الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا﴾ تَخَبَّرُوا وَاطْلُبُوا الْخَبَرَ، ﴿مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ وَالتَّحَسُّسُ بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ لَا يَبْعُدُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، إِلَّا أَنَّ التَّحَسُّسَ بِالْحَاءِ فِي الْخَيْرِ وَبِالْجِيمِ فِي الشَّرِّ، والتحسس هُوَ طَلَبُ الشَّيْءِ بِالْحَاسَّةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ الْتَمِسُوا ﴿وَلَا تَيْئَسُوا﴾ وَلَا تَقْنَطُوا ﴿مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ أَيْ: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: مِنْ فَرَجِ اللَّهِ.
﴿إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ .
﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ وَفِيهِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إِلَى مِصْرَ حَتَّى وَصَلُوا إِلَيْهَا فَدَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ أَيِ: الشِّدَّةُ وَالْجُوعُ، ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ﴾ أَيْ: قَلِيلَةٍ رَدِيئَةٍ كَاسِدَةٍ، لَا تُنْفَقُ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ إِلَّا بِتَجَوُّزٍ مِنَ الْبَائِعِ فِيهَا، وَأَصْلُ الْإِزْجَاءِ: السَّوْقُ وَالدَّفْعُ. وَقِيلَ: لِلْبِضَاعَةِ مُزْجَاةٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ نَافِقَةٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ عَلَى دَفْعٍ مَنْ آخِذِهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ دَرَاهِمَ رَدِيئَةً زُيُوفًا [[الدراهم التي ظهر فيها غش ورداءة.]] .
وَقِيلَ: كَانَتْ خِلَقَ الْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ [["الخلق": البالي. "الغرائر": جمع غرارة، وهي وعاء من خيش ونحوه يوضع فيه القمح ونحوه، وهو أكبر من الجوالق. انظر: المعجم الوسيط: ٢ / ٦٤٨.]] .
وَقِيلَ: كَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْأَعْرَابِ مِنَ الصُّوفِ وَالْأَقِطِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَتِ الْحَبَّةَ الْخَضْرَاءَ.
وَقِيلَ: كَانَتْ مِنْ سَوِيقِ الْمُقْلِ [[المقل: حمل الدوم: والدوم يشبه النخل.]] .
وَقِيلَ: كَانَتِ الْأُدْمَ وَالنِّعَالَ [[قال الطبري في معنى "وجئنا ببضاعة مزجاة": بدراهم، أو ثمن لا يجوز في ثمن الطعام إلا لمن يتجاوز فيها ... واختلف أهل التأويل في البيان عن تأويل ذلك، وإن كانت معاني بيانهم متقاربة". التفسير: ١٦ / ٢٣٤، ٢٣٥.]] .
﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ﴾ أَيْ: أَعْطِنَا مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلُ بِالثَّمَنِ الْجَيِّدِ الْوَافِي.
﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ أَيْ: تَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِمَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَلَا تَنْقُصْنَا. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالضَّحَّاكُ: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِرَدِّ أَخِينَا إِلَيْنَا [[قال الطبري تعقيبا على ما ذكره ابن جريج: وهذا القول وإن كان قولا له وجه، فليس بالقول المختار ... لأن الصدقة في متعارف العرب إنما هي: إعطاء الرجل ذا حاجة بعض أملاكه ابتغاء ثواب الله عليه، وإن كان كل معروف صدقة. فتوجيه تأويل كلام الله إلى الأغلب من معناه في كلام من نزل القرآن بلسانه = أولى وأحرى.]] .
﴿إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي﴾ يُثِيبُ، ﴿الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمْ يَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِيكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مُؤْمِنٌ.
وَسُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هَلْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ [[أخرجه الطبري: ١٦ / ٢٤٢. ورده ابن عطية بحديث (نحن معاشر الأنبياء لا تحل لنا الصدقة) انظر: المحرر الوجيز: ٨ / ٦٣.]] ، يُرِيدُ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ حَلَالًا لَهُمْ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَصَدَّقُ وَإِنَّمَا يَتَصَدَّقُ مَنْ يَبْغِي الثَّوَابَ، قُلِ: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي أَوْ تَفَضَّلْ عَلَيَّ [[وبمثله قال مجاهد، فقد سئل: هل يكره أن يقول الرجل في دعائه اللهم تصدق علي؟ فقال: نعم، إنما الصدقة لمن يبغي الثواب. انظر: الطبري: ١٦ / ٢٤٣، الدر المنثور: ٤ / ٥٧٧.]] .
{"ayahs_start":87,"ayahs":["یَـٰبَنِیَّ ٱذۡهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلَا تَا۟یۡـَٔسُوا۟ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ","فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ قَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ"],"ayah":"فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ قَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق