الباحث القرآني
ثم قال تعالى: (﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النور ٦٠] قعدن عن الحيض والولد لكبرهن ﴿اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ لذلك، ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ من الجلباب والرداء والقناع والخمار، ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ﴾ مظهرات بزينة خفية كقلادة وسوار وخلخال، ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾ ) إلى آخره.
﴿الْقَوَاعِدُ﴾ جمع قاعدة، وقوله: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ بيان للقواعد؛ لأن (الـ) في ﴿الْقَوَاعِدُ﴾ اسم موصول؛ لأنه إذا دخلت (الـ) على اسم مشتق سواء كان اسم مفعول أو اسم فاعل فهي اسم موصول، فـ﴿الْقَوَاعِدُ﴾ بمعنى اللاتي قعدن.
وقوله: ﴿مِنَ النِّسَاءِ﴾ بيان لـ (قواعد)، لكن قعدن عن أي شيء؟
يقول المؤلف: (عن الحيض والولد) (...) معنى ﴿الْقَوَاعِدُ﴾ معناه اللاتي لا يلدن ولا يحضن لكبرهن.
وقيل: ﴿الْقَوَاعِدُ﴾ الملازمات للبيوت لكبرهن؛ لأنهن لا يخرجن من العجز والضعف فهن قواعد.
وقيل إن: ﴿الْقَوَاعِدُ﴾ اسم للعجائز مطلقًا مثلما نقول: عجوز؛ مشتقة من العجز، نقول أيضًا: قاعدة بمعنى: عاجزة عن القيام والذهاب والإياب.
وقوله: ﴿اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ ﴿اللَّاتِي﴾ صفة لأيش؟ للقواعد ولا للنساء؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، صفة (للقواعد)؛ لأنك لو قلت: ﴿مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ صار فيه قواعد من النساء اللاتي يرجون نكاحًا، وليس الأمر كذلك، فقوله: ﴿اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ صفة (للقواعد).
وقوله ﴿لَا يَرْجُونَ﴾ كيف (لا يرجون) وهم مؤنث، و(يرجون) فعل مذكر؟
* طالب: النون نون النسوة.
* الشيخ: والواو.
* الطالب: الواو (...).
* الشيخ: إي نعم، الواو واو الفعل، والنون نون النسوة.
ومعنى ﴿لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ أي: لا يطمعن فيه وذلك لكبرهن؛ لأنهم ما يرجون إن أحد يتجوزهن بحيث إن العجائز ما يبغيهن أحد.
﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُن﴾ لا شك أن المراد بقوله: ﴿يَضَعْنَ ثِيَابَهُن﴾ ليس جميع الثياب، بمعنى: يبقين عراة، هذا لا يمكن القول به.
إذن فما المراد بالثياب؟ الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلبسها مثل الجلباب.
قول المؤلف: والرداء والقناع والخمار الأشياء الظاهرة، فيجوز للمرأة العجوز أنها تلبس مِقْطَع، تُبْدِي يديها ورأسها ووجهها ورجليها وساقيها، لكن بشرط ألا تتبرج بزينة ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾، فكأنها تبغي علشان تبدي الزينة؛ لأن بعض العجز لو ما هن براغبات النكاح يحب إنهن يُرَيْن بمنزلة الشوابِّ؛ تجدها مثلًا تلبس سوار وتلبس خلخال، وتقعد تبجح عند الناس، لكن هذا شرط ألا تكون بهذه الحال، إن كانت بهذه الحال فلا يجوز، لكن إذا كانت المسألة طبيعية فيجوز لها أن تضع ثيابها.
* طالب: لو كانت عند أجنبي؟
* الشيخ: إي نعم، ولو كانت عند أجنبي؛ لأنها ما ترجو نكاح (...) باغية، وسيأتي إن شاء الله في ذكر الفوائد أشياء أكثر من هذا.
* طالب: ﴿بِزِينَة﴾ (...) ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَة﴾ (...).
* الشيخ: إي، معناه ما في تبرج إلا بالزينة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما في تبرج إلا بالزينة؛ أقول هذا بيان للواقع.
* الطالب: بيان للواقع.
* الشيخ: بيان للواقع، أيوه.
* طالب: هل دائمًا يا شيخ نعلق الطلب (...)؟
* الشيخ: ويش لون؟
* الطالب: ﴿الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ هل (...)؟
* الشيخ: إذا كانت عجوزًا ما يخالف، يعني: لو أن إنسانًا جاب له امرأة عجوز خادم في البيت، يجوز تكشف ما في مانع.
* طالب: (...) محرم؟
* الشيخ: لا، المحرم لا، الأحاديث عامة ما يجوز تسافر إلا بمحرم.
* الطالب: (...) موجودة بالبيت.
* الشيخ: لا ما هي بشرط؛ لأن البيت إذا صار ما فيه خلوة ما يخالف.
* الطالب: (...) خمسة عشر من البلوغ، ولا خمسة عشر من أول..
* الشيخ: لا، بلوغه تمامه الخامسة عشر.
* طالب: يعني: دخوله في السادس عشر؟
* الشيخ: نعم.
* * *
* الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
كتاب اسم الكريم، المؤرخ اثنين وعشرين من رمضان هذا العام، (...) والحمد لله على ذلك تهنئتكم بعيد الفطر لكم منا مثلها ونسأل الله أن يتقبل من الجميع.
تذكرون أنكم تصفحتم رسالة في الوضوء والغسل والصلاة، وأنه لفت نظركم كيفية وضع اليد اليمنى بين السجدتين.
فيا محب إن الذي في الرسالة هو مقتضى ما جاءت به السنة عن النبي ﷺ كما رواه مسلم..
* الشيخ: استمعوا يا إخواني ترى هذه فائدة فقهية ما هي مسألة..
* الطالب: كما رواه مسلم[[(٥٧٩ / ١١٣).]] من حديث عبد الله بن الزبير.
قال: «كان رسول الله ﷺ إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بأصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته»، وفي رواية: «إذا قعد في الصلاة »[[أخرجه مسلم (٥٧٩ / ١١٢).]].
ورُوِيَ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان -يعني: النبي ﷺ- إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى علي فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى »[[أخرجه مسلم (٥٨٠ / ١١٦).]]، ولم يرد التفريق بين الجلوس للتشهد والجلوس بين السجدتين فيما أعلم، ويدل على أنه لا فرق بين الجلستين ما رواه الإمام أحمد في المسند صفحة ثلاث مئة وسبعة عشر الجزء الرابع من حديث وائل بن حجر قال: «رأيت النبي ﷺ كبَّر فرفع يديه حين كبر »[[(١٨٨٥٨).]]، فذكر الحديث وفيه:« وَسَجَدَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَشَارَ بِسَبَّابَتِهِ، وَوَضَعَ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى، وَقَبَضَ سَائِرَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَتْ يَدَاهُ حَذَوَ أُذُنَيْهِ».
* الشيخ: ويش صار هذا؟
* الطالب: صار بين السجدتين.
* الشيخ: (...)؛ لأنه بين السجدتين (...).
* الطالب: وفي رواية: «عقد ثلاثين، وحلق واحدة، وأشار بإصبعه السبابة»[[(١٨٨٥٠).]] .
* الشيخ: كم عقد؟
* طالب: ثلاثين.
* الطالب: وذكر الحديث في الفتح الرباني ترتيب المسند صفحة مئة وسبعة وأربعين الجزء الثالث وقال في سنده: جيد[[(٣ / ١٤٩).]].
وقد رواه بنحوه أبو داود[[(٧٢٦).]] وقال فيه: «وقبض اثنتين، وحلَّق حَلْقَة»؛ يعني: حَلَّق الإبهام مع الوسطى، وبهذا تبين أن لا فرق بين جِلْسَتي التشهد والجلوس بين السجدتين، فأما تقييد الجلوس في بعض روايات حديث ابن عمر بالجلوس للتشهد[[أخرجه مسلم (٥٨٠ / ١١٥). ]] فلا ينافي الإطلاق؛ لأن ذِكْرَ بعض أفراد المُطلَق بِحُكْمٍ يطابق حكم المطلق لا يستلزم تقييده، وإن كان قد يقتضيه إذا لم يقم دليل على الإطلاق.
وفي رواية: «وضع يديه على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها»[[أخرجه مسلم (٥٨٠ / ١١٤).]]، وظاهره أنه رفعها للدعاء بها، وهو رفعٌ فوق مطلق الإشارة التي جاءت في الرواية الأولى، وفي حديث ابن الزبير[[سبق تخريجه.]]، وعلى هذا فتكون السبابة مرفوعة رفع إشارة، فإذا ذكر الجملة الدعائية رفعها زيادة إشارة إلى عُلُوِّ مَنْ دعاه، وهو الله تعالى ويؤيد ذلك حديث وائل بن حجر:« ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها »[[أخرجه النسائي (٨٨٩)، والدارمي (١٣٩٧). ]]، وفي حديث ابن الزبير عند الدارمي: «رأيت النبي ﷺ يدعو هكذا في الصلاة»، وأشار ابن عيينة بإصبعه. رواه الدارمي[[(١٣٧٧).]].
* الشيخ: خلِّ معك هذا الكتاب، وراجع المسند والفتح.
* طالب: قول (...) حلَّق ثلاثين.
* الشيخ: الظاهر أنها خطأ في المسند (...) أبو داود: «عقد اثنتين».
* طالب: (...) ثلاثين (...).
* الشيخ: أقول: ثلاثين، الظاهر إنها خطأ بالمسند، الظاهر إنها مثل رواية أبو داود: «عقد اثنتين».
* طالب: حكم صاحب الفتح الرباني (...).
* الشيخ: والله الظاهر إنه لا بأس به، وحتى الرجال ما رأيت فيهم شيء.
* طالب: الإشارة يا شيخ في غير التشهد واردة؟
* الشيخ: إي نعم، في الدعاء في خطبة الجمعة« كان الرسول يشير إذا دعا »[[أخرجه مسلم (٨٧٤ / ٥٣) من حديث عمارة بن رويبة. ]]، إلا في الاستسقاء فكان يرفع يديه[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٣١)، مسلم (٨٩٦ / ٧) من حديث أنس. ]]، وكذلك أيضًا ورد أن الرسول أشار عندما قال: اللهم اشهد[[أخرجه أبو داود (١٩٠٥) من حديث جابر بن عبد الله. ]] في خطبة عرفة (...).
* * *
حتى أن الله سبحانه وتعالى أمر الأطفال إذا بلغوا الحلم أن يستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم؛ يعني: في كل وقت، وأما قبل ذلك فلا يستأذنون إلا في ثلاثة أوقات فقط؛ وذلك لأنهم متردِّدون علينا، والاستئذان في كل مرة يَشُقُّ، وهذا الدين ما جعل الله تعالى فيه من حرج على هذه الأمة، ثم سبق أيضًا أن الله نفى الجناح عن القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا أن يضعن ثيابهن يعني: الظاهرة من الثياب بشرط ألا يَكُنَّ متبرجات بزينة، وبَيَّن أن استعفافَهن خير لهن، وهو ما سنبدأ به الآن إن شاء الله.
قال: (﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ ) يعني: العجائز اللاتي (قعدن)؛ يقول المؤلف: (عن الحيض والولد لكبرهن)، بل وعن الأعمال أيضًا، قَعَدْن عن الأعمال والحيض والولد؛ لكبرهن ولزمن بيوتهن وَأَمْكِنَتَهُنَّ، فهي جمع قاعدة.
وقوله: ﴿لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ أي: لا يطمعن فيه؛ وذلك لكبرهن وعدم رغبة الناس بهن يقول: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ﴾ أي: إثم.
(﴿أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ﴾ مظهرات بزينة خفية كقلادة وسوار وخلخال) التبرج بمعنى التعلِّي والظهور، ومنه البروج التي في السماء لعلوها وارتفاعها؛ فمعنى ﴿مُتَبَرِّجَاتٍ﴾ أي: متعليَّات.
وقول المؤلف رحمه الله: (مُظْهِرات) هذا من باب التفسير باللازم، وإلا فالتبرج معناه التعلِّي يلزم منه أن يُظْهِرْن الزينة.
وقوله: ﴿بِزِينَةٍ﴾ أي: بزينة خَفِيَّة يُظْهِرنها إذا وضعن تلك الثياب.
ثم قال: (﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾ بألا يَضَعْنَها ﴿خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ )﴾ لما في ذلك من البُعد عن مواضع الفتنة، وكما قيل: لكل ساقطة لاقطة؛ قد تكون بنفسها لا ترجو النكاح لكِبَرها، ولكن ربما يتعلق بها إنسان وهي بهذه الحال؛ ولهذا قال: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنّ﴾.
(﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ لقولكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بما في قلوبكم) ختم الآية بالسمع والعلم؛ لأن المقام قد يقتضي قولًا كما في قوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ [الأحزاب: ٣٢] وبالعلم؛ لأن قوله ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ﴾ محلُّه القلب، ومتعلقه العلم؛ لأن ما في القلب لا يُسْمَع ولا يُرْىَ، وإنما يعلم علمًا فهو سميع سبحانه وتعالى بما يُقال لهن أو يَقُلْنَه هؤلاء القواعد، وعليم بما في قلوبهن وقلوب من نظر إليهنَّ من الميل والفتنة.
* طالب: محلها القلب ولّا الجوارح؟
* الشيخ: ما هي؟
* الطالب: متبرجات.
* الشيخ: لا، الجوارح، هذا ما يتعلق بالعلم يتعلق بالرؤية.
* طالب: (...) متبرجات.
* الشيخ: إي؛ لأنها قد تظهر الزينة بدون قصد التبرج فلا يكون في ذلك نية.
* في هذه الآية فوائد:
* أولًا: الحكم الظاهر منها؛ وهي أن العجائز اللاتي يئسن من النكاح لكبرهن يجوز لهن وضعُ الثياب الظاهرة مثل: الجلباب والرداء والخمار وما أشبه ذلك؛ يعني: هذه الألبسة الظاهرة يجوز للعجائز أن يضعنها؛ وذلك لأنهن لا يرجون نكاحًا فلا يخفن من الفتنة.
* ثانيًا: أن على غير القواعد أن يَلْبَسْنَ لباسًا ظاهرًا ساترًا، ما تقول المرأة: أنا بدي أطلع بالمقَطَّع وبدون خمار، وما أشبه ذلك لا، يجب على غير القواعد أن يَبْقَيْنَ ثيابُهن الظاهرة عليهن لما في ذلك من التستُّر، ولأن عدمه يدخل في الحديث الصحيح: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ؛ قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسُ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَها، وَإِنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»[[أخرجه مسلم (٢١٢٨ / ١٢٥) من حديث أبي هريرة.]] فإن المرأة إذا كان عليها ثياب لكن تَصِفُ مقاطع جسمها ولا تزول بها الفتنة فهي كاسية عارية.
* وفيه أيضًا: يقاس على القواعد من لا تُشْتَهَى لغاية في قبحها، فإن التي لا تُشْتَهى لغاية في قُبْحِها كالعجائز؛ لأنها لا ترجو النكاح، ولا يطمع أحد فيها؛ ولهذا ألحق العلماء هذا الصنف من النساء بالقواعد.
* رابعًا: أن التبرج بالزينة حرام على العجائز؛ لقوله: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ فهذا الشرط إذا تَخَلَّف صار عليهن جناح في ذلك، وهذا يدل على التحريم فإذا كان التبرج حرامًا على العجائز فنقول:
* الفائدة الخامسة: تحريم التبرج على مَنْ؟ على الشوابِّ ومن هي محل الفتنة، هذا القياس قياس أولوية أو مساواة؟
* طلبة: أولوية.
* الشيخ: أولوية، معلوم؛ لأنه إذا حرم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، فغيرُهن ممن يرجو النكاح وتتعلق به الفتنة أبلغ.
* السادس: أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كيف ذلك؟ لأن الله إنما أباح وضع الثياب لهؤلاء القواعد؛ لأن الفتنة بعيدة فيهن، فيؤخذ منه: أن المدار كله على خوف الفتنة في مثل هذه الأمور فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
* الفائدة السابعة: ما نَبَّه عليه كثير من أهل العلم بأنه حتى على القول بجواز كشف الوجه واليدين إذا كان ذلك ذريعة إلى الفتنة والتوسع كان هذا حرامًا، وعليه فيكون هذا القول لا محل له في عصرنا لماذا؟ لأنه لا يمكن ضبط النساء أبدًا لا يمكن ضبطهن، ولهذا تجد المجتمعات التي أخذت بهذا القول أصبحت لا تستطيع أن تتخلص مما وقعت فيه من التبرج السافر الذي لا يرمي إليه هذا القول بأي صلة فلم تقتصر المسألة على الوجه والكفين، بل تدرجت إلى الرأس والرقبة والنحر والذراع، بل والعضد أحيانًا والساق والقدم، كل هذا بأسباب أن النساء الآن بل والمجتمعات الإسلامية مع الأسف لا يمكن أن تنضبط بالحدود الشرعية؛ لأنها مدبرة عن الدين إلا من شاء الله.
وعلى هذا فنقول هذا القول الذي يطنطن به بعض الناس المحبين للسفور لا محل له في هذا العصر؛ لأن من شرطه ألا تتبرج بزينة، وألا يخاف منه الفتنة، وهذا موجود محقق، فالفتنة موجودة، والتبرج موجود؛ ولهذا القواعد التي رخص الله تعالى لهن في وضع الثياب اشترط هذا الشرط: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾.
ونجد كثيرًا من نساء هؤلاء الناس تتبرج بالزينة ولا شك، تُحَمِّر الخدَّينِ والشفتينِ وتكحِّل العينينِ وتُزَجِّج الحواجبَ، كل هذا مما يدل على أن الموضوع أصبح الآن ليس ذا محل في هذا الوقت.
* طالب: الفائدة السابعة.
* الشيخ: لا، الصحيح أنه ما له حد.
* الطالب: الفائدة السابعة اللي ذكرتها.
* الشيخ: إلا، كيف الفائدة السابعة؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، الحكم يدور مع علته، يتفرع عنها هذه المسألة: أنه متى خيف الفتنة بكشف الوجه واليدين بناء على القول به فإنه لا يجوز ذلك كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما فيه شك إنه لا وجه له لكنا قلنا: على القول به في هذا الوقت، لا يمكن أن يتمشى عليه؛ لأن الفتنة قائمة، وكونه ذريعة إلى التوسع قائم أيضًا.
* وفيه: دليل على أن الأفضل البعد عن الرَّيْبَة ومحل الفتنة وإن بَعُدَت؛ لقوله: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنّ﴾، هو يجوز لهن يضعن الثياب لبعد الفتنة بهن، ولكن مع ذلك كلما بعد الإنسان عن أسباب الفتنة كان خيرًا له، والإنسان قد يشعر بنفسه أنه بعيد عن الفتنة ثم يقع فيها، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام مَنْ سَمِع بالدجال أن ينأى عنه؛ لأنه يأتيه وهو يرى أنه مؤمن فلا يزال يَقْذِفَ به بِالْحُجَجِ والشبهات حتى يَتَّبِعه[[أخرجه أبو داود (٤٣١٩) من حديث عمران بن حصين.]].
* الفائدة التاسعة: إثبات تفاضل الأعمال؛ لأن قوله: ﴿خَيْرٌ لَهُنّ﴾ يعني: مِنْ عدم الاستعفاف، فدل ذلك على أن الأعمال بعضها أفضل من بعض، وينبني على ذلك أو يتفرع على ذلك تفاضل الإيمان؛ لأن الأعمال منه، فإذا ثبت تفاضل الأعمال فيما بينها ثبت تفاضل الإيمان، وأنه يزيد وينقص، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
«وفيه:» إثبات اسمين من أسماء الله: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ وما تضمنتاه من الصفة وهي: السمع والعلم، وقد مر علينا أنه لا يراد من أسماء الله وصفاته مجرد معرفة ذلك الاسم وتلك الصفة، بل المراد والغرض التعبد لله بمقتضى ذلك؛ فإذا علمت أن الله سميع عليم عملت بكل قول يُرْضِيه، وتجنبت كل قول يسخطه، عملت بكل قول يرضيه؛ لأنك تعلم أنه يسمعك ويثيبك عليه، وتجنبت كل قول يسخطه؛ لأنك تعلم أنه يسمعك فيسخط عليك، وكذلك بالنسبة للعلم، وكذلك بالنسبة لسائر الصفات والأسماء، ليس المراد أن تعرف هذا الاسم وهذه الصفة ومدلولهما، بل المراد أن تعمل لله سبحانه وتعالى وأن تتعبد لله بمقتضى ذلك الاسم، وتلك الصفة؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٣٦)، ومسلم (٢٦٧٧ / ٥) من حديث أبي هريرة.]]، والمراد بإحصائها ثلاثة أمور: ضبط لفظها، ومعناها، والتعبُّد لله بمقتضاها، الإنسان يعرف اللفظ والمعنى ويتعبد لله بما تقتضيه هذه الأسماء (...).
{"ayah":"وَٱلۡقَوَ ٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ ٱلَّـٰتِی لَا یَرۡجُونَ نِكَاحࣰا فَلَیۡسَ عَلَیۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن یَضَعۡنَ ثِیَابَهُنَّ غَیۡرَ مُتَبَرِّجَـٰتِۭ بِزِینَةࣲۖ وَأَن یَسۡتَعۡفِفۡنَ خَیۡرࣱ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق