا اللَّحْمَ، والمائِدَةُ الخِوانُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، وزاذانَ قالا: كانَتِ المائِدَةُ إذا وُضِعَتْ لِبَنِي إسْرائِيلَ اخْتَلَفَتِ الأيْدِي فِيها بِكُلِّ طَعامٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المائِدَةِ الَّتِي أنْزَلَها اللَّهُ مِنَ السَّماءِ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ قالَ: كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ في كُلِّ يَوْمٍ في تِلْكَ المائِدَةِ مِن ثِمارِ الجَنَّةِ، فَأكَلُوا ما شاؤُوا مِن ضُرُوبٍ شَتّى، فَكانَتْ يَقْعُدُ عَلَيْها أرْبَعَةُ آلافٍ، فَإذا أكَلُوا أبْدَلَ اللَّهُ مَكانَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ، فَلَبِثُوا بِذَلِكَ ما شاءَ اللَّهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: (p-٦٠٤)﴿أنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ﴾ قالَ: هو مَثَلٌ ضُرِبَ ولَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: مائِدَةٌ عَلَيْها طَعامٌ، أبَوْها حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِمُ العَذابُ إنْ كَفَرُوا، فَأبَوْا أنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَمّا قِيلَ لَهم: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكم فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا﴾ قالُوا: لا حاجَةَ لَنا فِيها، فَلَمْ تَنْزِلْ عَلَيْهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّهم لَمّا صَنَعُوا في المائِدَةِ ما صَنَعُوا حُوِّلُوا خَنازِيرَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ﴾ بَعْدَ ما جاءَتْهُ المائِدَةُ، ﴿فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ يَقُولُ: أُعَذِّبُهُ بِعَذابٍ لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا غَيْرَ أهْلِ المائِدَةِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: إنَّ أشَدَّ النّاسِ عَذابًا يَوْمَ القِيامَةِ مَن كَفَرَ مِن أصْحابِ المائِدَةِ، والمُنافِقُونَ، (p-٦٠٥)وآلُ فِرْعَوْنَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عاصِمٍ، أنَّهُ قَرَأ: ﴿إنِّي مُنَزِّلُها﴾ مُثَقَّلَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب