* الوقفات التدبرية
١- ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ﴾
والكلام كناية عن اتباع الشيطان، وامتثال وساوسه؛ فكأنه قيل: لا تتبعوا الشيطان في شيء من الأفاعيل؛ التي من جملتها إشاعة الفاحشة، وحبها. [الألوسي:٩/٣٢٠]
السؤال: لماذا نهى الله عن اتباع خطوات الشيطان؛ ولم ينه عن اتباعه مباشرة؟
٢- ﴿ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِي﴾
والآية على العموم عند بعض المفسرين؛ قالوا: أخبر اللّه أنه لولا فضله ورحمته بالعصمة ما صلح منكم أحد. [البغوي:٣/٢٨١]
السؤال: هل يستطيع أحد أن يعصم نفسه من المخالفة؟
٣- ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُو۟لُوا۟ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوٓا۟ أُو۟لِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينَ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا۟ وَلْيَصْفَحُوٓا۟ ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
نزلت الآية بسبب أبي بكر الصديق-رضي الله عنه- حين حلف أن لا ينفق على مسطح لما تكلم في حديث الإفك، وكان ينفق عليه لمسكنته، ولأنه قريبه، وكان ابن بنت خالته، فلما نزلت الآية رجع إلى مسطح النفقة والإحسان، وكفر عن يمينه. قال بعضهم: هذه أرجى آية في القرآن؛ لأن الله أوصى بالإحسان إلى القاذف، ثم إن لفظ الآية على عمومه في أن لا يحلف أحد على ترك عمل صالح، ﴿ألا تُحِبونَ أَنْ يَغفِرَ الله لَكُم﴾ أي: كما تحبون أن يغفر الله لكم، كذلك اغفروا أنتم لمن أساء إليكم، ولما نزلت قال أبو بكر رضي الله عنه: «إني لأحب أن يغفر الله لي»، ثم ردّ النفقة إلى مسطح . [ابن جزي:٢/٨٧]
السؤال: هل أخطاء الآخرين في حقك توجب ترك الإحسان إليهم؟
٤- ﴿وَلْيَصْفَحُوٓا۟ ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
فإن الجزاء من جنس العمل؛ فكما تغفر ذنب من أذنب إليك يغفر الله لك، وكما تصفح يصفح عنك. [ابن كثير:٣/٢٦٧]
السؤال: تحدث عن قاعدة ﴿الجزاء من جنس العمل﴾ من خلال الآية.
٥- ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْغَٰفِلَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ لُعِنُوا۟ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
والغافلة عن الفاحشة أي: لا يقع في قلبها فعل الفاحشة، وكانت عائشة -رضي الله عنها- كذلك. [البغوي:٣/٢٨٢]
السؤال: كيف تكون الغفلة عن الفواحش والمنكرات؟
٦- ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ﴾
لأن لهذه الأعضاء عملاً في رمي المحصنات؛ فهم ينطقون بالقذف، ويشيرون بالأيدي إلى المقذوفات، ويسعون بأرجلهم إلى مجالس الناس لإبلاغ القذف. [ابن عاشور:١٨/١٩١]
السؤال: لماذا خصت هذه الأعضاء بالذكر دون بقية الأعضاء؟
٧- ﴿ٱلْخَبِيثَٰتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَٰتِ ۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾
قال أبو السائب القاضي: كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي...، وكان بحضرته رجل، فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام: اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي ﷺ؛ قال الله تعالى: ﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرأون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم﴾؛ فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي ﷺ خبيث، فهو كافر، فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه و أنا حاضر. رواه اللالكائي. [ابن تيمية:٤/٥٠٥]
السؤال: الطعن في أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- طعن في النبي ﷺ بين ذلك.
* التوجيهات
١- لا تحلف على قطيعة رحم أو ترك معروف، وإن حلفت فارجع في يمينك، وكفِّر عنها، ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُو۟لُوا۟ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوٓا۟ أُو۟لِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينَ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾
٢- عظم ذنب قذف المحصنات الغافلات المؤمنات, ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْغَٰفِلَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ لُعِنُوا۟ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
٣- تذكر تكلم الجوارح، وشهادتها على قولك وعملك يوم القيامة، ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ﴾
* العمل بالآيات
١- اطلب من الله، وألح عليه أن يزكي نفسك, ﴿ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ﴾
٢- أحسن إلى شخص أساء إليك, ﴿وَلْيَعْفُوا۟ وَلْيَصْفَحُوٓا۟ ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
٣- تعلم آداب الاستئذان، وطبقها, ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدْخُلُوا۟ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰٓ أَهْلِهَا﴾
* معاني الكلمات
﴿خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ طُرُقَهُ، وَمَذَاهِبَهُ.
﴿مَا زَكَى﴾ مَا تَطَهَّرَ مِنَ الذُّنُوبِ.
﴿وَلاَ يَأْتَلِ﴾ لاَ يَحْلِفْ.
﴿أُولُو الْفَضْلِ﴾ أَهْلُ الفَضْلِ فِي الدِّينِ، وَالمَالِ.
﴿الْغَافِلاَتِ﴾ العَفِيفَاتِ اللَّوَاتِي لَمْ تَخْطُرِ الفَاحِشَةُ بِقُلُوبِهِنَّ.
﴿لُعِنُوا﴾ طُرِدُوا وَأُبْعِدُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ.
﴿دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ جَزَاءَهُمْ بِالعَدْلِ.
﴿تَسْتَأْنِسُوا﴾ تَسْتَأْذِنُوا أَهْلَ البُيُوتِ، وسُمِّيَ الاِسْتِئْذَانُ اسْتِئْنَاسًا؛ لأِنَّهُ يُزِيلُ الوَحْشَةَ مِنَ القَادِمِ.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ وَمَن یَتَّبِعۡ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَإِنَّهُۥ یَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدࣰا وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُزَكِّی مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ","وَلَا یَأۡتَلِ أُو۟لُوا۟ ٱلۡفَضۡلِ مِنكُمۡ وَٱلسَّعَةِ أَن یُؤۡتُوۤا۟ أُو۟لِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ وَلۡیَعۡفُوا۟ وَلۡیَصۡفَحُوۤا۟ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡغَـٰفِلَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ لُعِنُوا۟ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ","یَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَیۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","یَوۡمَىِٕذࣲ یُوَفِّیهِمُ ٱللَّهُ دِینَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَیَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِینُ","ٱلۡخَبِیثَـٰتُ لِلۡخَبِیثِینَ وَٱلۡخَبِیثُونَ لِلۡخَبِیثَـٰتِۖ وَٱلطَّیِّبَـٰتُ لِلطَّیِّبِینَ وَٱلطَّیِّبُونَ لِلطَّیِّبَـٰتِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا یَقُولُونَۖ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتًا غَیۡرَ بُیُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُوا۟ وَتُسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَهۡلِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ"],"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ وَمَن یَتَّبِعۡ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَإِنَّهُۥ یَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدࣰا وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُزَكِّی مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}