الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا ورَبِّكَ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، «أنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوّامِ: أنَّهُ خاصَمَ رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في شِراجٍ مِنَ الحَرَّةِ كانا (p-٥٢٢)يَسْقِيانِ بِهِ كِلاهُما النَّخْلَ، فَقالَ الأنْصارِيُّ: سَرِّحِ الماءَ يَمُرُّ. فَأبى عَلَيْهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أرْسِلِ الماءَ إلى جارِكَ» فَغَضِبَ الأنْصارِيُّ وقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أنْ كانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتُلَوَّنَ وجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قالَ: «اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الماءَ حَتّى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ، ثُمَّ أرْسِلِ الماءَ إلى جارِكَ»، واسْتَوْعى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ ذَلِكَ أشارَ عَلى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ أرادَ فِيهِ السَّعَةَ لَهُ ولِلْأنْصارِيِّ، فَلَمّا أحْفَظَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الأنْصارِيُّ اسْتَوْعى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ في صَرِيحِ الحُكْمِ، فَقالَ الزُّبَيْرُ: ما أحْسَبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إلّا في ذَلِكَ: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ الحُمَيْدِيُّ في ”مُسْنَدِهِ“، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ في ”الكَبِيرِ“، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: «خاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَضى لِلزُّبَيْرِ، فَقالَ الرَّجُلُ: إنَّما قَضى لَهُ لِأنَّهُ ابْنُ عَمَّتِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ﴾ الآيَةَ» . (p-٥٢٣)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ الآيَةَ، قالَ: «أُنْزِلَتْ في الزُّبَيْرِ بْنِ العَوّامِ، وحاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ، اخْتَصَما في ماءٍ، فَقَضى النَّبِيُّ ﷺ أنْ يَسْقِيَ الأعْلى ثُمَّ الأسْفَلُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلا ورَبِّكَ﴾ الآيَةَ، قالَ: هَذا في الرَّجُلِ اليَهُودِيِّ والرَّجُلِ المُسْلِمِ، اللَّذَيْنِ تَحاكَما إلى كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُ قالَ: إلى الكاهِنِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، مِن طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أبِي الأسْوَدِ قالَ: «اخْتَصَمَ رَجُلانِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَضى بَيْنَهُما، فَقالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: رُدَّنا إلى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «نَعَمْ، انْطَلِقا إلى عُمَرَ» . فَلَمّا أتَيا عُمَرَ قالَ الرَّجُلُ: يا ابْنَ الخَطّابِ، قَضى لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى هَذا فَقالَ: رُدَّنا إلى عُمَرَ فَرَدَّنا إلَيْكَ. فَقالَ: أكَذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَقالَ عُمَرُ: مَكانَكُما حَتّى أخْرُجَ إلَيْكُما فَأقْضِيَ بَيْنَكُما، فَخَرَجَ إلَيْهِما مُشْتَمِلًا عَلى سَيْفِهِ، فَضَرَبَ الَّذِي قالَ: رُدَّنا إلى عُمَرَ. فَقَتَلَهُ، وأدْبَرَ الآخَرُ فارًّا إلى (p-٥٢٤)رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَتَلَ عُمَرُ - واللَّهِ - صاحِبِي، ولَوْ ما أنِّي أعْجَزْتُهُ لَقَتَلَنِي. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ما كُنْتُ أظُنُّ أنْ يَجْتَرِئَعُمَرُ عَلى قَتْلِ مُؤْمِنَيْنِ» فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ الآيَةَ، فَهَدَرَ دَمَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وبَرِئَ عُمَرُ مِن قَتْلِهِ، فَكَرِهَ اللَّهُ أنْ يُسَنَّ ذَلِكَ بَعْدُ فَقالَ: ﴿ولَوْ أنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أنِ اقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٦٦] إلى قَوْلِهِ: ﴿وأشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ [النساء»: ٦٦] . وأخْرَجَ الحافِظُ دُحَيْمٌ في ”تَفْسِيرِهِ“، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ أبِيهِ «أنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَما إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقَضى لِلْمُحِقِّ عَلى المُبْطِلِ، فَقالَ المَقْضِيُّ عَلَيْهِ: لا أرْضى، فَقالَ صاحِبُهُ: فَما تُرِيدُ؟ قالَ: أنْ تَذْهَبَ إلى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. فَذَهَبا إلَيْهِ، فَقالَ: أنْتُما عَلى ما قَضى بِهِ النَّبِيُّ ﷺ . فَأبى أنْ يَرْضى. قالَ: نَأْتِي عُمَرَ. فَأتَياهُ فَدَخَلَ عُمَرُ مَنزِلَهُ وخَرَجَ والسَّيْفُ في يَدِهِ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ الَّذِي أبى أنْ يَرْضى فَقَتَلَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَلا ورَبِّكَ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في ”نَوادِرِ الأُصُولِ“، عَنْ مَكْحُولٍ قالَ: «كانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ المُنافِقِينَ ورَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ مُنازَعَةٌ في شَيْءٍ، فَأتَيا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَضى عَلى المُنافِقِ، فانْطَلَقا إلى أبِي بَكْرٍ فَقالَ: ما كُنْتُ لِأقْضِيَ بَيْنَ مَن (p-٥٢٥)يَرْغَبُ عَنْ قَضاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فانْطَلَقا إلى عُمَرَ فَقَصّا عَلَيْهِ، فَقالَ عُمَرُ: لا تَعْجَلا حَتّى أخْرُجَ إلَيْكُما. فَدَخَلَ فاشْتَمَلَ عَلى السَّيْفِ، وخَرَجَ فَقَتَلَ المُنافِقَ، ثُمَّ قالَ: هَكَذا أقْضِي بَيْنَ مَن لَمْ يَرْضَ بِقَضاءِ رَسُولِ اللَّهِ. فَأتى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنَّ عُمَرَ قَدْ قَتَلَ الرَّجُلَ، وفَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ عَلى لِسانِ عُمَرَ. فَسُمِّيَ الفارُوقَ» . وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ قالَ: فِيما أشْكَلَ عَلَيْهِمْ. قالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ؟ ذَلِكَ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ زُهَيْرًا وهو يَقُولُ: ؎مَتى يَشْتَجِرْ قَوْمٌ يَقُلْ سَرَواتُهم هم بَيْنَنا فَهم رِضًا وهُمُ عَدْلُ وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَرَجًا﴾ قالَ: شَكًّا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ في قَوْلِهِ: ﴿حَرَجًا﴾ قالَ: إثْمًا. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قالَ الرَّجُلُ الَّذِي خاصَمَ الزُّبَيْرَ وكانَ مِنَ الأنْصارِ: سَلَّمْتُ. (p-٥٢٦)وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، «أنَّهُ نازَعَ الأنْصارَ في: ?«الماءُ مِنَ الماءِ» فَقالَ لَهم: أرَأيْتَ لَوْ أنِّي عَلِمْتُ أنَّ ما تَقُولُونَ كَما تَقُولُونَ، وأغْتَسِلُ أنا؟ فَقالُوا لَهُ: لا واللَّهِ حَتّى لا يَكُونَ في صَدْرِكَ حَرَجٌ مِمّا قَضى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ» ﷺ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب