الباحث القرآني

* (فائدة) لما كان المقصود بهذا القسم نفي ما قاله الكفار في القرآن: من أنه شعر أو كهانه أو أساطير الأولين، صدر القول بأداة النفي ثم أثبت له ما قالوه. فتضمنت الآية أن ليس الأمر كما يزعمون ولكنه قرآن كريم. ولهذا صرح بالأمرين: النفي والإثبات. * (فصل) ومن ذلك قوله تعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ في كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إلا المُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ﴾ ذكر سبحانه هذا القسم عقيب ذكر القيامة الكبرى وأقسام الخلق فيها ثم ذكر الأدلة القاطعة على قدرته وعلى المعاد بالنشأة الأولى وإخراج النبات من الأرض وإنزال الماء من السماء وخلق النار ثم ذكر بعد ذلك أحوال الناس في القيامة الصغرى عند مفارقة الروح للبدن وأقسم بمواقع النجوم على ثبوت القرآن وأنه تنزيله وقد اختلف في النجوم التي أقسم بمواقعها فقيل هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئًا بعد شيء. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء وقول سعيد بن جبير والكلبي ومقاتل وقتادة. وقيل النجوم هي الكواكب ومواقعها مساقطها عند غروبها. هذا قول أبي عبيدة وغيره. وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة. وهذا قول الحسن. ومن حجة هذا القول أن لفظ (مواقع) تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع، وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع. ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ الجَوارِ الكُنَّسِ﴾ وقال ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ وقال ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ ويرجح هذا القول أيضًا أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى ﴿وَإدْبارَ النُّجُومِ﴾ وقوله ﴿والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ﴾ وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس. والجن والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول ومن قرأ بموقع النجوم على الأفراد فلدلالة الواحد المضاف إلى الجمع على التعدد والمواقع اسم جنس والمصادر إذا اختلفت جمعت وإذا كان النوع واحدًا أفردت قال تعالى (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} فجمع الأصوات لتعدد النوع وأفرد صوت الحمير لوحدته فإفراد موقع النجوم لوحدة المضاف إليه وتعدد المواقع لتعدده إذ لكل نجم موقع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب