الباحث القرآني
المُرادُ بِآلِ فِرْعَوْنَ هُنا قَوْمُهُ، والمُرادُ بِالسِّنِينَ الجَدْبُ، وهَذا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ، يَقُولُونَ أصابَتْهم سَنَةٌ: أيْ جَدَبُ سَنَةٍ، وفي الحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْها عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» وأكْثَرُ العَرَبِ يُعْرِبُونَ السِّنِينَ إعْرابَ جَمْعِ المُذَكَّرِ السّالِمِ، ومِنَ العَرَبِ مَن يُعْرِبُهُ إعْرابَ المُفْرَدِ ويُجْرِي الحَرَكاتِ عَلى النُّونِ، وأنْشَدَ الفَرّاءُ:
؎أرى مَرَّ السِّنِينِ أخَذْنَ مِنِّي كَما أخَذَ السِّرارُ مِنَ الهِلالِ
بِكَسْرِ النُّونِ مِنَ السِّنِينَ.
قالَ النَّحّاسُ: وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ هَذا البَيْتَ بِفَتْحِ النُّونِ.
أقُولُ:
قَدْ ورَدَ ما لا احْتِمالَ فِيهِ وهو قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎وماذا تَزْدَرِي الأقْوامُ مِنِّي ∗∗∗ وقَدْ جاوَزْتُ حَدَّ الأرْبَعِينَ
وبَعْدَهُ:
؎أخُو الخَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أشُدِّي ∗∗∗ وتَجْذِبُنِي مُداوَرَةُ السِّنِينِ
فَإنَّ الأبْياتَ قَبْلَهُ وبَعْدَهُ مَكْسُورَةٌ.
وأوَّلُ هَذِهِ الأبْياتِ:
؎أنا ابْنُ جَلا وطُلّاعِ الثَّنايا ∗∗∗ مَتى أضَعُ العِمامَةَ تَعْرِفُونِي
وحَكى الفَرّاءُ عَنْ بَنِي عامِرٍ أنَّهم يَقُولُونَ: أقَمْتُ عِنْدَهُ سِنِينًا مَصْرُوفًا، قالَ: وبَنُو تَمِيمٍ لا يَصْرِفُونَهُ، ويُقالُ أسْنَتَ القَوْمُ: أيْ أجْدَبُوا، ومِنهُ قَوْلُ ابْنِ الزِّبَعْرى:
؎ورِجالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجافُ
ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ بِسَبَبِ عَدَمِ نُزُولِ المَطَرِ وكَثْرَةِ العاهاتِ لَعَلَّهم يَذَّكَّرُونَ فَيَتَّعِظُونَ ويَرْجِعُونَ عَنْ غِوايَتِهِمْ.
قَوْلُهُ: ﴿فَإذا جاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قالُوا لَنا هَذِهِ﴾ أيِ الخَصْلَةُ الحَسَنَةُ مِنَ الخِصْبِ بِكَثْرَةِ المَطَرِ وصَلاحِ الثَّمَراتِ ورَخاءِ الأسْعارِ قالُوا لَنا هَذِهِ أيْ أعْطَيْناها بِاسْتِحْقاقٍ، وهي مُخْتَصَّةٌ بِنا وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ أيْ خَصْلَةٌ سَيِّئَةٌ مِنَ الجَدْبِ والقَحْطِ وكَثْرَةِ الأمْراضِ ونَحْوِها مِنَ البَلاءِ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى ومَن مَعَهُ أيْ يَتَشاءَمُوا بِمُوسى ومَن مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِهِ، والأصْلُ يَتَطَيَّرُوا أُدْغِمَتِ التّاءُ في الطّاءِ.
وقَرَأ طَلْحَةُ " تَطَيَّرْنا " عَلى أنَّهُ فِعْلٌ ماضٍ، وقَدْ كانَتِ العَرَبُ تَتَطَيَّرُ بِأشْياءَ مِنَ الطُّيُورِ والحَيَواناتِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ في كُلِّ مَن تَشاءَمَ بِشَيْءٍ، ومِثْلُ هَذا قَوْلُهُ تَعالى: وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِنْدِكَ ( النِّساءِ: ٧٨ ) قِيلَ: ووَجْهُ تَعْرِيفِ الحَسَنَةِ أنَّها كَثِيرَةُ الوُقُوعِ، ووَجْهُ تَنْكِيرِ السَّيِّئَةِ نُدْرَةُ وُقُوعِها.
قَوْلُهُ: ﴿ألا إنَّما طائِرُهم عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيْ سَبَبُ خَيْرِهِمْ وشَرِّهِمْ بِجَمِيعِ ما يَنالُهم مِن خِصْبٍ وقَحْطٍ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ بِسَبَبِ مُوسى ومَن مَعَهُ، وكانَ هَذا الجَوابُ عَلى نَمَطِ ما يَعْتَقِدُونَهُ وبِما يَفْهَمُونَهُ، ولِهَذا عَبَّرَ بِالطّائِرِ عَنِ الخَيْرِ والشَّرِّ الَّذِي يَجْرِي بِقَدَرِ اللَّهِ وحِكْمَتِهِ ومَشِيئَتِهِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ بِهَذا بَلْ يَنْسِبُونَ الخَيْرَ والشَّرَّ إلى غَيْرِ اللَّهِ جَهْلًا مِنهم.
وقَرَأ الحَسَنُ " طَيْرُهم " .
قَوْلُهُ: ﴿وقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِن آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ قالَ الخَلِيلُ: أصْلُ مَهْما ما الشَّرْطِيَّةُ زِيدَتْ عَلَيْهِ ما الَّتِي لِلتَّوْكِيدِ كَما تُزادُ في سائِرِ الحُرُوفِ مِثْلَ: حَيْثُما وأيْنَما وكَيْفَما ومَتى ما، ولَكِنَّهم كَرِهُوا اجْتِماعَ المِثْلَيْنِ فَأبْدَلُوا ألِفَ الأُولى هاءً.
وقالَ الكِسائِيُّ: أصْلُهُ مَهْ: أيِ اكْفُفْ ما تَأْتِينا بِهِ مِن آيَةٍ، وزِيدَتْ عَلَيْها ما الشَّرْطِيَّةُ، وقِيلَ: هي كَلِمَةٌ مُفْرَدَةٌ يُجازِي بِها، ومَحَلُّ مَهْما الرَّفْعُ عَلى الِابْتِداءِ، أوِ النَّصْبُ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ ما بَعْدَها، و مِن آيَةٍ لِبَيانِ مَهْما، وسَمَّوْها آيَةَ اسْتِهْزاءٍ بِمُوسى كَما يُفِيدُهُ ما بَعْدَهُ، وهو لِتَسْحَرَنا بِها أيْ لِتَصْرِفَنا عَمّا نَحْنُ عَلَيْهِ كَما يَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ بِسِحْرِهِمْ، والضَّمِيرُ في بِهِ عائِدٌ إلى مَهْما، والضَّمِيرُ (p-٤٩٥)فِي بِها عائِدٌ إلى آيَةٍ، وقِيلَ: إنَّهُما جَمِيعًا عائِدانِ إلى مَهْما، وتَذْكِيرُ الأوَّلِ بِاعْتِبارِ اللَّفْظِ، وتَأْنِيثُ الثّانِي بِاعْتِبارِ المَعْنى فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ جَوابُ الشَّرْطِ: أيْ فَما نَحْنُ لَكَ بِمُصَدِّقِينَ: أخْبَرُوا عَنْ أنْفُسِهِمْ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِمّا يَجِيءُ بِهِ مِنَ الآياتِ الَّتِي هي في زَعْمِهِمْ مِنَ السِّحْرِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ نَزَلَتْ بِهِمُ العُقُوبَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ المُبَيَّنَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ﴾ وهو المَطَرُ الشَّدِيدُ.
قالَ الأخْفَشُ: واحِدُهُ طُوفانَةٌ، وقِيلَ: هو مَصْدَرٌ كالرُّجْحانِ والنُّقْصانِ فَلا واحِدَ لَهُ، وقِيلَ: الطُّوفانُ: المَوْتُ.
وقالَ النَّحّاسُ: الطُّوفانُ في اللُّغَةِ ما كانَ مُهْلِكًا مِن مَوْتٍ أوْ سَيْلٍ: أيْ ما يُطِيفُ بِهِمْ فَيُهْلِكُهم والجَرادَ هو الحَيَوانُ المَعْرُوفُ أرْسَلَهُ اللَّهُ لِأكْلِ زُرُوعِهِمْ فَأكَلَها والقُمَّلَ قِيلَ: هي الدَّبّاءُ، والدَّبّاءُ الجَرادُ قَبْلَ أنْ تَطِيرَ، وقِيلَ: هي السُّوسُ، وقِيلَ: البَراغِيثُ، وقِيلَ: دَوابُّ سُودٌ صِغارٌ، وقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ القِرْدانِ، وقِيلَ: الجُعْلانِ.
قالَ النَّحّاسُ: يَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الأشْياءُ كُلُّها أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ.
وقَرَأ الحَسَنُ " القَمْلَ " بِفَتْحِ القافِ وإسْكانِ المِيمِ.
وقَرَأ الباقُونَ بِضَمِّ القافِ وفَتْحِ المِيمِ مُشَدَّدَةً.
وقَدْ فَسَّرَ عَطاءٌ الخُراسانِيُّ القُمَّلَ بِالقَمْلِ والضَّفادِعَ جَمْعُ ضُفْدَعٍ وهو الحَيَوانُ المَعْرُوفُ الَّذِي يَكُونُ في الماءِ والدَّمَ رُوِيَ أنَّهُ سالَ النِّيلُ عَلَيْهِمْ دَمًا، وقِيلَ: هو الرُّعافُ.
قَوْلُهُ: ﴿آياتٍ مُفَصَّلاتٍ﴾ أيْ مُبَيَّناتٍ.
قالَ الزَّجّاجُ: هو مَنصُوبٌ عَلى الحالِ.
والمَعْنى: أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الأشْياءَ حالَ كَوْنِها آياتٍ بَيِّناتٍ ظاهِراتٍ فاسْتَكْبَرُوا أيْ تَرَفَّعُوا عَنِ الإيمانِ بِاللَّهِ وكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ لا يَهْتَدُونَ إلى حَقٍّ ولا يَنْزِعُونَ عَنْ باطِلٍ.
قَوْلُهُ: ﴿ولَمّا وقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾ أيِ العَذابُ بِهَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أرْسَلَها اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وقُرِئَ بِضَمِّ الرّاءِ وهُما لُغَتانِ، وقِيلَ: كانَ هَذا الرِّجْزُ طاعُونًا ماتَ بِهِ مِنَ القِبْطِ في يَوْمٍ واحِدٍ سَبْعُونَ ألْفًا ﴿قالُوا يامُوسى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ﴾ أيْ بِما اسْتَوْدَعَكَ مِنَ العِلْمِ، أوْ بِما اخْتَصَّكَ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ، أوْ بِما عَهِدَ إلَيْكَ أنْ تَدْعُوَ بِهِ فَيُجِيبُكَ، والباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِادْعُ عَلى مَعْنى أسْعِفْنا إلى ما نَطْلُبُ مِنَ الدُّعاءِ بِحَقِّ ما عِنْدَكَ مِن عَهْدِ اللَّهِ، أوِ ادْعُ لَنا مُتَوَسِّلًا إلَيْهِ بِعَهْدِهِ عِنْدَكَ، وقِيلَ: إنَّ الباءَ لِلْقَسَمِ، وجَوابُهُ لَنُؤْمِنَنَّ: أيْ أقْسَمْنا بِعَهْدِ اللَّهِ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ عَلى أنَّ جَوابَ الشَّرْطِ سادٌّ مَسَدَّ جَوابِ القَسَمِ، وعَلى أنَّ الباءَ لَيْسَتْ لِلْقَسَمِ تَكُونُ اللّامُ في لَئِنْ كَشَفْتَ عَنّا الرِّجْزَ جَوابَ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، ولَنُؤْمِنَنَّ جَوابُ الشَّرْطِ سادٌّ مَسَدَّ جَوابِ القَسَمِ ولَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسْرائِيلَ مَعْطُوفٌ عَلى لَنُؤْمِنَنَّ.
وقَدْ كانُوا حابِسِينَ لِبَنِي إسْرائِيلَ عِنْدَهم يَمْتَهِنُونَهم في الأعْمالِ فَوَعَدُوهُ بِإرْسالِهِمْ مَعَهُ.
﴿فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إلى أجَلٍ هم بالِغُوهُ﴾ أيْ رَفَعْنا عَنْهُمُ العَذابَ عِنْدَ أنْ رَجَعُوا إلى مُوسى وسَألُوهُ بِما سَألُوهُ، لَكِنْ لا رَفْعًا مُطْلَقًا، بَلْ رَفْعًا مُقَيَّدًا بِغايَةٍ هي الأجَلُ المَضْرُوبُ لِإهْلاكِهِمْ بِالغَرَقِ، وجَوابُ لَمّا ﴿إذا هم يَنْكُثُونَ﴾ أيْ يَنْقُضُونَ ما عَقَدُوهُ عَلى أنْفُسِهِمْ.
وإذا هي الفُجائِيَّةُ: أيْ فاجَئُوا النَّكْثَ وبادَرُوهُ.
﴿فانْتَقَمْنا مِنهُمْ﴾ أيْ أرَدْنا الِانْتِقامَ مِنهم لَمّا نَكَثُوا بِسَبَبِ ما تَقَدَّمَ لَهم مِنَ الذُّنُوبِ المُتَعَدِّدَةِ ﴿فَأغْرَقْناهم في اليَمِّ﴾ أيْ في البَحْرِ، قِيلَ: هو الَّذِي لا يُدْرَكُ قَعْرُهُ، وقِيلَ: هو لُجَّتُهُ وأوْسَطُهُ، وجُمْلَةُ ﴿بِأنَّهم كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ تَعْلِيلٌ لِلْإغْراقِ ﴿وكانُوا عَنْها غافِلِينَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى كَذَّبُوا: أيْ كانُوا غافِلِينَ عَنِ النِّقْمَةِ المَدْلُولِ عَلَيْها بِانْتَقَمْنا، أوْ عَنِ الآياتِ الَّتِي لَمْ يُؤْمِنُوا بِها بَلْ كَذَّبُوا بِها وكانُوا في تَكْذِيبِهِمْ بِمَنزِلَةِ الغافِلِينَ عَنْها.
والثّانِي أوْلى لِأنَّ الجُمْلَتَيْنِ تَعْلِيلٌ لِلْإغْراقِ.
وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ولَقَدْ أخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ قالَ: السِّنِينُ الجُوعُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: السِّنِينُ الجَوائِحُ ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ دُونَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، في نَوادِرِ الأُصُولِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: لَمّا أخَذَ اللَّهُ آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ يَبِسَ كُلُّ شَيْءٍ لَهم، وذَهَبَتْ مَواشِيهِمْ حَتّى يَبِسَ نِيلُ مِصْرَ، واجْتَمَعُوا إلى فِرْعَوْنَ، فَقالُوا: إنْ كُنْتَ كَما تَزْعُمُ فائْتِنا في نِيلِ مِصْرَ بِماءٍ، قالَ: غُدْوَةً يُصَبِّحُكُمُ الماءُ فَلَمّا خَرَجُوا مِن عِنْدِهِ قالَ: أيُّ شَيْءٍ صَنَعْتُ إنْ لَمْ أقْدِرْ عَلى أنْ أُجْرِيَ في نِيلِ مِصْرَ ماءً غُدْوَةً كَذَّبُونِي ؟ فَلَمّا كانَ جَوْفُ اللَّيْلِ قامَ فاغْتَسَلَ ولَبِسَ مَدْرَعَةَ صُوفٍ ثُمَّ خَرَجَ حافِيًا حَتّى أتى نِيلَ مِصْرَ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أنِّي أعْلَمُ أنَّكَ تَقْدِرُ عَلى أنْ تَمْلَأ نِيلَ مِصْرَ ماءً فامْلَأْهُ ماءً، فَما عَلِمَ إلّا بِجَزْرِ الماءِ يُقْبِلُ، فَخَرَجَ وأقْبَلَ النِّيلُ يَزُخُّ بِالماءِ لِما أرادَ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الهَلَكَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: فَإذا جاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قالَ: العافِيَةُ والرَّخاءُ قالُوا لَنا هَذِهِ نَحْنُ أحَقُّ بِها وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ قالَ: بَلاءٌ وعُقُوبَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى قالَ: يَتَشاءَمُوا بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ألا إنَّما طائِرُهم عِنْدَ اللَّهِ قالَ: الأمْرُ مِن قِبَلِ اللَّهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «الطُّوفانُ المَوْتُ» .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هو حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: الطُّوفانُ الغَرَقُ.
وأخْرَجَ هَؤُلاءِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الطُّوفانُ المَوْتُ عَلى كُلِّ حالٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: الطُّوفانُ: مُطِرُوا دائِمًا بِاللَّيْلِ والنَّهارِ ثَمانِيَةَ أيّامٍ، والقُمَّلُ: الجَرادُ الَّذِي لَهُ أجْنِحَةٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ قالَ: الطُّوفانُ أمْرٌ مِن أمْرِ رَبِّكَ، ثُمَّ قَرَأ: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِن رَبِّكَ ( القَلَمِ: ١٩ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الطُّوفانُ: الماءُ والطّاعُونُ والجَرادُ.
قالَ: يَأْكُلُ مَسامِيرَ أرْتُجِهِمْ: يَعْنِي أبْوابَهم وثِيابَهم، والقُمَّلُ الدَّبّاءُ (p-٤٩٦)والضَّفادِعُ تَسْقُطُ عَلى فُرُشِهِمْ وفي أطْعِمَتِهِمْ، والدَّمُ يَكُونُ في ثِيابِهِمْ ومائِهِمْ وطَعامِهِمْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: القُمَّلُ الدَّبّاءُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: كانَتْ الضَّفادِعُ بَرِّيَّةً، فَلَمّا أرْسَلَها اللَّهُ عَلى آلِ فِرْعَوْنَ سَمِعَتْ وأطاعَتْ فَجَعَلَتْ تَقْذِفُ نَفْسَها في القِدْرِ وهي تَغْلِي، وفي التَّنانِيرِ وهي تَفُورُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: سالَ النِّيلُ دَمًا فَكانَ الإسْرائِيلِيُّ يَسْتَقِي ماءً طَيِّبًا، ويَسْتَقِي الفِرْعَوْنِيُّ دَمًا، ويَشْتَرِكانِ في إناءٍ واحِدٍ فَيَكُونُ ما يَلِي الإسْرائِيلِيَّ ماءً طَيِّبًا وما يَلِي الفِرْعَوْنِيَّ دَمًا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في قَوْلِهِ: والدَّمَ قالَ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرُّعافَ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: مَكَثَ مُوسى في آلِ فِرْعَوْنَ بَعْدَ ما غَلَبَ السَّحَرَةَ أرْبَعِينَ سَنَةً يُرِيهِمُ الآياتِ والجَرادَ، والقُمَّلَ، والضَّفادِعَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: آياتٍ مُفَصَّلاتٍ قالَ: كانَتْ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضًا لِيَكُونَ لِلَّهِ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْهُ قالَ: يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضًا تَمْكُثُ فِيهِمْ سَبْتًا إلى سَبْتٍ ثُمَّ تُرْفَعَ عَنْهم شَهْرًا.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «الرِّجْزُ: العَذابُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قالَ: الرِّجْزُ: الطّاعُونُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: إلى أجَلٍ هم بالِغُوهُ قالَ: الغَرَقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: اليَمُّ البَحْرُ.
وأخْرَجَ أيْضًا عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلَهُ.
{"ayahs_start":131,"ayahs":["فَإِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَـٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَیِّئَةࣱ یَطَّیَّرُوا۟ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤۗ أَلَاۤ إِنَّمَا طَـٰۤىِٕرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","وَقَالُوا۟ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَایَةࣲ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِینَ","فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَایَـٰتࣲ مُّفَصَّلَـٰتࣲ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوۡمࣰا مُّجۡرِمِینَ","وَلَمَّا وَقَعَ عَلَیۡهِمُ ٱلرِّجۡزُ قَالُوا۟ یَـٰمُوسَى ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَۖ لَىِٕن كَشَفۡتَ عَنَّا ٱلرِّجۡزَ لَنُؤۡمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرۡسِلَنَّ مَعَكَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ","فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُمُ ٱلرِّجۡزَ إِلَىٰۤ أَجَلٍ هُم بَـٰلِغُوهُ إِذَا هُمۡ یَنكُثُونَ","فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡیَمِّ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنۡهَا غَـٰفِلِینَ"],"ayah":"فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَایَـٰتࣲ مُّفَصَّلَـٰتࣲ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوۡمࣰا مُّجۡرِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق