الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ هذه الآية لها صلة بما قبلها وهي أن هذا العمل من جنس العمل السابق الذين يأكلون أموال الناس بالباطل فهذه الآية فيها أيضًا نوع من أكل أموال الناس بالباطل.
قوله: ﴿يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾؛ يقال: يشترون ويقال: يَشْرُون فما الفرق بينهما؟
* طالب: يشترون؟
* الشيخ: نعم، الفرق بين (يشترون) و(يشرون)؟
* الطالب: في المعنى؟
* الشيخ: إي بالمعنى!
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما بينهما فرق؟ لا، بينهما فرق؟
* طالب: يشرون؛ أي: يبيعون.
* الشيخ:يشرون يعني يبيعون، ويشترون؟
* الطالب: يشترون.
* الشيخ: نعم، يعني فالبائع مُعْطٍ والمشتري آخذ؛ الشاهد لهذا من القرآن قوله تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾ [النساء ٧٤]. يعني يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة، وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة ٢٠٧] أي يبيع نفسه. وأما الاشتراء الذي بمعنى الأخذ ففي مثل هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾؛ يعني يأخذون ثمنًا قليلًا بعهد الله فينكثون عهدَ الله من بعد ميثاقه ويحلفون على الكذب بالأيمان من أجل الدنيا. وقوله: ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ يَحتمل أن يكون المراد بما عاهدوا الله عليه، ويحتمل أن يكون المراد بما عاهدوا الخلق عليه. فأما على الأول؛ أي بما عاهدوا الله عليه فهو ظاهر من الآية؛ لأن الله أراد العهد إليه، ومثالُه أن يكتم العالِمُ علمَه من أجل عرض من الدنيا؛ فإن الله عَهِدَ إلى العلماء أن يُبَيِّنُوا العلم ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران ١٨٧]. فإن قال قائل: كيف أخذ الله العهد على العلماء ونحن لم نعلم أن أحدًا من العلماء أجرى صفقة عهد مع الله؟ هل علمتم أن عالمًا من العلماء أجرى صفقة عهد مع الله؟ لا، لكن لما أعطى الله العلماء العلم كان إعطاؤهم إياه عهدًا بأنْ أيش؟ يقوموا بنشره وإعلانه بين الخلق، فإذا لم يقوموا بذلك فإنهم لم يَفُوا بعهد الله.
القول الثاني: ﴿يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾؛ أي: بعهدهم مع الناس وأضافه الله إلى نفسه بعهد الله؛ لأنه أمر بالوفاء به، قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل ٩١]. فسمى الله معاهدة الناس المؤمنين لغيرهم سماها أيش؟ عهدًا له ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ مع أنهم ما عاهدوا الله وإنما عاهدوا الخلق لكنه أضافه إلى نفسه؛ لأنه أمر بالوفاء به فصحَّ أن يقال: ﴿أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ﴾.
إذن ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ يشمل المعنيين جميعًا؛ أي: بما عاهدوا الله عليه، أو بما عاهدوا الخلق عليه؛ فعلى الوجه الأول المعنى..
* الطلبة: ظاهر..
* الشيخ: ظاهر واضح ما فيه إشكال، وعلى الثاني فيه شيء من الإشكال؛ حيث سمى عهد المخلوقين عهدًا لله ولكن الجواب عنه أن يُقال: أضافه الله لنفسه لأنه أمر بوفائه.
وقوله: ﴿وَأَيْمَانِهِمْ﴾؛ يعني ويشترون أيضًا بأيمانهم ثمنًا قليلًا، والأيمان جمع يمين وهي الْحَلِفُ بالله عز وجل، فيشترون باليمين ثمنًا قليلًا؛ مثل أن يحلف على جحد حق واجب عليه، أو يحلف على دعوى حق ليس له. مفهوم؟ يحلف على جحد حقٍّ واجبٍ عليه، أو يحلف على دعوى حقٍّ ليس له وهو كاذب، وهذه هي اليمين الغموس التي قال عنها رسول الله ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٣٥٦، ٢٣٥٧)، ومسلم (١٣٨ / ٢٢٠) من حديث عبد الله بن مسعود بنحوه.]] أعوذ بالله! «لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». وقوله: هو فيها فاجر يعني كاذب؛ فهذا اشترى باليمين ثمنًا قليلًا، مثال اليمين في دعوى ما ليس له: أن يدَّعيَ على شخص أن في ذمته له مائة ريال فيقول الشخص: ليس عندي شيء؛ فيقول القاضي للمدعي هل عليك بيِّنة؟ فيقول المدعي: لا؛ فيقول القاضي للمنكر: احلف! فيقول: لا أحلف، حلِّفْهُ هو وإذا حلف أنا أُعطيه؛ فيَحْلِفُ المدَّعِي بأن في ذمة فلان له مائة ريال وهو يكذب؛ هذا حلف على أيش؟ على أي شيء؟
* طالب: دعوى كاذبة.
* الشيخ: على دعوى ما ليس له؛ حَلَفَ بأنَّ في ذمة فلان مائة ريال لي وحُكِمَ له، هذا اشترى باليمين أيش؟
* الطلبة: ثمنًا قليلًا.
* الشيخ: ثمنًا قليلًا. طيب، الحلف على إنكار ما يجب عليه مثل؟ أن يدعي على شخص بأن في ذمته له مائة درهم، فيُنكر المدَّعَى عليه وهو يعلم أن في ذمته مائة درهم لفلان ويحلف على أنه ليس في ذمته له شيء؛ هذا حلف على أيش؟ على إنكار ما يجب عليه، القاضي في مثل هذه الحال يبرئ المدعى عليه؟ نعم، يبرِّئ ويُخلِّي سبيلَه؛ لأنه حلف، فكلا الرجلين اشترى بيمينه ثمنًا قليلًا.
ما هو الثمن القليل في المثال؟
* طالب: ما ذكرته،
* الشيخ: هه؟
* الطالب: ذكرته أنت؟
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: ذكرت الثمن القليل أنت؟
* الشيخ: المثال الّلي ذكرنا ما هو الثمن القليل.
أين وصلت؟ وأين رُحت؟
* الطالب: موجود، ما رحت..
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: بقول: موجود ما رحت.
* الشيخ: والقلب؟
* الطالب: موجود..
* الشيخ: في الصدر؟
* الشيخ: طيب.. أنت جاره؟
* الطالب: ثمنًا قليلًا.
* الشيخ: نعم، في المثالين اللَّذيْن ذكرنا؟
* طالب: المثال الأول مائة ريال..
* الشيخ: والثاني؟
* طالب: والثاني مائة ريال.
* الشيخ: عسى الله يسهل لنا واحد يكملها؛ واحد لا شيء عنده واحد عنده نصف؛ من عنده الكل؟ نعم.
* طالب: في المثال الأول مائة ريال وفي المثال الثاني مائة درهم.
* الشيخ: أحسنت، تمام! المثال الأول مائة ريال والثاني مائة درهم واضح؟ كل منهم اشترى بيمينه ثمنًا قليلًا.
طيب، أرأيتم لو قال قائل: أرأيتم لو اشتريتُ بهذا اليمين ثمنًا كثيرًا، حلف على مليون؟
* الطلبة: هو قليل..
* الشيخ: نعم؟
* الطلبة: هو قليل..
* الشيخ: إما أن نقول: إنه قليل؛ لأن الله تعالى قال: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ [النساء ٧٧]. قل متاع الدنيا كلِّها قليل، نعم، وإما أن نقول: من اشترى بالقليل ثمنًا قليلًا فكذلك من اشترى بالكثير؛ المهم أنه انتهك حرمة اليمين بشيء من الدنيا.
طيب قال: ﴿أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ ﴿أُولَئِكَ﴾ المشار إليهم الذين اشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا؛ وقوله: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ أي: لا نَصيب لهم في الآخرة كما قال تعالى: ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾؛ أي: نصيب ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ﴾ [البقرة ٢٠١، ٢٠٢] قال: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ﴾ في مقابل قوله: ﴿لَا خَلَاقَ﴾ فدل هذا على أن الخلاق هو النصيب. ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ يعني في الدار الآخرة وذلك يوم القيامة، وسمي يوم القيامة دارًا آخرة؛ لأنه هو آخر مراحل البشر بل الخلق؛ فالإنسان له مراحل في هذه الدنيا، في بطن الأم، وفي الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة؛ كم دارًا؟
* الطلبة: أربعة..
* الشيخ: أربعة دور؛ وفي الدار الأولى له حالان: حال حياة وحال موت؛ فهو قبل أن تُنفخ فيه الروح ميِّت، وبعد أن تُنفخ فيه الروح حي؛ آخر مرحلة هي أيش؟ الآخرة؛ إمَّا إلى الجنة وإما إلى النار؛ ولهذا قال: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ وفي الدنيا؟ يمكن أن يكون لهم خلاق، يمكن أن يكون لهم نصيب من هذا الذي اشترَوْه، هذا الثمن القليل الذي اشتروه يكون لهم نصيب؛ أرأيت لو حلف على دعوى مليون ريال لجاءه أيش؟ مليون ريال؛ هذا نصيب في الدنيا، لكنه والله بئس النصيب؛
؎لَوْ سَاوَتِ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ∗∗∗ لَمْ يُسْقِ مِنْهَا الــــرَّبُّ ذَاالْكُفْــــــــرَانِ؎لَكِنَّهَــــا وَاللَّــــهِ أَحْقَــــرُعِنْـــــــــــــــدَهُ ∗∗∗ مِنْ ذَا الْجَنَــــاحِ الْقَاصِرِالطَّيَــــــــــــرَانِ
كل الدنيا ليست بشيء.
﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾؛ يعني وأولئك أيضًا لا يكلمهم الله تكليم رضا، ولكن قد يكلمهم تكليم إهانة؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول لأهل النار: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون ١٠٨] وهذا كلام من الله؛ لكنه كلام تقريع وتوبيخ و إهانة، والمنفي هو تكليم الرضا ﴿لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾؛ يعني ولا ينظر إليهم نظرَ رحمة وعطف ورأفة؛ وذلك لأنهم ليسوا أهلًا للرحمة قال الله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا﴾
لمن؟ ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [الأعراف ١٥٦] وأما غيرهم؛ فليس لهم من رحمة الله نصيب في الآخرة. ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يوم القيامة هو يوم البعث وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة؛ الأول؟
* الطالب: لقيام الناس من قبورهم.
* الشيخ: لقيام الناس من قبورهم؛ والثاني؟
* الطالب: والثاني يوم يقوم الأشهاد.
* الشيخ: يوم يقوم الأشهاد؛ والثالث؟
* الطالب: لقيام الـ..
* الشيخ: يقام فيه العدل ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ [الأنبياء ٤٧]. ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾؛ يعني لا يُطَهِّرهم من آثار رجسهم التي تلوثوا بها في الدنيا؛ فآثامهم باقية لا تُغفر والعياذ بالله! فلا زكاء لهم عند الله؛ لأنهم ليسوا أهلًا للتزكية
﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ [آل عمران ٧٧] يعني ولا ينظر إليهم نظر رحمة وعطف ورأفة؛ وذلك لأنهم ليسوا أهلًا للرحمة، قال الله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا﴾ لمن؟ ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [الأعراف ١٥٦] وأما غيرهم فليس لهم من رحمة الله نصيب في الآخرة.
﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يوم القيامة هو يوم البعث، وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة: الأول؟
* طالب: لقيام الناس من قبورهم.
* الشيخ: لقيام الناس من قبورهم، والثاني؟
* طالب: يوم يقوم الأشهاد.
* الشيخ: يوم يقوم الأشهاد، والثالث؟
* طالب: قيام الميزان.
* الشيخ: يقام فيه العدل: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ [الأنبياء ٤٧].
﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ [آل عمران ٧٧] يعني لا يطهِّرهم من آثار رجسهم التي تلوثوا بها في الدنيا، فآثامهم باقية لا تغفر والعياذ بالله، فلا زكاء لهم عند الله؛ لأنهم ليسوا أهلًا للتزكية، ولهذا ينادَى يوم القيامة على الظالمين: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود ١٨] يعني طرد وإبعادهم عن رحمته.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران ٧٧] ﴿لَهُمْ عَذَابٌ﴾ العذاب معناه النكال والعقوبة. ﴿أَلِيمٌ﴾ بمعنى مؤلم؛ لأن فعيل في اللغة العربية تأتي على عدة أوجه، فتأتي بمعنى (فاعِل)، وتأتي بمعنى (مفعول)، وتأتي بمعنى (مُفْعِل). ثلاثة، مثالها بمعنى فاعل؟
* طالب: رحيم، سميع، من (...).
* الشيخ: سميع، بصير، رحيم، كلها بمعنى (فاعل). مثالها بمعنى مفعول؟
* طالب: جريح.
