الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ الآية، موضع (إذ) يجوز أن يكون رفعًا بالابتداء على معنى: ذاك إذ قال الله، ويجوز أن يكون المعنى: اذكر إذ قال الله [["إعراب القرآن" للنحاس 1/ 528.]]. وقوله تعالى: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ يجوز أن يكون (عيسى) في محل الرفع [[انظر: المرجع السابق.]] لأنه منادى مفرد وصف بمضاف، فيكون كقول الشاعر: يا زبرقانُ أخا بني خَلفٍ ويجوز أن يكون في محل النصب؛ لأنه في نية الإضافة، ثم جعل الابن توكيداً له [["إعراب القرآن" للنحاس 1/ 528.]]، وكل ما كان مثل هذا جاز فيه الوجهان، نحو: يا زيدُ ابن عمروٍ، ويا زيدَ بن عمروٍ، وأنشد النحويون: يا حَكمُ بنُ المنذرِ بن الجارودُ برفع الأول ونصبه على ما بينا، وقوله تعالى: ﴿نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ أراد الجمع كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ﴾ [النحل: 18، إبراهيم: 34]، وإنما جاز ذلك لأنه مضاف فصلح للجنس، ثم فسر نعمته عليه بقوله: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ إلى آخر الآية. وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾، قال ابن عباس: يريد إذ أنبتها نباتًا حسنًا وطهرتها واصطفيتها على نساء العالمين، وكان يأتيها رزقها من عندي وهي في محرابها [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ مضى تفسيره في سورة البقرة عند قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: 87]. وقوله تعالى: ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ في الْمَهْدِ﴾ (تكلم) في موضع الحال، أي: أيدتك به مكلما الناس في المهد، قاله الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 219.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكَهْلًا﴾ عطف على موضع (تكلم)، كأن المعنى: وأيدتك به مخاطبًا الناس في صغرك ومخاطبًا الناس كهلًا [["معاني الزجاج" 2/ 219.]]. وجائز أن يكون عطفًا على موضع ﴿الْمَهْدِ﴾ فيكون المعنى: وأيدتك به مكلمًا الناس صغيرًا وكهلًا [["إعراب القرآن" للنحاس 1/ 528.]]. وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ قيل: الكتابة [[هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الكتاب.]] يعني الخط، وقيل: أراد الكتب، فيكون الكتاب اسم الجنس ثم فصل بذكر التوراة والإنجيل، وأما الحكمة فالعلم بما في تلك الكتب [["تفسير الطبري" 7/ 127.]]. وقوله تعالى: ﴿فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾ وقرأ نافع: (فتكون طائرًا) [[انظر: "السبعة" ص 249.]]، وأما الطير فواحده طائر، مثل: ضائن وضأن، وراكب وركب، والطائر كالصفة الغالبة. ولو قال قائل: إن الطائر قد يكون جمعًا مثل الحامل والباقر والسامر كان ذلك قياسًا [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2150 (طار)، "الحجة للقراء السبعة" 3/ 276،277.]]، ويكون على هذا معنى القراءتين واحداً. ويقوي هذا الوجه ما حكاه أبو الحسن الأخفش: طائرة فيكون طائرة وطائر من باب شعيرة وشعير. وأما قوله تعالى: ﴿فَتَنْفُخُ فِيهَا﴾ وفي آل عمران: ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ﴾ [آل عمران: 49]، والقول في ذلك أن الضمير في قوله: ﴿فِيهَا﴾ يعود إلى الهيئة وتجعلها مصدرًا في موضع المهيأ، كما يقع الخلق موضع المخلوق، وذلك لأن النفخ لا يكون في الهيئة، إنما يكون في المهيأ ذي الهيئة [["تفسير الطبري" 7/ 127، "زاد المسير" 2/ 454، 455.]]. ويجوز أن يعود إلى الطير؛ لأنها مؤنثة، قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ [الملك: 19]، وأما تذكير الضمير في آل عمران فقد مضى الكلام فيه مستقصى. وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ﴾. قال ابن عباس: يريد عن قتلك [["تفسير الطبري" 7/ 128، و"تفسير الوسيط" 2/ 244، والبغوي 3/ 116، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 126.]]. وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110]، وقرأ حمزة والكسائي. (ساحر) بالألف [["الحجة" 3/ 270.]]، فمن قرأ ﴿سِحْرٌ﴾ جعله إشارة إلى ما جاء به، كأنه قال: ما هذا الذي جئت به إلا سحر، ومن قرأ: (إلا ساحر) أشار إلى الشخص لا إلى الحدث الذي أتى به، وكلاهما حسن لاستواء كل واحد منهما في أن ذكره قد تقدم [["الحجة" 3/ 271.]]، غير أن الاختيار ﴿سِحْرٌ﴾ لجواز وقوعه على الحدث والشخص، أما وقوعه على الحدث فسهل كثير، ووقوعه على الشخص تريد به: ذو سحر، كما جاء: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾ [البقرة: 177] أي: ذا البر، وقالوا: إنما أنت سيرٌ وما أنت إلا سيرٌ، وإنما هي إقبال وإدبار، فيجوز أن يريد بسحر ذا سحر، ولا يجوز أن تريد بساحر السحر. وقد جاء فاعل يراد به المصدر في حروف ليست بالكثير، نحو: عائذ بالله من شره، أي: عياذًا، ونحو العافية [[في "الحجة" 3/ 272 (العاقبة).]]، ولم تصر هذه الحروف من الكثرة بحيث يسوغ القياس عليها [[من "الحجة" لأبي علي 3/ 271، 272 بتصرف.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب