الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ﴾ قال أهل اللغة [[انظر: الطبري 13/ 49، الثعلبي 7/ 106 أ، البغوي 4/ 271، ابن عطية 8/ 60، "زاد المسير" 4/ 277، القرطبي 9/ 252.]]: التأويل في الكلام متروك يستدل عليه، والتقدير: فخرجوا إلى مصر فلما دخلوا عليه، أي: على يوسف ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرّ﴾ أي: أصابنا ومن يختص بنا الجوع والحاجة، {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزجَنةٍ} معني الإزجاء في اللغة [["تهذيب اللغة" (زاج) 2/ 1511، و"اللسان" (زجا) 3/ 1815.]]: السَّوْق [[في (ب): (السرق).]] والدفع قليلاً قليلا، ومثله: التزجية، يقال: الريح يزجي السحاب، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا﴾ [النور: 43]، والبقرة تُزَجّى ولدها: اى تسوقه، قال وأمّ عَيْنَاء تُزَجِّي معها إِزْجَاء [[من الرجز، ولم أقف عليه.]] وزجيت فلانًا، بالقول أي [[(أي) ساقط من (ب).]]: دافعته. وقال [[البيان من الرجز، وهما بلا نسبة في تهذيب (زاج) 2/ 1511، "واللسان" (زجا) 3/ 1815 برواية (داجيته).]]: وصَاحِبٍ ذِي غِمْرةٍ زاجَيْتُه ... زَجَّيْتُه بالقَوْلِ وازدَجَيْته وفلان يزجِّي العيش، أي: يدفع بالقليل ويكتفي به، يقال [["تهذيب اللغة" (زاج) 2/ 1511.]]: زاجيت أيامي وزجّيتها أي: دافعتها بقوت قليل، وفلان يتزَجَّى باليسير، أي: يقنع، وأنشد الليث [[الرجز بلا نسبة وهو كما يلي: تزج من دنياك بالبلاغ وباكر المعدة بالدِّباغ بكسرة جيِّدة المضاغ بالملح أو ما خف من صباغ وهو في "اللسان" (زجا) 3/ 1815، (بلغ) 1/ 346، (صبغ) 4/ 2395، و"تاج العروس" (بلغ) 12/ 8، (صبغ) 12/ 40، (وضع) 11/ 516، وأساس البلاغة (زجى).]]: تَزَجَّ من دُنْيَاكَ بالبَلَاغِ بكسْرَةٍ لينةِ المِضَاغِ بالمِلْحِ أو ما جَفَّ في الصِّبَاغِ هذا معنى الإزجاء في اللغة، قال ابن عباس [[الطبري 13/ 50، وأبو عبيد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 62، الثعلبي 7/ 106 أ، و"زاد المسير" 4/ 278، والقرطبي 9/ 253.]]: كانت دراهم رديئة زيوفًا لا تنفق في ثمن الطعام، هذا قوله في رواية عكرمة وباذان، وفسر في رواية عطاء كيف كانت الدراهم فقال [[القرطبي 9/ 253، الرازى 18/ 201.]]: وذلك أن دراهم مصر كانت يضرب فيها صورة يوسف، والتي جاءوا بها ليست فيها صورة يوسف، فهي أدنى لا تجوز مجاز تلك، وهذا قول سعيد بن جبير [[ذكره الطبري 13/ 51 بسنده عن سعيد بن جبير وعكرمة ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ﴾ قال سعيد ناقصة، وقال عكرمة: دراهم فسول، وانظر الطبري 13/ 51، وابن أبي حاتم 7/ 2192.]]: أنها كانت دراهم فُسُولا، واختيار الفراء [["معاني القرآن" 2/ 55.]]: قال قدموا مصر ببضاعة فباعوها بدراهم لا تنفق في الطعام بسعر الجياد. وروى سعيد عن قتادة [[الطبري 13/ 52، عبد الرزاق 2/ 328.]]: ﴿بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاة﴾ قال يسيرة، وقال عبد الله بن الحارث [[الطبري 13/ 52.]]: قليلة، وهو قول الحسن [[الطبري 13/ 52، وابن عطية 8/ 62، وابن أبي حاتم 7/ 2192، و"البحر" 5/ 340، الرازى 18/ 201.]] والكلبي [[البغوي 4/ 272 من غير عزو.]] ومجاهد [[الطبري 13/ 52، و"زاد المسير" 4/ 277.]] في رواية عبد الوهاب، وابن عباس [[البخاري "فتح" 8/ 208.]] في رواية ابن جريج، عن محمد بن المرتفع قال: قليلة خلف الغرارة [[الغرارة: الجُوَالق، واحدة الغرائر. "تهذيب اللغة" 3/ 2651، و"اللسان" 6/ 3236.]] والحبل، ونحو هذا قال إبراهيم [[الطبري 13/ 53.]] وابن زيد [[الطبري 13/ 53.]]. ثم اختلفوا في هذه البضاعة الرديئة القليلة أيش كانت، وذكرنا قول ابن عباس فيها في رواية ابن جريج ومثله روى عنه ابن أبي مليكة [[الطبري 13/ 50، وعبد الرزاق 2/ 328، وسعيد بن منصور وابن أي حاتم 7/ 2191، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 64، والثعلبي 7/ 106 أ.]] وهو قول ابن زيد. وقال الحسن [[الثعلبي 7/ 106 ب، و"زاد المسير" 4/ 277.]]: كانت إقطًا، وقال عبد الله بن الحارث [[الطبرى 13/ 51، وابن المنذر وابن أبي حاتم 7/ 2191، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 62، والثعلبي 7/ 106 أ، وابن عطية 8/ 62، و"زاد المسير" 4/ 277.]]: السمن والصوف كمتاع الأعراب، وقال جويبر عن الضحاك [[الثعلبي 7/ 106 ب، البغوي 4/ 272، "زاد المسير" 4/ 277، القرطبي 9/ 253.]]: النعال والأدم. وقال مقاتل بن حيان [[الثعلبى 7/ 106 ب، البغوي 4/ 272.]]: حبة الخضراء [[الحبة الخضراء هي الفستق، و"البحر المحيط" 5/ 340.]]، والضوبر، وهو قول الكلبي [[الطبري 13/ 51 عن أبي صالح، ابن أبي حاتم 7/ 2191، وأبو الشيخ عنه أيضًا كما في "الدر" 4/ 62، الثعلبي 7/ 106 ب، البغوي 4/ 272، "تنوير المقباس" ص 153.]]. واختلف أهل المعاني: لِمَ سميت البضاعة القليلة الرديئة مزجاة؟ فقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 127.]]: من قولهم: فلان يزجي العيش، أي: يدفع بالقليل ويكتفى به، والمعنى على هذا: أنا جئنا ببضاعة إنما يُدافع بها ويتقوت ليست مما يتسع به، وعلى ما ذكر يجب أن يكون التقدير ببضاعة مزجاة بها الأيام. وقال أبو عبيد [[الرازي 18/ 201، و"زاد المسير" 4/ 278، ونسبه إلى أبي عبيدة، ولم أجده في "مجاز القرآن".]]: إنما قيل للدراهم الرديئة مزجاة؛ لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممن ينفقها، قال: وهي من الإزجاء، والإزجاء عند العرب: السَّوْق والدَّفْع، وأنشد [[نسبه الطبري 13/ 50 إلى حاتم، وعلق محمود شاكر بقوله: ليس في ديوانه، وأنشده ابن بري غير منسوب "اللسان" (رمل) 3/ 1735، والظاهر أن الشعر لحاتم؛ لأن (ملحان) هوابن عمه -ملحان بن حارثة بن سعد بن الحشرج الطائي- وكنت وقفت على أبيات من هذا الشعر، ثم أضعتها اليوم. انظر: "ديوانه" 86، و"الزاهر" 2/ 97، و"السان" (رمل) 3/ 1735، وابن عطية 8/ 61، و"البحر المحيط" 5/ 340، و"الدر المصون" 6/ 550، و"زاد المسير" 4/ 278.]]: ليَبْكِ على مِلْحَانَ ضَيْفٌ مُدَفَعٌ ... وأرْمَلة تُزْجِي مع اللَّيلِ أرْمَلا أي: تدفع وتسوق، وقال غيره [[الرازي 18/ 202، و"معاني القرآن" للنحاس 3/ 456.]] (بضاعة مزجاة) مؤخرة مدفوعة عن الإنفاق، لا ينفق [[(لا ينفق) ساقط من (أ)، (ج).]] مثلها إلا من اضطر واحتاج إليها، لفقد غيرها مما هو أجود منها. وقال الكلبي [[و [[في (أ)، (ج): (لا يدرون).]] و [[الطبري 13/ 53، الثعلبي 7/ 106 ب، الرازي 18/ 202.]] الرازى 18/ 202.]]: مزجاة لغة العجم. قال الهيثم بن عدي (¬2): هي من لغة القبط. قال الأنباري (¬3): لا ينبغي أن يجعل حرف عربي معروف المباني والاشتقاق والتصرف منسوبًا إلى القبط ودونهم؛ إذ كلام أولئك يدور [[الطبري 13/ 53، الثعلبي 7/ 106 ب، البغوي 4/ 272، ابن عطية 8/ 63.]] على ألسنة العرب، ولا يتصرف على مباني كلامهم. وقوله تعالى: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ﴾ قال المفسرون [["زاد المسير" 4/ 278.]]: سألوه مساهلتهم في النقد وإعطائهم بدراهمهم مثل ما يعطى بغيرها من الجياد، إذ كانوا قد باعوا بها متاعهم في مدينته، فسألوه أن يأخذها منهم ولا ينقصهم. وقوله تعالى: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ أكثر المفسرين [[الطبرى 13/ 53، الثعلبي 7/ 106 ب، ابن عطية 8/ 63، البغوي 4/ 272، "زاد المسير" 4/ 279، القرطبي 9/ 254.]] على أن هذا التصدق معناه: المسامحة بما بين الثمنين، وأن يسعر لهم بالرديء كما يسعر بالجيد، وعلى هذا سمي ذلك تصدقًا؛ لأن الذي سألوه كان مُشْبهًا للتصدق، وليس هو تصدقًا على ما يسبق إليه الظن، قاله أبو بكر (¬7)، وعلى هذا لا تدل الآية على أن الصدقة كانت تحل لهم، واستدل سفيان بن عيينة (¬8) على أن الصدقة كانت حلًّا للأنبياء قبل نبينا محمد عليه السلام بهذه الآية، وعلى قول سفيان: سألوه أن يتصدق عليهم بشيء زيادة على ما يستحقونه ببضاعتهم المزجاة، وقول العامة: أشبه بحال الأنبياء وأولاد الأنبياء؛ إذ هم يأنفون عن الخضوع للمخلوقين، ويغلب عليهم الانقطاع إلى الله تعالى والاستغناء بأقسامه [[قلت: وهذا هو الراجح أنهم لم يقصدوا الصدقة التي حُرمت على الأنبياء قال ابن عطية 8/ 63 عن قول سفيان: وهذا ضعيف يرده حديث النبي ﷺ في قوله: "نحن معاشر الأنبياء لا تحل لنا الصدقة". وانظر: الرازي 18/ 202.]]، وروي عن الحسن [[الثعلبي 7/ 106 ب، البغوي 4/ 272، القرطبي 9/ 255، الرازي 18/ 202.]] ومجاهد [[الطبري 13/ 54، وأبو عبيد وابن المنذر كما في "الدر" 4/ 62، الرازي 18/ 202.]]: أنهما كرها أن يقول الرجل في دعائه: اللهم تصدق عليّ؛ لأن الصدقة ممن يبتغي الثواب. والتصدق إعطاء الصدقة، فالمتصدق المعطي، وأجاز الليث [[الرازي 18/ 202، وانظر: "تهذيب اللغة" (صدق) 2/ 1991.]] أن يقال: للسائل متصدق، وأبى ذلك أهل اللغة [["تهذيب اللغة" 2/ 1991 (صدق).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب