﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یَكُونُوا۟ مُعۡجِزِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِیَاۤءَۘ یُضَـٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُوا۟ یَسۡتَطِیعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُوا۟ یُبۡصِرُونَ﴾ [هود ٢٠]
﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یَكُونُوا۟ مُعۡجِزِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِیَاۤءَۘ﴾ - تفسير
٣٥٣٢٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضَّحّاك- في قوله: ﴿معجزين﴾، قال: مُسابِقِين(١). (ز)
٣٥٣٢٩- قال قتادة بن دعامة: هارِبين(٢). (ز)
٣٥٣٣٠- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ نَعَتَهم، فقال: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ﴾ يعني: بسابقي الله ﴿فِي الأَرْضِ﴾ هربًا حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة، ﴿وما كانَ لَهُمْ مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ يعني: أقرباء يمنعونهم مِن الله(٣). (ز)
ذكر ابنُ عطية (٤/٥٥٧) أنّ قوله تعالى: ﴿وما كانَ لَهُمْ مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ يحتمل معنيين: أحدهما: أنّه نفى أن يكون لهم وليٌّ أو ناصر كائنًا مَن كان. والثاني: أن يقصد وصف الأصنام والآلهة بأنهم لم يكونوا أولياء حقيقة، وإن كانوا هم يعتقدون أنهم أولياء.
٣٥٣٣١- قال مقاتل بن حيان: فائتين(٤). (ز)
﴿یُضَـٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ﴾ - تفسير
٣٥٣٣٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿يضاعف لهم العذاب﴾، أي: عذاب الدنيا، والآخرة(٥). (ز)
﴿مَا كَانُوا۟ یَسۡتَطِیعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُوا۟ یُبۡصِرُونَ ٢٠﴾ - تفسير
٣٥٣٣٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: أخبر الله سبحانه أنّه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة؛ أمّا في الدنيا فإنه قال: ﴿ما كانوا يستطيعون السمع﴾ وهي طاعته، ﴿وما كانوا يبصرون﴾. وأما في الآخرة فإنه قال: ﴿لا يستطيعون* خاشعة﴾ [القلم:٤٢-٤٣](٦). (٨/٣٤)
٣٥٣٣٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون﴾، قال: ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيرًا فينتفعوا به، ولا يُبْصِروا خيرًا فيأخذوا به(٧). (٨/٣٤)
٣٥٣٣٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ يعني: ما كانوا على سمع إيمان بالقرآن، ﴿وما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ الإيمان بالقرآن؛ لأنّ الله جَعَل في آذانهم وقرًا، وعلى أبصارهم غشاوة(٨). (ز)
ابنُ عطية (٤/٥٥٧-٥٥٨) أنّ قوله تعالى: ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ يحتمل عدة احتمالات، فقال: «وقوله: ﴿ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون﴾ يحتمل خمسة أوجه: أحدها: أن يصف هؤلاء الكفار بهذه الصفة، على معنى: أنّ الله ختم عليهم بذلك، فهم لا يسمعون سماعًا ينتفعون به، ولا يبصرون كذلك. والثاني: أن يكون وصَفَهُم بذلك مِن أجل بغضتهم في النبي ﷺ، فهم لا يستطيعون أن يحملوا أنفسهم على السمع منه والنظر إليه. والثالث: أن يكون وصَفَ بذلك الأصنام والآلهة التي نفى عنها أن تكون أولياء. والرابع: أن يكون التقدير: يضاعف لهم العذاب بما كانوا، بحذف الجارِّ. والخامس: يضاعف لهم مدة استطاعتهم السمع والبصر، وقد أعْلَمَتِ الشريعةُ أنّهم لا يموتون فيها أبدًا؛ فالعذاب إذن متمادٍ أبدًا». و ابنُ عطية أنّ ﴿ما﴾ على الأقوال الثلاثة الأولى نافية، وعلى القول الرابع مصدرية، وعلى القول الخامس ظرفية.
و ابنُ جرير (١٢/٣٧٢) مستندًا لدلالة العقل القول الأول، وهو قول ابن عباس، وقتادة، ومقاتل بقوله: «والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله ابنُ عباس وقتادة، مِن أنّ الله وصفهم -تعالى ذِكْرُه- بأنّهم لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفعٍ، ولا يبصرونه إبصار مهتدٍ؛ لاشتغالهم بالكفر الذي كانوا عليه مقيمين عن استعمال جوارحهم في طاعة الله، وقد كانت لهم أسماع وأبصار». و على القول الثالث بقوله: «وهذا قول روي عن ابن عباس من وجه كرهت ذِكْرَه لضعف سنده».
ونسب ابنُ عطية القول الرابع للفرّاء، و بقوله: «وهذا قول فيه تحامُل».
وذكر ابنُ تيمية (٣/٥٣٨) أنّ الاستطاعة على نوعين: الأولى: استطاعة هي مناط الأمر والنهي، وهي المصححة للفعل، ولا يجب أن تُقارِن الفعل. والثانية: استطاعة تُقارِن الفعل، ويجب معها وجود الفعل. وبيَّن أن بعض العلماء يفسر الاستطاعة في هذه الآية بالمعنى الثاني، وأمّا على تفسير السلف والجمهور فالمراد بعدم الاستطاعة: مشقة ذلك عليهم، وصعوبته على نفوسهم، فنفوسهم لا تستطيع إرادته وإن كانوا قادرين على فعله لو أرادوه، وهذه حال مَن صَدَّه هواهُ أو رأيُه الفاسد عن استماع كتب الله المنزلة واتباعها، وقد أخبر أنه لا يستطيع ذلك، وهذه الاستطاعة هي المقارنة للفعل الموجبة له، وأما الأولى فلولا وجودها لم يثبت التكليف".
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/٢٠١٨.
(٢) تفسير الثعلبي ٥/١٦٣، وتفسير البغوي ٤/١٦٩.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٢٧٧.
(٤) تفسير الثعلبي ٥/١٦٣، وتفسير البغوي ٤/١٦٩ دون تعيينه بأنه ابن حيان.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/٢٠١٨.
(٦) أخرجه ابن جرير ١٢/٣٧١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(٧) أخرجه عبد الرزاق ١/٣٠٤، وابن جرير ١٢/٣٧١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٢٧٧.