الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ﴾ يَعْنِي الرَّكْبُ الَّذِينَ اسْتَقْبَلُوهم مِن عَبْدِ قَيْسٍ أوْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الأشْجَعِيُّ، وأُطْلِقَ عَلَيْهِ النّاسُ لِأنَّهُ مِن جِنْسِهِمْ كَما يُقالُ فُلانٌ يَرْكَبُ الخَيْلَ وما لَهُ إلّا فَرَسٌ واحِدٌ لِأنَّهُ انْضَمَّ إلَيْهِ ناسٌ مِنَ المَدِينَةِ وأذاعُوا كَلامَهُ. ﴿إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم فاخْشَوْهُمْ﴾ يَعْنِي أبا سُفْيانَ وأصْحابَهُ. رُوِيَ: «أنَّهُ نادى عِنْدَ انْصِرافِهِ مِن أُحُدٍ: يا مُحَمَّدُ مَوْعِدُنا مَوْسِمُ بَدْرٍ القابِلُ إنْ شِئْتَ فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، فَلَمّا كانَ القابِلُ خَرَجَ في أهْلِ مَكَّةَ حَتّى نَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرانِ فَأنْزَلَ اللَّهُ الرُّعْبَ في قَلْبِهِ وبَدا لَهُ أنْ يَرْجِعَ، فَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِن عَبْدِ قَيْسٍ يُرِيدُونَ المَدِينَةَ لِلْمِيرَةِ فَشَرَطَ لَهم حِمْلَ بَعِيرٍ مِن زَبِيبٍ أنْ ثَبَّطُوا المُسْلِمِينَ.» وَقِيلَ: «لَقِيَ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ وقَدْ قَدِمَ مُعْتَمِرًا فَسَألَهُ ذَلِكَ والتَزَمَ لَهُ عَشْرًا مِنَ الإبِلِ، فَخَرَجَ نُعَيْمٌ فَوَجَدَ المُسْلِمِينَ يَتَجَهَّزُونَ فَقالَ لَهم أتَوْكم في دِيارِكم فَلَمْ يُفْلِتْ مِنكم أحَدٌ إلّا شَرِيدٌ أفَتَرَوْنَ أنْ تَخْرُجُوا وقَدْ جَمَعُوا لَكم فَفَتِرُوا، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأخْرُجَنَّ ولَوْ لَمْ يَخْرُجْ مَعِي أحَدٌ فَخَرَجَ في سَبْعِينَ راكِبًا وهم يَقُولُونَ حَسْبُنا اللَّهُ.» ﴿فَزادَهم إيمانًا﴾ الضَّمِيرُ المُسْتَكِنُّ لِلْمَقُولِ أوْ لِمَصْدَرٍ قالَ أوْ لِفاعِلِهِ أنْ أُرِيدَ بِهِ نُعَيْمٌ وحْدَهُ، والبارِزُ لِلْمَقُولِ لَهم والمَعْنى: إنَّهم لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ ولَمْ يَضْعُفُوا بَلْ ثَبَتَ بِهِ يَقِينُهم بِاللَّهِ وازْدادَ إيمانُهم وأظْهَرُوا حَمِيَّةَ الإسْلامِ وأخْلَصُوا النِّيَّةَ عِنْدَهُ، وهو دَلِيلٌ عَلى أنَّ الإيمانَ يَزِيدُ ويَنْقُصُ ويُعَضِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: « (قُلْنا يا رَسُولَ اللَّهِ الإيمانُ يَزِيدُ ويَنْقُصُ، قالَ: نَعَمْ يَزِيدُ حَتّى يُدْخِلَ صاحِبَهُ الجَنَّةَ ويَنْقُصُ حَتّى يُدْخِلَ صاحِبَهُ النّارَ.» وَهَذا ظاهِرٌ إنْ جَعَلَ الطّاعَةَ مِن جُمْلَةِ الإيمانِ وكَذا إنْ لَمْ تُجْعَلْ فَإنَّ اليَقِينَ يَزْدادُ بِالإلْفِ وكَثْرَةِ التَّأمُّلِ وتَناصُرِ الحُجَجِ. ﴿وَقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ﴾ مُحْسِبُنا وكافِينا، مِن أحْسَبَهُ إذا كَفاهُ ويَدُلُّ عَلى أنَّهُ بِمَعْنى المُحْسِبِ إنَّهُ لا يَسْتَفِيدُ بِالإضافَةِ تَعْرِيفًا في قَوْلِكَ هَذا رَجُلٌ حَسْبُكَ. ﴿وَنِعْمَ الوَكِيلُ﴾ ونِعْمَ المَوْكُولُ إلَيْهِ هو.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب