الباحث القرآني

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى صلح وطهر من هذا الذنب، وقرأ ابن محيص ويعقوب: زكّى بالتشديد أي طهّر، دليلها قوله سبحانه وتعالى وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهّر مَنْ يَشاءُ من الإثم والذنب بالرحمة والمغفرة وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال: حدّثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك قال: حدّثنا على بن زنجويه قال: حدّثنا سعيد بن سيف التميمي قال: حدّثنا غالب بن تميم السعدي قال: حدّثنا خالد بن جميل عن موسى بن عقبة المديني عن أبي روح الكلبي عن حر بن نصير الحضرمي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ‎: «أيّما رجل شدّ عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في ظلّ سخط الله سبحانه حتى ينزع، وأيّما رجل حال في شفاعة دون حدّ من حدود الله تعالى أن يقام فقد كايد الله حقّا وحرص على سخطه وأن عليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة، وأيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يريد أن يشينه بها في الدنيا كان حقّا على الله أن يذيبه في النار، وأصله في كتاب الله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ الآية [[تفسير القرطبي: 12/ 206. بتفاوت.]] . وَلا يَأْتَلِ ولا يحلف، هذه قراءة العامة وهو يفتعل من الأليّة وهي القسم، وقال الأخفش: وإن شئت جعلته من قول العرب: ما ألوت جهدي في شأن فلان أي ما تركته، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو مخلد السدوسي وأبو جعفر وزيد بن أسلم (ولا يتأل) بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يفتعل من الألية والألو. أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ يعني أبا بكر الصدّيق أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني مسطحا، وكان مسكينا مهاجرا بدريا، وكان ابن خالة أبي بكر رضي الله عنه. وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا عنهم خوضهم في أمر عائشة. وروت أسماء بنت يزيد أنّ النبي ﷺ‎ قرأ ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء [[تفسير مجمع البيان: 7/ 233. ولكن رواه عن علي (عليه السلام) .]] . أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. فلمّا قرأها رسول الله ﷺ‎ على أبي بكر قال: بلى أنا أحب أن يغفر الله لي، ورجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. وقال ابن عباس والضحّاك: أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر ألّا يتصدقوا على رجل تكلّم بشيء من الإفك ولا ينفعونهم فأنزل الله سبحانه هذه الآية. إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ عن الفواحش وعما قذفن به كغفلة عائشة عمّا فيها الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا عذّبوا فِي الدُّنْيا بالجلد وفي الآخرة بالنار وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ واختلف العلماء في حكم الآية، فقال قوم: هي لعائشة وأزواج النبي ﷺ‎ خاصة دون سائر المؤمنات. أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدّثنا هارون بن محمد بن هارون قال: حدّثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدّثنا هشام عن العوّام بن حوشب قال: حدّثنا شيخ من بني كاهل قال: فسّر ابن عباس سورة النور، فلمّا أتى على هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ إلى آخر الآية، قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي ﷺ‎ خاصة، وهي مبهمة ليس فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله سبحانه له توبة، ثمّ قرأ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ إلى قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة، قال: فهّم رجل أن يقوم فيقبّل رأسه من حسن ما فسّره. وقال آخرون: نزلت هذه الآية في أزواج النبي ﷺ‎ فكان ذلك كذلك حتى نزلت الآية التي في أول السورة وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ إلى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فأنزل الله له الجلد والتوبة، فالتوبة تقبل والشهادة ترد. وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حيّان قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدّثنا علي بن علي عن أبي حمزة الثمالي قال: بلغنا أنها نزلت في مشركي أهل مكة إذ كان بينهم وبين رسول الله ﷺ‎ عهد، فكانت المرأة إذا خرجت الى رسول الله ﷺ‎ إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا: إنما خرجت تفجر. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ قرأه العامة بالتاء، وقرأ أهل الكوفة إلّا عاصما بالياء لتقدّم الفعل. أَلْسِنَتُهُمْ وهذا قبل أن يختم على أفواههم، وقيل: معناه: يشهد ألسنة بعضهم على بعض وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ في الدنيا يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ جزاءهم وحسابهم الْحَقَّ قرأه العامة بنصب القاف، وقرأ مجاهد الْحَقُّ بالرفع على نعت الله وتصديقه، قراءة أبي يوفهم الله الحق دينهم. وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ يبيّن لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا. الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ الآية. قال أكثر المفسّرين: الْخَبِيثاتُ من القول لِلْخَبِيثِينَ من الناس وَالْخَبِيثُونَ من الناس لِلْخَبِيثاتِ من القول وَالطَّيِّباتُ من القول لِلطَّيِّبِينَ من الناس وَالطَّيِّبُونَ من الناس لِلطَّيِّباتِ من القول. وقال ابن زيد: الْخَبِيثاتُ من النساء لِلْخَبِيثِينَ من الرجال، وَالْخَبِيثُونَ من الرجال لِلْخَبِيثاتِ من النساء، وَالطَّيِّباتُ من النساء لِلطَّيِّبِينَ من الرجال، وَالطَّيِّبُونَ من الرجال لِلطَّيِّباتِ من النساء. أُولئِكَ يعني عائشة وصفوان فذكرهما بلفظ الجمع كقوله فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ [[سورة النساء: 11.]] والمراد أخوان. مُبَرَّؤُنَ منزّهون مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ. أخبرنا أبو نصر النعمان بن محمد بن النعمان الجرجاني بها قال: أخبرنا محمد بن عبد الكريم الباهلي قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي قال: حدّثنا بشر بن الوليد الكندي قال: حدّثنا أبو حفص عن سليمان الشيباني عن علي بن زيد بن جدعان عن جدّته عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعا ما أعطيت امرأة، لقد نزل جبرئيل (عليه السلام) بصورتي في راحته حين أمر رسول الله ﷺ‎ أن يتزوّجني، ولقد تزوّجني بكرا وما تزوّج بكرا غيري، ولقد توفّي وإنّ رأسه لفي حجري، ولقد قبر في بيتي، ولقد حفّت الملائكة في بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه، وإنّي لابنة خليفته وصدّيقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خلقت طيّبة وعند طيّب، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب