الباحث القرآني
(p-٣٠٨)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةُ "اَلْأنْعامِ"
قِيلَ: هي كُلُّها مَكِّيَّةٌ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما -: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ؛ لَيْلًا؛ جُمْلَةً؛ إلّا سِتَّ آياتٍ؛ وهِيَ: ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١] ؛ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١] ؛ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللهِ كَذِبًا أو قالَ أُوحِيَ إلَيَّ﴾ [الأنعام: ٩٣] ؛ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إذِ الظالِمُونَ في غَمَراتِ المَوْتِ والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٩٣] ؛ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١١٤] ؛ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ [الأنعام: ٢٠].
وقالَ الكَلْبِيُّ: "اَلْأنْعامُ"؛ كُلُّها مَكِّيَّةٌ؛ إلّا آيَتَيْنِ؛ نَزَلَتا بِالمَدِينَةِ في فِنْحاصٍ اليَهُودِيِّ؛ وهِيَ: ﴿قُلْ مَن أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى﴾ [الأنعام: ٩١] ؛ مَعَ ما يَرْتَبِطُ بِهَذِهِ الآيَةِ؛ وذَلِكَ أنَّ فِنْحاصًا قالَ: "ما أنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ".
وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ وحَوْلَها سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ؛ لَهم زَجَلٌ؛ يَجْأرُونَ بِالتَسْبِيحِ.
وقالَ كَعْبٌ: فاتِحَةُ التَوْراةِ فاتِحَةُ الأنْعامِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ ؛ إلى: ﴿يَعْدِلُونَ﴾ ؛ وخاتِمَةُ التَوْراةِ خاتِمَةُ هُودٍ: ﴿وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: ١٢٣] ؛ وقِيلَ: خاتِمَتُها: ﴿وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا ولَمْ يَكُنْ لَهُ﴾ [الإسراء: ١١١] ؛ إلى: ﴿تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١].
(p-٣٠٩)وَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -: "اَلْأنْعامُ"؛ مِن نَجائِبِ القُرْآنِ.
وقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -: مَن قَرَأ سُورَةَ "اَلْأنْعامِ"؛ فَقَدِ انْتَهى في رِضا رَبِّهِ.
قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -:
﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَماواتِ والأرْضَ وجَعَلَ الظُلُماتِ والنُورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن طِينٍ ثُمَّ قَضى أجَلا وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾
هَذا تَصْرِيحٌ بِأنَّ اللهَ تَعالى هو الَّذِي يَسْتَحِقُّ الحَمْدَ بِأجْمَعِهِ؛ لِأنَّ الألِفَ واللامَ في "اَلْحَمْدُ"؛ لِاسْتِغْراقِ الجِنْسِ؛ فَهو تَعالى لَهُ الأوصافُ السَنِيَّةُ؛ والعِلْمُ؛ والقُدْرَةُ؛ والإحاطَةُ؛ والإنْعامُ؛ فَهو أهْلٌ لِلْمَحامِدِ عَلى ضُرُوبِها؛ ولَهُ الحَمْدُ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ الشُكْرَ المُخْتَصَّ بِأنَّهُ عَلى النِعَمِ.
ولَمّا ورَدَ هَذا الإخْبارُ تَبِعَهُ ذِكْرُ بَعْضِ أوصافِهِ المُوجِبَةِ لِلْحَمْدِ؛ وهي الخَلْقُ لِلسَّمَواتِ والأرْضِ؛ قِوامِ الناسِ وأرْزاقِهِمْ؛ و"اَلْأرْضَ"؛ هَهُنا لِلْجِنْسِ؛ فَإفْرادُها في اللَفْظِ بِمَنزِلَةِ جَمْعِها.
والبادِي مِن هَذا التَرْتِيبِ أنَّ السَماءَ خُلِقَتْ مِن قَبْلِ الأرْضِ؛ وقَدْ حَكاهُ الطَبَرِيُّ عن قَتادَةَ ؛ ولَيْسَ كَذَلِكَ لِأنَّ الواوَ لا تُرَتِّبُ المَعانِيَ؛ والَّذِي يَنْبَنِي مِن مَجْمُوعِ آيِ القُرْآنِ أنَّ اللهَ تَعالى خَلَقَ الأرْضَ ولَمْ يَدْحُها؛ ثُمَّ اسْتَوى إلى السَماءِ فَخَلَقَها؛ ثُمَّ دَحا الأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ.
و"جَعَلَ"؛ هَهُنا بِمَعْنى "خَلَقَ"؛ لا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ وتَأمَّلْ: لِمَ خُصَّتِ السَماواتُ والأرْضُ بِـ "خَلَقَ"؛ والظُلُماتُ والنُورُ بِـ "جَعَلَ"؟ وقالَ الطَبَرِيُّ: "وَجَعَلَ"؛ هَذِهِ (p-٣١٠)هِيَ الَّتِي تَتَصَرَّفُ في طُرُقِ الكَلامِ؛ كَما تَقُولُ: "جَعَلْتُ أفْعَلُ كَذا"؛ فَكَأنَّهُ قالَ: "وَجَعَلَ إظْلامَها وإنارَتَها".
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا غَيْرُ جَيِّدٍ؛ لِأنَّ "جَعَلَ"؛ إذا كانَتْ عَلى هَذا النَحْوِ؛ فَلا بُدَّ أنْ يَرْتَبِطَ مَعَها فِعْلٌ آخَرُ؛ كَما يُرْتَبَطُ في أفْعالِ المُقارَبَةِ؛ كَقَوْلِكَ: "كادَ زَيْدٌ يَمُوتُ"؛ "جَعَلَ زَيْدٌ يَجِيءُ ويَذْهَبُ"؛ وأمّا إذا لَمْ يَرْتَبِطْ مَعَها فِعْلٌ فَلا يَصِحُّ أنْ تَكُونَ تِلْكَ الَّتِي ذَكَرَ الطَبَرِيُّ.
وقالَ السُدِّيُّ ؛ وقَتادَةُ ؛ والجُمْهُورُ مِنَ المُفَسِّرِينَ: اَلظُّلُماتُ: اَللَّيْلُ؛ والنُورُ: اَلنَّهارُ؛ وقالَتْ فِرْقَةٌ: اَلظُّلُماتُ: اَلْكُفْرُ؛ والنُورُ: اَلْإيمانُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا غَيْرُ جَيِّدٍ؛ لِأنَّهُ إخْراجُ لَفْظٍ بَيِّنٍ في اللُغَةِ عن ظاهِرِهِ الحَقِيقِيِّ؛ إلى باطِنٍ؛ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ وهَذا هو طَرِيقُ اللُغْزِ الَّذِي بَرِئَ القُرْآنُ مِنهُ؛ والنُورُ أيْضًا هُنا لِلْجِنْسِ؛ فَإفْرادُهُ بِمَثابَةِ جَمْعِهِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: "ثُمَّ"؛ دالَّةٌ عَلى قُبْحِ فِعْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ لِأنَّ المَعْنى أنَّ خَلْقَهُ (p-٣١١)السَماواتِ والأرْضَ؛ وغَيْرَهُما؛ قَدْ تَقَرَّرَ؛ وآياتِهِ قَدْ سَطَعَتْ؛ وإنْعامَهُ بِذَلِكَ قَدْ تَبَيَّنَ؛ ثُمَّ بَعْدَ هَذا كُلِّهِ عَدَلُوا بِرَبِّهِمْ؛ فَهَذا كَما تَقُولُ: "يا فُلانُ؛ أعْطَيْتُكَ؛ وأكْرَمْتُكَ؛ وأحْسَنْتُ إلَيْكَ؛ ثُمَّ تَشْتُمُنِي؟"؛ أيْ: بَعْدَ مُهْلَةٍ مِن وُقُوعِ هَذا كُلِّهِ؛ ولَوْ وقَعَ العَطْفُ في هَذا ونَحْوِهِ بِالواوِ لَمْ يَلْزَمِ التَوْبِيخُ كَلُزُومِهِ بِـ "ثُمَّ".
والَّذِينَ كَفَرُوا ؛ في هَذا المَوْضِعِ هم كُلُّ مَن عَبَدَ شَيْئًا سِوى اللهِ ؛ قالَ قَتادَةُ: هم أهْلُ الشِرْكِ خاصَّةً؛ ومَن خَصَّصَ مِنَ المُفَسِّرِينَ في ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ؛ فَلَمْ يُصِبْ؛ إلّا أنَّ السابِقَ مِن حالِ النَبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أنَّ الإشارَةَ إلى عَبَدَةِ الأوثانِ؛ لِمُجاوَرَتِهِمْ لَهُ؛ ولَفْظُ الآيَةِ أيْضًا يُشِيرُ إلى المانَوِيَّةِ؛ ويُقالُ: اَلْمانَنِيَّةِ؛ العابِدِينَ لِلنُّورِ؛ القائِلِينَ: إنَّ الخَيْرَ مِن فِعْلِ النُورِ؛ والشَرَّ مِن فِعْلِ الظَلامِ؛ وقَوْلُابْنِ أبْزى: "إنَّ المُرادَ أهْلُ الكِتابِ"؛ بَعِيدٌ.
و"يَعْدِلُونَ"؛ مَعْناهُ: يُسَوُّونَ؛ ويُمَثِّلُونَ؛ وعِدْلُ الشَيْءِ: قَرِينُهُ ومَثِيلُهُ؛ والمانَوِيَّةُ مَجُوسٌ؛ ووَرَدَ في مُصَنَّفِ أبِي داوُدَ حَدِيثٌ؛ وهُوَ: « "اَلْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ"؛» ومَعْناهُ الإغْلاظُ عَلَيْهِمْ؛ والذَمُّ لَهم في تَشْبِيهِهِمْ بِالمَجُوسِ؛ ومَوْضِعُ الشَبَهِ هو أنَّ المَجُوسَ تَقُولُ: اَلْأفْعالُ خَيْرُها خَلْقُ النُورِ؛ وشَرُّها خَلْقُ الظُلْمَةِ؛ فَجَعَلُوا خالِقًا غَيْرَ اللهِ ؛ والقَدَرِيَّةُ تَقُولُ: اَلْإنْسانُ يَخْلُقُ أفْعالَهُ؛ فَجَعَلُوا خالِقًا غَيْرَ اللهِ تَعالى؛ عن قَوْلِهِمْ؛ وذَهَبَ أبُو المَعالِي إلى أنَّ التَشْبِيهَ بِالمَجُوسِ إنَّما هو قَوْلُ القَدَرِيَّةِ: إنَّ الخَيْرَ مِنَ اللهِ ؛ وإنَّ الشَرَّ مِنهُ؛ ولا يُرِيدُهُ؛ وإنَّما قُلْنا في الحَدِيثِ: إنَّهُ تَغْلِيظٌ؛ لِأنَّهُ قَدْ صَرَّحَ أنَّهم مِنَ الأُمَّةِ؛ ولَوْ جَعَلَهم مَجُوسًا حَقِيقَةً لَمْ يُضِفْهم إلى الأُمَّةِ؛ وهَذا كُلُّهُ إنْ لَوْ صَحَّ الحَدِيثُ؛ واللهُ المُوَفِّقُ.
(p-٣١٢)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن طِينٍ﴾ ؛ اَلْآيَةَ؛ قالَ مُجاهِدٌ ؛ وقَتادَةُ ؛ والضَحّاكُ ؛ وغَيْرُهُمْ: اَلْمَعْنى: خَلَقَ آدَمَ مِن طِينٍ؛ والبَشَرُ مِن آدَمَ؛ فَلِذَلِكَ قالَ: ﴿خَلَقَكم مِن طِينٍ﴾ ؛ وحَكى المَهْدَوِيُّ عن فِرْقَةٍ أنَّها قالَتْ: بَلِ المَعْنى أنَّ النُطْفَةَ الَّتِي يُخْلَقُ مِنها الإنْسانُ أصْلُها مِن طِينٍ؛ ثُمَّ يَقْلِبُها اللهُ نُطْفَةً؛ وذَكَرَهُ مَكِّيٌّ والزَهْراوِيُّ ؛ والقَوْلُ الأوَّلُ ألْيَقُ بِالشَرِيعَةِ؛ لِأنَّ القَوْلَ الثانِيَ إنَّما يَتَرَتَّبُ عَلى قَوْلِ مَن يَقُولُ بِأنَّ الطِينَ يَرْجِعُ بَعْدَ التَوَلُّدِ والِاسْتِحالاتِ الكَثِيرَةِ نُطْفَةً؛ وذَلِكَ مَرْدُودٌ عِنْدَ الأُصُولِيِّينَ.
واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في هَذَيْنِ الأجَلَيْنِ؛ فَقالَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ؛ وقَتادَةُ ؛ والضَحّاكُ: "أجَلًا": أجْلَ الإنْسانِ مِن لَدُنْ وِلادَتِهِ إلى مَوْتِهِ؛ و"اَلْأجَلُ المُسَمّى عِنْدَهُ": مِن وقْتِ مَوْتِهِ إلى حَشْرِهِ؛ ووَصَفَهُ بِـ "مُسَمًّى عِنْدَهُ"؛ لِأنَّهُ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ وقْتِ القِيامَةِ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما -: "أجَلًا": اَلدُّنْيا؛ و"أجَلٌ مُسَمًّى": اَلْآخِرَةُ؛ وقالَ مُجاهِدٌ: "أجَلًا": اَلْآخِرَةَ؛ و"أجَلٌ مُسَمًّى": اَلدُّنْيا؛ بِعَكْسِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا: "أجَلًا": وفاةَ الإنْسانِ بِالنَوْمِ؛ و"أجَلٌ مُسَمًّى": وفاتُهُ بِالمَوْتِ؛ وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: اَلْأجَلُ الأوَّلُ هو في وقْتِ أخْذِ المِيثاقِ عَلى بَنِي آدَمَ؛ حِينَ اسْتَخْرَجَهم مِن ظَهْرِ آدَمَ ؛ وبَقِيَ "أجَلٌ" واحِدٌ مُسَمًّى في هَذِهِ الحَياةِ الدُنْيا؛ وحَكى المَهْدَوِيُّ عن فِرْقَةٍ: "أجَلًا": ما عَرَفَ الناسُ مِن آجالِ الأهِلَّةِ؛ والسِنِينِ؛ والكَوائِنِ؛ و"أجَلٌ مُسَمًّى": قِيامُ الساعَةِ؛ وحُكِيَ أيْضًا عن فِرْقَةٍ: "أجَلًا": ما عَرَفْناهُ مِن أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -؛ و"أجَلٌ مُسَمًّى": اَلْآخِرَةُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويَنْبَغِي أنْ تَتَأمَّلَ لَفْظَةَ "قَضى"؛ في هَذِهِ الآيَةِ؛ فَإنَّها تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ؛ فَإنْ جُعِلَتْ بِمَعْنى: "قَدَّرَ"؛ و"كَتَبَ"؛ ورَجَعَتْ إلى سابِقِ عِلْمِهِ وقَدَرِهِ؛ فَنَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ - ولا بُدَّ - قَبْلَ خَلْقِهِ آدَمَ مِن طِينٍ؛ وتُخْرَجُ "ثُمَّ"؛ مِن مَعْهُودِها في تَرْتِيبِ زَمَنَيْ وُقُوعِ القَضِيَّتَيْنِ؛ ويَبْقى لَها تَرْتِيبُ زَمَنَيِ الإخْبارِ عنهُ؛ كَأنَّهُ قالَ: "أخْبَرَكم أنَّهُ خَلَقَكم مِن طِينٍ؛ ثُمَّ أخْبَرَكم أنَّهُ قَضى أجَلًا"؛ وإنْ جُعِلَتْ "قَضى"؛ بِمَعْنى: "أوجَدَ"؛ و"أظْهَرَ"؛ ويَرْجِعُ ذَلِكَ إلى صِفَةِ فِعْلٍ؛ فَيَصِحُّ أنْ (p-٣١٣)يَكُونَ خَلَقَ آدَمَ مِن طِينٍ قَبْلَ إظْهارِ هَذا الأجَلِ وإبْدائِهِ؛ وتَكُونَ "ثُمَّ"؛ عَلى بابِها؛ في تَرْتِيبِ زَمَنَيْ وُقُوعِ القَضِيَّتَيْنِ.
و﴿ "تَمْتَرُونَ"؛﴾ مَعْناهُ: تَشُكُّونَ؛ و"اَلْمِرْيَةُ": اَلشَّكُّ.
وقَوْلُهُ: ﴿ "ثُمَّ أنْتُمْ"؛﴾ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ ؛ في التَوْبِيخِ عَلى سُوءِ الفِعْلِ؛ بَعْدَ مُهْلَةٍ مِن وُضُوحِ الحُجَجِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ","هُوَ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن طِینࣲ ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلࣰاۖ وَأَجَلࣱ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ"],"ayah":"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق