الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ الآية، قال عطاء عن ابن عباس [[رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس في "تفسيره" 2/ 379، وعزاه في "الدر المنثور" 1/ 437 إلى ابن المنذر، وعن عطاء ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 728، والواحدي في "أسباب النزول" ص 68، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 231، البغوي في "تفسيره" 1/ 245، وأبو حيان في "البحر" 2/ 371.]]: لما دخل رسول الله ﷺ المدينة اشتد الضر عليهم؛ لأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله ﷺ، فأنزل الله عز وجل تطييبًا لقلوبهم ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ الآية [[رواه في "الدر المنثور" 1/ 437 بمعناه، وعزاه إلى ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 379، وابن المنذر. وينظر: "الوسيط" 1/ 317.]]، وقال قتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 83، والطبري في "تفسيره" 2/ 341، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 435، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 437 إلى ابن المنذر، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 727.]] والسدي [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 341، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 379، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 727.]]: نزلت في غزوة الخندق، حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد وشدة الخوف، وكان كما قال الله عز وجل ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب: 10]. فقوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ قال الفراء: استفهم بـ (أم) في ابتداء ليس قبله ألف فيكون (أم) ردًا عليه، وذلك يجوز إذا كان قبله كلام يتصل به، ولو كان ابتداء ليس قبله كلام لم يجز ذلك، كقولك للرجل: أعندك خبز؟ لم يجز هاهنا: أم عندك خبز، ولو قلت: أنت رجل لا تُنْصِف أم لك سلطان تُدِلُّ به؟ لجاز ذلك، إذ تقدمه كلام فاتصل به [["معاني القرآن" للفراء 1/ 132، "تفسير الثعلبي" 2/ 728.]]. قال ابن الأنباري: (أم) استفهام متوسط، لا يكون إلا بعد كلام، جعلوا للمتوسط لفظًا يخالف لفظ السابق، فكان للسابق (هل) وأخواتها، وللمتوسط (أم) يدل على صحة هذا قوله عز وجل: ﴿الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: 1 - 3]، أتى بـ (أم) وسطًا، فجعلها استفهامًا، ولم يَرْدُدْهَا على استفهام متقدم، ومن هذا قول الأخطل: كَذَبَتْكَ عينُكَ أم رأيتَ بواسِطٍ ... غَلَسَ الظلامِ من الرباب خَيَالا [[البيت في "ديوانه" ص 385 "المعجم المفصل" 6/ 79.]] وقال قوم: (أم) هاهنا بمعنى (بل) [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 285، "تفسير الثعلبي" 2/ 728.]] وذلك لا يحسن إلا إذا تقدمه استفهام، كقولك: إنها لإبل أم شاء يا فتى، وكما قيل في بيت الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت ............... البيت. وقد استقصينا الكلام في (أم) عند قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾ [البقرة: 108] الآية. وقال بعضهم: أم هاهنا عطفٌ على استفهام متقدم محذوف، تقديره: أعلمتم أن الجنة حفت [[في (أ) (تحف).]] بالمكاره، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير بلاء ولا مكروه؟ والكلام ما ذكره الفراء وابن الأنباري [[ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 285، "التبيان" ص 131، واختارا أنها منقطعة، وفي "البحر المحيط" 2/ 139 ذكر أبو حيان في (أم) هنا أربعة أقوال: الأول: أنها منقطعة بمعنى بل والهمزة. والثاني: أنها متصلة على إضمار جملة قبلها. والثالث: الاستفهام بمعنى الهمزة. والرابع: الإضراب بمعنى بل، قال: والصحيح هو القول الأول.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا يَأْتِكُمْ﴾ أي: ولم يأتكم، و (ما) صلة، والفرق بينهما أن (لما) يوقف عليها في مثل قولك: أَقَدم زيد؟ فيقول: [[في (ش): (تقول).]] (لما)، ولا يجوز: (لم) [[ينظر: "التبيان" ص 131، "البحر المحيط" 2/ 140، "مغني اللبيب" ص 367، وذكر أنها تفارق (لم) من خمسة أمور: 1 - أنها لا تقترن بأداة شرط. 2 - أن منفيها مستمر النفي إلى الحال، ومنفي لم يحتمل الاتصال والانقطاع. 3 - أن معنى (لما) لا يكون إلا قريبا من الحال. 4 - أن منفي (لما) متوقع ثبوته. 5 - أن منفي (لما) جائز الحذف. اهـ. وقال أبو حيان: ولما، أبلغ في النفي من لم؛ لأنها تدل على نفي الفعل متصلا بزمان الحال، فهي لنفي التوقع.]]. وقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ أي: شبه الذين مضوا من قبلكم من النبيين والمؤمنين، أي: ولما يصبكم مثل الذي [[في (ي) و (ش) (الذين).]] أصابهم، ولم يمتحنوا بمثل الذي امتحنوا فتصبروا، كما صبروا، وهذا استدعاء إلى الصبر [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 729.]]. وفي الكلام حذف، تقديره: مثل محن الذين، أو مثل مصيبة الذين من قبلكم [[ينظر: "البحر المحيط" 2/ 140.]]. ثم ذكر ما أصابهم، فقال: ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء﴾ وهو اسم من البؤس بمعنى الشدة، قال عطاء: يريد: الفقر الشديد، ﴿وَالضَّرَّاءُ﴾: المرض والجوع [[ذكره في "الوسيط" 1/ 317.]]. ﴿الْبَأْسَاءُ﴾: نقيض النعماء، والضراء نقيض السراء. وقوله تعالى: ﴿وَزُلْزِلُوا﴾ أي: حركوا بأنواع البلايا والرزايا [[في (ي): (الرزايا والبلايا).]] [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 730.]]. قال أبو إسحاق: وأصل الزلزلة في اللغة من: زَلّ الشيء عن [[في (م): (من).]] مكانه، فإذا قلت: زلزلته، فتأويله: أنك كررت زللَه [[كذا في الأصول، وفي "معاني القرآن" زلزلته.]] من مكانه، فضوعف لفظه لمضاعفة معناه، وكل ما كان فيه ترجيع كررت فيه فاء الفعل، نحو: صَرَّ [[(صر) ليست في (ي)، وفي (ش): (ضر وضرضر) وفي (م): (صر وصَرّ).]] وصَرْصَرَ وَصَلّ وصلصل [[من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 285. بمعناه.]]. وتفسير ﴿وَزُلزِلُوا﴾ هنا: خوفوا وحقيقته ما ذكرنا، وذلك أن الخائف لا يستقر بل يضطرب لقلقه، ولهذا يقال للخوف: المقيم المُقْعِد؛ لأنه يُذْهب السكون، فيجوز أن يكون ﴿وَزُلزِلُوا﴾ هاهنا مجازًا، والمراد به: خوفوا، ويجوز أن يكون حقيقة بأن يكونوا مضطربين لا يستقرون لما في قلوبهم من الجزع والخوف [[ينظر في زلزل "تهذيب اللغة" 2/ 1551، "المفردات" ص 219، "عمدة الحفاظ" 2/ 165،"اللسان" 3/ 1857 (زلل). ونقل الأزهري عن ابن الأنباري في قولهم: أصابت القوم زلزلة، قال: الزلزلة: التخويف والتحذير، من ذلك قوله تعالى: ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 11] ﴿وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ أي: خوفوا وحذِّروا قال بعضهم: الزلزلة مأخوذة من الزلل في الرأي، فإذا قيل: زلزل القوم، فمعناه: صرفوا عن الاستقامة، وأوقع في قلوبهم الخوف والحذر.]]. وقوله تعالى ﴿حَتَى يَقُولَ اَلرَّسُولُ﴾ قرئ (يقولَ) نصبًا ورفعًا [[قرأ نافع برفع اللام، وقرأ الباقون بالنصب. ينظر: "السبعة" ص 181 - 182، "الحجة" 2/ 305 - 306.]]، والنصب على وجهين إذا نصبت الفعل بـ (حتى) فقلت: سرت حتى أدخلها. أحدهما: أن يكون الدخول غاية للسير، والسير والدخول قد مضيا جميعًا، والمعنى: سرت [[ليس في: (ش).]] إلى دخولها، وقد مضى [[في (ي): (مضت).]] الدخول. وعلى هذا نصب (يقول) في الآية، المعنى: وزلزلوا إلى أن يقول الرسول، فكأنه حتى قول الرسول. والوجه الآخر في النصب: أن يكون السير قد وقع والدخول لم يقع، ويكون المعنى: سرت كي أدخلها، وليس هذا وجه نصب الآية [[رجح أبو حيان في "البحر" 2/ 140 الوجه الأول، قال: لأن المس والزلزال ليسا معلولين لقول الرسول والمؤمنين.]]. ورفع ما بعد حتى على وجهين. فأحد الوجهين: هو وجه [[من قوله: نصب الآية. ساقط من (ي).]] الرفع في الآية، كما تقول: سِرتُ [[(سرت) ليست في (أ) ولا (م).]] حتى أَدْخُلُها، وقد مضى السير والدخول، كأنه بمنزلة قولك: سِرت فادخلها بمنزلة سرت فدخلتها، وصارت (حتى) هاهنا مما لا يعمل [[في (ش) (تعمل).]] في الفعل شيئًا؛ لأنها تلي الجمل تقول: [[في (ش): (تقول).]] سرت حتى إني [[في (ي): (كأني).]] كالٌّ، وكقوله: فيا عَجَبًا حتى كُليبٌ تَسُبُّني [[البيت للفرزدق، وعجزه: كأن أباها نهشل أو مجاشع= في "ديوانه" ص419، "الكتاب" لسيبويه 3/ 18، "معاني القرآن" للفراء 1/ 138، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 304، "الخزانة" 4/ 141، "همع الهوامع" 2/ 24، و"تفسير ابن يعيش" 8/ 18، "مغني اللبيب" 173. والشاعر يهجو كليب بن يربوع رهط جرير، فجعلهم من الهون بحيث لا يُسابُّون مثله لشرفه. ونهشل ومجاشع: ابنا دارم، وهم رهط الفرزدق.]] فعملها في الجمل يكون في معناها لا في لفظها، وعلى هذا وجه الآية، ويجوز أن يكون السير قد مضى والدخول واقع الآن، وقد انقطع السير، تقول: سرت حتى أدخلَها الآن ما أمنع، كأنك قلت: سرت حتى (أني) [[ليست في (ي).]] أَدْخُلُها الآن ما أمنع، فهذه جملة باب (حتى) في الأفعال [[ينظر في ذلك: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 304 - 306، "التبيان" ص 131، "البحر المحيط" 2/ 140، "مغني اللبيب" 166 - 176.]]. قال أبو علي الفارسي: ما ينتصب بعد (حتى) من الأفعال المضارعة على ضربين: أحدهما: أن يكون بمعنى (إلى)، وهو الذي تحمل [[في (ش): (يجهل).]] عليه الآية، والفعل الذي يكون قبل (حتى) مع ما حدث عنه قد مضيا جميعًا، ألا ترى أن الأمرين في الآية كذلك. والآخر: أن يكون بمعنى (كي)، وذلك قولك: (أسلمت حتى [[الجملة هذه ليست في (أ) و (م).]] أدخلَ الجنة)، فهذه تقديره: أسلمت كي أَدْخُلَ الجنة، فالإسلام قد كان والدخول لم يكن. وأما قراءة من قرأ: (حَتَّى يَقُولُ) بالرفع، فالفعل الواقع بعد حتى إذا كان مضارعًا مرفوعًا لا يكون إلا فعلَ حالٍ، ويجيء على ضربين. أحدهما: أن يكون السبب الذي أدى إلى [[(إلى) ساقطة من (أ) و (ش) و (ي).]] الفعل الذي بعد حتى قد مضى، والفعلُ المُسَبِّبُ لم يمضِ، ومثال ذلك قولهم: مرض حتى لا يرجونه، وشَرِبَتِ الإبلُ حتى يجيء البعير يَجُرُّ بَطْنَه، وتتجه الآية على هذا الوجه، كأن المعنى: زلزلوا فيما مضى حتى إن الرسول يقول الآن: متى نصر الله، وحُكِيَتْ الحالُ التي كَانوا عليها، كما حكيت الحال في قوله: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّه﴾ [القصص: 15] وفي قوله: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ [الكهف: 18]. والوجه الآخر من وجهي الرفع: أن يكون الفعلان جميعًا قد مضيا، نحو: سِرتُ حتى أدخُلُها، والدخول متصل بالسير بلا فصل، كما (كان) [[في (ش): (قال).]] في الوجه الأول بينهما فصل، والحال في هذا الوجه أيضًا محكية، كما كانت محكية [[ليست في (أ) (م).]] في الوجه الآخر، ألا ترى أن ما مضى لا يكون حالًا؟ وحتى إذا رُفِعَ الفعل بعدها حرفٌ، يصير الكلام بعدها إلى الابتداء، وليست العاطفةَ ولا الجارةَ، وهي إذا انتصب الفعلُ بعدها الجارةُ للاسم، وينتصب الفعل بعدها بإضمار (أن) كما ينتصب بعد اللام بإضمارها [["الحجة" 2/ 306 - 307، وينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 132، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 304 - 306، "تفسير الثعلبي" 2/ 730.]]. واعلم أن (حتى) على ثلاثة أضرب: أحدها: أن تكون جارة نحو ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 5]، وهذه [[(وهي) في (ي).]] الجارة هي التي تنصب الأفعال بعدها بإضمار أن، والفعل و (أن) المضمرة (معه) [[ليست في (ي).]] في موضع جر بـ (حتى) [[ليست في (ش).]]. والآخر: أن تكون [[(يكون) في (م).]] عاطفة في نحو: والزَّادَ حَتَّى نَعْلَهُ ألْقَاهَا [[صدر البيت: ألقى الصحيفة كي يخاف رحله. البيت منسوب للمتلمس، وفيه إشارة إلى قصة المتلمس وطرفة حين كتب لهما عمرو بن هند كتابين مختومين، أوهمهما أن فيهما أمرًا لعامله في البحرين بإكرامهما، إلا أن المتلمس فض صحيفته فوجد فيها أمرا بقتله فرجع. وفي "الكتاب" لسيبويه 1/ 97 نسبه لابن مروان النحوي. [وقال المحقق: الصواب أنه مروان النحوي] والبيت في "الكتاب" 1/ 97، و"الخزانة" 1/ 445، 4/ 140، و"مغني اللبيب" 167، والشاهد في البيت: مجيء حتى عاطفة، حيث نصب نعله، ويستشهد به أيضًا على مجيئها ابتدائية برفع نعله.]]. وهذه تكون عاطفة. والثالث: أن تكون داخلة على الجمل ومنصرفًا بعدها الكلام إلى الابتداء، كأما وإذا ونحوهما، وذلك نحو قوله: فيا عجبًا حَتَى كليبٌ تَسُبُّني [[تقدم تخريج البيت قريبًا.]] فهذا جملة الكلام في حتى [[ينظر في حتى: "الكتاب" لسيبويه 1/ 96 - 97، 3/ 16 - 27، "المقتضب" للمبرد 2/ 38 - 43، "معاني القرآن" للفراء 1/ 132 - 138، "الأزهية" ص214 - 216، "مغني اللبيب" ص 166 - 176.]]. ومعنى الآية: أن الجهد قد بلغ بالأمم قبل هذه الأمة حتى استبطأوا النصر، فقال الله عز وجل: ألا إن نصر الله قريب فأعلم أولياءه أنه ناصرهم لا محالة، وأن ذلك قريب منهم كما قال ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]. وقوله تعالى: ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ (متى) سؤال عن زمان؛ لأن جوابها يقع بالزمان، ألا ترى أنك تقول: متى زيد خارج؟، فيكون الجواب: يوم الجمعة أو يوم السبت، فإذا كان الاسم الذي يلي (متى) جثة احتاج إلى خبر، كقولك: متى زيد منطلق؟، ولا يجوز أن تقول: متى زيد، وتسكت؛ لأن ظروف الزمان لا تكون خبرًا للجثث، وإن كان الاسم الذي (يلي) [[(هو) في (ي) و (ش).]] (متى) لا يكون جثة، حسن السكوت على ذلك الاسم، كقولك: متى القتال؟ وكما في هذه الآية ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾؛ لأن ظروف الزمان تكون خبرًا للمصادر [[ينظر في متى: "الكتاب" لسيبويه 1/ 217 - 218، "المقتضب" 3/ 63، 289، "الأزهية" 200 - 201، "مغني اللبيب" 440 - 441، قال في "التبيان" ص 131: وموضع متى رفع؛ لأنه خبر المصدر، وعلى قول الأخفش موضعه نصب على الظرف، ونصر مرفوع به.]]. وقوله تعالى ﴿أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ﴾ (ألا) صلةٌ لابتداء الكلام، كأنه تنبيهٌ للمخاطب. قال صاحب النظم: في هذه الآية مبتدآن وجوابان، جمع بين المبتدأين والجوابين، فقوله: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ مبتدآن. وقوله: ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية جوابان لهما، مجموع بينهما، فيحتاج أن يرد كل جواب إلى ابتداء به ليبين نظم الكلام، والتقدير: حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله، فيقول الرسول: ألا إن نصر الله قريب، وإنما قلنا إنه كذلك؛ لأن الرسول لا يشبهه [[في النسخ (أ) و (م) و (ب) يسبهه بدون نقط.]] أن يقول: متى نصر الله، وهذا حسن (لمن) [[ساقطة من (ش).]] تأمله، وذكر عبد الملك بن محمد الصدفي في هذه الآية، يرفعه إلى النبي ﷺ، "أن نبيًا من الأنبياء سأل ربه السعة في الرزق، فأوحى الله إليه: أما يكفيك أني عصمتك أن تكفرني حتى تسألني السعة في الرزق، ولو رضي الله الدنيا لأحد من أوليائه ما نال فيها كافر جرعة ماء، ولكن الله تعالى لم يجعلها ثوابًا لمؤمن ولا عقابًا لكافر"، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)﴾ [العنكبوت: 64]. يريد: الجنة لا موت فيها ولا نصبَ ولا تَعَبَ ولا هَرَمَ ولا سَقَم ولا هَمّ ولا حَزَنَ ولا شيءَ من الضر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب