الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الذين يستبدلون - بتركهم عهد الله الذي عهد إليهم، ووصيته التي أوصاهم بها في الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه، باتباع محمد وتصديقه والإقرار به وما جاء به من عند الله - وبأيمانهم الكاذبة التي يستحلون بها ما حرّم الله عليهم من أموال الناس التي ائتمنوا عليها [[سياق الجملة: "إن الذين يستبدلون بتركهم عهد الله ... وبأيمانهم الكاذبة ... ثمنًا ...]] ="ثمنًا"، يعني عوضًا وبدلا خسيسًا من عرض الدنيا وحُطامها [[انظر تفسير"اشترى" فيما سلف ١: ٣١١-٣١٥، ٥٦٥ / ٢: ٣١٦، ٣١٧ ثم ٣٤١، ٣٤٢، ثم ٤٥٢ / ٣: ٣٢٨.
وانظر تفسير"ثمنًا قليلا" فيما سلف ٢: ٥٦٥ / ٣: ٣٢٨.]] ="أولئك لا خلاق لهم في الآخرة"، يقول: فإن الذين يفعلون ذلك لا حظ لهم في خيرات الآخرة، ولا نصيب لهم من نعيم الجنة وما أعدّ الله لأهلها فيها دون غيرهم. [[في المخطوطة والمطبوعة: "دون غيرها"، والسياق يقتضي ما أثبت.]]
* * *
وقد بينا اختلاف أهل التأويل فيما مضى في معنى"الخلاق"، ودللنا على أولى أقوالهم في ذلك بالصواب، بما فيه الكفاية. [[انظر ما سلف ٢: ٤٥٢-٤٥٤ / ٤: ٢٠١-٢٠٣.]]
* * *
وأما قوله:"ولا يكلمهم الله"، فإنه يعني: ولا يكلمهم الله بما يسرُّهم ="ولا ينظر إليهم"، يقول: ولا يعطف عليهم بخير، مقتًا من الله لهم، كقول القائل لآخر:"انظُر إليّ نَظر الله إليك"، بمعنى: تعطف عليّ تعطّف الله عليك بخير ورحمة = وكما يقال للرجل:"لا سمع الله لك دعاءَك"، يراد: لا استجاب الله لك، والله لا يخفى عليه خافية، وكما قال الشاعر: [[هو شمير بن الحارث الضبي، ويقال"سمير" بالمهملة، مصغرًا- وهو جاهلي.]]
دَعَوْتُ اللهَ حَتى خِفْتُ أَنْ لا ... يَكْونَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ [[نوادر أبي زيد: ١٢٤، والخزانة ٢: ٣٦٣، واللسان (سمع) ، وبعده: لِيَحْمِلَني عَلَى فَرَسٍ، فَإِنِّي ... ضَعِيفُ المَشْيِ، لِلأَدْنَى حَمُولُ
و"يسمع ما أقول"، يستجيب، كقولنا: "سمع الله لمن حمده".]]
* * *
وقوله"ولا يُزكيهم"، يعني: ولا يطهرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم ="ولهم عذاب أليم"، يعني: ولهم عذابٌ موجع. [[انظر تفسير"التزكية" فيما سلف ١: ٥٧٣، ٥٧٤ / ٣: ٨٨ / ٥: ٢٩ = و"أليم" ١: ٢٨٣ / ٢: ١٤٠، ٣٧٧، ٤٦٩، ٥٤٠ / ٣: ٣٣٠، وغيرها، فاطلبه في فهارس اللغة.]]
* * *
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية، ومن عني بها.
فقال بعضهم نزلت في أحبار من أحبار اليهود.
* ذكر من قال ذلك:
٧٢٧٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: نزلت هذه الآية:"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا"، في أبي رافع، وكنانة بن أبي الحقيق، وكعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب.
* * *
وقال آخرون: بل نزلت في الأشعث بن قيس وخصم له.
* ذكر من قال ذلك:
٧٢٧٩ - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ:"من حَلف على يمين هو فيها فاجرٌ ليقتطع بها مالَ امرئ مسلم، لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان = فقال الأشعث بن قيس: فيّ والله كان ذلك: كان بيني وبين رجل من اليهود أرضٌ فجحدني، فقدّمته إلى النبي ﷺ، فقال لي رسول الله ﷺ: ألك بيِّنة؟ قلت: لا! فقال لليهودي:"احلفْ. قلت: يا رسول الله، إذًا يحلف فيذهبَ مالي! فأنزل الله عز وجل:"إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا" الآية. [[الحديث: ٧٢٧٩- أبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.
وهذا الحديث في الحقيقة حديثان: أوله من حديث عبد الله بن مسعود، وآخره في سبب نزول الآية من حديث الأشعث بن قيس.
والأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي، صحابي معروف.
والحديث رواه أحمد: ٣٥٩٧، ٤٠٤٩، عن أبي معاوية، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
ثم رواه بالإسناد نفسه، في مسند"الأشعث بن قيس"، ج ٥ ص ٢١١ (حلبي) .
وكذلك رواه البخاري ٥: ٥٣، ٢٠٦ (فتح الباري) ، من طريق أبي معاوية.
ورواه مسلم ١: ٤٩-٥٠، من طريق أبي معاوية ووكيع - كلاهما عن الأعمش.
ورواه أحمد مختصرًا، عن ابن مسعود وحده، من أوجه أخر: ٣٥٧٦، ٣٩٤٦، ٤٢١٢.
ورواه أيضًا، مختصرًا ومطولا، في مسند الأشعث بن قيس، من ثلاثة أوجه أخر، ج ٥ ص ٢١١-٢١٢ (حلبي) .
وكذلك رواه البخاري من أوجه، مختصرًا ومطولا، في مواضع غير الموضعين السابقين ٥: ٢٥، ٢٠٧، ٢١١، و ١١: ٤٧٣، ٤٨٥-٤٩٠ (وهنا شرحه الحافظ شرحًا وافيًا) ، و ١٣: ١٥٦، ٣٦٤.
ورواه مسلم من وجهين أيضًا ١: ٥٠.
وذكره ابن كثير ٢: ١٧٢: ١٧٣، من رواية المسند عن أبي معاوية، ثم ذكره من روايته الأخيرة في مسند الأشعث بن قيس.
وذكره السيوطي ٢: ٤٤، وزاد نسبته لعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب.
وسيأتي أيضًا: ٧٢٨٢، من رواية منصور، عن شقيق، وهو أبو وائل، به، نحوه.]]
٧٢٨٠ - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جرير بن حازم، عن عدي بن عدي، عن رجاء بن حيوة والعُرس أنهما حدثاه، عن أبيه عدي بن عميرة قال: كان بين امرئ القيس ورجل من حضرموت خصومةٌ، فارتفعا إلى النبي ﷺ فقال للحضرمي:"بيِّنَتَك، وإلا فيمينه". قال: يا رسول الله، إن حلف ذهب بأرضي! فقال رسول الله ﷺ: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها حقّ أخيه، لقي الله وهو عليه غضبان. فقال امرؤ القيس: يا رسول الله، فما لمن تركها، وهو يعلم أنها حقّ؟ قال: الجنة. قال: فإني أشهدك أني قد تركتها = قال جرير: فكنت مع أيوب السختياني حين سمعنا هذا الحديث من عدي، فقال أيوب: إنّ عديًّا قال في حديث العُرْس بن عميرة: فنزلت هذه الآية:"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا" إلى آخر الآية = قال جرير: ولم أحفظ يومئذ من عدي. [[الحديث: ٧٢٨٠- عدي بن عدي بن عميرة الكندي: تابعي ثقة معروف، قال البخاري في الكبير ٤ / ١ / ٤٤: "سيد أهل الجزيرة". وهو يروي عن أبيه، ولكنه روى عنه هنا بواسطة عمه العرس بن عميرة ورجاء بن حيوة.
رجاء بن حيوة - بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة: تابعي ثقة كثير العلم والحديث. وهو من رهط امرئ القيس بن عابس الكندي صاحب هذه الحادثة. جدهما الأعلى: "امرؤ القيس ابن عمرو بن معاوية الأكرمين الكندي".
العرس - بضم العين المهملة وسكون الراء وآخره سين مهملة: هو ابن عميرة الكندي، وهو صحابي، جزم البخاري بصحبته، وروى له حديثًا في الكبير ٤ / ١ / ٨٧. وهو أخو عدي بن عميرة، وعم عدي ابن عدي.
عدي بن عميرة بن فروة الكندي: صحابي معروف، يكنى"أبا زرارة"، له أحاديث في صحيح مسلم، كما قال الحافظ في الإصابة.
و"عميرة": بفتح العين وكسر الميم، كما نص عليه في المشتبه للذهبي وغيره. وضبط في طبقات ابن سعد ٦: ٣٦ بضمة فوق العين. وهو خطأ صرف، فإن اسم"عميرة" بالضم - من أسماء النساء. وضبط في الطبقات على الصواب في ترجمة أخرى لعدي ٧ / ٢ / ١٧٦.
ووقع في المخطوطة هنا"عدي بن عمير" و"العرس بن عمير" - بدون هاء في آخره فيهما. وهو خطأ.
والحديث رواه أحمد في المسند ٤: ١٩١-١٩٢ (حلبي) ، عن يحيى بن سعيد، عن جرير ابن حازم، بهذا الإسناد، نحوه.
ثم رواه، ص: ١٩٢، عن يزيد، وهو ابن هارون، "حدثنا جرير بن حازم"، بهذا الإسناد. ولم يذكر لفظ الحديث كله. ووقع في نسخة المسند المطبوعة في هذا الموضع سقط قول أحمد: "حدثنا يزيد"، وهو خطأ واضح. وثبت على الصواب في مخطوطة المسند المرموز لها بحرف"م".
وذكره ابن كثير ٢: ١٧٢، من رواية المسند الأولى، ثم قال: "ورواه النسائي، من حديث عدي بن عدي، به"، وهو يريد بذلك السنن الكبرى، فإنه ليس في السنن الصغرى.
ولذلك ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٤: ١٧٨، وقال: "رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجالهما ثقات".
وهو في الدر المنثور ٢: ٤٤، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في الشعب، وابن عساكر.]]
٧٢٨١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال آخرون: إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجلٌ إلى رسول الله ﷺ في أرض كانت في يده لذلك الرجل، أخذها لتعزُّزه في الجاهلية، فقال النبي ﷺ:"أقم بينتك. قال الرجل: ليس يشهد لي أحدٌ على الأشعث! قال: فلك يمينه. فقام الأشعث ليحلف، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فنكلَ الأشعَث وقال: إني أشهد الله وأشهدكم أنّ خصمي صادق. فرد إليه أرضَه، وزاده من أرض نفسه زيادةً كثيرةً، مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه، فهي لعقب ذلك الرجل بعده. [[الحديث: ٧٢٨١- هذا حديث مرسل، لم يذكر ابن جريج من حدثه به. فهو ضعيف الإسناد.
وقول ابن جريج"قال آخرون" - هو ثابت في المخطوطة والمطبوعة. ولم يذكره السيوطي، فلعله اختصره.
ومعناه أن ابن جريج كان يتحدث في شأن نزول الآية، والظاهر أنه تحدث بخبر قبل هذا، ثم قال: "وقال آخرون" - فذكر هذا الحديث. ولعله ذكر الآية الماضية: ٧٢٧٩-، أو الآتية: ٧٢٨٢، أو نحو ذلك، ثم أتى بروايته هذه المرسلة.
وهي ضعيفة الإسناد كما قلنا لإرسالها. ثم هي ضعيفة لما فيها من منافاة لتينك الروايتين الصحيحتين:
أن الخصومة كانت بين الأشعث ورجل يهودي، وأن اليهودي كان المدعى عليه الذي عليه اليمين، وأن الأشعث قال: "إذن يحلف". فهي ضعيفة الإسناد، ضعيفة السياق.
وهذه الرواية ذكرها السيوطي ٢: ٤٤، ولم ينسبها لغير الطبري.
وقوله: "فقام الأشعث ليحلف" - هذا هو الثابت في المطبوعة، وهو الصواب إن شاء الله. وفي المخطوطة: "فحلف"، وهو خطأ، يدل على غلطه قوله بعد"فنكل". والنكول إنما يكون عند عرض اليمين أو الهم بالحلف. أما بعد الحلف فلا يكون نكول، بل رجوع إلى الحق، أو إقرار به، ولا يسمى نكولا. وفي الدر المنثور: "فقال الأشعث: نحلف" - والظاهر أنه تصحيف.]]
٧٢٨٢ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن شقيق، عن عبد الله قال: من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان، ثم أنزل الله تصديق ذلك:"إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا" الآية. ثم إن الأشعث بن قيس خَرَج إلينا فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فحدثناه بما قال، فقال: صَدَق، لفيَّ أنزلت! كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ:"شاهداك أو يمينه. فقلت: إذًا يحلف ولا يُبالي! فقال النبي ﷺ:"من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان"، ثم أنزل الله عز وجل تصديقَ ذلك:"إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا"، الآية. [[الحديث: ٧٢٨٢- جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. ومنصور: هو ابن المعتمر. وشقيق: هو أبو وائل.
وهذا الحديث هو الحديث السابق: ٧٢٧٩، بنحوه. ذاك من رواية الأعمش عن أبي وائل، وهذا من رواية منصور عن أبي وائل. وقد بينا تخريجه هناك.
ونذكر هنا أن من روايات البخاري إياه، روايته في ٥: ٢٠٧ (فتح) ، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بهذا الإسناد.
وكذلك رواه مسلم ١: ٥٠، عن إسحاق بن إبراهيم -وهو ابن راهويه- عن جرير، به، ولم يذكر لفظه.
ورواه أحمد في المسند ٥: ٢١١ (حلبي) ، عن زياد البكائي عن منصور.
ورواه البخاري ١١: ٤٧٣، من طريق شعبة، عن سليمان - وهو الأعمش - ومنصور، كلاهما عن أبي وائل.
ورواه أيضًا ١٣: ١٥٦، من طريق سفيان، وهو الثوري عن منصور.]]
* * *
وقال آخرون بما:-
٧٢٨٣ - حدثنا به محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال، أخبرني داود بن أبي هند، عن عامر: أنّ رجلا أقام سِلعته أوّل النهار، فلما كان آخرُه جاء رجل يساومه، فحلفَ لقد منعها أوّل النهار من كذا وكذا، ولولا المساء ما باعها به، فأنزل الله عز وجل:"إن الذي يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا".
٧٢٨٤ - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن رجل، عن مجاهد نحوه.
٧٢٨٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا﴾ الآية، إلى:"ولهم عذاب أليم"، أنزلهم الله بمنزلة السَّحَرة.
٧٢٨٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن عمران بن حصين كان يقول: من حَلفَ على يمين فاجرة يقتطع بها مالَ أخيه، فليتبوَّأ مقعده من النار. فقال له قائل: شيءٌ سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال لهم: إنكم لتجدون ذلك. ثم قرأ هذه الآية:"إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا" الآية. [[الحديث: ٧٢٨٦- هذا إسناد مرسل، قتادة -وهو ابن دعامة-: لم يدرك عمران ابن حصين، مات عمران سنة ٥٢، وولد قتادة سنة ٦١.
وسيأتي الحديث عقب هذا بإسناد آخر متصل.]]
٧٢٨٧ - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام قال، قال محمد، عن عمران بن حصين: من حلف على يمين مَصْبورَة فليتبوّأ بوجهه مقعده من النار. ثم قرأ هذه الآية كلها:"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا". [[الحديث: ٧٢٨٧- موسى بن عبد الرحمن المسروقي، وحسين بن علي الجعفي: ترجمنا لهما فيما مضى: ١٧٤.
زائدة: هو ابن قدامة الثقفي، مضى في: ٤٨٩٧.
هشام: هو ابن حسان.
محمد: هو ابن سيرين. ووقع هنا في المخطوطة والمطبوعة: "قال محمد بن عمران بن حصين"! وهو خطأ صرف، حرفت كلمة"عن" إلى"بن". والصواب ما أثبتنا: "محمد، عن عمران بن حصين". وهكذا مخرج الحديث، كما سيأتي.
وهذا الحديث ظاهره هنا أنه موقوف. ولكنه في الحقيقة مرفوع، حتى لو كان موقوفًا لفظًا، فإنه - على اليقين- مرفوع حكمًا، لأن الوعيد الذي فيه ليس مما يعرف بالرأي ولا القياس، ولا مما يدرك بالاستنباط من القرآن. ثم قد ثبت رفعه صريحًا، من هذا الوجه:
فرواه أحمد في المسند ٤: ٤٣٦، ٤٤١، عن يزيد، وهو ابن هارون: "أخبرنا هشام، عن محمد، عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ، قال: "من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدًا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار". ولم يذكر فيه الاستشهاد بالآية.
وكذلك رواه أبو داود: ٣٢٤٢، عن محمد بن الصباح البزاز، عن يزيد بن هارون به، نحوه.
وكذلك رواه الحاكم في المستدرك ٤: ٢٩٤، من طريق يزيد بن هارون، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب ٣: ٤٧، من رواية أبي داود والحاكم.
وذكره السيوطي ٢: ٤٦، بنحو رواية الطبري هنا: موقوفًا لفظًا مع الاستشهاد بالآية - ونسبه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن جرير، والحاكم، مع اختلاف السياق بين الروايتين، كما هو ظاهر. وذلك منه دلالة على أنه لا فرق بين رفعه ووقفه لفظًا، إذ كان مرفوعًا حكمًا ولا بد.
"اليمين المصبورة" و"يمين الصبر" - قال القاضي عياض في المشارق ٢: ٣٨"من الحبس والقهر"، بمعنى"إلزامها والإجبار عليها".
وقال الخطابي في معالم السنن، رقم: ٣١١٥ من تهذيب السنن: "اليمين المصبورة، هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم، فيصبر من أجلها، أي يحبس. وهي يمين الصبر، وأصل الصبر: الحبس. ومن هذا قولهم: قتل فلان صبرًا، أي حبسًا على القتل وقهرًا عليه".]]
٧٢٨٨ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن اليمين الفاجرة من الكبائر. ثم تلا"إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا".
٧٢٨٩ - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن عبد الله بن مسعود كان يقول: كنا نَرى ونحن مع رسول الله ﷺ أنّ من الذنب الذي لا يُغفر: يمين الصَّبر، إذا فجر فيها صاحبها. [[الحديث: ٧٢٨٩- هذا إسناد مرسل. فإن قتادة لم يدرك ابن مسعود. ولد بعد موته بنحو ٢٩ سنة.
والحديث لم أجده إلا عند السيوطي ٢: ٤٦ ونسبه لابن جرير فقط.]]
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَیۡمَـٰنِهِمۡ ثَمَنࣰا قَلِیلًا أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَا خَلَـٰقَ لَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَلَا یُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا یَنظُرُ إِلَیۡهِمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَلَا یُزَكِّیهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق