الباحث القرآني
﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٍ وأنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ مِن بَعْدِ ما أصابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنهم واتَّقَوْا أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم فاخْشَوْهم فَزادَهم إيمانًا وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾ ﴿فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهم سُوءٌ واتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ واللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤] ﴿إنَّما ذَلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهم وخافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٧٥] ﴿ولا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ إنَّهم لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ ألّا يَجْعَلَ لَهم حَظًّا في الآخِرَةِ ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٦] ﴿إنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الكُفْرَ بِالإيمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٧] ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ إنَّما نُمْلِي لَهم لِيَزْدادُوا إثْمًا ولَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عمران: ١٧٨] ﴿ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكم عَلى الغَيْبِ ولَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُسُلِهِ مَن يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ وإنْ تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا فَلَكم أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٩] ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هو خَيْرًا لَهم بَلْ هو شَرٌّ لَهم سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ ولِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ والأرْضِ واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨٠] .
الحَظُّ: (p-١١٦)النَّصِيبُ، وإذا لَمْ يُقَيَّدْ فَإنَّما يُسْتَعْمَلُ في الخَيْرِ. مازَ ومَيَّزَ: فَصَلَ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ. قالَ يَعْقُوبُ: هُما لُغَتانِ بِمَعْنًى واحِدٍ. انْتَهى. والتَّضْعِيفُ لَيْسَ لِلنَّقْلِ. وقِيلَ: التَّشْدِيدُ أقْرَبُ إلى الفَخامَةِ وأكْثَرُ في الِاسْتِعْمالِ، ألا تَرى أنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا المَصْدَرَ عَلى نِيَّةِ التَّشْدِيدِ، فَقالُوا: التَّمْيِيزُ، ولَمْ يَقُولُوا المَيْزَ. انْتَهى. ويَعْنِي: ولَمْ تَقُولُوهُ مَسْمُوعًا، وأمّا بِطَرِيقِ القِياسِ فَيُقالُ. وقِيلَ: لا يَكُونُ مازَ إلّا في كَثِيرٍ مِن كَثِيرٍ، فَأمّا واحِدٌ مِن واحِدٍ فَيَتَمَيَّزُ عَلى مَعْنى يَعْزِلُ؛ ولِهَذا قالَ أبُو مُعاذٍ: يُقالُ: مَيَّزْتُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، ومِزْتُ بَيْنَ الأشْياءِ. اجْتَبى: اخْتارَ واصْطَفى، وهي مَن جَبَيْتُ الماءَ والمالَ وجَبَوْتُهُما فاجْتَبى، افْتَعَلَ مِنهُ، فَيُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ اللّامُ واوًا أوْ ياءً.
﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وفَضْلٍ وأنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ﴾: كَرَّرَ الفِعْلَ عَلى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، إنْ كانَتِ النِّعْمَةُ والفَضْلُ بَيانًا لِمُتَعَلِّقِ الِاسْتِبْشارِ الأوَّلِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. قالَ: وكَرَّرَ يَسْتَبْشِرُونَ لِيُعَلِّقَ بِهِ ما هو بَيانٌ لِقَوْلِهِ: ﴿أنْ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ [آل عمران: ١٧٠] مِن ذِكْرِ النِّعْمَةِ والفَضْلِ، وأنَّ ذَلِكَ أجْرٌ لَهم عَلى إيمانِهِمْ، يَجِبُ في عَدْلِ اللَّهِ وحِكْمَتِهِ أنْ يَحْصُلَ لَهم ولا يَضِيعَ. انْتَهى. وهو عَلى طَرِيقَةِ الِاعْتِزالِ في ذِكْرِهِ وُجُوبَ الأجْرِ وتَحْصِيلَهُ عَلى إيمانِهِمْ. وسَلَكَ ابْنُ عَطِيَّةَ طَرِيقَةَ أهْلِ السُّنَّةِ فَقالَ: أكَّدَ اسْتِبْشارَهم بِقَوْلِهِ: ”يَسْتَبْشِرُونَ“، ثُمَّ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وفَضْلُ إدْخالِهِمُ الجَنَّةَ الَّذِي هو فَضْلٌ مِنهُ لا بِعَمَلِ أحَدٍ، وأمّا النِّعْمَةُ في الجَنَّةِ والدَّرَجاتُ فَقَدْ أخْبَرَ أنَّها عَلى قَدْرِ الأعْمالِ. انْتَهى.
وقالَ غَيْرُهُما: هو بَدَلٌ مِنَ الأوَّلِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ واوَ العَطْفِ. ومَن ذَهَبَ إلى أنَّ الجُمْلَةَ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في يَحْزَنُونَ، ويَحْزَنُونَ هو العامِلُ فِيها - فَبَعِيدٌ عَنِ الصَّوابِ؛ لِأنَّ الظّاهِرَ اخْتِلافُ المَنفِيِّ عَنْهُ الحُزْنُ والمُسْتَبْشِرِ، ولِأنَّ الحالَ قُيِّدَ، والحُزْنُ لَيْسَ بِمُقَيَّدٍ. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ”يَسْتَبْشِرُونَ“ لَيْسَ بِتَأْكِيدٍ لِلْأوَّلِ، بَلْ هو اسْتِئْنافٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِمْ أنْفُسِهِمْ، لا بِالَّذِينِ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ. فَقَدِ اخْتَلَفَ مُتَعَلِّقُ الفِعْلَيْنِ، فَلا تَأْكِيدَ؛ لِأنَّ هَذا المُسْتَبْشِرَ بِهِ هو لَهم، وهو: نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وفَضْلُهُ. وفي التَّنْكِيرِ دَلالَةٌ عَلى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وإشارَةٌ إلى إبْهامِ المُرادِ تَعْظِيمًا لِأمْرِهِ وتَنْبِيهًا عَلى صُعُوبَةِ إدْراكِهِ، كَما جاءَ: فِيها ما لا عَيْنٌ رَأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ. والظّاهِرُ تَبايُنُ النِّعْمَةِ والفَضْلِ لِلْعَطْفِ، ويُناسِبُ شَرْحُهُما أنْ يَنْزِلَ عَلى قَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنى وزِيادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] فالحُسْنى هي النِّعْمَةُ، والزِّيادَةُ هي الفَضْلُ؛ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: أحْسَنُوا، وقَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنهم واتَّقَوْا أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ .
وقالَ الزَّجّاجُ: النِّعْمَةُ هي الجَزاءُ، والفَضْلُ زائِدٌ عَلَيْهِ قَدْرَ الجَزاءِ. وقِيلَ: النِّعْمَةُ قَدْرُ الكِفايَةِ، والفَضْلُ المُضاعَفُ عَلَيْها مَعَ مُضاعَفَةِ السُّرُورِ بِها واللَّذَّةِ. وقِيلَ: الفَضْلُ داخِلٌ في النِّعْمَةِ دَلالَةٌ عَلى اتِّساعِها، وأنَّها لَيْسَتْ كَنِعَمِ الدُّنْيا. وقَرَأ الكِسائِيُّ وجَماعَةٌ: و”إنَّ اللَّهَ“ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى الِاسْتِئْنافِ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ ومُصْحَفُهُ: ”واللَّهُ لا يُضِيعُ أجْرَ“ . وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وعَلى أنَّ الجُمْلَةَ اعْتِراضٌ، وهي قِراءَةُ الكِسائِيِّ. انْتَهى. ولَيْسَتِ الجُمْلَةُ هُنا اعْتِراضًا؛ لِأنَّها لَمْ تَدْخُلْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أحَدُهُما يَتَعَلَّقُ بِالآخَرِ، وإنَّما جاءَتْ لِاسْتِئْنافِ أخْبارٍ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ والجُمْهُورُ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ عَطْفًا عَلى مُتَعَلِّقِ الِاسْتِبْشارِ، فَهو داخِلٌ فِيهِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: يَسْتَبْشِرُونَ بِتَوْفِيرِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ووُصُولِهِ إلَيْهِمْ؛ لِأنَّهُ إذا لَمْ يُضِعْهُ وصَلَ إلَيْهِمْ ولَمْ يَبْخَسُوهُ. ولا يَصِحُّ الِاسْتِبْشارُ بِأنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ؛ لِأنَّ الِاسْتِبْشارَ إنَّما يَكُونُ بِما لَمْ يَتَقَدَّمْ بِهِ عِلْمٌ، وقَدْ عَلِمُوا قَبْلَ مَوْتِهِمْ أنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ، فَهم يَسْتَبْشِرُونَ بِأنَّ اللَّهَ ما أضاعَ أُجُورَهم حَتّى اخْتَصَّهم بِالشَّهادَةِ ومَنَحَهم أتَمَّ النِّعْمَةِ، وخَتَمَ لَهم بِالنَّجاةِ والفَوْزِ، وقَدْ كانُوا يَخْشَوْنَ عَلى إيمانِهِمْ، ويَخافُونَ سُوءَ الخاتِمَةِ المُحْبِطَةِ لِلْأعْمالِ، فَلَمّا رَأوْا ما لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ السَّعادَةِ وما اخْتَصَّهم بِهِ مِن حُسْنِ الخاتِمَةِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَها الأُجُورُ وتُضاعَفُ الأعْمالُ، اسْتَبْشَرُوا؛ لِأنَّهم كانُوا عَلى وجَلٍ مِن ذَلِكَ. انْتَهى كَلامُهُ. وفِيهِ (p-١١٧)تَطْوِيلٌ شَبِيهٌ بِالخَطابَةِ. قِيلَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِبْشارُ لِمَن خَلَّفُوهُ بَعْدَهم مِنَ المُؤْمِنِينَ لَمّا عايَنُوا مَنزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ.
﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ مِن بَعْدِ ما أصابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنهم واتَّقَوْا أجْرٌ عَظِيمٌ﴾: قِيلَ: الِاسْتِجابَةُ كانَتْ أثَرَ الِانْصِرافِ مِن أُحُدٍ. اسْتَنْفَرَ الرَّسُولُ لِطَلَبِ الكُفّارِ، فاسْتَجابَ لَهُ تِسْعُونَ. وذَلِكَ لَمّا ذُكِرَ لِلرَّسُولِ أنَّ أبا سُفْيانَ في جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَأبى الرَّسُولُ إلّا أنْ يَطْلُبَهم، فَسَبَقَهُ أبُو سُفْيانَ ودَخَلَ مَكَّةَ، فَنَزَلَتْ. قالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينارٍ. وفي ذِكْرِ هَذا السَّبَبِ اخْتِلافٌ في مَواضِعَ. وقِيلَ: الِاسْتِجابَةُ كانَتْ مِنَ العامِ القابِلِ بَعْدَ قِصَّةِ أُحُدٍ، حَيْثُ تَواعَدَ أبُو سُفْيانَ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَوْسِمَ بَدْرٍ، فَلَمّا كانَ العامُ المُقْبِلُ خَرَجَ أبُو سُفْيانَ فَأُرْعِبَ، وبَدا لَهُ الرُّجُوعُ، وقالَ لِنُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ: واعَدْتُ مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ أنْ نَلْتَقِيَ بِمَوْسِمِ بَدْرٍ الصُّغْرى، وهو عامُ جَدْبٍ لا يَصْلُحُ لَنا، فَثَبِّطْهم عَنّا، وأعْلِمْهم أنّا في جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَفَعَلَ وخَوَّفَهم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأصْحابِهِ، وأقامُوا بِبَدْرٍ يَنْتَظِرُونَ أبا سُفْيانَ، فَنَزَلَتْ. قالَ مَعْناهُ: مُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ. وقِيلَ: لَمّا كانَ الثّانِي مِن أُحُدٍ وهو يَوْمُ الأحَدِ، نادى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في النّاسِ بِاتِّباعِ المُشْرِكِينَ، وقالَ: لا يَخْرُجَنَّ مَعَنا إلّا مَن شاهَدَنا بِالأمْسِ. وكانَتْ بِالنّاسِ جِراحَةٌ وقَرْحٌ عَظِيمٌ، ولَكِنْ تَجَلَّدُوا، ونَهَضَ مَعَهُ مِائَتا رَجُلٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ حَتّى بَلَغَ حَمْراءَ الأسَدِ، وهي عَلى ثَمانِيَةِ أمْيالٍ مِنَ المَدِينَةِ، وأقامَ بِها ثَلاثَةَ أيّامٍ، وجَرَتْ قِصَّةُ مَعْبَدِ بْنِ أبِي مَعْبَدٍ، وقَدْ ذُكِرَتْ، ومَرَّتْ قُرَيْشٌ، فانْصَرَفَ الرَّسُولُ إلى المَدِينَةِ، فَنَزَلَتْ. ورُوِيَ أنَّهُ خَرَجَ أخَوانِ وبِهِما جِراحَةٌ شَدِيدَةٌ، وضَعُفَ أحَدُهُما، فَكانَ أخُوهُ يَحْمِلُهُ عُقْبَةً ويَمْشِي هو عُقْبَةً، ولَمّا لَمْ تَتِمَّ اسْتِجابَةُ العَبْدِ لِلَّهِ إلّا بِاسْتِجابَتِهِ لِلرَّسُولِ، جَمَعَ بَيْنِهِما؛ لِأنَّ ما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلّا بِهِ فَهو واجِبٌ. قِيلَ: والِاسْتِجابَتانِ مُخْتَلِفَتانِ، فَإنَّهُما بِالنِّسْبَةِ إلى اللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ والعِبادَةِ، ولِلرَّسُولِ بِتَلَقِّي الرِّسالَةِ مِنهُ والنَّصِيحَةِ لَهُ. والظّاهِرُ أنَّها اسْتِجابَةٌ واحِدَةٌ، وهو إجابَتُهم لَهُ حِينَ انْتَدَبَهم لِاتِّباعِ الكُفّارِ عَلى ما نُقِلَ في سَبَبِ النُّزُولِ. والإحْسانُ هُنا ما هو زائِدٌ عَلى الإيمانِ مِنَ الِاتِّصافِ بِما يُسْتَحَبُّ مَعَ الِاتِّصافِ بِما يَجِبُ.
والظّاهِرُ إعْرابُ ”الَّذِينَ“ مُبْتَدَأً، والجُمْلَةُ بَعْدَهُ الخَبَرُ. وجَوَّزُوا الإتْباعَ نَعْتًا، أوْ بَدَلًا، والقَطْعَ إلى الرَّفْعِ والنَّصْبِ. ومَن في: ”مِنهم“ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِلتَّبْيِينِ، مِثْلُها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنهم مَغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ٢٩]؛ لِأنَّ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ قَدْ أحْسَنُوا كُلَّهم واتَّقَوْا، إلّا بَعْضَهم. وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: قالَتْ لِي عائِشَةُ: إنَّ أبَوَيْكَ لَمِمَّنِ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ. تَعْنِي: أبا بَكْرٍ والزُّبَيْرَ. انْتَهى. وقالَ أبُو البَقاءِ: ”مِنهم“ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في أحْسَنُوا، فَعَلى هَذا تَكُونُ ”مِن“ لِلتَّبْعِيضِ، وهو قَوْلُ مَن لا يَرى أنَّ ”مِن“ تَكُونُ لِبَيانِ الجِنْسِ.
﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم فاخْشَوْهم فَزادَهم إيمانًا وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾: قِيلَ: أُرِيدَ بِالنّاسِ الأُوَلِ أبُو نُعَيْمِ بْنُ مَسْعُودٍ الأشْجَعِيُّ، وهو قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ، وضَعَّفَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وبِالثّانِي: أبُو سُفْيانَ. وتَقَدَّمَ ذِكْرُ قِصَّةِ نُعَيْمٍ، وذَكَرَها المُفَسِّرُونَ مُطَوَّلَةً، وفِيها: «أنَّ أبا سُفْيانَ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلى تَثْبِيطِ الصَّحابَةِ عَنْ بَدْرٍ الصُّغْرى، وذَلِكَ عَشْرَةٌ مِنَ الإبِلِ، ضَمِنَها لَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَدِمَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأفْزَعَ النّاسَ وخَوَّفَهُمُ اللِّقاءَ، فَقالَ الرَّسُولُ ﷺ: ”والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأخْرُجَنَّ ولَوْ وحْدِي“ فَأمّا الجَبانُ فَرَجَعَ، وأمّا الشُّجاعُ فَتَجَهَّزَ لِلْقِتالِ وقالَ: حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، فَوافى بَدْرًا الصُّغْرى، فَجَعَلُوا يَلْقَوْنَ المُشْرِكِينَ ويَسْألُونَهم عَنْ قُرَيْشٍ، فَيَقُولُونَ: قَدْ جَمَعُوا لَكم، وكانَتْ مَوْضِعَ سُوقٍ لَهم في الجاهِلِيَّةِ يَجْتَمِعُونَ إلَيْها في كُلِّ عامٍ ثَمانِيَةَ أيّامٍ، فَأقامَ بِبَدْرٍ يَنْتَظِرُ أبا سُفْيانَ، وقَدِ انْصَرَفَ أبُو سُفْيانَ مِن مَجَنَّةَ إلى مَكَّةَ، فَسَمّى أهْلُ مَكَّةَ حَبْسَةَ جَيْشِ السَّوِيقِ قالُوا: إنَّما خَرَجْتُمْ لِتَشْرَبُوا (p-١١٨)السَّوِيقَ. وكانَتْ مَعَ الصَّحابَةِ تِجاراتٌ ونَفَقاتٌ، فَباعُوا وأصابُوا لِلدِّرْهَمِ دِرْهَمَيْنِ، وانْصَرَفُوا إلى المَدِينَةِ غانِمِينَ، وحَسَبَها الرَّسُولُ لَهم غَزْوَةً، وظَفِرَ في وُجْهَةِ ذَلِكَ بِمُعاوِيَةَ بْنِ المُغِيرَةِ بْنِ العاصِ وأبِي عِزَّةَ الجُمَحِيِّ فَقَتَلَهُما» . فَعَلى هَذا القَوْلِ أنَّ المُثَبِّطَ أبُو نُعَيْمٍ وحْدَهُ، وأطْلَقَ عَلَيْهِ النّاسُ عَلى سَبِيلِ المَجازِ؛ لِأنَّهُ مِن جِنْسِ النّاسِ كَما يُقالُ: فُلانٌ يَرْكَبُ الخَيْلَ، ويَلْبَسُ البُرُودَ، وما لَهُ إلّا فَرَسٌ واحِدٌ وبُرْدٌ واحِدٌ. قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وقالَ أيْضًا: ولِأنَّهُ حِينَ قالَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِن ناسٍ مِن أهْلِ المَدِينَةِ يُضامُّونَهُ ويَصِلُونَ جَناحَ كَلامِهِ، ويُثَبَّطُونَ مِثْلَ تَثْبِيطِهِ. انْتَهى. ولا يَجِيءُ هَذا عَلى تَقْدِيرِ السُّؤالِ وهو: أنْ نُعَيْمًا وحْدَهُ هو المُثَبِّطُ؛ لِأنَّهُ قَدِ انْضافَ إلَيْهِ ناسٌ، فَلا يَكُونُ إذْ ذاكَ مُنْفَرِدًا بِالتَّثْبِيطِ.
وقِيلَ: النّاسُ الأُوَلُ رَكْبٌ مِن عَبْدِ القَيْسِ مَرُّوا عَلى أبِي سُفْيانَ يُرِيدُونَ المَدِينَةَ لِلْمِيرَةِ، فَجَعَلَ لَهم جُعْلًا وهو حِمْلُ إبِلِهِمْ زَبِيبًا عَلى أنْ يُخْبِرُوا أنَّهُ جَمَعَ لِيَسْتَأْصِلَ بَقِيَّةَ المُؤْمِنِينَ، فَأخْبَرُوا بِذَلِكَ، فَقالَ الرَّسُولُ وأصْحابُهُ - وهم إذْ ذاكَ بِحَمْراءِ الأسَدِ -: ﴿حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾ والنّاسُ الثّانِي قُرَيْشٌ، وهَذا القَوْلُ أقْرَبُ إلى مَدْلُولِ اللَّفْظِ.
وجَوَّزُوا في إعْرابِ ”الَّذِينَ قالَ“ أوْجُهُ ”الَّذِينَ“ قَبْلَهُ، والفاعِلُ بِـ ”زادَ“ ضَمِيرٌ مُسْتَكِنٌّ يَعُودُ عَلى المَصْدَرِ المَفْهُومِ مِن ”قالَ“، أيْ: فَزادَهم ذَلِكَ القَوْلُ إيمانًا. وأجازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنْ يَعُودَ إلى القَوْلِ، وأنْ يَعُودَ إلى النّاسِ إذا أُرِيدَ بِهِ نُعَيْمٌ وحْدَهُ. وهُما ضَعِيفانِ، مِن حَيْثُ إنَّ الأوَّلَ لا يَزِيدُ إيمانًا إلّا بِالنُّطْقِ بِهِ، لا هو في نَفْسِهِ. ومِن حَيْثُ إنَّ الثّانِي إذا أطْلَقَ عَلى المُفْرَدِ لَفْظَ الجَمْعِ مَجازًا فَإنَّ الضَّمائِرَ تَجْرِي عَلى ذَلِكَ الجَمْعِ، لا عَلى المُفْرَدِ. فَيَقُولُ: مَفارِقُهُ شابَتْ، بِاعْتِبارِ الإخْبارِ عَنِ الجَمْعِ، ولا يَجُوزُ مَفارِقُهُ شابَ، بِاعْتِبارِ مَفْرِقِهِ شابَ.
وظاهِرُ اللَّفْظِ أنَّ الإيمانَ يَزِيدُ، ومَعْناهُ هُنا: أنَّ ذَلِكَ القَوْلَ زادَهم تَثْبِيتًا واسْتِعْدادًا، فَزِيادَةُ الإيمانِ عَلى هَذا هي في الأعْمالِ. وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ في ذَلِكَ، فَقالَ قَوْمٌ: سَيَزِيدُ ويَنْقُصُ بِاعْتِبارِ الطّاعاتِ؛ لِأنَّها مِن ثَمَراتِ الإيمانِ، ويَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ وهو مَذْهَبُ مالِكٍ ونُسِبَ لِلشّافِعِيِّ. وقالَ قَوْمٌ: مِن جِهَةِ أعْمالِ القُلُوبِ كالنِّيَّةِ والإخْلاصِ والخَوْفِ والنَّصِيحَةِ. وقالَ قَوْمٌ: مِن طَرِيقِ الأدِلَّةِ وكَثْرَتِها وتَظافُرِها عَلى مُعْتَقَدٍ واحِدٍ. وقالَ قَوْمٌ: مِن طَرِيقِ نُزُولِ الفَرائِضِ والأخْبارِ في مُدَّةِ الرَّسُولِ. وقالَ قَوْمٌ: لا يَقْبَلُ الزِّيادَةَ والنَّقْصَ، وهو مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ، وحَكاهُ الباقِلّانِيُّ عَنِ الشّافِعِيِّ. وقالَ أبُو المَعالِي في ”الإرْشادِ“: زِيادَتُهُ مِن حَيْثُ ثُبُوتِهِ وتَعاوُرِهِ دائِمًا؛ لِأنَّهُ عَرْضٌ لا يُثْبِتُ زَمانَيْنِ، فَهو لِلصّالِحِ مُتَعاقِبٌ مُتَوالٍ، ولِلْفاسِقِ والغافِلِ غَيْرُ مُتَوالٍ، فَهَذا مَعْنى الزِّيادَةِ والنَّقْصِ. وذَهَبَ قَوْمٌ: إلى ما نَطَقَ بِهِ النَّصُّ، وهو أنَّهُ يَزِيدُ ولا يَنْقُصُ، وهو مَذْهَبُ المُعْتَزِلَةِ. ورُوِيَ شِبْهَهُ عَنِ ابْنِ المُبارَكِ. والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ الإيمانَ إذا أُرِيدَ بِهِ التَّصْدِيقُ فَيُعَلَّقُ بِشَيْءٍ واحِدٍ: أنَّهُ تَسْتَحِيلُ فِيهِ الزِّيادَةُ والنَّقْصُ، فَإنَّما ذَلِكَ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقاتِهِ دُونَ ذاتِهِ، وحُجَجُ هَذِهِ الأقْوالِ مَذْكُورَةٌ في المُصَنَّفاتِ الَّتِي تَضَمَّنَتْ هَذِهِ المَسْألَةَ، وقَدْ أفْرَدَها بَعْضُ العُلَماءِ بِالتَّصْنِيفِ في كِتابٍ. ولَمّا تَقَدَّمَ مِنَ المُثَبِّطِينَ إخْبارٌ بِأنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعُوا لَكم، وأمْرٌ مِنهم لَهم بِخَشْيَتِهِمْ لِهَذا الجَمْعِ الَّذِي جَمَعُوهُ - تَرَتَّبَ عَلى هَذا القَوْلِ شَيْئانِ: أحَدُهُما قَلْبِيٌّ وهو زِيادَةُ الإيمانِ، وهو مُقابِلٌ لِلْأمْرِ بِالخَشْيَةِ. فَأخْبَرَ بِحُصُولِ طُمَأْنِينَةٍ في القَلْبِ تُقابِلَ الخَشْيَةَ، وأخْبَرَ بَعْدُ بِما يُقابِلُ جَمْعَ النّاسِ وهو إنَّ كافِيَهم شَرَّ النّاسِ هو اللَّهُ تَعالى، ثُمَّ أثْنَوْا عَلَيْهِ تَعالى بِقَوْلِهِ: ”ونِعْمَ الوَكِيلُ“، فَدَلَّ عَلى أنَّ قَوْلَهم: حَسْبُنا اللَّهُ هو مِنَ المُبالَغَةِ في التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، ورَبْطِ أُمُورِهِمْ بِهِ تَعالى. فانْظُرْ إلى بَراعَةِ هَذا الكَلامِ وبَلاغَتِهِ، حَيْثُ قُوبِلَ قَوْلٌ بِقَوْلٍ، ومُتَعَلِّقُ قَلْبٍ بِمُتَعَلِّقِ قَلْبٍ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ في (حَسْبُ) في قَوْلِهِ: ﴿فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ﴾ [البقرة: ٢٠٦] ومِن قَوْلِهِمْ: أحْسَبَهُ الشَّيْءُ: كَفاهُ. وحَسْبُ بِمَعْنى المُحْسِبِ، أيِ الكافِي، أُطْلِقَ ويُرادُ بِهِ مَعْنى اسْمِ الفاعِلِ. ألا تَرى أنَّهُ يُوصَفُ بِهِ فَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسْبُكَ مِن رَجُلٍ، أيْ: كافِيكَ. فَتَصِفُ بِهِ النَّكِرَةَ، إذْ إضافَتُهُ (p-١١٩)غَيْرُ مَحْضَةٍ؛ لِكَوْنِهِ في مَعْنى اسْمِ الفاعِلِ غَيْرِ الماضِي المُجَرَّدِ مِن ألْ. وقالَ:
؎وحَسْبُكَ مِن غِنًى شِبَعٍ ورِيِّ
أيْ كافِيكَ. والوَكِيلُ: فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، أيِ المَوْكُولُ إلَيْهِ الأُمُورُ. قِيلَ: وهَذِهِ الحَسْبَلَةُ هي قَوْلُ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - حِينَ أُلْقِيَ في النّارِ. والمَخْصُوصُ بِالمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ المَعْنى، التَّقْدِيرُ: ونِعْمَ الوَكِيلُ اللَّهُ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الوَكِيلُ الرَّبُّ. قالَهُ قَوْمٌ. انْتَهى. والمَعْنى: أنَّهُ مِن أسْماءِ صِفاتِهِ تَعالى كَما تَقُولُ: القَهّارُ هو اللَّهُ. وقِيلَ: هو بِمَعْنى الوَلِيِّ والحَفِيظِ، وهو راجِعٌ إلى مَعْنى المَوْكُولِ إلَيْهِ الأُمُورُ. قالَ الفَرّاءُ: والوَكِيلُ الكَفِيلُ.
{"ayahs_start":171,"ayahs":["۞ یَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","ٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡا۟ أَجۡرٌ عَظِیمٌ","ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق