الباحث القرآني
قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً قال الطبريُّ عن السُّدِّيِّ: إنَّ السائلَ ثابتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ [[أخرجه الطبري (2/ 393) برقم (4237) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 298) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 461) ، وعزاه لابن جرير.
وهو ثابت بن الدّحداح بن نعيم بن غنم بن إياس، حليف الأنصار. وكان بلويّا، حالف بني عمرو بن عوف. ويقال: ثابت بن الدحداحة. ويكنى أبا الدحداح، وأبا الدحداحة. ينظر: «الإصابة» (1/ 503) (العلمية) .]] ، وقال قتادةُ وغيره: إِنما سألوه لأنَّ العرب في المدينةِ وما والاها، كانُوا قد استنوا بسُنَّة بني إِسرائيل في تجنُّب مواكلة الحائِضِ، ومساكَنَتِها، فنزلَتِ الآية [[أخرجه الطبري (2/ 393) برقم (4234) ، وذكره ابن عطية (1/ 298) . والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 462) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة.]] .
وقوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ يريدُ: جماعَهُنَّ بما فسّر من ذلك رسول الله ﷺ مِنْ أنْ تشدَّ الحائِضُ إِزارها، ثُمَّ شأنُه بأعلاها.
قال أحمد بن نصر الداوديّ: روي أنّ رسول الله ﷺ قَالَ: «اتقوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ فَإِنَّ الجُذَامَ يَكُونُ مِنْ أَوْلاَدِ المَحِيضِ» [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 259) ، وعزاه لابن المنذر.]] انتهى.
قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، وقرأ حمزة [[ينظر: «السبعة» (182) ، و «الكشف» (1/ 293) ، و «الحجة» (2/ 321) ، و «حجة القراءات» (134، 135) ، و «العنوان» (74) ، و «شرح الطيبة» (4/ 99) ، و «شرح شعلة» (290، 291) ، و «معاني القراءات» للأزهري (1/ 202) ، و «إتحاف» (1/ 438) .]] وغيره «يَطَّهَّرْنَ» بتشديد الطاء والهاء، وفتحهما، وكلُّ واحدة من القراءَتَيْنِ يحتملُ أنْ يراد بها الاِغتسالُ بالماء، وأن يراد بها انقطاعُ الدمِ، وزوالُ أذاه، قال ابنُ العربيُّ في «أحكامه» [[ينظر: «الأحكام» (10/ 164) .]] : سمعْتُ أبا بكر الشَّاشِيَّ [[القاسم بن القفال الكبير الشاشي محمد بن علي، مصنف «التقريب» ، كان إماما جليلا حافظا، برع في حياة أبيه، قال العبادي: إن كتابه «التقريب» قد تخرج به فقهاء خراسان، وازدادت طريقة أهل العراق به حسنا، وقد أثنى البيهقي على التقريب، وقال فيه الأسنوي: ولم أر في كتب الأصحاب أجلّ منه.
ينظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 187) ، «هدية العارفين» (1/ 827) ، «طبقات الأسنوي» (ص 108) .]] يقولُ: إِذا قيل: لا تَقْرَبْ بفتح الراء، كان معناه: لا تَلْتَبِسْ بالفعلِ، وإِذا كان بضم الراء، كان معناه لا تَدْن منه. انتهى.
وجمهورُ العلماء على أنَّ وطأها في الدَّمِ ذنْبٌ عظيمٌ يتاب منْه، ولا كفَّارة فيه بمالٍ [[اتفق أهل العلم على تحريم غشيان الحائض، ومن فعله عالما عصى، ومن استحلّه كفر لأنه محرّم بنصّ القرآن، ولا يرتفع التّحريم حتى ينقطع الدم وتغتسل عند أكثر أهل العلم، وهو قول سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، ومجاهد، والحسن، وإبراهيم، وإليه ذهب عامة العلماء، لقوله سبحانه وتعالى:
فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أي: اغتسلن.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز غشيانها بعد ما انقطع دمها لأكثر الحيض قبل الغسل.
واختلف أهل العلم في وجوب الكفّارة بوطء الحائض، فذهب أكثرهم إلى أنه يستغفر الله ولا كفّارة عليه، وهو قول سعيد بن المسيّب، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النّخعي، والقاسم، وعطاء، والشّعبي، وابن سيرين، وبه قال ابن المبارك، والشّافعيّ، وأصحاب الرأي.
وذهب جماعة إلى إيجاب الكفّارة بإتيان الحائض، منهم قتادة والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وقاله الشافعي في القديم، لما روى عن ابن عبّاس، أنّ النّبيّ ﷺ قال في رجل جامع امرأته وهي حائض.،
قال: «إن كان الدّم عبيطا، فليتصدّق بدينار، وإن كان صفرة، فنصف دينار» .
أخرجه الترمذي (1/ 245) ، أبواب الطهارة: باب ما جاء في الكفارة في ذلك (137) ، وفي سنده عبد الكريم بن أبي المخارق، ضعيف كما في «التقريب» (1/ 516) ، وللحديث طرق أخرى قد بسطها الشيخ شاكر في شرحه للترمذي (1/ 245- 254) ، فانظرها ففيها فوائد.
قال أبو عيسى: حديث الكفّارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفا، وروي أنه قال: «إن أصابها في فور الدّم تصدّق بدينار، وإن كان في انقطاع الدم، فنصف دينار» .
وقال قتادة: دينار للحائض، ونصف دينار إذا أصابها قبل الغسل. وقال أحمد: يتخيّر بين الدّينار والنصف، وقال الحسن: عليه ما على المجامع في نهار رمضان.
ومن لم يوجب الكفارة، ذهب إلى أن حديث ابن عبّاس لا يصحّ متّصلا مرفوعا. ينظر: «شرح السنة» (1/ 409- 410) .]] ، وجمهُورهم على أن الطُّهْر الذي يُحِلُّ جماعَ الحائِض، هو بالماءِ كطهر الجُنُب، ولا يجزىء من ذلك تَيَمُّمٌ ولا غيره.
وقوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ ... الآية: الخلافُ فيها كما تقدَّم، وقال مجاهدٌ وجماعةٌ: تَطَهَّرْنَ، أي: اغتسلن بالماء [[أخرجه الطبري (2/ 398- 399) برقم (4273) . -- وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 197) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 299) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 465) ، وعزاه لسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق في «المصنف» ، وابن جرير، وابن المنذر، والنحاس عن مجاهد.]] بقرينةِ الأمر بالإِتيان لأنَّ صيغة الأمر من الله تعالى لا تقعُ إِلا على الوَجْه الأكمل، وفَأْتُوهُنَّ: أمر بعد الحَظْر يقتضي الإِباحة، والمعنى: من حيثُ أمركم اللَّه باعتزالهن، وهو الفَرْج، أو من السُّرَّة إِلى الرُّكْبة على الخلاف في ذلك، وقال ابن عبَّاس: المعنى: من قِبَلِ الطُّهْرِ، لا من قِبَلِ الحَيض [[أخرجه الطبري (2/ 401) برقم (4292) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 99) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 466) ، وعزاه إلى الدارمي، وابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس.]] ، وقيل: المعنى مِنْ قِبَلِ حالِ الإِباحة، لا صائماتٍ ولا مُحْرِماتٍ، ولا غيرَ ذلك، والتَّوَّابُون:
الرجَّاعون، وعُرْفُهُ من الشَّرِّ إِلى الخير، والمُتَطَهِّرْونَ: قال عطاءٌ وغيره: المعنى: بالماء [[أخرجه الطبري (2/ 403) برقم (4304- 4305- 4306) ، وذكره البغوي (1/ 198) ، وابن عطية (1/ 299) ، والسيوطي (1/ 466) ، وعزاه لوكيع، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عطاء.]] ، وقال مجاهد وغيره: المعنى: من الذنوب [[أخرجه الطبري (2/ 403) برقم (4308) ، وذكره البغوي (1/ 198) ، وابن عطية (1/ 299) .]] .
{"ayah":"وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِیضِۖ قُلۡ هُوَ أَذࣰى فَٱعۡتَزِلُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ فِی ٱلۡمَحِیضِ وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ یَطۡهُرۡنَۖ فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَیۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلتَّوَّ ٰبِینَ وَیُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق