﴿فَجَعَلۡنَـٰهَا﴾ - تفسير
٢٢١١- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- ﴿فجعلناها﴾، قال: فجعلنا تلك العقوبة، وهي: المَسْخَة[[أخرجه ابن جرير ٢/٦٨.]]. (١/٤٠١)
ابنُ عطية (١/٢٤٤) أن الضمير في ﴿جعلناها﴾ يحتمل عدة احتمالات: الأول: العود على المسخة والعقوبة. الثاني: العود على الأُمَّة التي مُسِخت. الثالث: على القردة. الرابع: على القرية إذ معنى الكلام يقتضيها.
٢٢١٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِيِّ- ﴿فجعلناها﴾، يعني: الحيتان[[أخرجه ابن جرير ٢/٦٨.]]. (١/٤٠١)
﴿نَكَـٰلࣰا﴾ - تفسير
٢٢١٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضَّحّاك- ﴿نكالا﴾، يقول: عقوبة[[أخرجه ابن جرير ٢/٦٩.]]. (١/٤٠١)
ابنُ جرير (٢/٦٨) على تأويل ابن عباس هذا بقوله: «فمعنى الكلام على هذا التأويل: ﴿فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾: فصاروا قردة ممسوخين، ﴿فَجَعَلْناها﴾ فجعلنا عقوبتنا ومسخنا إياهم ﴿نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وما خَلْفَها ومَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾».
٢٢١٤- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- ﴿فجعلناها نكالا﴾، أي: عقوبة[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٣.]]. (ز)
٢٢١٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- في قوله: ﴿فجعلناها نكالا﴾، أي: عقوبة[[أخرجه ابن جرير ٢/٦٩.]]. (ز)
ابنُ جرير (٢/٦٩) إلى أنّ النكال: العقوبة، مستدلًا بقولِ ابن عباس، والربيع، وغيرهما.
٢٢١٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فجعلناها نكالا﴾ لبني إسرائيل ... النكال هي: العقوبة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١١٣.]]. (ز)
﴿لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهَا وَمَا خَلۡفَهَا﴾ - تفسير
٢٢١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق عِكْرمة-: ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها﴾ مِن القُرى، ﴿وما خلفها﴾ مِن القُرى[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٠، وابن أبي حاتم ١/١٣٣-١٣٤.]]. (١/٤٠١)
ابنُ كثير (١/٤٤٠) قولَ ابن عباس هذا، ولم يذكر مستنده في ذلك.
و ابن عطية (١/٢٤٥) هذا القولَ بأنه: «ترتيب أجرام، لا ترتيب في الزمان». والظاهر من كلامه انتقاده لهذا القول.
و ابنُ جرير (٢/٧٣) لمخالفته السّياق، ولغةَ العرب، وظاهرَ التنزيل، وأنّه لا دلالة عليه من كتابٍ أو سنّةٍ أو إجماعٍ.
٢٢١٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفي- قوله: ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها﴾، يعني: الحيتان، جعلها نكالًا لما بين يديها وما خلفها من الذنوب التي عملوا قبل الحيتان، وما عملوا بعد الحيتان، فذلك قوله: ﴿لما بين يديها وما خلفها﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٧١.]]. (١/٤٠١)
ابنُ جرير (٢/٧٢-٧٣) هذا القولَ؛ لمخالفته السياق، ولغة العرب، وظاهر التنزيل، فقال: «وأما الذي قال في تأويل ذلك: ﴿فجعلناها﴾ يعني: الحيتان، عقوبة لما بين يدي الحيتان من ذنوب القوم وما بعدها من ذنوبهم، فإنه أبعد في الانتزاع؛ وذلك أن الحيتان لم يجرِ لها ذكر فيُقال: ﴿فجعلناها﴾، فإن ظن ظانٌّ أن ذلك جائز وإن لم يكن جرى للحيتان ذكر؛ لأن العرب قد تكني عن الاسم ولم يجر له ذكر، فإن ذلك وإن كان كذلك فغير جائز أن يترك المفهوم من ظاهر الكتاب -والمعقول به ظاهر في الخطاب والتنزيل- إلى باطن لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا خبر عن الرسول ﷺ منقول، ولا فيه من الحجة إجماع مستفيض».
كما أيضًا ابنُ عطية (١/٢٤٤)، وذكر أنّ فيه بُعْدًا.
٢٢١٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- ﴿لما بين يديها﴾ يقول: ليحذر مَن بعدهم عقوبتي، ﴿وما خلفها﴾ يقول: الذين كانوا بقوا معهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٥٤.]]. (١/٤٠١)
ابنُ جرير (٢/٧٢) قولَ ابن عباس هذا؛ لدلالة ظاهر الآية وسياقها.
و ابن عطية (١/٢٤٤) على هذا القول إياه بقوله: «وما أراه يصح عن ابن عباس ﵄؛ لأن دلالة ما بين اليد ليست كما في القول».
٢٢٢٠- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها﴾ أي: عقوبة لما خلا من ذنوبهم، ﴿وما خلفها﴾ أي: عبرة لمن بقى بعدهم من الناس[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٤. وعلَّق البخاري ٤/١٦٢٥ شطره الثاني.]]. (ز)
٢٢٢١- عن سعيد بن جُبَير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديه﴾، قال: من بين يديها؛ مَن بِحَضْرَتها يومئذ من الناس[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٣.]]. (ز)
٢٢٢٢- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿نكالا لما بين يديها وما خلفها﴾، يقول: ﴿بين يديها﴾ ما مضى من خطاياهم، ﴿وما خلفها﴾ خطاياهم التي هلكوا بها[[تفسير مجاهد ص٢٠٥، وأخرجه ابن جرير ٢/٦٩. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٢٣- عن قتادة بن دِعامة، نحو ذلك في قوله: ﴿وما خلفها﴾[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٢٤- عن عِكْرِمة مولى ابن عباس= (ز)
٢٢٢٥- والحسن البصري، ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها﴾ أي: عقوبة لما خلا من ذنوبهم[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٢٦- عن عَطِيَّة العَوْفي، في قوله: ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها﴾ قال: ما كان قبلها من الماضين في شأن السبت، ﴿وما خلفها﴾ لما كان من بعدهم من بني إسرائيل، لا يعملوا فيها بمثل أعمالهم[[علَّق ابن أبي حاتم ١/١٣٤ شطره الأول، وأخرج ١/١٣٥ شطره الثاني من طريق مطرف.]]. (ز)
٢٢٢٧- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فجعلنها نكالا لما بين يديها وما خلفها﴾، قال: لما بين يديها من ذنوبهم، وما خلفها من الحيتان[[أخرجه عبد الرزاق ١/٤٨، وابن جرير ٢/٧٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٤٨-. كما أخرجه ابن جرير من طريق سعيد بلفظ: ﴿لما بين يديها﴾ من ذنوب القوم.]]. (ز)
٢٢٢٨- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط- ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها﴾، قال: أما ﴿ما بين يديها﴾ فما سلف من عملهم، ﴿وما خلفها﴾ فمَن كان بعدهم من الأمم أن يعصوا، فيصنع الله بهم مثل ذلك[[أخرجه ابن جرير ٢/٧١، وابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
ابنُ عطية (١/٢٤٤) على قول السدي قائلًا: «وهذا قول جيّد».
٢٢٢٩- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- ﴿لما بين يديها وما خلفها﴾ لما خلا لهم من الذنوب، ﴿وما خلفها﴾ أي: عبرة لمن بقي من الناس[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤. وانظر: تفسير البغوي ١/١٠٥.]]. (ز)
٢٢٣٠- عن إسماعيل بن أبي خالد -من طريق إبراهيم بن حميد- ﴿فجعلناها نكالا لما بين يديها﴾، قال: ما كان قبلها من الماضين في شأن السبت[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٣١- عن قتادة بن دِعامة، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٣٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿لما بين يديها﴾ يقول: أخذناهم بمعاصيهم قبل صيد الحيتان، ﴿وما خلفها﴾ ما استنوا من سنة سيئة فاقتدى بها من بعدهم، فالنكال هي العقوبة، ثم مسخهم الله ﷿ في زمان داود ﵇ قِرَدة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١١٣.]]. (ز)
٢٢٣٣- عن سفيان، في قوله: ﴿نكالا لما بين يديها وما خلفها﴾، قال: من الذنوب[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٤٠٢)
ابنُ جرير (٢/٧٢) التأويلَ الذي رواه الضحاك عن ابن عباس ﵄ بالسياق، وظاهر التنزيل، ثم بيَّنَ تأويلَ الكلام على هذا، فقال: «﴿فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾، فجعلنا عقوبتنا لهم عقوبة ﴿لما بين يديها﴾ من ذنوبهم السالفة منهم، مسخَنا إياهم وعقوبتنا لهم، ولِما خلف عقوبتنا لهم من أمثال ذنوبهم، أن يعمل بها عاملٌ، فيمسخوا مثل ما مُسِخُوا، وأن يحلَّ بهم مثل الذي حلَّ بهم؛ تحذيرًا من الله -تعالى ذكره- عبادَه أن يأتوا من معاصيه مثل الذي أتى الممسوخون؛ فيعاقبوا عقوبتهم».
﴿وَمَوۡعِظَةࣰ﴾ - تفسير
٢٢٣٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- ﴿وموعظة﴾، قال: تذكرة، وعِبْرة[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٣.]]. (١/٤٠١)
ابنُ جرير (٢/٧٣) إلى أنّ تأويل الآية: «﴿فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وما خَلْفَها﴾ وتذكرة للمتقين؛ لِيتَّعظوا بها، ويعتبروا، ويتذكروا بها». مُستدلًا بقول ابن عباس ﵄، ولم يورد غيره.
﴿لِّلۡمُتَّقِینَ ٦٦﴾ - تفسير
٢٢٣٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- ﴿وموعظة للمتقين﴾، يقول: للمؤمنين الذين يتقون الشرك، ويعملون بطاعتي[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٤.]]. (ز)
٢٢٣٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق عِكْرِمة- ﴿وموعظة للمتقين﴾، قال: الذين من بعدهم إلى يوم القيامة[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٤، وابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (١/٤٠١)
٢٢٣٧- عن أبي العالية، ﴿وموعظة للمتقين﴾، قال: موعظة للمتقين خاصة[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (ز)
٢٢٣٨- عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور-: ﴿وموعظة للمتقين﴾ بعدهم؛ فيتَّقوا نِقْمَة الله ويحذروها[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (ز)
٢٢٣٩- عن عَطِيَّة العَوْفي -من طريق مطرف- في قوله: ﴿وموعظة للمتقين﴾، قال: لأمة محمد ﷺ، لا يلحدوا في حرم الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (ز)
٢٢٤٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿وموعظة للمتقين﴾ بعدهم[[أخرجه عبد الرزاق ١/٤٨، وابن جرير ٢/٧٠ من طريق سعيد ومَعْمَر. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٣٤.]]. (ز)
٢٢٤١- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط- قال: أما ﴿وموعظة للمتقين﴾ فهم أمة محمد ﷺ[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٤، وابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (ز)
٢٢٤٢- عن الربيع بن أنس-من طريق أبي جعفر- ﴿وموعظة للمتقين﴾، قال: فكانت موعظة للمتقين خاصة[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٤.]]. (ز)
٢٢٤٣- قال مقاتل بن سليمان: ثم حَذَّر هذه الأمة، فقال سبحانه: ﴿وموعظة للمتقين﴾، يعني: تَعِظُهم يا محمد أن يركبوا ما ركبت بنو إسرائيل من المعاصي؛ فيستحلوا محرمًا، أو صيدًا في حرم الله، أو تستحلوا أنتم حرامًا لا ينبغي؛ فينزل بكم من العقوبة مثل ما نزل بالذين استحلوا صيد السمك يوم السبت[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١١٣.]]. (ز)
٢٢٤٤- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- في قوله: ﴿وموعظة للمتقين﴾، أي: لمن بعدهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٥.]]. (ز)
٢٢٤٥- عن سفيان الثوري، في قوله: ﴿وموعظة للمتقين﴾، قال: لأمة محمد ﵇[[تفسير سفيان الثوري ص٤٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٤٠٢)
ابنُ جرير (٢/٧٤) إلى أنّ المعنى: «جعل -تعالى ذكره- ما أحَلَّ بالذين اعتدوا في السَّبت من عقوبته موعظة للمتقين خاصة، وعبرة للمؤمنين دون الكافرين به إلى يوم القيامة» مستندًا إلى أقوالِ السّلف.
ابن عطية (١/٢٤٥) على قول مَن زعم أنّ المراد بالمتقين: أمة محمد ﷺ خاصة، قائلًا: «واللفظ يعمُّ كلَّ متَّقٍ مِن كل أمة».
{"ayah":"فَجَعَلۡنَـٰهَا نَكَـٰلࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهَا وَمَا خَلۡفَهَا وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ"}