الباحث القرآني

بسم الله الرّحمن الرّحيم هذه السورة مكّيّة في قول جميع المفسّرين، وروي عن قتادة أنّ أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله: جُرُزاً والأول أصحّ، وهي من أفضل سور القرآن [[ذكره ابن عطية (3/ 494) .]] ، وروي أن النبي ﷺ قال: «ألا أخبركم بسورة عظمها ما بين السّموات والأرض، ولمن جاء بها من الأجر مثل ذلك؟ قالوا: أيّ سورة هي، يا رسول الله؟ قال: سورة الكهف، من قرأ بها يوم الجمعة، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخرى، وزيادة ثلاثة أيّام» [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 379) ، وعزاه إلى ابن مردويه، عن عائشة.]] وفي رواية أنس: «من قرأ بها، أعطي نورا بين السّماء والأرض، ووقي بها فتنة القبر» . ت: وعن البراء بن عازب، قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه فرس مربوط بشطنين فغشيته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبيّ ﷺ فذكر ذلك له، فقال: «تلك السّكينة نزلت بالقرآن» رواه البخاريّ، واللفظ له، ومسلم والترمذيّ والنسائيّ، والرجل المبهم في الحديث هو أسيد بن حضير، وفي الحديث الصحيح من طريق النّوّاس بن سمعان، عن النبيّ ﷺ: «فمن أدرك الدّجّال منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ... » وذكر الحديث. رواه مسلم [[تقدم تخريجه في أوائل التفسير.]] وغيره، زاد أبو داود: «فإنّها جوازكم من فتنته» . وعن أبي الدرداء أن النبيّ ﷺ قال: «من قرأ عشر آيات من أوّل سورة الكهف، عصم من الدّجّال» [[أخرجه مسلم (1/ 555) كتاب «صلاة المسافرين» باب: فضل سورة الكهف، وآية الكرسي، حديث (257/ 809) ، وأبو داود (2/ 520) كتاب «الملاحم» باب: في ذكر خروج الدجال، حديث (4323) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» برقم: (951) ، وأحمد (5/ 196) ، (6/ 449) ، والحاكم (2/ 368) ، وابن حبان (785- 786) ، والبيهقي (3/ 249) ، والبغوي في «شرح السنة» (3/ 25- بتحقيقنا) من حديث أبي الدرداء.]] رواه مسلم وأبو داود والترمذيّ/ والنسائي، واللفظ لمسلم، وفي رواية لمسلم وأبي داود: «من آخر الكهف» ، وعن أبي سعيد الخدريّ، أن النبي ﷺ قال: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نورا من مقامه إلى مكّة، ومن قرأ بعشر آيات من آخرها، فخرج الدّجّال، لم يسلّط عليه [[أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» برقم: (952، 954) ، والحاكم (2/ 368) ، والبيهقي (3/ 249) ، عن أبي سعيد مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وأخرجه الدارمي (2/ 454) عن أبي سعيد موقوفا.]] رواه الترمذيّ والحاكم في «المستدرك» والنسائيّ، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وله في رواية: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين» [[أخرجه الحاكم (2/ 368) .]] ، وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه الدّارميّ في مسنده موقوفا ورواته [[ينظر: «سنن الدارمي» (2/ 454) .]] متّفق على الاحتجاج بهم إلا أبا هاشم يحيى بن دينار الرّمّاني وقد وثّقه أحمد ويحيى وأبو زرعة وأبو حاتم. انتهى من «السلاح» . قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ كان حفْصٌ عن عاصم [[ينظر: «العنوان» (122) ، و «شرح الطيبة» (5/ 3) ، و «شرح شعلة» (468) ، و «إتحاف» (2/ 208) .]] يَسْكُتُ عند قوله: عِوَجاً سكتةً خفيفة، وعند مَرْقَدِنا في يس [يس: 52] وسبب هذه البداءة في هذه السورة أنّ النبيّ ﷺ لما سألته قريشٌ عن المسائِلِ الثَّلاثِ: الرُّوحِ، وأصحابِ الكهف، وذِي القَرْنَيْنِ، حسب ما أمرتهم به يهود- قال لهم ﷺ: «غَداً أُخْبِرُكُمْ بِجَوَابِ مَا سَأَلْتُمْ» ولم يقلْ: إِن شاء اللَّه، فعاتَبَهُ اللَّه عزَّ وجلَّ، وأمسك عنه الوحْيَ خَمْسَةَ عَشَرَ يوماً، وأرجف به كُفَّار قريشٍ، وشَقَّ ذلك على النبيِّ ﷺ وبلَغَ منه، فلما انقضى الأمَدُ الذي أراد اللَّهُ عِتَابَ نبيِّه، جاءه الوحْيُ بجوابِ ما سألوه، وغير ذلك، فافتتح الوحْي ب الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ، وهو القرآن. وقوله: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، أي: لم ينزله عن طريق الاستقامة، «والعِوَج» فَقُدُ الاستقامة، ومعنى قَيِّماً، أي: مستقيماً قاله ابن [[ذكره الطبري (8/ 173- 174) ، وابن عطية (3/ 495) ، والبغوي (3/ 144) ، بلفظ عدلا، والسيوطي- (4/ 381- 382) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق علي.]] عباس وغيره، وقيل: معناه أنه قيّم على سائر الكتب بتصديقها، ولم يرتضه ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 495) .]] ، قال: ويصح أن يكون معنى «قيِّم» قيامَهُ بأمر اللَّه على العَالَمِ وهذا معنى يؤيِّده ما بعْده من النِّذارة والبشارة اللتَيْن عمتا العالَمَ، «والبأس الشديد» عذاب الآخرة، ويحتملُ أنْ يندرج معه في النِّذارة عذابُ الدنيا ببَدْرٍ وغيرها، «ومِنْ لَدُنْهُ» ، أي: من عنده، والمعنى: لينذر العالَمَ و «الأجر الحسن» نعيمُ الجنة، ويتقدَّمه خير الدنيا. وقوله تعالى: إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً، أي: ما يقولون، فهي النافية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب