يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنَّهُ نَدَبَ بَنِيهِ عَلَى [[في أ: "إلى".]] الذَّهَابِ فِي الْأَرْضِ، يَسْتَعْلِمُونَ أَخْبَارَ يُوسُفَ وَأَخِيهِ بِنْيَامِينَ.
وَالتَّحَسُّسُ [[في ت: "والتجسس".]] يَكُونُ فِي الْخَيْرِ، وَالتَّجَسُّسُ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ.
ونَهّضهم وَبَشَّرَهُمْ وَأَمْرَهُمْ أَلَّا يَيْأَسُوا مِنْ رُوحِ اللَّهِ، أَيْ: لَا يَقْطَعُوا رَجَاءَهُمْ وَأَمَلَهُمْ مِنَ اللَّهِ فِيمَا يَرُومُونَهُ وَيَقْصِدُونَهُ [[في ت، أ: "ويقصدون له".]] فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ، وَيَقْطَعُ الْإِيَاسَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [[في ت: "الكافرين".]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: فَذَهَبُوا فَدَخَلُوا بلد [[في أ: "بلاد".]] مصر، ودخلوا على يوسف، ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ يَعْنُونَ مِنَ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ وَقِلَّةِ الطَّعَامِ، ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ﴾ أَيْ: وَمَعَنَا ثَمَنُ الطَّعَامِ الَّذِي تَمْتَارُهُ، وَهُوَ ثَمَنٌ قَلِيلٌ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرَّدِيءُ [[في ت، أ: "الردي الذي لا ".]] لَا يَنفُق، مِثْلَ خَلَق الغِرارة، وَالْحَبْلِ، وَالشَّيْءِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: الدَّرَاهِمُ الرَّدِيئَةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ إِلَّا بِنُقْصَانٍ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، والُّسدي.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ [وَعِكْرِمَةُ] [[زيادة من ت، أ.]] هِيَ الدَّرَاهِمُ الفُسُول.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: هُوَ الصَّنَوْبَرُ وَحَبَّةُ الْخَضْرَاءِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَاسِدَةٌ لَا تُنْفَقُ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: جَاءُوا بحَبِّ البُطْم الْأَخْضَرِ وَالصَّنَوْبَرِ.
وَأَصْلُ الْإِزْجَاءِ: الدَّفْعُ لِضَعْفِ الشَّيْءِ، كَمَا قَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:
ليَبْك عَلى مِلْحَانَ ضَيفٌ مُدَفَّعٌ ... وَأرمَلَةٌ تُزْجي مَعَ الَّليْلِ أرمَلا [[البيت في تفسير الطبري (١٦/٢٣٥) .]]
وَقَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
الوَاهبُ المائةِ الهجَان وعَبدِها ... عُوذًا تُزَجِّي خَلْفَها أطْفَالَها [[البيت في تفسير الطبري (١٦/٢٣٥) .]]
* * *
وَقَوْلُهُ إِخْبَارًا عَنْهُمْ: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ﴾ أَيْ: أَعْطِنَا بِهَذَا الثَّمَنِ الْقَلِيلِ مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "فأوقرْ رِكَابَنَا وَتَصَدَّقَ عَلَيْنَا".
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ برَدِّ أَخِينَا إِلَيْنَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ يَقُولُونَ: تَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِقَبْضِ هَذِهِ الْبِضَاعَةِ الْمُزْجَاةِ، وَتَجَوَّزُ فِيهَا.
وَسُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيُيْنَة: هَلْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْهُ [[في أ: "به".]] [[تفسير الطبري (١٦/٢٤٢) .]] .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا وَسُئِلَ: هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ لمن يبتغي الثواب.
{"ayahs_start":87,"ayahs":["یَـٰبَنِیَّ ٱذۡهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلَا تَا۟یۡـَٔسُوا۟ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ","فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ قَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ"],"ayah":"فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ قَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ"}