الباحث القرآني
* (فصل)
فِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأتَهُ شَرِيكَ بْنَ سَحْماءَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعانِ.
وَقَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: أبْصِرُوها؛ فَإنْ جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ العَيْنَيْنِ سابِغَ الألْيَتَيْنِ خَدْلَجَ السّاقَيْنِ فَهو لِشَرِيكِ بْنِ سَحْماءَ، وإنْ جاءَتْ بِهِ كَذا وكَذا فَهو لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَجاءَتْ بِهِ عَلى النَّعْتِ المَكْرُوهِ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَوْلا ما مَضى مِن كِتابِ اللَّهِ لَكانَ لِي ولَها شَأْنٌ»
يُرِيدُ - واللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ - بِكِتابِ اللَّهِ قَوْله تَعالى ﴿وَيَدْرَأُ عَنْها العَذابَ أنْ تَشْهَدَ أرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ﴾
وَيُرِيدُ بِالشَّأْنِ - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّهُ كانَ يَحُدُّها لِمُشابِهَةِ ولَدِها لِلرَّجُلِ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ، ولَكِنَّ كِتابَ اللَّهِ فَصَّلَ الحُكُومَةَ، وأسْقَطَ كُلَّ قَوْلٍ وراءَهُ، ولَمْ يَبْقَ لِلِاجْتِهادِ بَعْدَهُ مَوْقِعٌ.
* (فائدة)
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أيْمانَ اللِّعانِ مِن جانِبِ الزَّوْجِ أوَّلًا، فَإذا نَكَلَتْ المَرْأةُ عَنْ مُعارَضَةِ أيْمانِهِ بِأيْمانِها وجَبَ عَلَيْها العَذابُ بِالحَدِّ، وهو العَذابُ المَذْكُورُ في قَوْلِهِ: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾
فَإنَّ المُدَّعِيَ لَمّا تَرَجَّحَ جانِبُهُ بِالشّاهِدِ الواحِدِ شُرِعَتْ اليَمِينُ مِن جِهَتِهِ، وكَذَلِكَ أوْلِياءُ الدَّمِ تَرَجَّحَ جانِبُهم بِاللَّوَثِ فَشُرِعَتْ اليَمِينُ مِن جِهَتِهِمْ وأُكِّدَتْ بِالعَدَدِ تَعْظِيمًا لِخَطَرِ النَّفْسِ، وكَذَلِكَ الزَّوْجُ في اللِّعانِ جانِبُهُ أرْجَحُ مِن جانِبِ المَرْأةِ قَطْعًا، فَإنَّ إقْدامَهُ عَلى إتْلافِ فِراشِهِ، ورَمْيِها بِالفاحِشَةِ عَلى رُءُوسِ الأشْهادِ، وتَعْرِيضَ نَفْسِهِ لِعُقُوبَةِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، وفَضِيحَةَ أهْلِهِ ونَفْسِهِ عَلى رُءُوسِ الأشْهادِ، مِمّا يَأْباهُ طِباعُ العُقَلاءِ، وتَنْفِرُ عَنْهُ نُفُوسُهُمْ، لَوْلا أنَّ الزَّوْجَةَ اضْطَرَّتْهُ بِما رَآهُ وتَيَقَّنَهُ مِنها إلى ذَلِكَ؛ فَجانِبُهُ أقْوى مِن جانِبِ المَرْأةِ قَطْعًا، فَشُرِعَتْ اليَمِينُ مِن جانِبِهِ، ولِهَذا كانَ القَتْلُ في القَسامَةِ واللِّعانِ وهو قَوْلُ أهْلِ المَدِينَةِ؛ فَأمّا فُقَهاءُ العِراقِ فَلا يَقْتُلُونَ لا بِهَذا ولا بِهَذا، وأحْمَدُ يَقْتُلُ بِالقَسامَةِ دُونَ اللِّعانِ.
والشّافِعِيُّ يَقْتُلُ بِاللِّعانِ دُونَ القَسامَةِ.
وَلَيْسَ في شَيْءٍ مِن هَذا ما يُعارِضُ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ، وهو قَوْلُهُ ﷺ:
«لَوْ يُعْطى النّاسُ بِدَعْواهم لادَّعى قَوْمٌ دِماءَ قَوْمٍ وأمْوالِهِمْ، ولَكِنَّ اليَمِينَ عَلى المُدَّعى عَلَيْهِ»
فَإنَّ هَذا إذا لَمْ يَكُنْ مَعَ المُدَّعِي إلّا مُجَرَّدُ الدَّعْوى، فَإنَّهُ لا يَقْضِي لَهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوى، فَأمّا إذا تَرَجَّحَ جانِبُهُ بِشاهِدٍ أوْ لَوَثٍ أوْ غَيْرِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْواهُ، بَلْ بِالشّاهِدِ المُجْتَمَعِ مِن تَرْجِيحِ جانِبِهِ ومِن اليَمِينِ؛ وقَدْ حَكَمَ سُلَيْمانُ بْنُ داوُد - عَلَيْهِ السَّلامُ - لِإحْدى المَرْأتَيْنِ بِالوَلَدِ لِتَرَجُّحِ جانِبِها بِالشَّفَقَةِ عَلى الوَلَدِ وإيثارِها لِحَياتِهِ ورَضِيَ الأُخْرى بِقَتْلِهِ، ولَمْ يَلْتَفِتْ إلى إقْرارِها لِلْأُخْرى بِهِ.
وَقَوْلُهُ: " هو ابْنُها " ولِهَذا كانَ مِن تَراجُمِ الأئِمَّةِ عَلى هَذا الحَدِيثِ " التَّوْسِعَةُ لِلْحاكِمِ أنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ الَّذِي لا يَفْعَلُهُ أفْعَلُ " لِيَسْتَبِينَ بِهِ الحَقَّ، ثُمَّ تَرْجَمَ تَرْجَمَةً أُخْرى أحْسَنَ مِن هَذِهِ وأفْقَهَ فَقالَ: " الحُكْمُ بِخِلافِ ما يَعْتَرِفُ بِهِ المَحْكُومُ لَهُ إذا تَبَيَّنَ لِلْحاكِمِ أنَّ الحَقَّ غَيْرُ ما اعْتَرَفَ بِهِ " فَهَكَذا يَكُونُ فَهْمُ الأئِمَّةِ مِن النُّصُوصِ واسْتِنْباطِ الأحْكامِ الَّتِي تَشْهَدُ العُقُولُ والفِطَرُ بِها مِنها؛ ولَعَمْرُ اللَّهِ إنّ هَذا العِلْمُ النّافِعُ لا خَرْصَ الآراءِ وتَخْمِينَ الظُّنُونِ.
* وقال في (الطرق الحكمية)
لَمْ يحكم عَلى المَرْأةِ في اللِّعانِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِها دُونَ يَمِينِ الزَّوْجِ، فَإذا حَلَفَ الزَّوْجُ، ونَكَلَتْ عَنْ اليَمِينِ، حَكَمَ عَلَيْها: إمّا بِالحَبْسِ حَتّى تُقِرَّ أوْ تُلاعَنَ كَما يَقُولُ أحْمَدُ وأبُو حَنِيفَةَ، وإمّا بِالحَدِّ كَما يَقُولُ الشّافِعِيُّ ومالِكٌ.
وَهُوَ الرّاجِحُ؛ لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى إنّما دَرَأ عَنْها العَذابَ بِشَهادَتِها أرْبَعُ شَهاداتٍ: والعَذابُ المَدْرُوءُ عَنْها بِالتِعانِها هو العَذابُ المَذْكُورُ في قَوْله تَعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢]
وَهُوَ عَذابُ الحَدِّ. ولِهَذا ذَكَرَهُ مُعَرَّفًا فاللّامُ العَهْدِ، فَعُلِمَ أنَّ العَذابَ هو العَذابُ المَعْهُودُ ذِكْرُهُ أوَّلًا. ولِهَذا بُدِئَ أوَّلًا بِأيْمانِ الزَّوْجِ لِقُوَّةِ جانِبِهِ، ومُكِّنَتْ المَرْأةُ مِن أنْ تُعارِضَ إيمانَهُ بِأيْمانِها، فَإذا نَكَلَتْ لَمْ يَكُنْ لِأيْمانِهِ ما يُعارِضُها، فَعَمِلَتْ عَمَلَها، وقَوّاها نُكُولُ المَرْأةِ، فَحَكَمَ عَلَيْها بِأيْمانِهِ ونُكُولِها. فَإنْ قِيلَ: فَكانَ مِن المُمْكِنِ أنْ يَبْدَأ بِأيْمانِها، فَإنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وحُدَّتْ، كَما إذا ادَّعى عَلَيْهِ حَقًّا، فَنَكَلَ عَنْ اليَمِينِ، فَإنَّها تُرَدُّ عَلى المُدَّعِي، ويَقْضِي لَهُ، فَهَلّا شُرِعَ اللِّعانُ كَذَلِكَ والمَرْأةُ هي المُدَّعى عَلَيْها؟ بَلْ شُرِعَتْ اليَمِينُ في جانِبِ المُدَّعِي أوَّلًا، وهَذا لا نَظِيرَ لَهُ في الدَّعاوى.
قِيلَ: لَمّا كانَ الزَّوْجُ قاذِفًا لَها كانَ مُوجِبُ قَذْفِهِ أنْ يَحُدَّ لَها، فَمُكِّنَ أنْ يَدْفَعَ الحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ بِالتِعانِهِ، ثُمَّ طُولِبَتْ هي بَعْدَ ذَلِكَ بِأنْ تُقِرَّ أوْ تُلاعِنَ.
فَإنْ أقَرَّتْ حُدَّتْ، وإنْ أنْكَرَتْ والتَعَنَتْ دَرَأتْ عَنْها الحَدَّ بِلِعانِها، كَما لَهُ أنْ يَدْرَأ الحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ بِلِعانِهِ.
وَكانَتْ البُداءَةُ بِهِ أوْلى لِأنَّهُ مُدَّعٍ، وأيْمانُهُ قائِمَةٌ مَقامَ البَيِّنَةِ.
وَلَكِنْ لَمّا كانَتْ دُونَ الشُّهُودِ الأرْبَعَةِ في القُوَّةِ مُكِّنَتْ المَرْأةُ مِن دَفْعِها بِأيْمانِها. فَإذا أبَتْ أنْ تَدْفَعَها تَرَجَّحَ جانِبُهُ، فَوَجَبَ عَلَيْها الحَدُّ، فَلَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ التِعانِهِ، ولا بِمُجَرَّدِ نُكُولِها، بَلْ بِمَجْمُوعِ الأمْرَيْنِ. وأكَّدَتْ الأيْمانُ بِكَوْنِها أرْبَعًا، كَما أكَّدَتْ أيْمانُ المُدَّعِينَ في القَسامَةِ بِكَوْنِها خَمْسِينَ، ولِتَقُومَ الأيْمانُ مَقامَ الشُّهُودِ.
وَفِي المَسْألَةِ قَوْلٌ ثالِثٌ، وهُوَ: أنَّهُ لا يُقْضى بِالنُّكُولِ، ولا بِالرَّدِّ، ولَكِنْ يُحْبَسُ المُدَّعى عَلَيْهِ حَتّى يُجِيبَ بِإقْرارٍ أوْ إنْكارٍ يَحْلِفُ مَعَهُ. وهَذا قَوْلٌ في مَذْهَبِ أحْمَدَ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ لِأصْحابِ الشّافِعِيِّ. وهَذا قَوْلُ ابْنِ أبِي لَيْلى، فَإنَّهُ قالَ: لا أدْعُهُ حَتّى يُقِرَّ أوْ يَحْلِفَ.
[حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في اللِّعانِ]
قالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهم ولَمْ يَكُنْ لَهم شُهَداءُ إلّا أنْفُسُهم فَشَهادَةُ أحَدِهِمْ أرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ - والخامِسَةُ أنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كانَ مِنَ الكاذِبِينَ - ويَدْرَأُ عَنْها العَذابَ أنْ تَشْهَدَ أرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الكاذِبِينَ - والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾.
وَثَبَتَ في " الصَّحِيحَيْنِ ": مِن حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، «أنَّ عويمرا العجلاني قالَ لعاصم بن عدي: أرَأيْتَ لَوْ أنَّ رَجُلًا وجَدَ مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلًا أيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَسَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَسَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسائِلَ وعابَها، حَتّى كَبُرَ عَلى عاصم ما سَمِعَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ إنَّ عويمرا سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ:
" قَدْ نَزَلَ فِيكَ وفي صاحِبَتِكَ فاذْهَبْ فَأْتِ بِها " فَتَلاعَنا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمّا فَرَغا قالَ: كَذَبْتُ عَلَيْها يا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أمْسَكْتُها، فَطَلَّقَها ثَلاثًا قَبْلَ أنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ».
قالَ الزُّهْرِيُّ: فَكانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ المُتَلاعِنَيْنِ.
قالَ سهل: وكانَتْ حامِلًا، وكانَ ابْنُها يُنْسَبُ إلى أُمِّهِ، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أنْ يَرِثَها وتَرِثَ مِنهُ ما فَرَضَ اللَّهُ لَها.
وَفِي لَفْظٍ: «فَتَلاعَنا في المَسْجِدِ، فَفارَقَها عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ذاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلاعِنَيْنِ»
وَقَوْلُ سهل: وكانَتْ حامِلًا إلى آخِرِهِ، هو عِنْدَ البُخارِيِّ مِن قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، ولِلْبُخارِيِّ: ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْظُرُوا فَإنْ جاءَتْ بِهِ أسْحَمَ أدْعَجَ العَيْنَيْنِ عَظِيمَ الألْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السّاقَيْنِ، فَلا أحْسَبُ عويمرا إلّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْها، وإنْ جاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأنَّهُ وحَرَةٌ، فَلا أحْسَبُ عويمرا إلّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْها " فَجاءَتْ بِهِ عَلى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن تَصْدِيقِ عويمر»
وَفِي لَفْظٍ: " وكانَتْ حامِلًا فَأنْكَرَ حَمْلَها وفي " صَحِيحِ مسلم " «مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ فُلانَ بْنَ فُلانٍ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أرَأيْتَ لَوْ وجَدَ أحَدُنا امْرَأتَهُ عَلى فاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأمْرِ عَظِيمٍ، وإنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمّا كانَ بَعْدَ ذَلِكَ أتاهُ فَقالَ: إنَّ الَّذِي سَألْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ هَؤُلاءِ الآياتِ في سُورَةِ النُّورِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ﴾ [النور: ٦] فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ ووَعَظَهُ وذَكَّرَهُ، وأخْبَرَهُ أنَّ عَذابَ الدُّنْيا أهْوَنُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ، قالَ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما كَذَبْتُ عَلَيْها، ثُمَّ دَعاها فَوَعَظَها وذَكَّرَها وأخْبَرَها أنَّ عَذابَ الدُّنْيا أهْوَنُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ، قالَتْ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إنَّهُ لَكاذِبٌ، فَبَدَأ بِالرَّجُلِ، فَشَهِدَ أرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ، والخامِسَةَ أنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كانَ مِنَ الكاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنّى بِالمَرْأةِ، فَشَهِدَتْ أرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الكاذِبِينَ، والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُما».
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْمُتَلاعِنَيْنِ " حِسابُكُما عَلى اللَّهِ أحَدُكُما كاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْها " قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ مالِي؟ قالَ لا مالَ لَكَ، إنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْها فَهو بِما اسْتَحْلَلْتَ مِن فَرْجِها، وإنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْها فَهو أبْعَدُ لَكَ مِنها».
وَفِي لَفْظٍ لَهُما: «فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ وقالَ: " واللَّهِ إنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنكُما تائِبٌ؟ ".»
وَفِيهِما عَنْهُ: «أنَّ رَجُلًا لاعَنَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُما، وألْحَقَ الوَلَدَ بِأُمِّهِ» وفي " صَحِيحِ مسلم ": «مِن حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في قِصَّةِ المُتَلاعِنَيْنِ، فَشَهِدَ الرَّجُلُ أرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ، ثُمَّ لَعَنَ الخامِسَةَ أنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كانَ مِنَ الكاذِبِينَ، فَذَهَبَتْ لِتَلْعَنَ، فَقالَ لَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَهْ " فَأبَتْ فَلَعَنَتْ، فَلَمّا أدْبَرَ قالَ: لَعَلَّها أنْ تَجِيءَ بِهِ أسْوَدَ جَعْدًا " فَجاءَتْ بِهِ أسْوَدَ جَعْدًا».
وَفِي " صَحِيحِ مسلم " مِن حَدِيثِ أنَسِ بْنِ مالِكٍ «أنَّ هلال بن أمية قَذَفَ امْرَأتَهُ بشريك ابن سحماء - وكانَ أخا البَراءِ بْنِ مالِكٍ لِأُمِّهِ - وكانَ أوَّلَ رَجُلٍ لاعَنَ في الإسْلامِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:
" أبْصِرُوها فَإنْ جاءَتْ بِهِ أبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ العَيْنَيْنِ فَهو لهلال بن أمية، وإنْ جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السّاقَيْنِ، فَهو لشريك ابن سحماء، قالَ: فَأُنْبِئْتُ أنَّها جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السّاقَيْنِ»
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " «مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوُ هَذِهِ القِصَّةِ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: أهِيَ المَرْأةُ الَّتِي قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَوْ رَجَمْتُ أحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ "؟
فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لا، تِلْكَ امْرَأةٌ كانَتْ تُظْهِرُ في الإسْلامِ السُّوءَ».
ولأبي داود في هَذا الحَدِيثِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: «فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُما، وقَضى أنْ لا يُدْعى ولَدُها لِأبٍ، ولا تُرْمى ولا يُرْمى ولَدُها، ومَن رَماها أوْ رَمى ولَدَها فَعَلَيْهِ الحَدُّ، وقَضى ألّا بَيْتَ لَها عَلَيْهِ ولا قُوتَ، مِن أجْلِ أنَّهُما يَتَفَرَّقانِ مِن غَيْرِ طَلاقٍ ولا مُتَوَفًّى عَنْها».
وَفِي القِصَّةِ، قالَ عكرمة: فَكانَ بَعْدَ ذَلِكَ أمِيرًا عَلى مِصْرَ وما يُدْعى لِأبٍ.
وَذَكَرَ البُخارِيُّ: «أنَّ هلال بن أمية قَذَفَ امْرَأتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بشريك ابن سحماء، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: " البَيِّنَةُ أوْ حَدٌّ في ظَهْرِكَ " فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إذا رَأى أحَدُنا عَلى امْرَأتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " البَيِّنَةُ وإلّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ "، فَقالَ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إنِّي لَصادِقٌ، ولَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وأنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهم. .﴾ [النور: ٦] .. الآياتِ، فانْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ إلَيْها، فَجاءَ هلال فَشَهِدَ، والنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ:
" إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهَلْ مِنكُما تائِبٌ؟ "
فَشَهِدَتْ، فَلَمّا كانَتْ عِنْدَ الخامِسَةِ وقَّفُوها وقالُوا: إنَّها مُوجِبَةٌ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: فَتَلَكَّأتْ ونَكَصَتْ حَتّى ظَنَنّا أنَّها تَرْجِعُ، ثُمَّ قالَتْ: لا أفْضَحُ قَوْمِي سائِرَ اليَوْمِ فَمَضَتْ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: " أبْصِرُوها فَإنْ جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ العَيْنَيْنِ سابِغَ الألْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السّاقَيْنِ فَهو لشريك ابن سحماء " فَجاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: " لَوْلا ما مَضى مِن كِتابِ اللَّهِ كانَ لِي ولَها شَأْنٌ)»
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": «أنَّ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أرَأيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلًا أيَقْتُلُهُ؟
فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا، فَقالَ سعد: بَلى والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
" اسْمَعُوا إلى ما يَقُولُ سَيِّدُكُمْ». وفي لَفْظٍ آخَرَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ وجَدْتُ مَعَ امْرَأتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتّى آتِيَ بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ؟ قالَ: " نَعَمْ».
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «لَوْ وجَدْتُ مَعَ أهْلِي رَجُلًا لَمْ أُهِجْهُ حَتّى آتِيَ بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ؟ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " نَعَمْ "، قالَ كَلّا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا إنْ كُنْتُ لَأُعاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
" اسْمَعُوا إلى ما يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إنَّهُ لَغَيُورٌ، وأنا أغْيَرُ مِنهُ، واللَّهُ أغْيَرُ مِنِّي».
وَفِي لَفْظٍ: «لَوْ رَأيْتُ مَعَ امْرَأتِي رَجُلًا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:
" أتَعْجَبُونَ مِن غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَواللَّهِ لَأنا أغْيَرُ مِنهُ، واللَّهُ أغْيَرُ مِنِّي، ومِن أجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ، ولا شَخْصَ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، ولا شَخْصَ أحَبُّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِن أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ المُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ، ولا شَخْصَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، مِن أجْلِ ذَلِكَ وعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ»
* [فَصْلٌ: حِكْمَةُ شَرْعِ اللِّعانِ في حَقِّ الزَّوْجَةِ دُونَ غَيْرِها]
وَأمّا قَوْلُهُ: " وجَعَلَ لِلْقاذِفِ إسْقاطَ الحَدِّ بِاللِّعانِ في الزَّوْجَةِ دُونَ الأجْنَبِيَّةِ، وكِلاهُما قَدْ ألْحَقَ بِهِما العارَ " فَهَذا مِن أعْظَمِ مَحاسِنِ الشَّرِيعَةِ؛ فَإنَّ قاذِفَ الأجْنَبِيَّةِ مُسْتَغْنٍ عَنْ قَذْفِها، لا حاجَةَ لَهُ إلَيْهِ ألْبَتَّةَ؛ فَإنَّ زِناها لا يَضُرُّهُ شَيْئًا، ولا يُفْسِدُ عَلَيْهِ فِراشَهُ، ولا يُعَلِّقُ عَلَيْهِ أوْلادًا مِن غَيْرِهِ، وقَذْفُها عُدْوانٌ مَحْضٌ، وأذًى لِمُحْصَنَةٍ غافِلَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الحَدُّ زَجْرًا لَهُ وعُقُوبَةً، وأمّا الزَّوْجُ فَإنَّهُ يَلْحَقُهُ بِزِناها مِن العارِ والمَسَبَّةِ وإفْسادِ الفِراشِ وإلْحاقِ ولَدِ غَيْرِهِ بِهِ، وانْصِرافِ قَلْبِها عَنْهُ إلى غَيْرِهِ؛ فَهو مُحْتاجٌ إلى قَذْفِها، ونَفْيِ النَّسَبِ الفاسِدِ عَنْهُ، وتَخَلُّصِهِ مِن المِسَبَّةِ والعارِ؛ لِكَوْنِهِ زَوْجَ بَغْيٍ فاجِرَةٍ، ولا يُمْكِنُ إقامَةُ البَيِّنَةِ عَلى زِناها في الغالِبِ، وهي لا تُقِرُّ بِهِ، وقَوْلُ الزَّوْجِ عَلَيْها غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ فَلَمْ يَبْقَ سِوى تَحالُفِها بِأغْلَظِ الإيمانِ، وتَأْكِيدِها بِدُعائِهِ عَلى نَفْسِهِ بِاللَّعْنَةِ ودُعائِها عَلى نَفْسِها بِالغَضَبِ إنْ كانا كاذِبَيْنِ.
ثُمَّ يَفْسَخُ النِّكاحَ بَيْنَهُما؛ إذْ لا يُمْكِنُ أحَدُهُما أنْ يَصْفُوَ لِلْآخَرِ أبَدًا؛ فَهَذا أحْسَنُ حُكْمٍ يَفْصِلُ بِهِ بَيْنَهُما في الدُّنْيا، ولَيْسَ بَعْدَهُ أعْدَلُ مِنهُ، ولا أحْكَمُ، ولا أصْلَحُ، ولَوْ جُمِعَتْ عُقُولُ العالَمِينَ لَمْ يَهْتَدُوا إلَيْهِ، فَتَبارَكَ مَن أبانَ رُبُوبِيَّتَهُ ووَحْدانِيَّتَهُ وحِكْمَتَهُ وعِلْمَهُ في شَرْعِهِ وخَلْقِهِ.
* [فصل البُداءَةُ بِالرَّجُلِ في اللِّعانِ]
وَمِنها: البُداءَةُ بِالرَّجُلِ في اللِّعانِ، كَما بَدَأ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ ورَسُولُهُ بِهِ، فَلَوْ بَدَأتْ هي لَمْ يُعْتَدَّ بِلِعانِها عِنْدَ الجُمْهُورِ، واعْتَدَّ بِهِ أبو حنيفة. وقَدْ بَدَأ اللَّهُ سُبْحانَهُ في الحَدِّ بِذِكْرِ المَرْأةِ فَقالَ: ﴿الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]
وَفِي اللِّعانِ بِذِكْرِ الزَّوْجِ، وهَذا في غايَةِ المُناسَبَةِ؛ لِأنَّ الزِّنى مِنَ المَرْأةِ أقْبَحُ مِنهُ بِالرَّجُلِ، لِأنَّها تَزِيدُ عَلى هَتْكِ حَقِّ اللَّهِ إفْسادَ فِراشِ بَعْلِها وتَعْلِيقَ نَسَبٍ مِن غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وفَضِيحَةَ أهْلِها وأقارِبِها، والجِنايَةَ عَلى مَحْضِ حَقِّ الزَّوْجِ، وخِيانَتَهُ فِيهِ، وإسْقاطَ حُرْمَتِهِ عِنْدَ النّاسِ، وتَعْيِيرَهُ بِإمْساكِ البَغِيِّ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِن مَفاسِدِ زِناها، فَكانَتِ البُداءَةُ بِها في الحَدِّ أهَمَّ، وأمّا اللِّعانُ فالزَّوْجُ هو الَّذِي قَذَفَها وعَرَّضَها لِلِّعانِ، وهَتَكَ عِرْضَها، ورَماها بِالعَظِيمَةِ، وفَضَحَها عِنْدَ قَوْمِها وأهْلِها، ولِهَذا يَجِبُ عَلَيْهِ الحَدُّ إذا لَمْ يُلاعِنْ، فَكانَتِ البُداءَةُ بِهِ في اللِّعانِ أوْلى مِنَ البُداءَةِ بِها.
* [فصل لا يُقْبَلُ مِنهُما أقَلُّ مِن خَمْسِ مَرّاتٍ]
وَمِنها: أنَّهُ لا يُقْبَلُ مِنَ الرَّجُلِ أقَلُّ مِن خَمْسِ مَرّاتٍ، ولا مِنَ المَرْأةِ، ولا يُقْبَلُ مِنهُ إبْدالُ اللَّعْنَةِ بِالغَضَبِ والإبْعادِ والسَّخَطِ، ولا مِنها إبْدالُ الغَضَبِ بِاللَّعْنَةِ والإبْعادِ والسَّخَطِ، بَلْ يَأْتِي كُلٌّ مِنهُما بِما قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِن ذَلِكَ شَرْعًا وقَدْرًا، وهَذا أصَحُّ القَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ أحمد ومالك وغَيْرِهِما.
وَمِنها: أنَّهُ لا يَفْتَقِرُ أنْ يَزِيدَ عَلى الألْفاظِ المَذْكُورَةِ في القُرْآنِ والسُّنَّةِ شَيْئًا، بَلْ لا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، فَلا يَحْتاجُ أنْ يَقُولَ: أشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ، الَّذِي يَعْلَمُ مِنَ السِّرِّ ما يَعْلَمُ مِنَ العَلانِيَةِ، ونَحْوَ ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِيهِ أنْ يَقُولَ: أشْهَدُ بِاللَّهِ إنِّي لَمِنَ الصّادِقِينَ، وهي تَقُولُ: أشْهَدُ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الكاذِبِينَ، ولا يَحْتاجُ أنْ يَقُولَ: فِيما رَمَيْتُها بِهِ مِنَ الزِّنى، ولا أنْ تَقُولَ هِيَ: إنَّهُ لَمِنَ الكاذِبِينَ فِيما رَمانِي بِهِ مِنَ الزِّنى، ولا يُشْتَرَطُ أنْ يَقُولَ إذا ادَّعى الرُّؤْيَةَ: رَأيْتُها تَزْنِي كالمِرْوَدِ في المُكْحُلَةِ، ولا أصْلَ لِذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ ولا سُنَّةِ رَسُولِهِ، فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ بِعِلْمِهِ وحِكْمَتِهِ كَفانا بِما شَرَعَهُ لَنا وأمَرَنا بِهِ عَنْ تَكَلُّفِ زِيادَةٍ عَلَيْهِ.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ أَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَلَمۡ یَكُن لَّهُمۡ شُهَدَاۤءُ إِلَّاۤ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَـٰدَ ٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ","وَٱلۡخَـٰمِسَةُ أَنَّ لَعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ","وَیَدۡرَؤُا۟ عَنۡهَا ٱلۡعَذَابَ أَن تَشۡهَدَ أَرۡبَعَ شَهَـٰدَ ٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ","وَٱلۡخَـٰمِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَیۡهَاۤ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ أَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَلَمۡ یَكُن لَّهُمۡ شُهَدَاۤءُ إِلَّاۤ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَـٰدَ ٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق