قوله: ﴿لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ...﴾ الآية.
قرأ زيد بن أسلم، والضحاك وابن أبي إسحاق ﴿إِلاَّ مَن ظُلِمَ﴾ بفتح الظاء.
ومعنى الآية: لا يحب الله أن يجهر أحد بالدعاء [على أحد] إلا من ظُلم فيدعو على ظالمه. أي: لكن من ظُلم فله أن يدعو على ظالمه، ولا يكره الله ذلك.
قال ابن عباس: أُرخص للمظلوم أن يدعو على ظالمه، وإن صبر فهو خير له.
قال قتادة: عذر الله سبحانه المظلوم.
وقال الحسن: هو الرجل يُظلم يظلم الرجل فلا يدع عليه، ولكن ليقل: اللهم أعني عليه، اللهم استخرج لي حقي، ونحو ذلك.
و "من" في موضع رفع بالهجر، كأنه: لا يحب الله أن يجهر بالسوء إلا المظلوم وإن شئت في موضع نصب كما قال تعالى: ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ * إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ﴾ [الغاشية: ٢٢-٢٣] وكقولهم: إني لا أكره الخصومة، والمراء إلا رجلاً يريد الله بذلك، فهذا محمول على المعنى وأن لم يكن قبله أسماء.
وأصل الاستثناء المنقطع أن يكون منصوباً، وهذا من ذلك.
وقال مجاهد في الآية: هو الرجل لا تحسن ضيافته، فيخرج فيقول أساء ضيافتي، رخص له أن يقول ذلك.
وقال السدي: إن الله لا يحب الجهر بالسوء من أحد ولكن من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح.
ومن قرأ بفتح الظاء، فمعناه إلا من ظلم فلا بأس أن يُجْهَر له بالقول.
قيل: إن هذه الآية نزلت في الرجل ينزل بالرجل وعند المنزول به سعة، يضيفه، فإن تناوله بلسانه في تأخره عن ضيافته فقد عذره الله عز وجل، وسمى الله سبحانه ترك الضيافة ظلماً.
وقال ابن زيد معنى الفتح: لا يحب الله أن يقول لمن تاب عن النفاق: ألست نافقت؟ ألست الذي ظلمت وفعلت؟ ﴿إِلاَّ مَن ظُلِمَ﴾ أي: إلا من أقام على النفاق، فإنه يقال له ذلك، ودل على هذا قوله تعالى ﴿إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ﴾.
وقيل: المعنى ﴿إِلاَّ مَن ظُلِمَ﴾ فقال سوءاً، فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه.
وقال قطرب: ﴿إِلاَّ مَن ظُلِمَ﴾ أي: إلا المكره لأنه مظلوم.
﴿وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً﴾ أي: لما تجهرون به ﴿عَلِيماً﴾ أي بما تسرون وبغير ذلك.
{"ayah":"۞ لَّا یُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلۡجَهۡرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِیعًا عَلِیمًا"}