﴿فَجَعَلْناها﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ قَوْلِنا إنَّهم كانُوا قِرَدَةً كَما قُلْنا، فَجَعَلْنا هَذِهِ العُقُوبَةَ ﴿نَكالا﴾ أيْ قَيْدًا مانِعًا ﴿لِما بَيْنَ يَدَيْها﴾ مِنَ المَعاصِي مِن أهْلِ عالَمِها الشّاهِدِينَ لَها ﴿وما خَلْفَها﴾ مِمَّنْ جاءَ بَعْدَهم، رُوِيَ مَعْناهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، (p-٤٦٦)والنَّكالُ إبْداءُ العُقُوبَةِ لِمَن يَتَّعِظُ بِها، واليَدُ ما بِهِ تَظْهَرُ أعْيانُ الأشْياءِ وصُوَرُها أعْلاها وأدْناها، فَلِذَلِكَ ثُنِّيَتْ لِأنَّها يَدٌ عُلْيا هي اليُمْنى ويَدٌ دُنْيا هي اليُسْرى، والخَلْفُ ما يُخْلِفُهُ المُتَوَجِّهُ في تَوَجُّهِهِ فَيَنْطَمِسُ عَنْ حَواسِّ إقْبالِهِ شُهُودُهُ - قالَهُ الحَرالِّيُّ.
وقالَ ﴿ومَوْعِظَةً﴾ مِنَ الوَعْظِ وهو دَعْوَةُ الأشْياءِ بِما فِيها مِنَ العِبْرَةِ لِلِانْقِيادِ لِلْإلَهِ الحَقِّ بِما يُخَوِّفُها في مُقابَلَةِ التَّذْكِيرِ بِما يُرْجِيها ويَبْسُطُها ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقَدْ أشْعَرَ هَذا أنَّ التَّقْوى عِصْمَةٌ مِن كُلِّ مَحْذُورٍ وأنَّ النِّقَمَ تَقَعُ في غَيْرِهِمْ وعْظًا لَهم.
{"ayah":"فَجَعَلۡنَـٰهَا نَكَـٰلࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهَا وَمَا خَلۡفَهَا وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ"}