الباحث القرآني
قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأبْناءَكم ونِساءَنا ونِساءَكم وأنْفُسَنا وأنْفُسَكُمْ﴾؛ اَلِاحْتِجاجُ المُتَقَدِّمُ لِهَذِهِ الآيَةِ عَلى النَّصارى في قَوْلِهِمْ: "إنَّ المَسِيحَ هو ابْنُ اللَّهِ"؛ وهم وفْدُ نَجْرانَ؛ وفِيهِمُ السَّيِّدُ؛ والعاقِبُ؛ قالا لِلنَّبِيِّ ﷺ: هَلْ رَأيْتَ ولَدًا مِن غَيْرِ ذَكَرٍ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ [آل عمران: ٥٩]؛ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ والحَسَنِ؛ وقَتادَةَ؛ وقالَ قَبْلَ ذَلِكَ - فِيما حَكى عَنِ المَسِيحِ -: ﴿ولأُحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران: ٥٠]؛ إلى قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ﴾ [آل عمران: ٥١]؛ وهَذا مَوْجُودٌ في الإنْجِيلِ؛ لِأنَّ فِيهِ: "إنِّي ذاهِبٌ إلى أبِي وأبِيكُمْ؛ وإلَهِي وإلَهِكُمْ"؛ والأبُ السَّيِّدُ في تِلْكَ اللُّغَةِ؛ ألا تَراهُ قالَ: "وأبِي وأبِيكُمْ"؟ فَعَلِمْتَ أنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الأُبُوَّةَ المُقْتَضِيَةَ لِلْبُنُوَّةِ؛ فَلَمّا قامَتِ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِما عَرَفُوهُ واعْتَرَفُوا بِهِ؛ وأبْطَلَ شُبْهَتَهم في قَوْلِهِمْ: "إنَّهُ ولَدٌ مِن غَيْرِ ذَكَرٍ"؛ بِأمْرِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - دَعاهم حِينَئِذٍ إلى المُباهَلَةِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿فَمَن حاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ ما جاءَكَ مِن العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأبْناءَكُمْ﴾؛ اَلْآيَةَ؛ فَنَقْلُ رُواةِ السِّيَرِ؛ ونَقَلَةِ الأثَرِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أخَذَ بِيَدِ الحَسَنِ؛ والحُسَيْنِ؛ وعَلِيٍّ؛ وفاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - ثُمَّ دَعا النَّصارى - الَّذِينَ حاجُّوهُ - إلى المُباهَلَةِ؛ فَأحْجَمُوا عَنْها؛ وقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: إنْ باهَلْتُمُوهُ اضْطَرَمَ الوادِي عَلَيْكم نارًا؛ ولَمْ يَبْقَ نَصْرانِيٌّ ولا نَصْرانِيَّةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ» .
وفِي هَذِهِ الآياتِ دَحْضُ شُبَهِ النَّصارى في أنَّهُ إلَهٌ؛ أوِ ابْنُ الإلَهِ؛ وفِيها دَلالَةٌ عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ؛ لَوْلا أنَّهم عَرَفُوا يَقِينًا أنَّهُ (p-٢٩٦)نَبِيٌّ؛ ما الَّذِي كانَ يَمْنَعُهم مِنَ المُباهَلَةِ؟ فَلَمّا أحْجَمُوا وامْتَنَعُوا عَنْها دَلَّ أنَّهم قَدْ كانُوا عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ بِالدَّلائِلِ المُعْجِزاتِ؛ وبِما وجَدُوا مِن نَعْتِهِ في كُتُبِ الأنْبِياءِ المُتَقَدِّمِينَ؛ وفِيهِ الدَّلالَةُ عَلى أنَّ الحَسَنَ والحُسَيْنَ ابْنا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ لِأنَّهُ أخَذَ بِيَدِ الحَسَنِ والحُسَيْنِ - حِينَ أرادَ حُضُورَ المُباهَلَةِ - وقالَ: "تَعالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأبْناءَكم "؛ ولَمْ يَكُنْ هُناكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ بَنُونَ غَيْرُهُما؛ وقَدْ رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ لِلْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "إنَّ ابْنِي هَذا سَيِّدٌ"؛» «وقالَ - حِينَ بالَ عَلَيْهِ أحَدُهُما وهو صَغِيرٌ -: "لا تُزْرِمُوا ابْنِي"؛» وهُما مِن ذُرِّيَّتِهِ أيْضًا؛ كَما جَعَلَ اللَّهُ (تَعالى) عِيسى مِن ذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِما السَّلامُ - بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ومِن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وسُلَيْمانَ﴾ [الأنعام: ٨٤]؛ إلى قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وزَكَرِيّا ويَحْيى وعِيسى﴾ [الأنعام: ٨٥]؛ وإنَّما نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِن جِهَةِ أُمِّهِ لِأنَّهُ لا أبَ لَهُ.
ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ: إنَّ هَذا مَخْصُوصٌ في الحَسَنِ والحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - أنْ يُسَمَّيا ابْنَيِ النَّبِيِّ ﷺ؛ دُونَ غَيْرِهِما؛ وقَدْ رُوِيَ في ذَلِكَ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَدُلُّ عَلى خُصُوصِ إطْلاقِ اسْمِ ذَلِكَ فِيهِما؛ دُونَ غَيْرِهِما مِنَ النّاسِ؛ لِأنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: «كُلُّ سَبَبٍ ونَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيامَةِ؛ إلّا سَبَبِي ونَسَبِي»؛ وقالَ مُحَمَّدٌ - فِيمَن أوْصى لَوَلَدِ فُلانٍ؛ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ لِصُلْبِهِ؛ ولَهُ ولَدُ ابْنٍ ووَلَدُ ابْنَةٍ -: "إنَّ الوَصِيَّةَ لَوَلَدِ الِابْنِ دُونَ ولَدِ الِابْنَةِ"؛ وقَدْ رَوى الحَسَنُ بْنُ زِيادٍ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ أنَّ ولَدَ الِابْنَةِ يَدْخُلُونَ فِيهِ؛ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ (تَعالى)؛ وقَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ في ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ الحَسَنُ والحُسَيْنُ؛ في جَوازِ نِسْبَتِهِما عَلى الإطْلاقِ إلى النَّبِيِّ ﷺ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ النّاسِ؛ لِما ورَدَ فِيهِ مِنَ الأثَرِ؛ وأنَّ غَيْرَهُما مِنَ النّاسِ إنَّما يُنْسَبُونَ إلى الآباءِ؛ وقَوْمِهِمْ؛ دُونَ قَوْمِ الأُمِّ؛ ألا تَرى أنَّ الهاشِمِيَّ إذا اسْتَوْلَدَ جارِيَةً رُومِيَّةً؛ أوْ حَبَشِيَّةً؛ أنَّ ابْنَهُ يَكُونُ هاشِمِيًّا؛ مَنسُوبًا إلى قَوْمِ أبِيهِ؛ دُونَ أُمِّهِ؟ وكَذَلِكَ قالَ الشّاعِرُ:
؎بَنُونا بَنُو أبْنائِنا وبَناتُنا ∗∗∗ بَنُوهُنَّ أبْناءُ الرِّجالِ الأباعِدِ
فَنِسْبَةُ الحَسَنِ والحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - إلى النَّبِيِّ ﷺ بِالبُنُوَّةِ عَلى الإطْلاقِ مَخْصُوصٌ بِهِما؛ لا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُما؛ هَذا هو الظّاهِرُ المُتَعالَمُ مِن كَلامِ النّاسِ فِيمَن سِواهُما؛ لِأنَّهم يُنْسَبُونَ إلى الأبِ وقَوْمِهِ؛ دُونَ قَوْمِ الأُمِّ.
{"ayah":"فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق