قوله عزّ وجلّ:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَيْطانِ ومَن يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَيْطانِ فَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ والمُنْكَرِ ولَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكم ورَحْمَتُهُ ما زَكا مِنكم مِن أحَدٍ أبَدًا ولَكِنَّ اللهِ يُزَكِّي مِن يَشاءُ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
هَذا الخِطابُ عامٌّ لِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ، و"خُطُواتِ" جَمْعُ خُطْوَةٍ، وهي ما بَيْنَ القَدَمَيْنِ في المَشْيِ، فَكَأنَّ المَعْنى: لا تَمْشُوا في سُبُلِهِ وطُرُقِهِ مِنَ الأفْعالِ الخَبِيثَةِ. وقالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ "خُطُواتِ" جَمْعُ خَطَأٍ مِنَ الخَبِيثَةِ وسُهِّلَتِ الهَمْزَةُ فَنَطَقَ بِها خُطُواتِ. وقَرَأ بِضَمِّ الطاءِ مِن "خُطُواتِ" الجُمْهُورُ، وقَرَأ بِسُكُونِها عاصِمْ، والأعْمَشُ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: "ما زَكى" بِتَخْفِيفِ الكافِ، أيْ: ما اهْتَدى ولا أسْلَمَ ولا عَرَفَ رُشْدًا، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ، والحُسْنُ، والأعْمَشُ: "ما زَكّى" بِشَدِّ الكافِ، أيْ: تَزْكِيَتُهُ لَكم وتَطْهِيرُهُ وهِدايَتُهُ إنَّما هي بِفَضْلِهِ لا بِأعْمالِكم وتَحَرُّزِكم مِنَ المَعاصِي. ثُمْ ذَكَرَ تَعالى أنَّهُ يُزَكِّي مَن يَشاءُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ السَعادَةُ وكانَ عَمَلُهُ الصالِحُ أمارَةً عَلى سَبْقِ السَعادَةِ لَهُ.
ثُمْ أخْبَرَ تَعالى بِأنَّهُ سَمِيعٌ لِجَمِيعِ أقْوالِهِمْ وكَلامِهِمْ مِن قَذْفٍ وغَيْرِهِ، عَلِيمٌ بِحَقِّ ذَلِكَ مِن باطِلِهِ، لا يَجُوزُ عَلَيْهِ في ذَلِكَ وهم ولا غَلَطٌ.
(p-٣٦٢)
{"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ وَمَن یَتَّبِعۡ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَإِنَّهُۥ یَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدࣰا وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُزَكِّی مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}