الباحث القرآني
" أمْ " هُنا مُنْقَطِعَةٌ بِمَعْنى بَلْ.
وحَكى بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أنَّها قَدْ تَجِيءُ بِمَثابَةِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ يُبْتَدَأُ بِها الكَلامُ، فَعَلى هَذا مَعْنى الِاسْتِفْهامِ هُنا التَّقْرِيرُ والإنْكارُ: أيْ أحَسِبْتُمْ دُخُولَكُمُ الجَنَّةَ واقِعًا، ولَمْ تُمْتَحَنُوا بِمِثْلِ ما امْتُحِنَ بِهِ مَن كانَ قَبْلَكم، فَتَصْبِرُوا كَما صَبَرُوا، ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ هَذِهِ التَّسْلِيَةَ بَعْدَ أنْ ذَكَرَ اخْتِلافَ الأُمَمِ عَلى أنْبِيائِهِمْ، تَثْبِيتًا لِلْمُؤْمِنِينَ وتَقْوِيَةً لِقُلُوبِهِمْ، ومِثْلُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنكم﴾ [آل عمران: ١٤٢] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الم﴾ ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ١ - ٢] .
وقَوْلُهُ: ﴿مَسَّتْهُمُ﴾ بَيانٌ لِقَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ .
و﴿البَأْساءُ والضَّرّاءُ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُما، والزَّلْزَلَةُ: شِدَّةُ التَّحْرِيكِ يَكُونُ في الأشْخاصِ وفي الأحْوالِ، يُقالُ: زَلْزَلَ اللَّهُ الأرْضَ زَلْزَلَةً وزِلْزالًا بِالكَسْرِ، (p-١٣٩)فَتَزَلْزَلَتْ: إذا تَحَرَّكَتْ واضْطَرَبَتْ، فَمَعْنى " زُلْزِلُوا ": خُوِّفُوا وأُزْعِجُوا إزْعاجًا شَدِيدًا.
وقالَ الزَّجّاجُ: أصْلُ الزَّلْزَلَةِ: نَقْلُ الشَّيْءِ مِن مَكانِهِ، فَإذا قُلْتَ: زَلْزَلْتُهُ فَمَعْناهُ كَرَّرْتُ زَلَلَهُ مِن مَكانِهِ.
وقَوْلُهُ: ﴿حَتّى يَقُولَ﴾ أيِ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلى غايَةٍ هي قَوْلُ الرَّسُولِ ومَن مَعَهُ ﴿مَتى نَصْرُ اللَّهِ﴾ والرَّسُولُ هُنا قِيلَ: هو مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، وقِيلَ: هو أشْعِياءُ، وقِيلَ: هو كُلُّ رَسُولٍ بُعِثَ إلى أُمَّتِهِ.
وقَرَأ مُجاهِدٌ والأعْرَجُ ونافِعٌ وابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالرَّفْعِ في قَوْلِهِ: " حَتّى يَقُولَ " وقَرَأ غَيْرُهم بِالنَّصْبِ فالرَّفْعُ عَلى أنَّهُ حِكايَةٌ لِحالٍ ماضِيَةٍ، والنَّصْبُ بِإضْمارِ أنْ عَلى أنَّهُ غايَةٌ لِما قَبْلَهُ.
وقَرَأ الأعْمَشُ: " وزُلْزِلُوا ويَقُولُ الرَّسُولُ " بِالواوِ بَدَلَ حَتّى، ومَعْنى ذَلِكَ أنَّ الرَّسُولَ ومَن مَعَهُ بَلَغَ بِهِمُ الضَّجَرُ إلى أنْ قالُوا هَذِهِ المَقالَةَ المُقْتَضِيَةَ لِطَلَبِ النَّصْرِ واسْتِبْطاءِ حُصُولِهِ واسْتِطالَةِ تَأخُّرِهِ، فَبَشَّرَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ .
وقالَتْ طائِفَةٌ: في الكَلامِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، والتَّقْدِيرُ: حَتّى يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا مَتّى نَصْرُ اللَّهِ، ويَقُولُ الرَّسُولُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ، ولا مُلْجِئَ لِهَذا التَّكَلُّفِ؛ لِأنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ ومَن مَعَهُ: ﴿مَتى نَصْرُ اللَّهِ﴾ لَيْسَ فِيهِ إلّا اسْتِعْجالُ النَّصْرِ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ، ولَيْسَ فِيهِ ما زَعَمُوهُ مِنَ الشَّكِّ والِارْتِيابِ حَتّى يُحْتاجَ إلى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ المُتَعَسِّفِ.
وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في يَوْمِ الأحْزابِ، أصابَ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وأصْحابَهُ بَلاءٌ وحَصْرٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أخْبَرَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أنَّ الدُّنْيا دارُ بَلاءٍ وأنَّهُ مُبْتَلِيهِمْ فِيها، وأخْبَرَهم أنَّهُ هَكَذا فَعَلَ بِأنْبِيائِهِ وصَفْوَتِهِ لِتَطِيبَ أنْفُسُهم فَقالَ: ﴿مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ والضَّرّاءُ﴾ فالبَأْساءُ: الفِتَنُ، والضَّرّاءُ: السَّقَمُ، وزُلْزِلُوا بِالفِتَنِ وأذى النّاسِ إيّاهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ولَمّا يَأْتِكم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ قالَ: أصابَهم هَذا يَوْمَ الأحْزابِ حَتّى قالَ قائِلُهم: ﴿ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] ولَعَلَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ حَتّى قالَ قائِلُهم: يَعْنِي قائِلَ المُنافِقِينَ، كَما يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ جاءُوكم مِن فَوْقِكم ومِن أسْفَلَ مِنكم وإذْ زاغَتِ الأبْصارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ﴾ ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيدًا﴾ ﴿وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٠ - ١٢] .
{"ayah":"أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَاۤءُ وَٱلضَّرَّاۤءُ وَزُلۡزِلُوا۟ حَتَّىٰ یَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَاۤ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق