الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ﴾ الآيَةَ.
دَلَّ بِهِ عَلى أنَّ الأوَّلَ لَمْ يَتَناوَلِ الزَّوْجاتِ، أعْنِي قَوْلَهُ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ [النور: ٤] .
ويُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ إنَّهُ تَناوَلَ، ولَكِنْ جُعِلَ هَذا مُحَلَّفًا، وأُقِيمَ لِعانُهُ مَقامَ الشَّهادَةِ، فَإنَّهُ تَعالى اسْتَثْناهُ عَنِ الشَّهادَةِ.
(p-٣٠٣)قَوْلُهُ: ﴿ولَمْ يَكُنْ لَهم شُهَداءُ إلا أنْفُسُهم فَشَهادَةُ أحَدِهِمْ﴾: وتَرَتَّبَ عَلى ذَلِكَ اللِّعانُ مَتى كانَ حُجَّةً دامِغَةً، فَمَتى لَمْ يَدْفَعِ الزَّوْجُ بِلِعانِهِ، كانَ بِمَثابَةِ الأجْنَبِيِّ الَّذِي لا يَدْفَعُ الحَدَّ بِالشَّهادَةِ، وإذا لَمْ يَجْعَلِ الشَّرْعُ اللِّعانَ حُجَّةً، فَلا فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَقْذِفَ حُرَّةً أوْ أمَةً، أوْ يَكُونُ القاذِفُ حُرًّا أوْ عَبْدًا، فَإنَّهُ حُجَّةٌ خاصَّةٌ لِمَكانِ حاجَةِ الزَّوْجِيَّةِ.
وأبُو حَنِيفَةَ يَرى اللِّعانَ شَهادَةً مِن وجْهٍ، حَتّى لا يَصِحَّ مِنَ العَبْدِ، مَعَ أنَّ حَقِيقَةَ الشَّهادَةِ لا تُعْتَبَرُ، فَإنَّ الشَّهادَةَ في الأصْلِ تَصْدِيقُ الغَيْرِ، والمُلاعَنُ يُصَدِّقُ نَفْسَهُ، فَحَيْثُ لا تُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الشَّهادَةِ ومَعْناها، كَيْفَ تُعْتَبَرُ صِفَتُها الزّائِدَةُ عَلى مَعْناها، فَإنَّ الشَّرائِطَ تابِعَةٌ لِلْحَقِيقَةِ، وهَذا لا مُخَلِّصَ مِنهُ. ورُبَّما قالَ: إنَّ اللِّعانَ شَهادَةٌ في هَذا المَعْنى، ثُمَّ لَمْ يُوَفَّرْ عَلَيْها مُقْتَضاها، فَإنَّ شَهادَةَ الحُرِّ عَلى الأمَةِ الكافِرَةِ مَقْبُولَةٌ، ثُمَّ لا يُلاعِنُ المُسْلِمُ والحُرُّ زَوْجَتَهُ الكافِرَةَ والأمَةَ، وعِنْدَ ذَلِكَ نَرْجِعُ إلى أصْلٍ آخَرَ فَنَقُولُ: في اللِّعانِ مَعْنى العُقُوبَةِ، فاللِّعانُ شُرِعَ قائِمًا مَقامَ الحَدِّ، ولا حَدَّ عَلى الرَّجُلِ المُسْلِمِ يَقْذِفُ زَوْجَةً، الأمَةَ والكافِرَةَ، ومِن قَبْلُ كانَ يُرى اللِّعانُ شَهادَةً، والشَّهادَةُ تَمْتَنِعُ مِنَ الرَّقِيقِ تَعْظِيمًا لِرُتْبَةِ الشَّهادَةِ، فَإذا جَعَلَهُما حَدًّا، كانَ شَرْعُها بِاعْتِبارِ تَحْقِيقِ مَن يُلاعِنُ، فَمَن عُدَّ بِزِنًا مِمَّنْ يَجْمَعُ بَيْنَ المُتَناقِضَيْنِ فَنَقُولُ: اللِّعانُ شَهادَةٌ، فَلا يَصِحُّ مِمَّنْ لا يُدْلِي بِمَنصِبِ الحُرِّيَّةِ، ثُمَّ يَحُطُّ اللِّعانَ إلى رُتْبَةِ الحَدِّ المَشْرُوعِ إهانَةً لِلْحُدُودِ، ويُقالُ سُبْحانَ اللَّهِ، عُدَّ اللِّعانُ مُخَلِّصًا وتَخْفِيفًا مِنَ اللَّهِ تَعالى، فَكَيْفَ يُعَدُّ إهانَةً، وقَدْ شُرِعَ إكْرامًا وإعْظامًا؟
فَهَذِهِ المُناقَضاتُ كَيْفَ يُمْكِنُ تَلْفِيقُها، ثُمَّ يُرى اللِّعانُ شَهادَةً ويَقُولُ: إنَّهُ إذا لاعَنَ فَلا حَدَّ عَلَيْها، فَإنَّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لا يُمْكِنُ إثْباتُ حَدٍّ عَلى المَرْأةِ، ثُمَّ يَقُولُ: إذا لاعَنَ الزَّوْجُ فَقَدْ حُدَّ، فَإذا أكْذَبَ نَفْسَهُ كَيْفَ (p-٣٠٤)يَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ إلى إيجابِ الحَدِّ عَلَيْهِ ثانِيًا، أفَتَرى أنّا نُوجِبُ الحَدَّ مَرَّةً ومَرَّةً أُخْرى؟ فَكَيْفَ يَطْمَعُ الفَقِيهُ في الجَوابِ عَنْ ذَلِكَ؟
ومِمّا قالَهُ: إنَّ اللِّعانَ حَدٌّ، وإذا قَذَفَ الزَّوْجُ وامْتَنَعَ مِنَ اللِّعانِ لا يُحَدُّ، بَلْ يُحْبَسُ حَتّى يُلاعِنَ، وإذا لاعَنَ حُبِسَتِ المَرْأةُ، ولا حَدَّ عَلَيْها، فَإنَّهُ لَوْ لَزِمَها الحَدُّ كانَ ذَلِكَ إيجابَ الحَدِّ عَلَيْها بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، ثُمَّ قالَ: واللِّعانُ حَدٌّ، وقَدْ وجَبَ اللِّعانُ عَلَيْها بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، فَسُبْحانَ اللَّهِ، كَيْفَ تَلَفَّقَتْ لَهم هَذِهِ الخُرافاتُ والمُتَناقِضاتُ؟
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ أَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَلَمۡ یَكُن لَّهُمۡ شُهَدَاۤءُ إِلَّاۤ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَـٰدَ ٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق