الباحث القرآني
﴿فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ ٦١﴾ - نزول الآية[[تقدم بعض آثار ذلك في نزول قوله تعالى: ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب﴾.]]
١٣١٩٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء، والضحاك-: أن ثمانية من أساقِفَة العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله ﷺ، منهم العاقب والسيد، فأنزل الله: ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا﴾ إلى قوله: ﴿ثم نبتهل﴾. يريد: ندعُ الله باللعنة على الكاذب. فقالوا: أخِّرْنا ثلاثة أيام. فذهبوا إلى بني قُرَيْظَة والنَّضِير وبني قَيْنُقاع فاستشاروهم، فأشاروا عليهم أن يُصالحوه ولا يُلاعنوه، وهو النبي الذي نجده في التوراة، فصالَحوا النبي ﷺ على ألف حُلَّة في صَفَر، وألف في رَجَب، ودراهم[[عزاه السيوطي إلى أبي نعيم في الدلائل.]]. (٣/٦٠٩)
١٣١٩٤- عن جابر بن عبد الله، قال: قدم على النبي ﷺ العاقِب والسَّيِّد، فدعاهما إلى الإسلام، فقالا: أسلَمنا، يا محمد. قال: «كذبتما، إن شئتما أخبرتُكما بما يمنعكما من الإسلام؟». قالا: فهات. قال: «حُبُّ الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير». قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه على الغد، فغدا رسولُ الله ﷺ، وأخذ بيد عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيباه، وأقرّا له، فقال: «والذي بعثني بالحقِّ، لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارًا». قال جابر: فيهم نزلت: ﴿تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ الآية[[أخرجه الحاكم ٢/٦٤٩ (٤١٥٧)، وأبو نعيم في الدلائل ١/٣٥٣ (٢٤٤) واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٢/٥٥: «وقد رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن المغيرة عن الشعبي مرسلًا، وهذا أصحُّ، وقد روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك». وقال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ٢/٦٨٤: «... لآخره شاهد مِن حديث ابن عباس، أخرجه الحاكم في أثناء حديث أصله البخاري، والترمذي، والنسائي، ولفظه عند الحاكم: ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون إبلًا، ولا مالًا. ولفظ معمر: لو خرج الذين يباهلون ... مثله».]]. (٣/٦٠٧)
١٣١٩٥- عن مقاتل بن سليمان: أنّه لَمّا أنزل الله ﷿: ﴿إنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثِمَّ قالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ قال السيِّد والعاقب للنبي ﷺ: ليس كما تقول، ما هذا له بمَثَل. فأنزل الله ﷿: ﴿فَمَن حَآجَّكَ فِيهِ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١.]]. (ز)
﴿فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ﴾ - تفسير
١٣١٩٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾ يقول: مَن جادلك في أمر عيسى مِن بعد ما جاءك ﴿من العلم﴾ مِن القرآن[[أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢٤٥).]]. (٣/٦٠٨)
١٣١٩٧- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾، أي: في عيسى أنّه عبد الله، ورسوله، وكلمة الله، وروحه؛ ﴿فقل تعالوا﴾[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٦٥، وابن المنذر ١/٢٢٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٦ من طريق شيبان مختصرًا.]]. (ز)
١٣١٩٨- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قوله: ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾، يقول: مَن حاجَّك في عيسى مِن بعد ما جاءك فيه مِن العلم[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٦٦. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٦.]]. (ز)
١٣١٩٩- عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾ أي: مِن بعد ما قصصت عليك مِن خبرِه، وكيف كان أمرُه، ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٦٦.]]. (ز)
١٣٢٠٠- عن محمد بن إسحاق -من طريق زياد-، مثله[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٢٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٦ مختصرًا من طريق عبد الله بن إدريس.]]. (ز)
١٣٢٠١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَمَن حَآجَّكَ فِيهِ﴾ يعنى: فمَن خاصمك في عيسى ﴿مِن بَعْدِ ما جَآءَكَ مِنَ العلم﴾ يعني: مِن البيان مِن أمر عيسى، يعني: ما ذكر في هذه الآيات[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١.]]١٢٢٥. (ز)
﴿فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ﴾ - تفسير
١٣٢٠٢- عن سعد بن أبي وقاص، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ دعا رسولُ الله ﷺ عليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال: «اللَّهُمَّ، هؤلاء أهلي»[[أخرجه مسلم ٤/١٨٧١ (٢٤٠٤).]]. (٣/٦١١)
١٣٢٠٣- عن مقاتل بن سليمان: أنّ عمر قال للنبي ﷺ: لو لاعنتَهم بيدِ مَن كُنتَ تأخذ؟ قال: «آخُذُ بِيَدِ عليٍّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وحفصة، وعائشة»[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١-٢٨٢.]]. (ز)
١٣٢٠٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال: قيل لرسول الله ﷺ: لو لاعنتَ القومَ بِمَن كنت تأتي حين قلت: ﴿أبناءنا وأبناءكم﴾؟ قال: «حسن، وحسين»[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٣ مرسلًا.]]. (ز)
١٣٢٠٥- عن عامر الشعبي -من طريق مغيرة- قال: لَمّا نزلت: ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ أخذ رسول الله ﷺ الحسن، والحسين، ثم انطلق[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٧.]]. (ز)
١٣٢٠٦- عن أبي جعفر محمد بن علي، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٧.]]. (ز)
١٣٢٠٧- عن الحسن البصري -من طريق مبارك- في قوله: ﴿تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم﴾: قرأها النبيُّ ﷺ عليهما، ودعاهما إلى المُباهَلَة، وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين، وقال أحدُهما لصاحبه: اصعد الجبل، ولا تُباهِله؛ فإنّك إن باهَلْتَه بُؤْتَ باللَّعن. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تعطيه الخراج، ولا نُباهِلُه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٧.]]. (ز)
١٣٢٠٨- عن عِلْباءَ بن أحْمَر اليَشْكُرِيّ، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ الآية؛ أرْسَلَ رسولُ الله ﷺ إلى عليٍّ وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين، ودعا اليهودَ ليلاعنهم، فقال شابٌّ مِن اليهود: ويحكم، أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مُسِخُوا قردة وخنازير، لا تُلاعِنُوا. فانتهوا[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٣ مرسلًا.]]. (٣/٦١١)
١٣٢٠٩- عن جابر بن عبد الله، قال: ﴿وأنفسنا وأنفسكم﴾ رسول الله ﷺ، وعلي، و﴿أبناءنا﴾ الحسن، والحسين ﴿ونساءنا﴾ فاطمة[[أخرجه الحاكم ٢/٥٩٣-٥٩٤، وابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ٢/٤٥-، وأبو نعيم في الدلائل (٢٤٤).]]. (٣/٦٠٧)
١٣٢١٠- عن أبي جعفر [محمد بن علي الباقر] -من طريق جابر- ﴿وأنفسنا وأنفسكم﴾، قال: النبي، وعلي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٨.]]. (ز)
١٣٢١١- عن جعفر بن محمد، عن أبيه [محمد بن علي الباقر]، في هذه الآية: ﴿تعالوا ندع أبناءنا﴾ الآية، قال: فجاء بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعليٍّ وولده[[أخرجه ابن عساكر ٣٩/١٧٧.]]. (٣/٦١١)
١٣٢١٢- عن زيد بن علي -من طريق أبي الجارود- في قوله: ﴿تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم﴾ الآية، قال: كان النبيُّ ﷺ، وعليٌّ، وفاطمة، والحسن، والحسين[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧١.]]. (ز)
﴿ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ﴾ - تفسير
١٣٢١٣- عن عبد الله بن عباس، أنّ رسول الله ﷺ قال: «هذا الإخلاص» يشير بأصبعه التي تلي الإبهام، «وهذا الدعاء» فرفع يديه حذو منكبيه، «وهذا الابتهال» فرفع يديه مَدًّا[[أخرجه الحاكم ٤/٣٥٦ (٧٩٠٣). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «ذا منكر بمرة». قلت: لعلّ الذهبي يقصد نكارة رفعه، فقد قال في المهذّب (٢٥٠٥): «ورواه وهيب ... فقال: عن عكرمة، عن ابن عباس قوله».]]. (٣/٦١٢)
١٣٢١٤- عن أنس بن مالك، قال: كان النبي ﷺ بعرفات وهو يدعو، ورفع يديه، فانفلت زِمام الناقة مِن يده، فتناوله، فرفع يده، فقال أصحاب محمد: هذا الابتهال، وهذا التَّضَرُّع[[أخرجه البزار ١٤/٨٥ (٧٥٥٨)، والطبراني في الأوسط ٥/٢٢١ (٥١٤١)، ٦/٣٢ (٥٧٠٦) واللفظ له، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨ (٣٦٢٢). قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديثَ عن الأعمش إلا الفضل بن موسى». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/١٦٩ (١٧٣٣٨): «ورجال البزار رجال الصحيح، غير أحمد بن يحيى الصوفي، وهو ثقة، ولكن الأعمش لم يسمع من أنس».]]. (ز)
١٣٢١٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جريج- ﴿ثم نبتهل﴾: نجتهد[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٢٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨.]]. (٣/٦١٢)
١٣٢١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكَلْبِيّ، عن أبي صالح- ﴿ثم نبتهل﴾، يقول: نجتهد في الدعاء أنّ الذي جاء به محمد هو الحقُّ، وأن الذي يقولون هو الباطل[[أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢٤٥).]]. (٣/٦٠٨)
١٣٢١٧- عن عبد الله بن عباس، ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾: نَتَضَرَّع في الدّعاء[[تفسير الثعلبي ٣/٨٤، وتفسير البغوي ٢/٤٨.]]. (ز)
١٣٢١٨- عن قيس بن سعد، قال: كان بين ابن عباس وبين آخر شيء، فقرأ هذه الآية: ﴿تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل﴾ فرفع يديه، واستقبل الركن ﴿فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦١٢)
١٣٢١٩- قال ابن جريج: قال لي ابن كثير المكي: أمّا الذين دُعُوا إلى الابتهال فالنصارى[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٨.]]. (ز)
١٣٢٢٠- عن محمد بن السائب الكلبي، في قوله: ﴿ثم نبتهل﴾: نجهد، ونُبالِغ في الدّعاء[[تفسير الثعلبي ٣/٨٤، وتفسير البغوي ٢/٤٨.]]. (ز)
١٣٢٢١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾ يعني: نُخْلِص الدعاء إلى الله ﷿، ﴿فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلى الكاذبين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١.]]. (ز)
﴿فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ ٦١﴾ - تفسير
١٣٢٢٢- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿فقل تعالوا﴾، فقال لهم النبي ﷺ: «هَلُمَّ أداعيكم، فأيُّنا كان الكاذب أصابته اللعنة والعقوبة من الله عاجلًا». قالوا: نعم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٧ (٣٦١٥) مرسلًا.]]. (ز)
١٣٢٢٣- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ﴿ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾، قال: مِنّا، ومنكم[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٦٦.]]. (ز)
﴿فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ ٦١﴾ - آثار في قصة المباهلة
١٣٢٢٤- عن حذيفة، قال: جاء العاقب والسيِّد صاحبا نجران إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يُلاعِناه، قال: فقال أحدُهما لصاحبه: لا تفعلْ، فواللهِ، لَئِن كان نبيًّا فلاعنّا لا نُفْلِح نحن، ولا عَقِبُنا مِن بعدِنا. قالا: إنّا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال «لأبعثنَّ معكم رجلًا أمينًا حق أمين». فاسْتَشْرَف له أصحاب رسول الله ﷺ، فقال: «قُم، يا أبا عبيدة بن الجراح». فلمّا قام قال رسول الله ﷺ: «هذا أمينُ هذه الأُمَّة»[[أخرجه البخاري ٥/١٧١ (٤٣٨٠)، ٥/١٧٢ (٤٣٨١)، ٥/٢٦ (٣٧٤٥)، ٩/٨٨ (٧٢٥٤)، وأخرجه مسلم ٤/١٨٨٢ (٢٤٢٠) دون ذكر الملاعنة. قال ابن القيم في زاد المعاد ٣/٥٤٩: «بإسناد صحيح».]]. (٣/٦٠٧)
١٣٢٢٥- عن جابر بن عبد الله: أنّ وفد نجران أتوا النبي ﷺ، فقالوا: ما تقول في عيسى؟ فقال: «هو روح الله، وكلمته، وعبد الله، ورسوله». قالوا له: هل لك أن نُلاعِنك أنّه ليس كذلك؟ قال: «وذاك أحبُّ إليكم؟». قالوا: نعم. قال: «فإذا شئتم». فجاء وجمع ولده الحسن والحسين، فقال رئيسهم: لا تُلاعِنوا هذا الرجل، فواللهِ، لَئِن لاعنتموه ليُخْسَفَنَّ بأحد الفريقين. فجاءوا فقالوا: يا أبا القاسم، إنّما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا، وإنّا نُحِبُّ أن تُعْفِيَنا. قال: «قد أعفيتكم». ثم قال: «إنّ العذاب قد أظَلَّ نجران»[[أخرجه الحاكم ٢/٦٤٩ (٤١٥٧). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه».]]. (٣/٦٠٨)
١٣٢٢٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- ﴿فقل تعالوا﴾ إلى قوله: ﴿ثم نبتهل﴾، يقول: نجتهد في الدعاء أنّ الذي جاء به محمد هو الحق، وأنّ الذي يقولون هو الباطل. فقال لهم: «إنّ الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم». فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع، فننظر في أمرنا، ثم نأتيك. فخلا بعضُهم ببعض، وتصادقوا فيما بينهم، قال السيدُ للعاقب: قد -واللهِ- علمتُم أنّ الرجل نبيٌّ مُرْسَل، ولَئِن لاعنتموه إنّه لاسْتِئْصالُكم، وما لاعن قومٌ قطُّ نبيًّا فبقي كبيرهم ولا نَبَتَ صغيرُهم، فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم إلا إلْفَ دينِكم فوادِعوه، وارجعوا إلى بلادكم. وقد كان رسول الله ﷺ خرج ومعه عليٌّ والحسن والحسين وفاطمة، فقال رسول الله ﷺ: «إن أنا دعوتُ فَأَمِّنُوا أنتم». فأبوا أن يُلاعِنوه، وصالَحوه على الجزية[[أخرجه أبو نعيم في الدلائل ١/٣٥٤ (٢٤٥). إسناده ضعيف جدًّا؛ الكلبي كذبوه، وأبو صالح ضعيف، تقدّما مرارًا.]]١٢٢٦. (٣/٦٠٨)
١٣٢٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: لو باهَل أهلُ نجران رسولَ الله ﷺ لرجعوا لا يجدون أهلًا ولا مالًا[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٢٣، والبخاري (٤٩٥٨)، والترمذي (٣٣٤٨)، والنسائي في الكبرى (١١٦٨٥)، وابن جرير ٥/٤٧٢، وابن المنذر ١/٢٣١، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل.]]. (٣/٦١٠)
١٣٢٢٨- عن محمد بن جعفر، قال رسول الله ﷺ: «نعم، ائْتُونِي العَشِيَّة أبعث معكم القويَّ الأمين». قال: فكان عمر بن الخطاب يقول: ما أحببتُ الإمارةَ قطُّ حُبِّي إيّاها يومئذ؛ رجاء أن أكون صاحبَها، فرحت إلى الظهر، فلمّا صلى رسول الله ﷺ الظهر سلَّم، ثم نظر عن يمينه ويساره، فجعلت أتَطاوَل له لِيَراني، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجرّاح، فدعاه، فقال: «اخرج معهم، فاقضِ بينهم بالحقِّ فيما اختلفوا فيه». قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٣٣ (٥٥٧)، وابن هشام في السيرة ١/٥٨٤ مرسلًا.]]. (ز)
١٣٢٢٩- عن قتادة بن دعامة: ﴿فمن حاجك فيه﴾ في عيسى ﴿فقل تعالوا ندع أبناءنا﴾ الآية، فدعا النبيُّ ﷺ لذلك وفدَ نجران، وهم الذين حاجُّوه في عيسى، فنكصوا وأبوا. وذُكِر لنا: أنّ النبي ﷺ قال: «إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران، ولو فعلوا لاسْتُؤْصِلوا عن جَدِيد الأرض[[جديد الأرض: وجهها. تهذيب اللغة (جدد).]]»[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧١ مرسلًا. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وأبي نعيم في الدلائل كذلك.]]. (٣/٦١٠)
١٣٢٣٠- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾ الآية: فأخذ -يعني: النبي ﷺ- بيد الحسن والحسين وفاطمة، وقال لعلي: «اتْبَعْنا». فخرج معهم، فلم يخرج يومئذ النصارى، وقالوا: إنّا نخاف أن يكون هذا هو النبي ﷺ، وليس دعوة النبيِّ كغيرها. فتخلَّفوا عنه يومئذ، فقال النبي ﷺ: «لو خرجوا لاحترقوا». فصالحوه على صُلْح؛ على أنّ له عليهم ثمانين ألفًا، فما عجزت الدراهم ففي العَرُوض الحُلَّة بأربعين، وعلى أنّ له عليهم ثلاثًا وثلاثين درعًا، وثلاثًا وثلاثين بعيرًا، وأربعة وثلاثين فَرَسًا غازِيَة كل سنة، وأنّ رسول الله ﷺ ضامِنٌ لها حتى نُؤَدِّيها إليهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧١، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٧ (٣٦١٨) واللفظ له، مرسلًا. وقد تقدّم أن أسباط بن نصر فيه مقال. تنظر ترجمته في: تهذيب الكمال ٢/٣٥٧.]]. (ز)
١٣٢٣١- عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- ﴿إن هذا لهو القصص الحق﴾ إلى قوله: ﴿فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون﴾: فدعاهم إلى النَّصَف[[النَّصَف -بفتحتين-: الإنصاف. القاموس المحيط (نصف).]]، وقطع عنهم الحُجَّة، فلما أتى رسولَ الله ﷺ الخبرُ مِن الله عنه، والفصلُ مِن القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم، إن ردوا عليه؛ دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبد المسيح، ما ترى؟ قال: واللهِ، يا معشر النصارى، لقد عرفتم أنّ محمدًا لَنَبِيٌّ مُرْسَل، ولقد جاءكم بالفصل مِن خبر صاحبكم، ولقد علمتم ما لاعن قومٌ نبيًّا قط فبقي كبيرهم ولا نَبَت صغيرهم، وإنّه لَلاسْتِئْصالُ منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلْفَ دينِكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم؛ فوادِعُوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم حتى يريكم زمن رأيه. فأتوا رسول الله، فقالوا: يا أبا القاسم، قد رأينا أن لا نلاعنك، وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلًا مِن أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء قد اختلفنا فيها مِن أموالنا، فإنكم عندنا رُضاة[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٠، وابن المنذر ١/٢٣٢-٢٣٣ (٥٥٦) مرسلًا.]]. (ز)
١٣٢٣٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضًا أرْبابًا مِّن دُونِ الله﴾؛ لأنهم اتخذوا عيسى ربًّا، ﴿فَإن تَوَلَّوْاْ﴾ يعني: فإن أبَوُا التوحيد ﴿فَقُولُواْ﴾ لهم أنتم: ﴿اشهدوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ﴾، يعني: مخلصين بالتوحيد، فقال العاقب: ما نصنع بملاعنته شيئًا، فواللهِ، لَئِن كان كاذِبًا ما مُلاعنته بشيء، ولَئن كان صادِقًا لا يأتي علينا الحَوْل حتى يُهْلِك الله الكاذبين. قالوا: يا محمد، نُصالِحك على أن [لا] تغزونا ولا تخيفنا ولا تَرُدَّنا عن ديننا، على أن نُؤَدِّي إليك ألف حُلَّة في صَفَر، وألف حُلَّة في رجب، وعلى ثلاثين دِرعًا مِن حديد عادِيَّة[[العادِيُّ: الشيء القديم، نسبة إلى عاد. لسان العرب (عود).]]، فصالحهم النبيُّ ﷺ على ذلك، فقال: «والذي نفس محمد بيده، لو لاعنوني ما حال الحول ويحضرني منهم أحد، ولَأهلك الله الكاذبين». قال عمر رضى الله عنه: لو لاعنتَهم بيد مَن كنت تأخذ؟ قال: «آخذ بيد علي، وفاطمة، والحسن، والحسين ﵈[[كذا في تفسير مقاتل.]] وحفصة، وعائشة، -رحمهما الله-[[كذا في تفسير مقاتل.]]»[[تفسير مقاتل ١/٢٨١-٢٨٢.]]. (ز)
١٣٢٣٣- عن عبد الملك ابن جريج -من طريق ابن ثور- ﴿فمن حاجك فيه﴾ إلى قوله: ﴿على الكاذبين﴾: ذكر نصارى نجران، قال: فأبى السيد، وقالوا: نُصالحك. فصالحوا على ألْفَيْ حُلَّة كل عام، في كل رجب ألف، وفي كل صَفَر ألف حُلَّة، فقال النبيُّ ﷺ: «والذي نفسي بيده، لو لاعنوني ما حال الحَوْلُ ومنهم أحدٌ إلا أهلك الله الكاذبين»[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٣١ (٥٥٥) مرسلًا.]]. (ز)
١٣٢٣٤- عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج- قال: قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده، لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحد إلا أهلك الله الكاذبين»[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٢ مرسلًا.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.