الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ اللَّهُ إنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ﴾ [٧٠٤٠] وبِهِ عَنْ سَلْمانِ الخَيْرِ، قالَ: قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ﴾ فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْراءَ وأقْبَلَ عِيسى والحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُ حَتّى جَلَسُوا حَوْلَ السُّفْرَةِ فَقالُوا: يا رُوحَ اللَّهِ وكَلِمَتَهُ إنّا نُحِبُّ أنْ تُرِيَنا آيَةً في هَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ عِيسى: سُبْحانَ اللَّهِ، أما اكْتَفَيْتُمْ بِما رَأيْتُمْ مِن هَذِهِ الآيَةِ حَتّى تَسْألُوا فِيها آيَةً أُخْرى؟ ثُمَّ أقْبَلَ عِيسى عَلى السَّمَكَةِ، فَقالَ: يا سَمَكَةُ، عُودِي بِإذْنِ اللَّهِ حَيَّةً كَما كُنْتِ فَأحْياها اللَّهُ تَعالى بِقُدْرَتِهِ، فاضْطَرَبَتْ، وعادَتْ بِإذْنِ اللَّهِ حَيَّةً طَرِيَّةً تَلَمَّطُ كَما يَتَلَمَّطُ الأسَدُ تَدُورُ عَيْناها، (p-١٢٥٠)لَها بَصِيصٌ، وعادَتْ عَلَيْها بَواسِيرُها، فَفَزِعَ القَوْمُ مِنها وانْحازُوا، فَلَمّا رَأى عِيسى ذَلِكَ مِنهم قالَ: ما لَكم تَسْألُونَ الآيَةَ فَإذا أراكُمُوها رَبُّكم كَرِهْتُمُوها؟ ما أخْوَفَنِي عَلَيْكم أنْ تُعاقَبُوا بِما تَصْنَعُونَ، يا سَمَكَةُ عُودِي بِإذْنِ اللَّهِ كَما كُنْتِ، فَعادَتْ بِإذْنِ اللَّهِ مَشْوِيَّةً كَما كانَتْ في خَلْقِها الأوَّلِ، فَقالُوا لِعِيسى: كُنْ أنْتَ يا رُوحَ اللَّهِ الَّذِي تَبْدَأُ بِالأكْلِ مِن طَلَبِها، فَلَمّا رَأى الحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُمُ امْتِناعَ نَبِيِّهِمْ مِنها، خافُوا أنْ يَكُونَ في نُزُولِها سَخَطٌ، وفي أكْلِها مِثْلُهُ فَتَخافُوها، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ عِيسى دَعا لَها الفُقَراءَ والزَّمْنى، وقالَ: كُلُوا مِن رِزْقِ رَبِّكم ودَعْوَةِ نَبِيِّكم، واحْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي أنْزَلَها لَكم، فَيَكُونُ مَهْنَؤُها لَكم، وعُقُوبَتُها عَلى غَيْرِكم، وافْتَتِحُوا أكْلَكم بِاسْمِ اللَّهِ، واخْتِمُوهُ بِالحَمْدِ لِلَّهِ، فَفَعَلُوا، فَأكَلَ مِنها ألْفٌ وثَلاثُمِائَةِ إنْسانٍ بَيْنَ رَجُلٍ وامْرَأةٍ، يَصْدُرُونَ عَنْها كُلُّ واحِدٍ مِنهم شَبْعانُ يَتَجَشَّأُ، ونَظَرَ عِيسى والحَوارِيُّونَ فَإذا ما عَلَيْها كَهَيْئَةٍ إذا نَزَلَتْ مِنَ السَّماءِ، لَمْ يُنْتَقَصْ مِنها شَيْءٌ، ثُمَّ إنَّها رُفِعَتْ إلى السَّماءِ، وهم يَنْظُرُونَ، اسْتَغْنى كُلُّ فَقِيرٍ أكَلَ مِنها، وبَرِئَ كُلُّ زَمِنٍ أكَلَ مِنها، فَلَمْ يَزالُوا أغْنِياءَ صِحاحًا حَتّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيا ونَدِمَ الحَوارِيُّونَ وأصْحابُهُمُ الَّذِينَ أبَوْا أنْ يَأْكُلُوا مِنها نَدامَةً، سالَتْ مِنها أشْفارُهم، وبَقِيَتْ حَسْرَتُها في قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ المَماتِ. قالَ: فَكانَتِ المائِدَةُ إذا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أقْبَلَتْ بَنُو إسْرائِيلَ إلَيْها مِن كُلِّ مَكانٍ يَسْعَوْنَ يُزاحِمُ بَعْضُهم بَعْضًا، الأغْنِياءُ والفُقَراءُ، والصِّغارُ والكِبارُ، والأصِحّاءُ والمَرْضى، يَرْكَبُ بَعْضُهم بَعْضًا فَلَمّا رَأى ذَلِكَ جَعَلَها نُوَبًا، تَنْزِلُ يَوْمًا ولا تَنْزِلُ يَوْمًا، فَلَبِثُوا في ذَلِكَ أرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ غِبًّا عِنْدَ ارْتِفاعِ الضُّحى، فَلا تَزالُ مَوْضُوعَةً يُؤْكَلُ مِنها حَتّى إذا قامُوا ارْتَفَعَتْ عَنْهم بِإذْنِ اللَّهِ إلى جَوِّ السَّماءِ وهم يَنْظُرُونَ إلى ظِلِّها في الأرْضِ حَتّى تَوارى عَنْهُمْ [٧٠٤١] حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، ثَنا مُحَمَّدٌ، ثَنا مِهْرانُ، عَنْ سُفْيانَ، قالَ: يَذْكُرُونَ أنَّها نَزَلَتِ المائِدَةُ مَرَّتَيْنِ (p-١٢٥١) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ﴾ [٧٠٤٢] أخْبَرَنا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ، فِيما كَتَبَ إلَيَّ، ثَنا إسْماعِيلُ بْنُ أبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ إبْراهِيمَ، عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمانِ الخَيْرِ، ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ﴾ فَأوْحى اللَّهُ إلى نَبِيِّهِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ أنِ اجْعَلْ رِزْقِي في المائِدَةِ لِلْيَتامى والفُقَراءِ والزَّمْنى دُونَ الأغْنِياءِ مِنَ النّاسِ، فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ ارْتابَ بِها الأغْنِياءُ مِنَ النّاسِ، وغَمَطُوا ذَلِكَ حَتّى شَكُّوا فِيها في أنْفُسِهِمْ، وشَكَّكُوا فِيها النّاسَ، وأذاعُوا في أمْرِها القَبِيحَ والمُنْكَرَ، وأدْرَكَ الشَّيْطانُ مِنهم حاجَتَهُ، وقَذَفَ وسْواسَهُ في قُلُوبِ المُرْتابِينَ، حَتّى قالُوا لِعِيسى: أخْبِرْنا عَنِ المائِدَةِ، ونُزُولِها مِنَ السَّماءِ أحَقٌّ؟ فَإنَّهُ قَدِ ارْتابَ مِنها بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَقالَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ: هَلَكْتُمْ وإلَهِ المَسِيحِ، طَلَبْتُمُ المائِدَةَ إلى نَبِيِّكم أنْ يَطْلُبَها لَكم إلى رَبِّكم، فَلَمّا أنْ فَعَلَ وأنْزَلَها عَلَيْكم رَحْمَةً ورِزْقًا وأراكُمُ الآياتِ والعِبَرَ، كَذَّبْتُمْ بِها وشَكَكْتُمْ فِيها، فَأبْشِرُوا بِالعَذابِ فَإنَّهُ نازِلٌ بِكم إلّا أنْ يَرْحَمَكُمُ اللَّهُ، وأوْحى اللَّهُ إلى عِيسى بِأنِّي آخِذٌ المُكَذِّبِينَ بِشَرْطِي، فَإنِّي مُعَذِّبٌ مِنهم مَن كَفَرَ بِالمائِدَةِ بَعْدَ نُزُولِها عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ [٧٠٤٣] أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عُثْمانَ بْنِ حَكِيمٍ الأوْدِيُّ، فِيما كَتَبَ إلَيَّ، ثَنا أحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثَنا أسْباطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ﴾ بَعْدَما جاءَتْهُ المائِدَةُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ [٧٠٤٤] أخْبَرَنا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ، فِيما كَتَبَ إلَيَّ، ثَنا إسْماعِيلُ بْنُ أبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ إبْراهِيمَ، عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمانِ الخَيْرِ، ﴿فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ قالَ: فَلَمّا أمْسى المُرْتابُونَ بِها وأخَذُوا مَضاجِعَهم في أحْسَنِ صُورَةٍ مَعَ نِسائِهِمْ آمِنِينَ، فَلَمّا كانَ في آخِرِ اللَّيْلِ مَسَخَهُمُ اللَّهُ خَنازِيرَ، فَأصْبَحُوا يَتَتَبَّعُونَ الأقْذارَ في الكُناساتِ [٧٠٤٥] حَدَّثَنا أبِي، ثَنا الحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ الباهِلِيُّ، ثَنا سُفْيانُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ خَلّادٍ، عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ (p-١٢٥٢)وسَلَّمَ قالَ: «نَزَّلَ اللَّهُ المائِدَةَ مِنَ السَّماءِ، وأُمِرُوا ألّا يَخُونُوا، ولا يَرْفَعُوا لِغَدٍ، فَخانُوا وادَّخَرُوا، ورَفَعُوا فَمُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ» [٧٠٤٦] حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، ثَنا العَبّاسُ بْنُ الوَلِيدِ، ثَنا يَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، قَوْلَهُ: ﴿إنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكم فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكم فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ ذُكِرَ لَنا أنَّهم حُوِّلُوا خَنازِيرَ قالَ: وكانَ الحَسَنُ يَقُولُ: لَمّا قِيلَ لَهم فَمَن يَكْفُرْ فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا. قالُوا: لا حاجَةَ لَنا فِيها فَلَمْ تَنْزِلْ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ [٧٠٤٧] أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عُثْمانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيما كَتَبَ إلَيَّ، ثَنا أحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثَنا أسْباطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: ﴿فَإنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾ يَقُولُ أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا يُعَذَّبُ بِهِ أحَدٌ مِنَ العالَمِينَ غَيْرُ أهْلِ المائِدَةِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب