الباحث القرآني
قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنَّ النّاسُ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾؛ اَلْآيَةَ؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ وقَتادَةَ؛ وابْنِ إسْحاقَ أنَّ الَّذِينَ قالُوا كانُوا رَكْبًا؛ وبَيْنَهم أبُو سُفْيانَ؛ لِيَحْبِسُوهم عِنْدَ مُنْصَرَفِهِمْ مِن أُحُدٍ؛ لَمّا أرادُوا الرُّجُوعَ إلَيْهِمْ؛ وقالَ السُّدِّيُّ: "هُوَ أعْرابِيٌّ ضَمِنَ لَهُ جُعْلًا عَلى ذَلِكَ؛ فَأطْلَقَ اللَّهُ (تَعالى) اسْمَ النّاسِ عَلى الواحِدِ؛ عَلى قَوْلِ مَن تَأوَّلَهُ عَلى أنَّهُ كانَ رَجُلًا واحِدًا؛ فَهَذا عَلى أنَّهُ أطْلَقَ لَفْظَ العُمُومِ؛ وأرادَ بِهِ الخُصُوصَ".
قالَ أبُو بَكْرٍ: لَمّا كانَ "اَلنّاسُ" اسْمًا لِلْجِنْسِ؛ وكانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ النّاسَ كُلَّهم لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ؛ تَناوَلَ ذَلِكَ أقَلَّهُمْ؛ وهو الواحِدُ مِنهُمْ؛ لِأنَّهُ لَفْظُ الجِنْسِ؛ وعَلى هَذا قالَ أصْحابُنا فِيمَن قالَ: "إنْ كَلَّمْتُ النّاسَ فَعَبْدِي حَرٌّ ": إنَّهُ عَلى كَلامِ الواحِدِ مِنهُمْ؛ لِأنَّهُ لَفْظُ الجِنْسِ؛ ومَعْلُومٌ أنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ اسْتِغْراقَ الجِنْسِ؛ فَيَتَناوَلُ الواحِدَ مِنهُمْ؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿فاخْشَوْهم فَزادَهم إيمانًا﴾؛ فِيهِ إخْبارٌ بِزِيادَةِ يَقِينِهِمْ عِنْدَ زِيادَةِ الخَوْفِ؛ والمِحْنَةِ؛ إذْ لَمْ يَبْقَوْا عَلى الحالِ الأُولى؛ بَلِ ازْدادُوا عِنْدَ ذَلِكَ يَقِينًا؛ وبَصِيرَةً في دِينِهِمْ؛ وهو كَما قالَ (تَعالى) - في الأحْزابِ -: ﴿ولَمّا رَأى المُؤْمِنُونَ الأحْزابَ قالُوا هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهم إلا إيمانًا وتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٢]؛ فازْدادُوا عِنْدَ مُعايَنَةِ العَدُوِّ إيمانًا وتَسْلِيمًا لِأمْرِ اللَّهِ (تَعالى)؛ والصَّبْرِ عَلى جِهادِهِمْ؛ وفي ذَلِكَ أتَمُّ ثَناءٍ عَلى الصَّحابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - وأكْمَلُ فَضِيلَةٍ؛ وفِيهِ تَعْلِيمٌ لَنا أنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ؛ ونَرْجِعَ إلى أمْرِ اللَّهِ (تَعالى) والصَّبْرِ عَلَيْهِ؛ والِاتِّكالِ عَلَيْهِ؛ وأنْ نَقُولَ: "حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ"؛ وأنّا مَتى فَعَلْنا ذَلِكَ أعْقَبَنا ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ النَّصْرُ؛ والتَّأْيِيدُ؛ وصَرْفُ كَيَدِ العَدُوِّ؛ وشَرِّهِمْ؛ مَعَ حِيازَةِ رِضْوانِ اللَّهِ (تَعالى) وثَوابِهِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهم سُوءٌ واتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ﴾؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ (p-٣٣٤)بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٨٠]؛ إلى قَوْلِهِ: ﴿سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ﴾ [آل عمران: ١٨٠]؛ قالَ السُّدِّيُّ: "بَخِلُوا أنْ يُنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ؛ وأنْ يُؤَدُّوا الزَّكاةَ"؛ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: "هُوَ في أهْلِ الكِتابِ؛ بَخِلُوا أنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنّاسِ"؛ وهو بِالزَّكاةِ أوْلى؛ كَقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤]؛ إلى قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها في نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهم وجُنُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ٣٥]؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ﴾ [آل عمران: ١٨٠]؛ يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أيْضًا.
ورَوى سَهْلُ بْنُ أبِي صالِحٍ عَنْ أبِيهِ؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «"ما مِن صاحِبِ كَنْزٍ لا يُؤَدِّي زَكاةَ كَنْزِهِ؛ إلّا جِيءَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ وبِكَنْزِهِ؛ فَيُحْمى بِها جَبِينُهُ؛ وجَبْهَتُهُ؛ حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبادِهِ"؛» وقالَ مَسْرُوقٌ: "يَجْعَلُ الحَقَّ الَّذِي مَنَعَهُ حَيَّةً؛ فَيُطَوَّقُها؛ فَيَقُولُ: ما لِي وما لَكِ؟ فَتَقُولُ الحَيَّةُ: أنا مالُكَ "؛ وقالَ عَبْدُ اللَّهِ: "يُطَوَّقُ ثُعْبانًا في عُنُقِهِ؛ لَهُ أسْنانٌ؛ فَيَقُولُ: أنا مالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِهِ".
{"ayahs_start":173,"ayahs":["ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ","فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق