الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢١٤] ﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمّا يَأْتِكم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكم مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ والضَّرّاءُ وزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ .
﴿أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمّا يَأْتِكم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ﴾ أيْ: مِنَ الأنْبِياءِ ومَن مَعَهم مِنَ المُؤْمِنِينَ، أيْ: والحالُ أنَّهُ لَمْ يَأْتِكم مَثَلُهم بَعْدُ، ولَمْ تُبْتَلُوا بِما ابْتُلُوا بِهِ مِنَ الأحْوالِ الهائِلَةِ الَّتِي هي مَثَلٌ في الفَظاعَةِ والشِّدَّةِ، سُنَّةُ اللَّهِ الَّتِي لا تَتَبَدَّلُ: ﴿مَسَّتْهُمُ﴾ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًا عَمّا يَنْساقُ إلَيْهِ الذِّهْنُ، كَأنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ كانَ مَثَلُهُمْ؟ (p-٥٣٠)فَقِيلَ: مَسَّتْهُمُ ﴿البَأْساءُ والضَّرّاءُ﴾ أيِ: الشَّدائِدُ والآلامُ: ﴿وزُلْزِلُوا﴾ أيْ: أُزْعِجُوا، مِمّا دَهَمَهم مِنَ الأهْوالِ والإفْراغِ، إزْعاجًا شَدِيدًا شَبِيهًا بِالزَّلْزَلَةِ الَّتِي تَكادُ تَهُدُّ الأرْضَ وتَدُكُّ الجِبالَ: ﴿حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ أيِ: انْتَهى أمْرُهم مِنَ الشِّدَّةِ إلى حَيْثُ اضْطَرَّهُمُ الضَّجَرُ إلى أنْ يَقُولَ الرَّسُولُ - وهو أعْلَمُ النّاسِ بِشُؤُونِ اللَّهِ تَعالى، وأوْثَقُهم بِنَصْرِهِ، وداعِيهم إلى الصَّبْرِ -: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ - وهُمُ الأثْبَتُ بَعْدَهُ، العازِمُونَ عَلى الصَّبْرِ، المُوقِنُونَ بِوَعْدِ النَّصْرِ -: ﴿مَتى نَصْرُ اللَّهِ﴾ - اسْتِبْطاءً لَهُ، واسْتِطالَةً لِمُدَّةِ الشِّدَّةِ والعَناءِ - فَيُقالُ لَهُمْ: ﴿ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ كَما قالَ تَعالى: ﴿فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٥] ﴿إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٦] أيْ: فاصْبِرُوا كَما صَبَرُوا تَظْفَرُوا..!. وقَدْ حَصَلَ مِن هَذا الِابْتِلاءِ جانِبٌ عَظِيمٌ لِلصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم يَوْمَ الأحْزابِ، كَما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذْ جاءُوكم مِن فَوْقِكم ومِن أسْفَلَ مِنكم وإذْ زاغَتِ الأبْصارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونا﴾ [الأحزاب: ١٠] ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزالا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١١] ﴿وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] الآياتِ.
ورَوى البُخارِيُّ عَنْ خَبّابِ بْنِ الأرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «شَكَوْنا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ في ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرَ لَنا؟ ألا تَدْعُوَ لَنا؟ فَقالَ: «قَدْ كانَ مَن قَبْلَكم يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرْضِ فَيُجْعَلُ فِيها. فَيُجاءُ بِالمِنشارِ، فَيُوضَعُ عَلى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمَشَّطُ بِأمْشاطِ الحَدِيدِ ما دُونُ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. واللَّهِ! لَيُتِمَنَّ اللَّهُ هَذا الأمْرَ حَتّى يَسِيرَ الرّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لا يَخافُ إلّا اللَّهَ والذِّئْبَ عَلى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكم تَسْتَعْجِلُونَ» ...»
(p-٥٣١)وفِي رِوايَةٍ: «وهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، وقَدْ لَقَيْنا مِنَ المُشْرِكِينَ شِدَّةً...»
ولِما سَألَ هِرَقْلُ أبا سُفْيانَ: هَلْ قاتَلْتُمُوهُ؟ قالَ: نَعَمْ! قالَ: فَكَيْفَ كانَتِ الحَرْبُ بَيْنَكم قالَ: سِجالًا، يُدالُ عَلَيْنا ونُدالُ عَلَيْهِ. قالَ: كَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلى ثُمَّ تَكُونُ لَها العاقِبَةُ!.
وهَذِهِ الآيَةُ كَآيَةِ: ﴿الم﴾ [العنكبوت: ١] ﴿أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وهم لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ٢] ﴿ولَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣]
{"ayah":"أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَاۤءُ وَٱلضَّرَّاۤءُ وَزُلۡزِلُوا۟ حَتَّىٰ یَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَاۤ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











