الباحث القرآني

﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ﴾ عُقُوبَةً لِجَرائِمِهِمْ لا سِيَّما لِقَوْلِهِمْ هَذا. ﴿الطُّوفانَ﴾؛ أيِ: الماءَ الَّذِي طافَ بِهِمْ وغَشِيَ أماكِنَهم وحُرُوثَهم، مِن مَطَرٍ أوْ سَيْلٍ، وقِيلَ: هو الجُدَرِيُّ، وقِيلَ: المَوَتانُ، وقِيلَ: الطّاعُونُ. ﴿والجَرادَ والقُمَّلَ﴾ قِيلَ: هو كِبارُ القِرْدانِ، وقِيلَ: أوْلادُ الجَرادِ قَبْلَ نَباتِ أجْنِحَتِها. ﴿والضَّفادِعَ والدَّمَ﴾ رُوِيَ أنَّهم مُطِرُوا ثَمانِيَةَ أيّامٍ في ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَخْرُجَ أحَدٌ مِن بَيْتِهِ، ودَخَلَ الماءُ بُيُوتَهم حَتّى قامُوا فِيهِ إلى تَراقِيهِمْ، ولَمْ يَدْخُلْ بُيُوتَ بَنِي إسْرائِيلَ مِنهُ قَطْرَةٌ، وهي في خِلالِ بُيُوتِهِمْ، وفاضَ الماءُ عَلى أرْضِهِمْ ورَكَدَ، فَمَنَعَهم مِنَ الحَرْثِ والتَّصَرُّفِ، ودامَ ذَلِكَ سَبْعَةَ أيّامٍ، فَقالُوا لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنّا ونَحْنُ نُؤْمِنُ بِكَ؛ فَدَعا فَكُشِفَ عَنْهم، فَنَبَتَ مِنَ العُشْبِ والكَلَأِ ما لَمْ يُعْهَدْ قَبْلَهُ، ولَمْ يُؤْمِنُوا؛ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَرادَ فَأكَلَ زُرُوعَهم، وثِمارَهم، وأبْوابَهم، وسُقُوفَهم، وثِيابَهم؛ فَفَزِعُوا إلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِما ذُكِرَ، فَخَرَجَ إلى الصَّحْراءِ وأشارَ بِعَصاهُ نَحْوَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، فَرَجَعَتْ إلى النَّواحِي الَّتِي جاءَتْ مِنها، فَلَمْ يُؤْمِنُوا؛ فَسَلَّطَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمُ القُمَّلَ، فَأكَلَ ما أبْقَتْهُ الجَرادُ، وكانَ يَقَعُ في أطْعِمَتِهِمْ، ويَدْخُلُ بَيْنَ ثِيابِهِمْ وجُلُودِهِمْ فَيَمُصُّها؛ فَفَزِعُوا إلَيْهِ ثالِثًا، فَرُفِعَ عَنْهم، فَقالُوا: قَدْ تَحَقَّقْنا الآنَ أنَّكَ ساحِرٌ، ثُمَّ أرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الضَّفادِعَ، بِحَيْثُ لا يُكْشَفُ ثَوْبٌ ولا طَعامٌ إلّا وُجِدَتْ فِيهِ، وكانَتْ تَمْتَلِئُ مِنها مَضاجِعُهم، وتَثِبُ إلى قُدُورِهِمْ وهي تَغْلِي، وإلى أفْواهِهِمْ عِنْدَ التَّكَلُّمِ؛ فَفَزِعُوا إلَيْهِ رابِعًا وتَضَرَّعُوا، فَأُخِذَ عَلَيْهِمُ العُهُودُ، فَدَعا فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهم، فَنَقَضُوا العَهْدَ؛ فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَصارَتْ مِياهُهم دِماءً حَتّى كانَ يَجْتَمِعُ القِبْطِيُّ والإسْرائِيلِيُّ عَلى إناءٍ، فَيَكُونُ ما يَلِيهِ دَمًا، وما يَلِي الإسْرائِيلِيَّ ماءً عَلى حالِهِ، ويَمُصُّ مِن فَمِ الإسْرائِيلِيِّ فَيَصِيرُ دَمًا في فِيهِ. وقِيلَ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرُّعافَ. ﴿آياتٍ﴾ حالٌ مِنَ المَنصُوباتِ المَذْكُورَةِ. ﴿مُفَصَّلاتٍ﴾ مُبَيَّناتٍ، لا يُشْكِلُ عَلى عاقِلٍ أنَّها آياتُ اللَّهِ تَعالى ونِقْمَتُهُ. وقِيلَ: مُفَرَّقاتٌ بَعْضُها مِن بَعْضٍ لِامْتِحانِ أحْوالِهِمْ، وكانَ بَيْنَ كُلِّ آيَتَيْنِ مِنها شَهْرٌ، وكانَ امْتِدادُ كُلِّ واحِدَةٍ مِنها أُسْبُوعًا. وقِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَبِثَ فِيهِمْ بَعْدَ ما غَلَبَ السحرةَ عِشْرِينَ سَنَةً يُرِيهِمْ هَذِهِ الآياتِ عَلى مَهَلٍ. ﴿فاسْتَكْبَرُوا﴾؛ أيْ: عَنِ الإيمانِ بِها. ﴿وَكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ ما قَبْلَها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب