الباحث القرآني

أمّا قَوْلُهُ: ﴿والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحًا﴾ فَفِيهِ مَسائِلُ: المسألة الأُولى: قالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: امْرَأةٌ قاعِدٌ إذا قَعَدَتْ عَنِ الحَيْضِ والجَمْعُ قَواعِدُ، وإذا أرَدْتَ القُعُودَ قُلْتَ قاعِدَةٌ، وقالَ المُفَسِّرُونَ: القَواعِدُ هُنَّ اللَّواتِي قَعَدْنَ عَنِ الحَيْضِ والوَلَدِ مِنَ الكِبَرِ ولا مَطْمَعَ لَهُنَّ في الأزْواجِ، والأوْلى أنْ لا يُعْتَبَرَ قُعُودُهُنَّ عَنِ الحَيْضِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يَنْقَطِعُ والرَّغْبَةُ فِيهِنَّ باقِيَةٌ، فالمُرادُ قُعُودُهُنَّ عَنْ حالِ الزَّوْجِ، وذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا إذا بَلَغْنَ في السِّنِّ بِحَيْثُ لا يَرْغَبُ فِيهِنَّ الرِّجالُ. المسألة الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعالى في النِّساءِ: ﴿لا يَرْجُونَ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿إلّا أنْ يَعْفُونَ﴾ [البَقَرَةِ: ٢٣٧] . * * * المسألة الثّالِثَةُ: لا شُبْهَةَ أنَّهُ تَعالى لَمْ يَأْذَنْ في أنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ أجْمَعَ لِما فِيهِ مِن كَشْفِ كُلِّ عَوْرَةٍ، فَلِذَلِكَ قالَ المُفَسِّرُونَ: المُرادُ بِالثِّيابِ هَهُنا الجِلْبابُ والبُرُدُ والقِناعُ الَّذِي فَوْقَ الخِمارِ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أنَّهُ قَرَأ ”أنْ يَضَعْنَ جَلابِيبَهُنَّ“، وعَنِ السُّدِّيِّ عَنْ شُيُوخِهِ ”أنْ يَضَعْنَ خُمُرَهُنَّ عَلى رُءُوسِهِنَّ“، وعَنْ بَعْضِهِمْ أنَّهُ قَرَأ ”أنْ يَضَعْنَ مِن ثِيابِهِنَّ“، وإنَّما خَصَّهُنَّ اللَّهُ تَعالى بِذَلِكَ لِأنَّ التُّهْمَةَ مُرْتَفِعَةٌ عَنْهُنَّ، وقَدْ بَلَغْنَ هَذا المَبْلَغَ فَلَوْ غَلَبَ عَلى ظَنِّهِنَّ خِلافُ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُنَّ وضْعُ الثِّيابِ. ولِذَلِكَ قالَ: ﴿وأنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾ وإنَّما جَعَلَ ذَلِكَ أفْضَلَ مِن حَيْثُ هو أبْعَدُ مِنَ المَظِنَّةِ، وذَلِكَ يَقْتَضِي أنَّ عِنْدَ المَظِنَّةِ يَلْزَمُهُنَّ أنْ لا يَضَعْنَ ذَلِكَ كَما يَلْزَمُ مِثْلُهُ في الشّابَّةِ. * * * المسألة الرّابِعَةُ: حَقِيقَةُ التَّبَرُّجِ تَكَلُّفُ إظْهارِ ما يَجِبُ إخْفاؤُهُ مِن قَوْلِهِمْ سَفِينَةٌ بارِجٌ لا غِطاءَ عَلَيْها، والتَّبَرُّجُ سِعَةُ العَيْنِ الَّتِي يُرى بَياضُها مُحِيطًا بِسَوادِها كُلِّهِ، لا يَغِيبُ مِنهُ شَيْءٌ، إلّا أنَّهُ اخْتَصَّ بِأنْ تَنْكَشِفَ المَرْأةُ لِلرِّجالِ بِإبْداءِ زِينَتِها وإظْهارِ مَحاسِنِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب