(أولئك) الموصوفون بتلك الصفات (لم يكونوا معجزين في الأرض) أي ما كانوا يعجزون الله في الدنيا إن أراد عقوبتهم، وقيل معناه سابقين، وقيل فائتين، وقيل مفلتين أنفسهم من أخذه لو أرادوا ذلك في الأرض مع سعتها وإن هربوا فيها كل مهرب
(وما كان لهم من دون الله من أولياء) يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم وإنزال بأسه بهم؛ ومن زائدة
(يضاعف) وقرئ يضعَّف بالتشديد (لهم العذاب) في الآخرة مستأنفة لبيان أن تأخير العذاب والتراخي عن تعجيله لهم ليكون عذاباً مضاعفاً بسبب صدهم عن سبيل الله وإنكارهم البعث، بعد الموت
وقال السيوطي: بإضلالهم غيرهم قال الصاوي: حاصله [[قوله حاصله أي حاصل قول السيوطي إهـ منه.]] إن المضاعفة مخصوصة بالحسنات، وأما السيئات فلا تضاعف قال تعالى (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) فمعنى المضاعفة الشدة لأنهم يعذبون عذابين عذاباً على ضلالهم في أنفسهم وعذاباً على إضلالهم غيرهم.
(ما كانوا يستطيعون السمع) أي أفرطوا في إعراضهم عن الحق وبغضهم له حتى كأنهم لا يقدرون على السمع للحق وهذا تعليل لمضاعفة العذاب (وما كانوا يبصرون) أي ولا يقدرون على الإبصار لفرط تعاميهم عن الصواب.
ويجوز أن يراد بقوله (وما كان لهم من دون الله من أولياء) أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله ولا ينفعهم ذلك، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعاً ويدفعون عنهم ضراً.
وقوله: (يضاعف لهم العذاب) اعتراض وسط بينهما نعياً عليهم من أول الأمر سوء العاقبة ويجوز أن يكون ما هي المدة، والمعنى أنه يضاعف لهم العذاب مدة استطاعتهم السمع والبصر، وقال الفراء: لا يستطيعون السمع لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ.
وقال الزجاج: لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه.
قال النحاس: هذا معروف في كلام العرب يقال فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان، إذا كان ثقيلاً عليه.
{"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یَكُونُوا۟ مُعۡجِزِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِیَاۤءَۘ یُضَـٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُوا۟ یَسۡتَطِیعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُوا۟ یُبۡصِرُونَ"}