الباحث القرآني
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا ٦٥﴾ - نزول الآية
١٨٩٤٢- عن الزبير بن العوام أنّه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرًا مع رسول الله ﷺ، في شِراجٍ[[الشرجة: مَسِيل الماء من الحرّة إلى السّهل. النهاية (شرج).]] من الحَرَّة كانا يسقيان به كلاهما النخلَ، فقال الأنصاريُّ: سَرِّحِ الماءَ يَمُرّ. فأبى عليه، فقال رسول الله ﷺ: «اسقِ، يا زبيرُ، ثم أرسل الماءَ إلى جارك». فغضِب الأنصاريُّ، وقال: يا رسول الله، أن كان ابنَ عمَّتِك؟ فتلوَّن وجهُ رسول الله ﷺ، ثُمَّ قال: «اسقِ، يا زبيرُ، ثُمَّ احبس الماءَ حتى يرجع إلى الجَدْر، ثم أرسل الماء إلى جارك». واسْتَرْعى رسول الله ﷺ للزبير حقَّه، وكان رسول الله ﷺ قبل ذلك أشار على الزُّبَيْر برأيٍ أراد فيه السَّعَةَ له وللأنصاري، فلمّا أحْفَظَ رسول الله ﷺ الأنصاريُّ اسْتَرْعى للزُّبَيْر حقَّه في صريح الحكم. فقال الزبير: ما أحسبُ هذه الآيةَ نزلت إلا في ذلك: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾ الآية[[أخرجه البخاري ٣/١١١ (٢٣٥٩، ٢٣٦١، ٢٣٦٢)، ٣/١٨٧ (٢٧٠٨)، ٦/٤٦ (٤٥٨٥)، ومسلم ٤/١٨٢٩ (٢٣٥٧)، والواحدي في أسباب النزول ص١٦٣-١٦٤، وابن جرير ٧/٢٠١-٢٠٢ واللفظ له، وابن المنذر ٢/٧٧٥-٧٧٦ (١٩٥٧)، وابن أبي حاتم ٣/٩٩٣-٩٩٤ (٥٥٥٨)، وعبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص١٠٤-١٠٥ (٣٣٩).]]. (٤/٥٢١)
١٨٩٤٣- عن أُمِّ سلمة، قالت: خاصم الزبيرُ رجلًا إلى رسول الله ﷺ، فقضى للزبير، فقال الرجل: إنّما قضى له لأنّه ابنَ عمَّتِه. فأنزل الله: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك﴾ الآية[[أخرجه الحميدي في مسنده (٣٠٠)، وسعيد بن منصور (٦٦٠ - تفسير)، وابن جرير ٧/٢٠٣، وابن المنذر (١٩٥٨)، والطبراني في الكبير ٢٣/٢٩٤-٢٩٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٥٢٢)
١٨٩٤٤- عن سعيد بن المُسَيِّب -من طريق الزهري- في قوله: ﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾ الآية، قال: أُنزِلَتْ في الزبير بن العوام وحاطِب بن أبي بَلْتَعَةَ، اختصما في ماءٍ، فقضى النبي ﷺ أن يَسْقِيَ الأعلى، ثُمَّ الأسفلُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٩٤. قال ابن كثير ٤/١٤٥: «هذا مرسل». وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ١/٣٣٣: «وتسمية الأنصاري حاطب ابن أبي بلتعة لم أجده إلا عند ابن أبي حاتم، وهو مرسل».]]١٧٥٩. (٤/٥٢٣)
١٨٩٤٥- عن أبي الأسود، قال: اختصم رجلان إلى رسول الله ﷺ، فقضى بينهما، فقال الذي قُضِي عليه: رُدَّنا إلى عمر بن الخطاب. فقال رسول الله ﷺ: «نعم، انطلِقا إلى عمر». فلمّا أتَيا عمرَ قال الرجلُ: يا ابن الخطاب، قَضى لي رسول الله ﷺ على هذا، فقال: رُدَّنا إلى عمر. فرَدَّنا إليك، فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فأقضي بينكما. فخرج إليهما مشتملًا على سيفه، فضرب الذي قال: رُدَّنا إلى عمر. فقتله، وأدبر الآخرُ فارًّا إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، قتل عمرُ -واللهِ- صاحبي، ولوما أنِّي أعْجَزْتُه لَقَتَلَني. فقال رسول الله ﷺ: «ما كنتُ أظُنُّ أن يجترئ عمرُ على قتل مؤمنين». فأنزل الله: ﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾ الآية، فَهَدَر دم ذلك الرجل، وبَرِئ عمر من قتله، فكرِه اللهُ أن يُسَنَّ ذلك بعدُ، فقال: ﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم﴾ إلى قوله: ﴿وأشد تثبيتا﴾[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع ١/٧١-٧٢ (١٦٠)، وابن أبي حاتم ٣/٩٩٤، وابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ٢/٣٠٨-. قال ابن كثير: «أثر غريب، وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف، من طريق ابن لهيعة».]]. (٤/٥٢٣)
١٨٩٤٦- عن مكحول الشامي، قال: كان بين رجلٍ من المنافقين ورجل من المسلمين مُنازَعَةٌ في شيء، فأَتَيا رسول الله ﷺ، فقضى على المنافق، فانطلقا إلى أبي بكر، فقال: ما كنتُ لِأَقْضِي بين مَن يرغبُ عن قضاء رسول الله ﷺ، فانطلقا إلى عمر، فقصّا عليه، فقال عمر: لا تعجلا حتى أخرج إليكما. فدخل، فاشْتَمَل على السيف، وخرج، فقتل المنافق، ثُمَّ قال: هكذا أقضي بين مَن لم يَرْضَ بقضاء رسول الله. فأتى جبريلُ رسول الله ﷺ، فقال: إنّ عمر قد قتل الرجل، وفرَّق اللهُ بين الحق والباطل على لسان عمر. فسُمِّي: الفاروق[[أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ١/٢٣١-٢٣٢.]]. (٤/٥٢٤-٥٢٥)
١٨٩٤٧- عن عتبة بن ضمرة بن حبيب، عن أبيه: أنّ رجلين اختصما إلى النبي ﷺ، فقضى للمُحِقِّ على المُبْطِل، فقال المَقْضِيُّ عليه: لا أرضى. فقال صاحبُه: فما تريد؟ قال: أن تذهب إلى أبي بكر الصديق. فذهبا إليه، فقال: أنتما على ما قضى به النبي ﷺ. فأبى أن يرضى، قال: نأتي عمر. فأتياه، فدخل عمر منزلَه، وخرج والسيفُ في يده، فضرب به رأسَ الذي أبى أن يرضى، فقتله؛ وأنزل الله: ﴿فلا وربك﴾ الآية[[عزاه السيوطي للحافظ دحيم في تفسيره. قال ابن كثير ٢/٣٠٨: «وهو أثر غريب».]]. (٤/٥٢٤)
١٨٩٤٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿فلا وربك﴾ الآية، قال: هذا في الرجل اليهودي والرجلِ المسلم اللَّذَيْنِ تحاكما إلى كعب بن الأشرف[[أخرجه ابن جرير ٧/٢٠٤، وابن المنذر (١٩٥٤).]]. (٤/٥٢٣)
١٨٩٤٩- عن عامر الشعبي -عن طريق داود-، مثله، إلا أنّه قال: احتكما إلى الكاهن[[أخرجه ابن جرير ٧/٢٠٤. وفي تفسير الثعلبي ٣/٣٤٠، وتفسير البغوي ٢/٢٤٥: عن مجاهد والشعبي: أنّها نزلت في بِشْر المنافق واليهودي اللذين اختصما إلى عمر.]]١٧٦٠. (٤/٥٢٣)
١٨٩٥٠- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق خالد الحَذّاء- في قوله: ﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾، قال: نزلت في اليهود[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٩٥.]]. (٤/٥٢٣)
١٨٩٥١- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق ابن ثور- قال: لَمّا نزلت هذه الآيةُ قال الرجلُ الذي خاصم الزبير -وكان من الأنصار-: سَلَّمْتُ[[أخرجه ابن المنذر (١٩٦٥).]]١٧٦١. (٤/٥٢٥)
١٨٩٥٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾، وذلك أنّ الزبير بن العوام -وهو من بني أسد بن عبد العُزّى- وحاطب بن أبي بلتعة العَنسِي مِن مَذْحِج -وهو حليف لبني أسد بن عبد العزى- اختصما إلى النبي ﷺ في الماء، وكانت أرض الزبير فوق أرض حاطب، وجاء السَّيْلُ، فقال النبي ﷺ للزبير: «اسْقِ، ثم أرسل الماء إلى جارك». فغضب حاطب، وقال للنبي ﷺ: أما إنّه ابنُ عمَّتك! فتغيَّر وجهُ النبي ﷺ، ومرَّ حاطبٌ على المقداد بن الأسود الكندي، فقال: يا أبا بلتعة، لمن كان القضاء. فقال: قضى لابن عمَّتِه. ولَوى شِدْقَه؛ فأنزل الله ﷿، فأقسم: ﴿فلا وربك لايؤمنون﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٨٦.]]. (ز)
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ﴾ - تفسير
١٨٩٥٣- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق قال له: أخبِرني عن قوله ﷿: ﴿فيما شجر بينهم﴾، قال: فيما أشكل عليهم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت زُهَيْرًا وهو يقول: متى تَشْتَجِر قومٌ تَقل سرواتهم[[وسرواتهم: جمع سراة، وهم الأشراف. ينظر النهاية ٢/٣٦٣.]] هم بيننا فهم رضا وهم عدل[[أخرجه الطستي -كما في مسائل نافع بن الأزرق (٢٦٧)-.]]. (٤/٥٢٥)
١٨٩٥٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾، يعني: اختلفوا بينهم، يقول: لا يستحقون الإيمان حتى يرضوا بحكمك فيما اختلفوا فيه من شىء[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٨٦.]]. (ز)
﴿ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ﴾ - تفسير
١٨٩٥٥- عن أبي سعيد الخدري -من طريق ابن عباس-: أنّه نازع الأنصارَ في «الماء مِن الماء». فقال لهم: أرأيت لو أنِّي علمتُ أنّ ما تقولون كما تقولون، وأغتسل أنا. فقالوا له: لا واللهِ، حتى لا يكون في صدرك حرجٌ مِمّا قضى به رسول الله ﷺ[[أخرجه ابن المنذر (١٩٦٠).]]. (٤/٥٢٦)
١٨٩٥٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿حرجا﴾، قال: شكًّا[[أخرجه ابن جرير ٧/٢٠١، وابن المنذر (١٩٦٤)، وابن أبي حاتم ٣/٩٩٥. وذكره عَبد بن حُمَيد كما في قطعة من تفسيره ص١٠٥، ويحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٣٨٤-.]]. (٤/٥٢٥)
١٨٩٥٧- عن الضحاك بن مُزاحِم، في قوله: ﴿حرجا﴾، قال: إثمًا[[أخرجه ابن جرير ٧/٢٠١، وابن المنذر (١٩٦٢). وأورده السيوطي دون أن ينسبه إلى الضحاك ٤/٥٢٥.]]. (٤/٥٢٥)
١٨٩٥٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت﴾، يقول: لا يجدون في قلوبهم شكًّا مِمّا قضيتُ أنّه الحَقُّ[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٨٦.]]. (ز)
﴿وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا ٦٥﴾ - تفسير
١٨٩٥٩- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: ﴿ويسلموا تسليما﴾، يقول: ويسلموا لقضائك وحُكْمِك، إذعانًا منهم بالطاعة، وإقرارًا لك بالنبوة تسليمًا[[أخرجه ابن جرير ٧/٢٠١.]]. (ز)
١٨٩٦٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ويسلموا﴾ لقضائك لهم وعليهم ﴿تسليما﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٨٦.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.