* الشيخ: قتيل، جريح، ذبيح وما أشبهها. مثالها بمعنى (مُفْعِل) هنا هذه الآية. ﴿أَلِيمٌ﴾ بمعنى (مُؤلم). ومنه قول الشاعر:
؎أَمِــــنْ رَيْحَانَــــةَ الدَّاعِــــيالسَّمِيــــــــعُ ∗∗∗ يُؤَرِّقُنِــــــــي وَأَصْحَابِــــــــــــــــيهُجُــــــــــــــــوعُ
الشاهد قوله؟
* طلبة: السميع.
* الشيخ: السميع، ليس معناه الداعي الذي يَسمع بل معناه الداعي الذي يُسمِع يعني الداعي المسمِع، يؤرقني: يعني يطرد النوم عني وأصحابي هجوع.
إذن ﴿أَلِيمٌ﴾ بمعنى مؤلِم، هذا هو معنى الآية في كلماتها، ولنرجع الآن إلى الإعراب، الإعراب: لدينا جملة مؤكدة بـ(إنَّ)، و(إنَّ) كما نعلم تنصب المبتدأ وترفع الخبر، فأين اسمها؟ اسمها (الذين) وهو اسم موصول، خبرها جملة: ﴿أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾. (أولاءِ) مبتدأ أين خبر أولاء؟ جملة: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ فصار لدينا الآن مبتدأ خبره جملة، وخبر الخبر الذي هو خبره أيضًا جملة صح؟ وقوله: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ﴾ ما الذي نصب ﴿خَلَاقَ﴾؟
* طالب: لا النافية للجنس.
* الشيخ: اسم (لا)، ولا هنا نافية للجنس، واسمها الذي بعدها إذا كان مفردًا فإنه يُبنى على ما ينصب به، لماذا لا نقول: يبنى على الفتح؟ لأنه قد يبنى على غير الفتح، قد يبنى على الياء، قد يُبنى على الكسر، ولهذا نقول: على ما أيش؟ ينصب به، فإذا قلت: لا رجلينِ في البيت، هذا مبني على أيش؟
* طلبة: على الياء.
* الشيخ: على الياء، مبني على الياء، وإذا قلت: لا مسلمات في الدار، هذا مبني على أيش؟
* طلبة: على الكسر.
* الشيخ: على الكسر، ليس على الفتح، وإذا قلت: لا مسلمين في البلد.
* طلبة: على الياء.
* الشيخ: على الياء، إذن فنحن نقول: على ما ينصب به أولى من أن نقول: مبني على الفتح. أنا قلت: إذا كان اسمها مفردًا، فكيف يصح قولي هذا مع أني مثَّلت بمسلمين ومسلمين ومسلمات؟
نقول: النحويون كالفقهاء لهم اصطلاحات في كل موضع بحسبه، المفرد في باب (لا)، ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف، كذا؟ يعني ولو كان مجموعًا أو مثنى، وفي باب الإعراب ما ليس مثنى ولا مجموعًا كما أن الغنى عند الفقهاء يختلف في الزكاة له تفسير وفي إعطاء الزكاة له تفسير وهكذا.
في القراءات في قوله: ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ [آل عمران ٧٧] فيها قراءة: ﴿إِلَيْهُمْ﴾ ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهُمْ﴾ ، وعندي قاعدة في هذا مكتوبة عندي في المصحف ننظر إليها، يقول: هذه ضوابط في القراءات عامة في جميع القرآن، ضمير هو وهي الأُولى بضم الهاء والثانية بكسرها هو، ويقال: هي عند جمهور القراء مطلقًا، وسكّن الهاء فيهما الكسائي وقالون وأبو عمرو بعد الواو والفاء واللام مثل: فهْو، فهْي، وهْو، لهْي؛ ﴿لَهْوَ الْغَنِيُّ﴾ ، [الحج: ٦٤] ﴿لَهْيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت: ٦٤]، إذن ما شاء الله فصحى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهْيَ الْحَيَوَانُ﴾ يجوز قراءة السبعية، ونقول على رأي الجمهور أيش؟
* طلبة: ﴿لَهِيَ﴾.
* الشيخ: ﴿لَهِيَ﴾ بكسر الهاء، وسكَّنها الكسائي وقالون أيضًا في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ هْوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص: ٦١] ﴿ثُمَّ هْوَ﴾ . ضمير (عليهِم)، (إليهِم)، (لديهِم) مكسور الهاء، وقرأه حمزة بضم الهاء؛ (عليهُم)، (إليهُم)، (لديهُم)، مكسور الهاء ولَّا لا؟* الطلبة: (...).
* الشيخ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة ٧] نعم، ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾ [آل عمران ٤٤] [يوسف: ١٠٢]، ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾، يقول: وقرأه حمزة بضم الهاء، ومنه قوله هنا: ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهُمْ﴾ ، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهُمْ﴾ ، ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهُمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ [يوسف: ١٠٢].
* هذه الآية من فوائدها: تهديد هؤلاء الذين يشترون بعهد الله وأيْمانهم ثمنًا قليلًا، وينصبّ هذا على العلماء الذين يكتمون ما أنزل الله مداهنة، أو مراعاةً، أو من أجل مال، فإنهم اشتروا بعهد الله ثمنًا قليلًا؛ لأن الله عهد إلى العلماء أن يبيّنوا العلم، وقد مر بنا أن العلماء ثلاثة أقسام، عالِم؟
* الطالب: عالم الدنيا، عالم الأمة، عالم الدين.
* الشيخ: عالم الدين، وعالم الدنيا، وعالم الأمة إي نعم، هذا من كيسك!
* طالب: عالم دولة، وعالم أمة، وعالم مِلّة.
* الشيخ: تمام، هذا هو: عالم أمة، وعالم دولة، وعالم مِلّة، عالم الملة هذا لا يشتري بعهد الله ثمنًا قليلًا يبيّن الملة ولا يبالي، وعالم الدولة يشتري بآيات الله ثمنًا قليلًا ليكون له جاه عند الدولة وربما ليُعطى مالًا، عالم الأمة هو الذي يُراعي الأمة ينظر ماذا تشتهي الأمة، فيفتي به أو يقول به، وما لا تشتهيه الأمة يسكت عنه، فإذا رأى الأمة على شيء غير سائغ في الشرع سكت عنه، وإذا طلبوا منه شيئًا غير سائغ في الشرع ولكنه يرى أنه يرضيهم وافقهم عليه.
* من فوائد الآية الكريمة: تحريم اليمين الغموس لقوله: ﴿وَأَيْمَانِهِمْ﴾ [آل عمران ٧٧].
* ومن فوائدها: أن اليمين الغموس وعدم القيام بعهد الله من كبائر الذنوب؛ كون ذلك من كبائر الذنوب أمر زائد على كونه محرمًا؛ لأن الكبيرة أعظم من مُطلق التحريم، وما وجه كونها كبيرة؟ لأن فيها وعيدًا، وكل ذنب رُتّب عليه وعيد فهو من كبائر الذنوب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من وفَى بعهد الله وحلف على صدق فإنه لا يُحرم النصيب في الآخرة. ووجهه: أنه إذا كان من اشترى بعهد الله ثمنًا قليلًا أو بيمينه لا خلاق له في الآخرة فإن ضده له خلاق، وهذا الطريق من الاستدلال أخذناه من قول الشافعي رحمه الله على قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين ١٥] قال: في هذه الآية دليل على رؤية المؤمنين لله، كيف ذلك؟ لأنه لما حجب هؤلاء في غضب كان دليلًا على رؤية الآخرين في حال الرضا.
* من فوائد الآية: إثبات الآخرة لقوله: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ [آل عمران ٧٧].
* ومن فوائدها: أنه ينبغي للإنسان أن يكون هدفه ومغزاه وما يريد الآخرة، أن تكون الآخرة هي هدفه ومغزاه وما يريد، ولهذا قال: ﴿لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ ولم يقل: في الدنيا؛ لأنهم قد يكون لهم نصيب في الدنيا ولكن لا خير فيه.
* ومن فوائد الآية: إثبات الكلام لله، إثبات الكلام لله لقوله: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران ٧٧]. ووجه ذلك: أنه لو كان الله لا يتكلم لم يكن لنفي الكلام مع هؤلاء فائدة، فلولا أنه يكلم ما صار عدم تكليمه لهؤلاء عقوبة، واضح؟
* ومن فوائدها: أن كلام الله من أفعاله الاختيارية التي يفعلها متى شاء؛ لأن هذا الكلام الذي نفى الله عنه نفاه في وقت معين، وهو أيش؟ يوم القيامة، فدل ذلك على أن الكلام من أفعال الله الاختيارية التي تكون بمشيئته سبحانه وتعالى.
* ومن فوائد الآية: أن من عقوبة هؤلاء مع حرمانهم من النصيب في الآخرة أن من عقوبتهم أن الله لا يكلمهم، وهذا من أعظم العقوبات والعياذ بالله، ولهذا كان النظر إلى وجه الله من أفضل الثواب وأعظمه وأعلاه بل هو غاية الثواب والفضل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات نظر الله لقوله: ﴿وَلَا يَنْظُرُ﴾ ﴿وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾.
وفيه دليل على إثبات العين لله، توافقون على هذا؟
* طلبة: نعم.
* طلبة آخرون: لا.
* الشيخ: لا، ينبغي أن لا توافقوا.
* طلبة: لا يلزم.
* الشيخ: لأنه لا يلزم من النظر العين، كما قلنا: إننا نثبت سمع الله، ولا نثبت الأُذن، وهذه مسألة يجب أن تتفطن لها؛ لأنه لا يلزم من الكلام وجود اللسان والشفتين، ولا يلزم من السمع وجود الأذنين، ولا يلزم من النظر وجود العينين. ها فهمت؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: يوم القيامة تحدث الأرض أخبارها، فهل لها لسان وشفتان؟ لا، يُسبّح الحصى بين يدي الرسول ﷺ، فهل له لسان وشفتان؟ لا. هل تسمع الأرض ولَّا ما تسمع؟
* طلبة: تسمع.
* طالب: ما تسمع.
* الشيخ: تسمع.
* الطالب: الآن؟!
* الشيخ: الآن تسمع؛ لأنها تحدث أخبارها، فلولا أنها تسمع ما حدّثت، ولما قال الله تعالى للسماوات والأرض ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ [فصلت ١١] خاطبوه، سمعتا ولَّا لا؟
* طلبة: سمعتا.
* الشيخ: فقالتا: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ هل لها أذن؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: ما لها أذن، هل تنظر ولَّا ما تنظر؟
* طلبة: تنظر.
* طالب: ما تنظر.
* الشيخ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ [الزلزلة ٤] أي: ما عُمل عليها -كما قال السلف- ما عُمل عليها من خير وشر، والذي يُعمل على الأرض إما قول يُسمع وإما فعل يُنظر، إذن فهي ترى، ومع ذلك لا نقول: لها عينان، فإذن لا يلزم من ثبوت نظر الله ثبوت العين، ولكن العين ثابتة بنصوص أخرى، فإن لله تعالى عينين اثنتين لا تماثلان أعين الخلق؛ ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه ٣٩] وقوله: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور ٤٨]، وقوله: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القمر ١٤]، وقول النبي ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ»[[أخرجه البخاري (٤٤٠٢) من حديث ابن عمر.]] فكان إثبات العينين ليس من هذه الآية، ولكن من أدلة أخرى.
* طالب: يا شيخ هنا نفى الله نفى الكلام.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أقول: نفى أن يكلم هؤلاء، في الآية الأخرى: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون ١٠٨] يعني هنا تكلم وهنا نفى الكلام؟ الجمع بينهما؟
* الشيخ: هل جمعنا بينهما يا جماعة؟
* طلبة: نعم، جمعنا.
* الشيخ: جمعنا فيهما، لكن الظاهر أنه أصابك ما أصاب، نعم اسأل الآن، ويش تقول؟
أيش الجمع بينهما ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة ١٧٤]، وفي آية أخرى قال: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا﴾ [المؤمنون ١٠٨] فكلمهم؟
* الطالب: أن التكليم هنا بمعنى تكليم الرضا.
* الشيخ: وهذاك تكليم غضب وتوبيخ، ولهذا قال: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا﴾.
* الطالب: ذكرنا يا شيخ ذكرت عينين حقيقيتين.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أثبت لله عينين، وذكر الله في الآيات اللي ذكرناها ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ فكيف نجمع بينهم؟
* الشيخ: الحديث، إحنا أتينا بالحديث علشان تزول الشبهة التي ذكرت.
* الطالب: الجمع؟
* الشيخ: الجمع من أجل التعظيم كقوله تعالى: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ [يس ٧١] مع أن الله ليس له إلا يدان اثنتان.
* طالب: يا شيخ، (...) يقصد بها الملائكة؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: (أَعْيُننا) يقصد بها عين الملائكة؟
* الشيخ: والله ما أدري، أنت إذا قلت لشخص: نظرتك بعيني، هل معناه أنك نظرت بعين ناظر؟
* الطالب: لا ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ الجمع.
* الشيخ: أو بأعيننا: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ عين الله عز وجل.
* طالب: هل يدخل في هذا الوعيد يا شيخ من يحلف من باع على سلعة من السلع يا شيخ، في السعر (...)؟
* الشيخ: إي نعم، ماذا تقولون؟ لو حلف على أنه اشترى هذه السلعة بمئة، وهو كاذب هل يدخل في هذا؟ نعم، يدخل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي ذر الذي أخرجه مسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» -فأعادها ثلاثًا- قال: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا؟ قال: «الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ»[[أخرجه مسلم (١٠٦ / ١٧١) من حديث أبي ذر.]] هذا -والعياذ بالله- داخل فيه.
* طالب: هل يجوز ائتمان الكفار على الأمانات؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: هل يجوز ائتمان الكفار على الأمانات؟
* الشيخ: والله منهم الأمين ومنهم الخائن، لكن أعمال الدولة لا ينبغي أن يؤتمنوا فيها، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران ١١٨] ولهذا «لما كتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن عندنا رجلًا نصرانيًّا جيدًا في الكتاب والحساب، أريد أن أجعله على بيت المال، قال: لا تجعله، كيف تأتمن من خونّه الله، فكتب إليه مرة ثانية وقال: يا أمير المؤمنين، إن الرجل جيد نحن في حاجة إليه، فرد عليه عمر: من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: السلام عليكم، مات النصراني، والسلام[[أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٢٠٤٠٩) من حديث عمر بن الخطاب بنحوه.]] ».مات النصراني، إذا مات تحييه علشان يكتب لك؟ ما تحييه، قدّر إنه مات وانتهى. ولهذا ذكر شيخ الإسلام في عدة مواضع من كتبه أنه لا يجوز أن يُؤتمن غير المسلمين على أسرار المسلمين، وأن ذلك من الخيانة، وأن ذلك خطر على الدولة الإسلامية، وذكر أظن في المجلد العشرين أشياء عجيبة رحمه الله في خطر هؤلاء على الأمة الإسلامية، إذا وُلُّوا أشياء من أسرار الدولة، وهو صادق لا شك في هذا، لا شك أنهم أعداء مهما كان.
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، في التدريب على بعض الأسلحة يا شيخ؛ يعني لا يعلمها إلا بعض الكفار؟
* الشيخ: إي نعم، هذه ما تدخل في الموضوع، لأن هذه أمور حسية معلومة، هذه ما تدخل، ولهذا استأجر النبي ﷺ رجلًا مشركًا يدلّه على الطريق في الهجرة.
* * *
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران ٧٧].
* ذكرنا من الفوائد في هذه الآية الكريمة، ومنها: أن هؤلاء الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، والمراد بهم النظر الخاص، أما النظر العام فإن الله تعالى لا يحجب عن بصره شيء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات يوم القيامة، وأنه حق لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
* ومن فوائدها: إثبات ما تضمّنه هذا الوصف؛ وهو أنه يقام فيه العدل، ويقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين، ويُقام فيه الأشهاد.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن هؤلاء المشترين بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا لا يزكيهم الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا جاءت الكلمة ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ بعد قوله: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، فهؤلاء لا يزكيهم الله في الدنيا، بل يُظِهرُ عُوارهم ويفضحهم في الدنيا حتى يعرفهم العباد، ويعرفوا سقوط عدالتهم وزوال زكائهم، كذلك لا يزكيهم الله يوم القيامة، لا يزكيهم الله يوم القيامة فلا يقبل منهم صرفًا ولا عدلًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العذاب لقوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. والعذاب قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة، والكائن في الدنيا قد يكون بفعل الله، وقد يكون بفعل عباد الله الذين هم حزبه.
فمن أمثلة ما يكون على يد عباد الله قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [التوبة ١٤] وما حصل على الكفار في غزوة بدر وغيرها.
ومما يكون من فعل الله ما حصل يوم الأحزاب؛ فإن الأحزاب تفرّقوا عن المدينة لا بفعل الرسول ﷺ وأصحابه ولكن بما أرسل الله عليهم من الريح والجنود.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن اشتراء الثمن القليل بعهد الله واليمين من كبائر الذنوب، فإن هذه اليمين هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَا خَلَـٰقَ لَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَلَا یُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا یَنظُرُ إِلَیۡهِمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَلَا یُزَكِّیهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق