الباحث القرآني
﴿والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ﴾ أيِ العَجائِزِ وهو جَمْعٌ قاعِدٌ كَحائِضٍ وطامِثٍ فَلا يُؤَنَّثُ لِاخْتِصاصِهِ ولِذا جُمِعَ عَلى فَواعِلَ لِأنَّ التّاءَ فِيهِ كالمَذْكُورَةِ أوْ هو شاذٌّ، قالَ ابْنُ السُّكَيْتِ: امْرَأةٌ قاعِدٌ قَعَدَتْ عَنِ الحَيْضِ، وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَتِ العَجائِزُ قَواعِدَ لِأنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ القُعُودَ لِكِبَرِ سِنِّهِنَّ، وقالَ ابْنُ رَبِيعَةَ: لِقُعُودِهِنَّ عَنِ الِاسْتِمْتاعِ حَيْثُ أيِسْنَ ولَمْ يَبْقَ لَهُنَّ طَمَعٌ في الأزْواجِ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحًا﴾ أيْ لا يَطْمَعْنَ فِيهِ لِكِبَرِهِنَّ صِفَةً كاشِفَةً ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ﴾ أيِ الثِّيابِ الظّاهِرَةِ الَّتِي لا يُفْضِي وضْعُها لِكَشْفِ العَوْرَةِ كالجِلْبابِ والرِّداءِ والقِناعِ الَّذِي فَوْقَ الخِمارِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرانَ أنَّهُ قالَ: في مُصْحَفِ أبِيّ بْنِ كَعْبٍ ومُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جَناحٌ أنْ يَضَعْنَ جَلابِيبِهِنَّ» وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنُ مَسْعُودٍ وابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُما كانا يَقْرَآنِ كَذَلِكَ، ولَعَلَّهُ لِذَلِكَ اقْتَصَرَ بَعْضٌ في تَفْسِيرِ الثِّيابِ عَلى الجِلْبابِ، والجُمْلَةُ خَبَرٌ ( القَواعِدُ ) والفاءُ إمّا لِأنَّ اللّامَ في القَواعِدِ مَوْصُولَةٌ بِمَعْنى اللّاتِي وإمّا لِأنَّها مَوْصُوفَةٌ بِالمَوْصُولِ. وقَوْلُهُ (p-217)تَعالى: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ﴾ حالٌ، وأصْلُ التَّبَرُّجِ التَّكَلُّفُ في إظْهارِ ما يَخْفى مِن قَوْلِهِمْ: سَفِينَةٌ بارِجٌ لا غِطاءَ عَلَيْها، والبُرْجَ سِعَةُ العَيْنِ بِحَيْثُ يُرى بَياضُها مُحِيطًا بِسَوادِها كُلِّهِ لا يَغِيبُ مِنهُ شَيْءٌ، وقِيلَ: أصْلُهُ الظُّهُورُ مِنَ البُرْجِ أيِ القَصْرِ ثُمَّ خَصَّ بِأنْ تَتَكَشَّفَ المَرْأةُ لِلرِّجالِ بِإبْداءِ زِينَتِها وإظْهارِ مَحاسِنِها، ولَيْسَتِ الزِّينَةُ مَأْخُوذَةً في مَفْهُومِهِ حَتّى يُقالَ: إنَّ ذِكْرَ الزِّينَةِ مِن بابِ التَّجْرِيدِ، والظّاهِرُ أنَّ الباءَ لِلتَّعْدِيَةِ، وقِيلَ زائِدَةٌ في المَفْعُولِ لِأنَّهم يُفَسِّرُونَ التَّبَرُّجَ بِمُتَعَدٍّ، فَفي القامُوسِ تَبَرَّجَتْ أظْهَرَتْ زِينَتَها لِلرِّجالِ وفِيهِ نَظَرٌ، والمُرادُ بِالزِّينَةِ الزِّينَةُ الخَفِيَّةُ لِسَبْقِ العِلْمِ بِاخْتِصاصِ الحُكْمِ بِها ولِما في لَفْظِ التَّبَرُّجِ مِنَ الإشْعارِ، والتَّنْكِيرِ لِإفادَةِ الشِّياعِ وأنَّ زِينَةً ما وإنْ دَقَّتْ داخِلَةً في الحُكْمِ أيْ غَيْرِ مُظْهِراتٍ زِينَةٍ مِمّا أُمِرَ بِإخْفائِهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النُّورُ: 31] .
﴿وأنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾ بِتَرْكِ الوَضْعِ والتَّسَتُّرِ كالشَّوابِّ ﴿خَيْرٌ لَهُنَّ﴾ مِنَ الوَضْعِ لِبُعْدِهِ مِنَ التُّهْمَةِ فَلِكُلِّ ساقِطَةٍ لاقِطَةٍ، وذَكَرَ ابْنُ المُنِيرِ لِلْآيَةِ مَعْنًى اسْتَحْسَنَهُ الطِّيبِيُّ فَقالَ: يَظْهَرُ لِي واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ﴾ مِن بابِ: «عَلى لا حُبَّ لا يُهْتَدى بِمَنارِهِ» أيْ لا مَنارَ فِيهِ فَيُهْتَدى بِهِ وكَذَلِكَ المُرادُ والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ لا زِينَةَ لَهُنَّ فَيَتَبَرَّجْنَ بِها لِأنَّ الكَلامَ فِيمَن هُنَّ بِهَذِهِ المَثابَةِ، وكَأنَّ الغَرَضَ مِن ذَلِكَ أنَّ هَؤُلاءِ اسْتِعْفافِهِنَّ عَنْ وضْعِ الثِّيابِ خَيْرٌ لَهُنَّ فَما ظَنُّكَ بِذَواتِ الزِّينَةِ مِنَ الشَّوابِّ، وأبْلَغُ ما في ذَلِكَ أنَّهُ جَعَلَ عَدَمَ وضْعِ الثِّيابِ في حَقِّ القَواعِدِ مِنَ الِاسْتِعْفافِ إيذانًا بِأنَّ وضْعَ الثِّيابِ لا مَدْخَلَ لَهُ في العِفَّةِ هَذا في القَواعِدِ فَكَيْفَ بِالكَواعِبِ ﴿واللَّهُ سَمِيعٌ﴾ مُبالَغٌ في سَمْعِ جَمِيعِ ما يَسْمَعُ فَيُسْمِعُ بِما يَجْرِي بَيْنَهُنَّ وبَيْنَ الرِّجالِ مِنَ المُقاوَلَةِ ﴿عَلِيمٌ﴾ فَيَعْلَمُ سُبْحانَهُ مَقاصِدَهُنَّ. وفِيهِ مِنَ التَّرْهِيبِ ما لا يَخْفى.
{"ayah":"وَٱلۡقَوَ ٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ ٱلَّـٰتِی لَا یَرۡجُونَ نِكَاحࣰا فَلَیۡسَ عَلَیۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن یَضَعۡنَ ثِیَابَهُنَّ غَیۡرَ مُتَبَرِّجَـٰتِۭ بِزِینَةࣲۖ وَأَن یَسۡتَعۡفِفۡنَ خَیۡرࣱ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق