الباحث القرآني
(p-١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[سُورَةُ الكَهْفِ]
مَقْصُودُها وصْفُ الكِتابِ بِأنَّهُ قَيِّمٌ، لِكَوْنِهِ زاجِرًا عَنِ الشَّرِيكِ الَّذِي هو خِلافُ ما قامَ عَلَيْهِ [الدَّلِيلُ -] ”سُبْحانَ“ مِن أنَّهُ لا وكِيلَ دُونَهُ، ولا إلَهَ إلّا هُوَ، وقاصًّا بِالحَقِّ أخْبارَ قَوْمٍ قَدْ فُضِّلُوا في أزْمانِهِمْ وفْقَ ما وقَعَ الخَبَرُ بِهِ في ”سُبْحانَ“ مِن أنَّهُ يُفَضِّلُ مَن يَشاءُ، ويَفْعَلُ ما يَشاءُ، وأدَلُّ ما فِيها عَلى هَذا المَقْصِدِ قِصَّةُ أهْلِ الكَهْفِ لِأنَّ خَبَرَهم أخْفى ما فِيها مِنَ القِصَصِ مَعَ أنَّ سَبَبَ فِراقِهِمْ لِقَوْمِهِمُ الشِّرْكُ، وكانَ (p-٢)أمْرُهم مُوجِبًا - بَعْدَ طُولِ رُقادِهِمْ - لِلتَّوْحِيدِ وإبْطالِ الشِّرْكِ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا كُفْؤَ لَهُ ولا شَرِيكَ ”الرَّحْمَنِ“ الَّذِي أقامَ عِبادَهُ عَلى أوْضَحِ الطُّرُقِ بِقِيَمِ الكِتابِ ”الرَّحِيمِ“ بِتَفْضِيلِ مَنِ اخْتَصَّهُ بِالصَّوابِ.
* * *
لَمّا خُتِمَتْ تِلْكَ بِأمْرِ الرَّسُولِ ﷺ بِالحَمْدِ عَنِ التَّنَزُّهِ عَنْ صِفاتِ النَّقْصِ لِكَوْنِهِ أعْلَمَ الخَلْقِ بِذَلِكَ، بُدِئَتْ هَذِهِ بِالإخْبارِ بِاسْتِحْقاقِهِ سُبْحانَهُ الحَمْدَ عَلى صِفاتِ الكَمالِ الَّتِي مِنها البَراءَةُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، مُنَبِّهًا بِذَلِكَ عَلى وُجُوبِ حَمْدِهِ بِما شَرَعَ مِنَ الدِّينِ عَلى هَذا الوَجْهِ الأحْكَمِ بِهَذا الكِتابِ القَيِّمِ الَّذِي خَضَعَتْ لِجَلالِهِ العُلَماءُ الأقْدَمُونَ، وعَجَزَ عَنْ مُعارَضَتِهِ الأوَّلُونَ والآخِرُونَ، الَّذِي هو الدَّلِيلُ عَلى ما خُتِمَتْ بِهِ تِلْكَ مِنَ العَظَمَةِ والكَمالِ، والتَّنَزُّهِ والجَلالِ، فَقالَ مُلَقِّنًا لِعِبادِهِ حَمْدَهُ، مُعْلِمًا لَهم كَيْفَ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، مُفَقِّهًا لَهم في اخْتِلافِ العِباراتِ بِاخْتِلافِ المَقاماتِ: ﴿الحَمْدُ﴾ أيِ الإحاطَةُ بِصِفاتِ الكَمالِ ”لِلَّهِ“ أيِ المُسْتَحِقِّ لِذَلِكَ لِذاتِهِ.
ولَمّا أخْبَرَ بِاسْتِحْقاقِهِ ذَلِكَ لِذاتِهِ، أخْبَرَ بِأنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ أيْضًا لِصِفاتِهِ وأفْعالِهِ، فَقالَ تَعالى: ﴿الَّذِي﴾ ولَمّا كانَ المُرادُ وصْفَ جُمْلَةِ الكِتابِ (p-٣)بِالإعْجازِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى التَّفْرِيقِ والتَّدْرِيجِ، عَبَّرَ بِالإنْزالِ دُونَ التَّنْزِيلِ فَقالَ: ﴿أنْـزَلَ﴾ وعَدَلَ عَنِ الخِطابِ بِأنْ يَقُولَ: عَلَيْكَ، كَما يَقُولُ: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ، كَما في ذَلِكَ مِنَ الوَصْفِ بِالعُبُودِيَّةِ والإضافَةِ إلَيْهِ سُبْحانَهُ مِنَ الإعْلامِ بِتَشْرِيفِهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ والتَّنْبِيهِ عَلى عِلَّةِ تَخْصِيصِهِ بِالإنْزالِ عَلَيْهِ كَما تَقَدَّمَ في [سُورَةِ البَقَرَةِ]، فَقالَ- مُقَدِّمًا لَهُ عَلى المُنْزَلِ لِأنَّ المُرادَ الدَّلالَةُ عَلى صِحَّةِ رِسالَتِهِ بِما لا يَحْتاجُ فِيهِ قُرَيْشٌ إلى سُؤالِ اليَهُودِ ولا غَيْرِهِمْ مِن تَخْصِيصِهِ بِما لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ-: ”عَلى عَبْدِهِ“ وإشارَةٌ إلى أنَّهُ الَّذِي أسْرى بِهِ إلى حَضاراتِ مَجْدِهِ لِيُرِيَهُ مِن آياتِهِ ”الكِتابَ“ الجامِعَ لِمَعانِي الكُتُبِ المُشارَ إلَيْهِ في آخِرِ الَّتِي قَبْلَها بِما أُشِيرَ إلَيْهِ مِنَ العَظَمَةِ كَما آتى مُوسى التَّوْراةَ الآمِرَةَ بِالعَدْلِ في الأحْكامِ، وداوُدَ الزَّبُورَ الحادِيَ إلى الزُّهْدِ والإحْسانِ، عَلى ما أُشِيرَ إلَيْهِ في ”سُبْحانَ“.
ولَمّا كانَ الجامِعُ لا يَخْلُو مِن عِوَجٍ أوْ قابِلِيَّةٍ لَهُ إلّا أنْ كانَ مِن عَلّامِ الغُيُوبِ، نَفى القابِلِيَّةَ والإمْكانَ دَلالَةً عَلى أنَّهُ مِن عِنْدِهِ لِيَنْتَفِيَ [العِوَجُ-٧] بِطَرِيقِ الأوْلى فَقالَ تَعالى: ﴿ولَمْ﴾ أيْ والحالُ [أنَّهُ لَمْ ٧] ﴿يَجْعَلْ لَهُ﴾ ولَمْ يَقُلْ: فِيهِ ﴿عِوَجًا﴾ أيْ شَيْئًا مِن عِوَجٍ، أيْ بَلْ هو مُسْتَقِيمٌ في جَمِيعِ مَعانِيهِ مِن غَيْرِ اخْتِلافٍ أصْلًا، هادٍ إلى كُلِّ (p-٤)صَوابٍ، لِأنَّ العِوَجَ - بِالكَسْرِ: فَقْدُ الِاسْتِقامَةِ في المَعانِي، وبِالفَتْحِ في الأعْيانِ؛
{"ayah":"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَـٰبَ وَلَمۡ یَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق