الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ﴾ (p-197)مَعَ وصْفٍ مِن أحْوالِهِمُ المُوجِبَةِ لِلتَّدْمِيرِ ﴿لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ﴾ اللَّهَ تَعالى، مُفْلِتِينَ بِأنْفُسِهِمْ مِن أخْذِهِ لَوْ أرادَ ذَلِكَ ﴿فِي الأرْضِ﴾ مَعَ سَعَتِها وإنْ هَرَبُوا مِنها كُلَّ مَهْرَبٍ ﴿وَما كانَ لَهم مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ يَنْصُرُونَهم مِن بَأْسِهِ، ولَكِنْ أُخِّرَ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِيهِ، والجَمْعُ إمّا بِاعْتِبارِ أفْرادِ الكَفَرَةِ، كَأنَّهُ قِيلَ: وما كانَ لِأحَدٍ مِنهم مِن ولِيٍّ، أوْ بِاعْتِبارِ تَعَدُّدِ ما كانُوا يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ تَعالى، فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيانًا لِحالِ آلِهَتِهِمْ مِن سُقُوطِها عَنْ رُتْبَةِ الوِلايَةِ ﴿يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ﴾ اسْتِئْنافٌ يَتَضَمَّنُ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ المُؤاخَذَةِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، ويَعْقُوبُ بِالتَّشْدِيدِ. ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ لِفَرْطِ تَصامِّهِمْ عَنِ الحَقِّ وبُغْضِهِمْ لَهُ، كَأنَّهم لا يَقْدِرُونَ عَلى السَّمْعِ، ولَمّا كانَ قُبْحُ حالِهِمْ في عَدَمِ إذْعانِهِمْ لِلْقُرْآنِ - الَّذِي طَرِيقُ تَلَقِّيهِ السَّمْعُ - أشَدَّ مِنهُ في عَدَمِ قَبُولِهِمْ لِسائِرِ الآياتِ المَنُوطَةِ بِالإبْصارِ - بالَغَ في نَفْيِ الأوَّلِ عَنْهم حَيْثُ نَفي عَنْهُمُ الِاسْتِطاعَةَ، واكْتَفي في الثّانِي بِنَفْيِ الإبْصارِ، فَقالَ تَعالى: ﴿وَما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ لِتَعامِيهِمْ عَنْ آياتِ اللَّهِ المَبْسُوطَةِ في الأنْفُسِ والآفاقِ، وهو اسْتِئْنافٌ وقَعَ تَعْلِيلًا لِمُضاعَفَةِ العَذابِ، وقِيلَ: هو بَيانٌ لِما نُفِيَ مِن وِلايَةِ الآلِهَةِ، فَإنَّ ما لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ بِمَعْزِلٍ مِنَ الوِلايَةِ، وقَوْلُهُ تَعالى: "يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ" اعْتِراضٌ وسِّطَ بَيْنَهُما نَعْيًا عَلَيْهِمْ مِن أوَّلِ الأمْرِ سُوءَ العاقِبَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب