الباحث القرآني

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى. (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) أَيْ جَادَلَكَ وَخَاصَمَكَ يَا مُحَمَّدُ "فِيهِ"، أَيْ فِي عِيسَى (مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. (فَقُلْ تَعالَوْا) أَيْ أَقْبِلُوا. وُضِعَ لِمَنْ لَهُ جَلَالَةٌ وَرِفْعَةٌ ثُمَّ صَارَ فِي الِاسْتِعْمَالِ لِكُلِّ دَاعٍ إِلَى الْإِقْبَالِ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي "الْأَنْعَامِ" [[راجع ٧ ص ١٣٠.]]. (نَدْعُ) فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ. (أَبْناءَنا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبْنَاءَ الْبَنَاتِ يُسَمَّوْنَ أَبْنَاءً، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلقه وَعَلِيٌّ خَلْفَهَا وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: (إِنْ أَنَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا). (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) أَيْ نَتَضَرَّعُ فِي الدُّعَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْكِسَائِيُّ: نَلْتَعِنُ. وَأَصْلُ الِابْتِهَالِ الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ بِاللَّعْنِ وَغَيْرِهِ. قَالَ لَبِيدٌ: فِي كُهُولٍ سَادَةٍ مِنْ قَوْمِهِ ... نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَلْ أَيِ اجْتَهَدَ فِي إِهْلَاكِهِمْ. يُقَالُ: بَهَلَهُ اللَّهُ أَيْ لَعَنَهُ. وَالْبَهْلُ: اللَّعْنُ. وَالْبَهْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وَأَبْهَلْتُهُ إِذَا خَلَّيْتُهُ وَإِرَادَتَهُ. وَبَهَلْتُهُ أَيْضًا. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ: بَهَلَهُ اللَّهُ يُبْهِلُهُ بَهْلَةً أَيْ لَعَنَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ أَهْلُ نَجْرَانَ: السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ وابن الحارث رؤساؤهم. (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). الثَّانِيَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، لِأَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ فَأَبَوْا مِنْهَا وَرَضُوا بِالْجِزْيَةِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ كَبِيرُهُمُ الْعَاقِبُ أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوهُ اضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جَاءَكُمْ بِالْفَصْلِ فِي أَمْرِ عِيسَى، فَتَرَكُوا الْمُبَاهَلَةَ وَانْصَرَفُوا إِلَى بِلَادِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَ حُلَّةٍ فِي صَفَرٍ وَأَلْفَ حُلَّةٍ فِي رَجَبٍ فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ بَدَلًا مِنَ الْإِسْلَامِ. الثَّالِثَةُ- قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ لَمَّا بَاهَلَ "نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ" وَقَوْلَهُ فِي الْحَسَنِ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ) مَخْصُوصٌ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنْ يُسَمَّيَا ابْنَيِ النَّبِيِّ ﷺ دُونَ غَيْرِهِمَا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (كُلُّ سَبَبٍ ونسب يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا نَسَبِي وَسَبَبِي) وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ ابْنٍ وَوَلَدُ ابْنَةٍ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ لِوَلَدِ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ الِابْنَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي" الْأَنْعَامِ [[راجع ج ٧ ص ٣٢ وج ١٦ ص ٧٧ فما بعد.]] وَالزُّخْرُفِ" إن شاء الله تعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب