الباحث القرآني

ولَمّا بارَزُوا بِهَذِهِ العَظْمِيَّةِ، اسْتَحَقُّوا النَّكالَ فَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ: (p-٤١)﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ﴾ أيْ: عَذابًا لَهُمْ، لِما يُفْهِمُهُ حَرْفُ الِاسْتِعْلاءِ ﴿الطُّوفانَ﴾ أيِ: الرَّعْدَ والبَرْقَ والنّارَ مَعَ المَطَرِ والبَرَدِ الكِبارِ الَّذِي يَقْتُلُ البَقَرَ فَما دُونَها، والظُّلْمَةَ والرِّيحَ الشَّدِيدَةَ الَّتِي عَمَّتْ أرْضَهم وطافَتْ بِها؛ ولَمّا كانَ ذَلِكَ رُبَّما أخْصَبَتْ بِهِ الأرْضُ، أخْبَرَ أنَّهُ أرْسَلَ ما يُفْسِدُ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿والجَرادَ﴾ ولَمّا كانَ الجَرادُ رُبَّما طارَ وقَدْ أبْقى شَيْئًا، أخْبَرَ بِما يَسْتَمِرُّ لازِقًا في الأرْضِ حَتّى لا يَدَعَ بِها شَيْئًا فَقالَ: ﴿والقُمَّلَ﴾ قالَ في القامُوسِ: القُمَّلُ كالسُّكَّرِ: صِغارُ الذَّرِّ والدَّبى الَّذِي لا أجْنِحَةَ لَهُ، وهو أصْغَرُ الجَرادِ أوْ شَيْءٌ صَغِيرٌ بِجَناحٍ أحْمَرَ، وشَيْءٌ يُشْبِهُ الحَلَمَ خَبِيثُ الرّائِحَةِ أوْ دَوابُّ صِغارٌ كالقِرْدانِ يَعْنِي القُرادَ. وقالَ البُخارِيُّ في بَنِي إسْرائِيلَ مِن صَحِيحِهِ: القُمَّلُ: الحَمْنانُ يُشْبِهُ صِغارَ الحَلَمِ. ولَمّا رُبَّما كانَ عِنْدَهم شَيْءٌ مَخْزُونًا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ ذَلِكَ، أخْبَرَ بِما يَسْقُطُ نَفْسُهُ في الأكْلِ فَيُفْسِدُهُ أوْ يُنْقِصُهُ فَقالَ: ﴿والضَّفادِعَ﴾ فَإنَّها عَمَّتْ جَمِيعَ أماكِنِهِمْ، وكانَتْ تَتَساقَطُ في أطْعِمَتِهِمْ، ورُبَّما وثَبَتْ إلى أفْواهِهِمْ حِينَ يَفْتَحُونَها لِلْأكْلِ. ولَمّا تَمَّ ما يَضُرُّ بِالمَأْكَلِ، أتْبَعَهُ ما أفْسَدَ المَشْرَبَ فَقالَ: ﴿والدَّمَ﴾ فَإنَّ مِياهَهُمُ انْقَلَبَتْ كُلُّها دَمًا مُنْتِنًا، وعَمَّ الدَّمُ الشَّجَرَ والحِجارَةَ وجَمِيعَ (p-٤٢)الأرْضِ في حَقِّ القِبْطِ، وأمّا بَنُو إسْرائِيلَ فَسالِمُونَ مِن جَمِيعِ ذَلِكَ. ولَمّا ذَكَرَ تَعالى هَذِهِ الآياتِ العَظِيمَةَ، نَبَّهَ عَلى عَظَمَتِها بِذِكْرِ حالِها فَقالَ: ﴿آياتٍ﴾ أيْ: عَلاماتٍ عَلى صِدْقِهِ عَظِيماتٍ ﴿مُفَصَّلاتٍ﴾ أيْ: يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضًا، وبَيْنَ كُلِّ واحِدَةٍ وأُخْتِها حِينٌ يُخْتَبَرُونَ فِيهِ مَعَ أنَّ مُغايِرَةَ كُلِّ واحِدَةٍ لِأُخْتِها في غايَةِ الظُّهُورِ، وكَذا العِلْمُ بِأنَّها مِن آياتِ اللَّهِ الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها غَيْرُهُ. ولَمّا كانَتْ حَقِيقَةً بَأنْ يَتَسَبَّبَ عَنْها الإيمانُ عِنْدَ سَلامَةِ القَلْبِ، سَبَّبَ عَنْها قَوْلَهُ: ﴿فاسْتَكْبَرُوا﴾ مُبَيِّنًا أنَّ الَّذِي مَنَعَهم مِنَ الإيمانِ مَرَضُ القَلْبِ بِالكِبْرِ والطُّغْيانِ ﴿وكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ أيْ: في جِبِلَّتِهِمْ قَطْعُ ما يَنْبَغِي وصْلُهُ مَعَ قُوَّتِهِمْ عَلى ما يُحاوِلُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب