الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكم في السَّبْتِ﴾ اللّامُ مُوَطِّئَةٌ لِقَسَمٍ، والسَّبْتُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَبَتَتِ اليَهُودُ إذا عَظَّمَتْ يَوْمَ السَّبْتِ، وأصْلُهُ القَطْعُ أُمِرُوا بِأنْ يُجَرِّدُوهُ لِلْعِبادَةِ فاعْتَدى فِيهِ ناسٌ مِنهم في زَمَنِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، واشْتَغَلُوا بِالصَّيْدِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَسْكُنُونَ قَرْيَةً عَلى ساحِلٍ يُقالُ لَها أيْلَةُ، وإذا كانَ يَوْمُ السَّبْتِ لَمْ يَبْقَ حُوتٌ في البَحْرِ إلّا حَضَرَ هُناكَ وأخْرَجَ خُرْطُومَهُ، فَإذا مَضى تَفَرَّقَتْ فَحَفَرُوا حِياضًا وشَرَعُوا إلَيْها الجَداوِلَ وكانَتِ الحِيتانُ تَدْخُلُها يَوْمَ السَّبْتِ فَيَصْطادُونَها يَوْمَ الأحَدِ. ﴿فَقُلْنا لَهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ جامِعِينَ بَيْنَ صُورَةِ القِرَدَةِ والخُسُوءِ: وهو الصَّغارُ والطَّرْدُ، وقالَ مُجاهِدٌ: ما مُسِخَتْ صُوَرُهم ولَكِنْ قُلُوبُهُمْ، فَمُثِّلُوا بِالقِرَدَةِ كَما مُثِّلُوا بِالحِمارِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَمَثَلِ الحِمارِ يَحْمِلُ أسْفارًا﴾ وقَوْلُهُ: ﴿كُونُوا﴾ لَيْسَ بِأمْرٍ إذْ لا قُدْرَةَ لَهم عَلَيْهِ، وإنَّما المُرادُ بِهِ سُرْعَةُ التَّكْوِينِ، وأنَّهم صارُوا كَذَلِكَ كَما أرادَ بِهِمْ، وقُرِئَ « قَرِدَةً» بِفَتْحِ القافِ وكَسْرِ الرّاءِ، و « خاسِينَ» بِغَيْرِ هَمْزَةٍ. (p-86)﴿فَجَعَلْناها﴾ أيِ المِسْخَةَ، أوِ العُقُوبَةَ. ﴿نَكالا﴾ عِبْرَةً تُنَكِّلُ المُعْتَبِرَ بِها، أيْ تَمْنَعُهُ. ومِنهُ النِّكْلُ لِلْقَيْدِ. ﴿لِما بَيْنَ يَدَيْها وما خَلْفَها﴾ لِما قَبْلَها وما بَعْدَها مِنَ الأُمَمِ إذْ ذُكِرَتْ حالُهم في زُبُرِ الأوَّلِينَ، واشْتُهِرَتْ قِصَّتُهم في الآخِرِينَ، أوْ لِمُعاصِرِيهِمْ ومَن بَعْدَهُمْ، أوْ لِما بِحَضْرَتِها مِنَ القُرى وما تَباعَدَ عَنْها، أوْ لِأهْلِ تِلْكَ القَرْيَةِ وما حَوالَيْها، أوْ لِأجْلِ ما تَقَدَّمَ عَلَيْها مِن ذُنُوبِهِمْ وما تَأخَّرَ مِنها. ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ مِن قَوْمِهِمْ، أوْ لِكُلِّ مُتَّقٍ سَمِعَها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب