الباحث القرآني

﴿وَيَسْألُونَكَ عَنِ المَحِيضِ﴾ رُوِيَ (أنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ كانُوا لا يُساكِنُونَ الحَيِّضَ ولا يُؤاكِلُونَها، كَفِعْلِ اليَهُودِ والمَجُوسِ، واسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلى أنْ سَألَ أبُو الدَّحْداحِ في نَفَرٍ مِنَ الصَّحابَةِ عَنْ ذَلِكَ) فَنَزَلَتْ. والمَحِيضُ مَصْدَرٌ كالمَجِيءِ والمَبِيتِ، ولَعَلَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى إنَّما ذَكَرَ يَسْألُونَكَ بِغَيْرِ واوٍ ثَلاثًا ثُمَّ بِها ثَلاثًا، لِأنَّ السُّؤالاتِ الأُوَلَ كانَتْ في أوْقاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ والثَّلاثَةَ الأخِيرَةَ كانَتْ في وقْتٍ واحِدٍ فَلِذَلِكَ ذَكَرَها بِحِرَفِ الجَمْعِ. ﴿قُلْ هو أذًى﴾ أيِ الحَيْضُ شَيْءٌ مُسْتَقْذَرٌ مُؤْذٍ مَن يَقْرَبُهُ نَفْرَةً مِنهُ. ﴿فاعْتَزِلُوا النِّساءَ في المَحِيضِ﴾ فاجْتَنِبُوا مُجامَعَتَهم لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «إنَّما أُمِرْتُمْ أنْ تَعْتَزِلُوا مُجامَعَتَهُنَّ إذا حِضْنَ ولَمْ يَأْمُرْكم بِإخْراجِهِنَّ مِنَ البُيُوتِ كَفِعْلِ الأعاجِمِ» . وهو الِاقْتِصادُ بَيْنَ إفْراطِ اليَهُودِ، وتَفْرِيطِ النَّصارى فَإنَّهم كانُوا يُجامِعُوهُنَّ ولا يُبالُونَ بِالحَيْضِ. وَإنَّما وصْفُهُ بِأنَّهُ أذًى ورَتَّبَ الحُكْمَ عَلَيْهِ بِالفاءِ إشْعارًا بِأنَّهُ العِلَّةُ. ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ﴾ تَأْكِيدٌ لِلْحُكْمِ وبَيانٌ لِغايَتِهِ، وهو أنْ يَغْتَسِلْنَ بَعْدَ الِانْقِطاعِ ويَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحًا قِراءَةُ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ وعاصِمٍ في رِوايَةِ ابْنِ عَبّاسٍ « يَطَّهَّرْنَ» أيْ يَتَطَهَّرْنَ بِمَعْنى يَغْتَسِلْنَ والتِزامًا لِقَوْلِهِ: ﴿فَإذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ فَإنَّهُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ جَوازِ الإتْيانِ عَنِ الغُسْلِ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ إذا طَهُرَتْ لِأكْثَرِ الحَيْضِ جازَ قُرْبانُها قَبْلَ الغُسْلِ. ﴿مِن حَيْثُ أمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ أيِ المَأْتى الَّذِي أمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ وحَلَّلَهُ لَكم. ﴿إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ﴾ مِنَ الذُّنُوبِ. ﴿وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ﴾ أيِ المُتَنَزِّهِينَ عَنِ الفَواحِشِ والأقْذارِ، كَمُجامَعَةِ الحائِضِ والإتْيانِ في غَيْرِ المَأْتى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب