الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى﴾ نقول في ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى﴾ كما قلنا في ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾ أي أن ﴿إِذْ﴾ مفعول لفعل محذوف تقديره: اذكر.
وقوله: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ هذا نداء ووصف أو عطف بيان، ﴿عِيسَى﴾ منادى مبني على الضم؛ لأنه علم، وكل علم منادى وهو غير مضاف فإنه يُبنى على الضم في محل نصب، فتقول: يا زيدُ، ولا تقول: يا زيدًا، كل علم غير مضاف فإنه يبنى على الضم، وأما ﴿ابْنَ مَرْيَمَ﴾ فهو وصف أو عطف بيان ونُصب؛ لأنه مضاف، و﴿مَرْيَمَ﴾ اسم أمه، ونُسب إليها؛ لأنه لا أب له؛ إذ إنه خُلق من أم بلا أب.
﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ هذه مقول القول ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾، ثم فسر ذلك قال: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾، هذه ﴿إِذْ﴾ متعلقة بقوله: نعمة، ونعمة مفعول ﴿اذْكُرْ﴾. ﴿إِذْ﴾ يعني هذا متعلق بنعمة ﴿أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾. ﴿أَيَّدْتُكَ﴾ يعني فاعل مستتر؛ يعني (أنا) تقديره: (أنا)، والفاعل إذا كان تقديره (أنا) أو (نحن) أو (أنت) كان مستترًا وجوبًا، وإذا كان تقديره: (هو) أو (هي) فهو مستتر جوازًا إلا في بعض المسائل مثل فعل التعجب، فإن تقدير الفاعل فيه (هو) ومع ذلك مستتر وجوبًا.
وقوله: ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ متعلق بـ(أَيَّد).
﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ هذا بيان للنعمة؛ فالجملة استئنافية.
وقوله: ﴿تُكَلِّمُ﴾ الفاعل مستتر، تقديره: أنت، و﴿النَّاسَ﴾ مفعول به.
﴿فِي الْمَهْدِ﴾ أي: حال كونك في المهد، و﴿كَهْلًا﴾ وحال كونك كهلًا.
﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ﴾ يعني واذكر نعمتي عليك أيضًا ﴿إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ﴾ فتكون الواو حرف عطف و﴿إِذْ﴾ معطوفة على ﴿إِذْ﴾ الأولى.
وقوله: ﴿عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ﴾ هذه (علّم) تنصب مفعولين؛ المفعول الأول (الكاف)، والثاني الكتاب، و﴿الْحِكْمَةَ﴾ معطوفة عليها، ﴿وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ معطوفان، ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ﴾ معطوفة على ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ﴾ فهو من نعمة الله عليه، فهي إذن في حل نصب.
﴿تَخْلُقُ﴾ أي: أنت ﴿مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ الكاف اسم بمعنى مثل؛ أي: مثل هيئة الطير، وهو مضاف وإن كان حرفًا إلى هيئة، وهيئة مضافة إلى ﴿الطَّيْرِ﴾، و﴿بِإِذْنِي﴾ متعلق بـ﴿تَخْلُقُ﴾، ﴿فَتَنْفُخُ﴾ معطوفة على ﴿تَخْلُقُ﴾.
﴿فِيهَا﴾ أي: في هذه المخلوقة التي خلقتها ﴿طَيْرًا﴾ خبر ﴿تَكُونُ﴾ واسمها مستتر وجوبًا أو جوازًا؟ فتكون هي؟
* طلبة: جوازًا.
* الشيخ: جوازا، و﴿بِإِذْنِي﴾ متعلقة بتكون، و﴿تُبْرِئُ﴾ معطوفة على ﴿تَخْلُقُ﴾؛﴾ يعني وإذ تبرئ الأكمه والأبرص.
و﴿تُبْرِئُ﴾ فعل مضارع، وفاعله مستتر وجوبًا تقديره: أنت، و﴿الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ﴾ مفعول به ومعطوف عليه، و﴿بِإِذْنِي﴾ متعلق بـ﴿تُبْرِئُ﴾.
﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾ نقول في إعرابها كما قلنا في إعراب ﴿تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ﴾.
﴿وَإِذْ كَفَفْتُ﴾ معطوفة على ﴿إِذْ﴾ الأولى ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ﴾؛ يعني واذكر نعمتي عليك إذ كففت بني إسرائيل عنك.
و﴿بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ مفعول ﴿كَفَفْتُ﴾.
و﴿عَنْكَ﴾ متعلقة بـ﴿كَفَفْتُ﴾.
﴿إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ متعلقة بـ﴿كَفَفْتُ﴾ أيضًا.
و﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ صفة لموصوف محذوف، والتقدير: بالآيات البينات.
﴿فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ﴾ أي من بني إسرائيل ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ في محل نصب مقول القول في (قال)، و(إن) نافية، و﴿هَذَا﴾ مبتدأ، و﴿إِلَّا﴾ أداة حصر، و﴿سِحْرٌ﴾ خبر المبتدأ، و﴿مُبِينٌ﴾ صفته.
يقول الله عز وجل مُذكِّرًا عيسى عليه الصلاة والسلام بهذه النعم: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ وعيسى هو ابن مريم، وهو من بني إسرائيل، ومِن ذرية مَن؟ من ذرية إبراهيم، كما قال عز وجل: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ إلى آخره [الأنعام: ٨٤].
وقوله: ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ مفعول (قال)، المعنى: اذكر النعمة التي أنعمت بها عليك وعلى والدتك، أما نعمته عليه فذكرها وعدَّ منها ما عد، وأما نعمته على الأم فإنه هيّأ لها، ويسّر لها المكان الذي تضع فيه حملها، وجعل عندها رطبًا جنيًّا ونهرًا على قول في معنى ﴿سَرِيًّا﴾ [مريم ٢٤]، ومن نعمته أيضًا على أمه أنه أنطق عيسى في المهد ليبين براءة أمه مما اتهمها به اليهود الذين قالوا لها: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم ٢٨] يعني وأنتِ كيف صِرتِ على هذه الحال؟
وقوله: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ﴾ أي: قويتك، وروح القدس هو جبريل عليه السلام، يؤيده في كل ما يحتاج فيه إلى تأييد ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ هذه من نعمة الله عليه أنه كلّم الناس وهو في المهد أي: صغير يُحمل باليد، والعادة أن هذا لا يتكلم.
﴿وَكَهْلًا﴾ أي: كبيرًا، والكهل قيل: ما بين الثلاثين إلى الخمسين، وقيل: ما بين الثلاثين إلى الأربعين، وإنما ذكر الله تكليمه في المهد، وتكليمه في الكهل حين كهلًا ليبيّن أن كلامه حين كان في المهد ككلامه حين كان كهلًا لا يختلف، والمعروف أن الصغير لا يتكلم، وأنه لو تكلم لم يكن ككلام الكبير لا في الأداء، ولا في الترتيب، ولا في المعنى، لكن كلام عيسى حال كونه في المهد ككلامه حين كان كهلًا.
ولذلك لو قال قائل: ما الفائدة من قوله: ﴿وَكَهْلًا﴾ لأن كلام الإنسان في حال الكهولة أمر معلوم؟
قلنا: ليبيّن أن كلامه حين كان كهلًا ككلامه حين كان في المهد.
وقوله: ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ﴾ أي: اذكر إذ علمتك الكتاب والحكمة، الكتاب قيل: إنه الكتابة؛ لأنه ليس المراد الكتاب المنزّل بدليل قوله: ﴿وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ فيكون الكتاب بمعنى أيش؟ الكتابة.
﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ هي العلم والفهم والعقل الراجح؛ حيث يُنزل الأشياء في منازلها؛ لأنه أحد الرسل الكرام، فالحكمة إذن العلم والفهم والرشد؛ أي: تنزيل الأشياء في منازلها.
﴿وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ التوراة هي الكتاب الذي أنزله الله على موسى، والإنجيل هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى، وهو فرع على التوراة؛ لأن الأصل هي التوراة، لكن الإنجيل جاء فيه بعض الأشياء التي لم تكن في التوراة كما قال عز وجل: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران ٥٠].
﴿وَإِذْ تَخْلُقُ﴾ أيضًا هذه من نعم الله عليه؛ ﴿إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ﴾ يعني تصنع من الطين شيئًا كهيئة الطير.
﴿فَتَنْفُخُ فِيهَا﴾ أي: فيما صنعت من هذه الهيئة ﴿فَتَكُونُ طَيْرًا﴾ وفي قراءة: ﴿طَائِرًا بِإِذْنِي﴾ يعني يخلق شكل الطائر، ولنقل شكل حمامة، فينفخ فيها نفخة واحدة فتكون طيرًا؛ يعني طيرًا حيًّا، والقراءة الثانية: ﴿طَائِرًا﴾ أي: أنها تطير بالفعل، وهذا لا أحد يقدر عليه إلا الله عز وجل أو مَن أذن له بذلك.
﴿وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ﴾ ﴿وَتُبْرِئُ﴾ أي: تشفي ﴿الْأَكْمَهَ﴾ من مرضه، والأكمه أحسن ما قيل فيه أنه الذي وُلِد بلا بصر، إما لأن الأجفان لم تنفتح، وهذا وَقَع؛ يعني وقع مولود في زماننا هذا أكمه أجفانه منطبقة غير منفتحة، أو أن المعنى الأعشى الذي يبصر بالليل، ولا يبصر بالنهار أو بالعكس، ولكن المعنى الأول أبلغ في الآية أن يكون خُلق بلا بصر فيبرئه بإذن الله عز وجل، وأما الأبرص فمعروف.
وقوله: ﴿بِإِذْنِي﴾ كررها لبيان أن هذه الآية العظيمة لم تكن إلا بإذن الله، في آل عمران كُرّرت الإذن مرتين، لكن الذي في (آل عمران) من الذي قال ذلك، هل الله خاطب عيسى ولا عيسى خاطب قومه؟ عيسى خاطب قومه فافترقا.
وقوله: ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾ ﴿إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى﴾ أي: من قبورهم فيقف على القبر ويقول: يا فلان، اخرج، فيخرج بإذن الله عز وجل.
في آية (آل عمران) يقول: ﴿أُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران ٤٩] فإذا جمعت هذه إلى هذه صار عيسى عليه الصلاة والسلام يحيي الميت قبل أن يدفن، ويحييه بعد أن يدفن، تُخرج الموتى بإذن الله.
النعمة الأخيرة: ﴿إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ﴾ ﴿إِذْ كَفَفْتُ﴾ أي: صددتهم عنك؛ لأنهم أرادوا قتله، وقصة الصلب مشهورة؛ فإنهم اجتمعوا على قتله، ثم انْتَدَب بعضهم لذلك، فألقى الله الشبه على واحد منهم، ورفع عيسى عليه الصلاة والسلام، هذا الذي أُلقِي عليه الشبه يصيح: لست عيسى، ولكنهم كذبوه، قالوا: أنت عيسى فقتلوه وصلبوه، فادَّعى بنو إسرائيل أنهم قتلوا عيسى وصلبوه، ولكن الله كذَّبهم، فقال تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ [النساء ١٥٧]، بل هو حي باقٍ، وسينزل في آخر الزمان.
وقوله: ﴿إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ يعني حين جئتهم بالبينات أرادوا قتلك بعد أن ظهر الأمر وتبين، وأتيت بآيات بينة ﴿فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي: قالوا إن عيسى سَحرنا، كيف يبرئ الأكمه؟ كيف يخلق شيئًا من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائرًا؟
ما هذا إلا سحر، وكذبوه، وهكذا المكذِّبون للرسل، كلهم يقولون: إن الرسل سحرة؛ لأن الرسل تأتي بآيات لا يستطيعها البشر، فيموّهون على العامة ويقولون: إنهم سحروكم، قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات ٥٢]، وهذه الآية عامة كل الرسل قيل لهم هذا، ساحر أو مجنون.
وقوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي: بيّن واضح؛ لأن (أبان) تستعمل متعدية ولازمة، فيقال: أبان الفجر؛ أي: طلع، ويقال: أبان الأمر، أي: وضَّحه، وهي على حسب السياق فتارة تكون بمعنى (أبان)، وتارة تكون بمعنى (بان)، وهنا مأخوذة من (بان) أي هذا سحر بيِّن ظاهر.
وفي الآية فوائد تأتي -إن شاء الله- في الدرس المقبل؛ لأن الأسئلة حل وقتها.
* طالب: ما إعراب ﴿إِنَّكَ أَنْتَ﴾ إذا قلنا: ﴿أَنْتَ﴾ مبتدأ، و﴿عَلَّامُ﴾ خبر، هل تفيد معنى الذي تفيد ﴿أَنْتَ﴾ إذا كانت ضمير فصل أم التأكيد؟
* الشيخ: إي نعم، يمكن تفيد؛ لأنه إذا صارت الجملة طرفاها معرفتين أفادت الحصر، لكن ضمير الفصل أقوى في الحصر.
* طالب: لماذا الصليب مقدس عند النصارى؟
* الشيخ: إي، يقولون إن عيسى عليه الصلاة والسلام -حسب زعمهم- إنه رضي بأن يفدي العالم بنفسه فرضي بالقتل والصلب، فمن أجل ذلك نعظّمه، والحقيقة أنهم لو كانوا عقلاء لكانوا يُكسّرون الصليب؛ لأنه صُلب عليه -على زعمهم- نبيهم، فكان يجب أن يكون أكره ما يكون إليهم النظر إلى الصليب، لكن -كما تعلم- النصارى ضالون، ليس عندهم عقول.
* طالب: قال الله تعالى: ﴿أُحْيِ الْمَوْتَى﴾ فإذا عيسى إذا أحيا، هل يعيش بعدها؟
* الشيخ: أما أنا ما حضرت، جواب سليم أو غير سليم؟! أسألك؛ لأن هذا السؤال في غير محله، المقصود بيان أنه يحيي الموتى، أما كونه يبقى أو لا يبقى، هذا البحث فيه غير صحيح، السؤال عنه غير جيد، وأنا دائمًا أقول لكم: مسائل الغيب اقتصروا بها على ما ورد، والشأن كل الشأن أن يحيا بعد الموت لا أن يموت بعد الحياة.
* طالب: قوله: ﴿بِإِذْنِي﴾ قلنا: بأن في (آل عمران) تكررت دون ما تكررت في هذه الآية؛ لأن المقام هناك كان عيسى يخاطب قومه، هنا الله سبحانه يخاطب عيسى عليه السلام، شيخ، فالمتبادر للذهن أنه كان المفروض أن عيسى عند مخاطبته لقومه يكرر هذا أكثر لئلا يغلوا فيه؟
* الشيخ: لا، هذا في سورة آل عمران، أضافها إلى الله عز وجل حتى يبيّن أن الإله حقًّا هو الله عز وجل، هذا هو المهم، أما هنا فلئلا يغتر أحد بكونه يحيي الموتى، فقال: ﴿بِإِذْنِي﴾ يأتينا -إن شاء الله- في الفوائد لأجل أن يعرف عيسى عليه الصلاة والسلام أنه إنما يتصرف بإذن الله عز وجل.
* طالب: أحسن الله إليك، إذا نزل عيسى في آخر الزمان، هل ينزل بمعجزات أخرى، أو تكون معه هذه المعجزات؟
* الشيخ: الظاهر أنه لا يأتي بهذه المعجزات؛ لأنه سيأتينا -إن شاء الله- أنه أعطاه الله المعجزات هذه؛ لأن الطب في زمنه ترقّى إلى مكان بعيد فآتاه الله من الآيات ما يعجز عنه الأطباء.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة ١١١ - ١١٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ قبل أن نتكلم على الدرس لهذا اليوم نتكلم على فوائد الدرس الماضي كما زعمتم.
فمن فوائد قول الله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى﴾ إلى آخره.
* من فوائدها: تذكير هذه الأمة بما جرى للأمم السابقة قبلها لأنبيائهم ومَن أُرسل إليهم؛ لأن ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ﴾ متعلقة بمحذوف، والتقدير أيش؟ اذكر إذ قال الله.
* ومن فوائدها: إثبات أن الله تعالى يتكلم ويقول بحرف وصوت؛ لأن مقول القول هو ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ إلى آخره، وهذه حروف، والقول لا يُوجّه إلا لمن يسمعه، ولو كان قول الله ما قام بنفسه لم يصحّ أن يقول: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى﴾، وفي هذا رد على الأشاعرة الذين قالوا: إن قول الله وكلام الله هو المعنى القائم بالنفس، وليس هو المسموع، والمسموع أصوات يخلقها الله عز وجل تعبّر عما في نفسه، وهذا القول باطل من أوجه كثيرة، كتب عليها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله، وجزاه عن هذه الأمة خيرًا- رسالة تسمى (التسعينية) أبطل هذا القول من تسعين وجهًا، وهو جدير بأن يبطل ويطرح؛ لأنه متناقض، والعجب أنهم هم والمعتزلة اتفقوا على أن ما في المصحف مخلوق، لكن المعتزلة قالوا: هو كلام الله، وهؤلاء قالوا: هو عبارة عن كلام الله، فكان المعتزلة والجهمية من هذه الوجه أسعد منهم بالصواب مع أنهم كلهم خطأ؛ لأن هؤلاء يقولون -أعني الأشاعرة-: الذي في المصحف هذا ليس كلام الله، عبارة عنه، وأولئك يقولون: كلام الله مخلوق، وهم يقولون: عبارة عن كلام الله وهو مخلوق، ومن تدبّر هذا القول وجده في غاية البطلان.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: بيان تذكير الله سبحانه وتعالى عباده بنعمه عليهم، وهذا جاء في القرآن في غير موضع، مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [الأحزاب ٩] أحيانًا يكون عامًّا كهذه الآية، وأحيانًا يكون خاصًّا مثل قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف ٨٦] وما أشبه ذلك، وإنما يُذكّر الله العباد بالنعمة من أجل وجوب شكرها؛ لأن وجوب شكر المنعم ثابت سمعًا وعقلًا، أما السمع ففي القرآن مملوء: اشكروا، اشكروني، اشكروا الله، وما أشبه ذلك، وأما عقلًا فلأنه ليس من المروءة أن تقابل النعمة بالإساءة والكفر، فشكر المنعم إذن واجب سمعًا وعقلًا، وفائدة التذكير بالنعم هو أيش؟ القيام بالشكر.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز نسبة الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب؛ لقوله: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾، وهل يمكن أن يكون للإنسان أم بلا أب؟ الجواب: نعم، وذلك فيما إذا نفى الزوج الولد عن نفسه فإنه ينتفي عنه بالشروط التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله، وكذلك ولد الزنا إذا لم يستلحقه الزاني فإنه له أم، وليس له أب، فإن استلحقه الزاني فالمسألة فيها خلاف معروف، وجمهور العلماء على أنه لا يلحقه بعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»[[متفق عليه؛أخرجه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم ( ١٤٥٧/٣٦ ) من حديث عائشة.]].
لكن لو قال قائل: إذا كانت نسبته إلى أمه توجب التساؤلات، وأن ينكسر قلبه، وأن يُساء إلى أمه، فهل يُعدل عن هذا؟
الجواب: نعم، يُعدل عن هذا؛ لأن نسبته إلى أمه إذا لم يكن له أب على سبيل الإباحة والجواز، فإذا كان يستلزم ما يؤذي صاحبه فإنه يُعدل عنه إلى نسبته إلى آخر، إلى مَن؟ نقول: ننسبه إلى اسم يصح لكل إنسان، مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الكريم، عبد اللطيف، وما أشبه ذلك، فعلى هذا نقول: الأصل فيمن ليس له أب أن يُنسب إلى أمه، فإن خُشي من ذلك مضرة أو إيذاء نُسب إلى مَن يصح أن ينطبق على كل أحد.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب عليهم الشكر كما يجب على مَن أُرسل إليهم؛ لأن الله أمر عيسى أن يذكر نعمته عليه وعلى أمه، ونقول: نعم، يجب وهم -أي الأنبياء- أشد الناس قيامًا بشكر النعمة، فقد «كان إمامهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقوم في الليل حتى تتورّم قدماه وتتفطّر، فيقال: يا رسول الله، أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١١٣٠)، ومسلم ( ٢٨١٩/٧٩) من حديث المغيرة بن شعبة.]].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن نعمة الله على الوالدين نعمة على الولد؛ لقوله: ﴿عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾، ولا شك أنها نعمة على الولد كما هي نعمة على الوالد، والنعمة على الولد نعمة على الوالد؟ من باب المساواة أو الأولى؟ من باب الأوْلى؛ لأن الولد بضعة من أبيه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة رضي الله عنها: «إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٢٣٠)، ومسلم ( ٢٤٤٩/٩٣) من حديث المسور بن مخرمة.]] فنعمة الله على الولد في الحقيقة نعمة من الله على الوالد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى يؤيد البشر بالملائكة؛ لقوله: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾.
* ومن فوائدها: هذه المزيّة لجبريل عليه السلام؛ أنه يؤيد الأنبياء والرسل.
* ومن فوائد هذه الآية: اللقب الفاضل لمن؟ لجبريل ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ فإن القدس بمعنى الطهارة والنزاهة من كل عيب، فهو أي جبريل عليه السلام ذو مِرَّة؛ أي: ذو هيئة حسنة، وهو قوي كما قال عز وجل: ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ [التكوير ٢٠]، وله مكانة عند الله عز وجل كما قال تعالى: ﴿عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾.
واليهود يبغضون جبريل، والمسلمون يحبون جبريل؛ لأن جبريل موكّل بالوحي ينزل به وفيه حياة الأمة، وأولئك يكرهون جبريل؛ يقولون: إنه ينزل بالعذاب، ولكنه ينزل بالعذاب على مَن؟ على من يستحقه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: هذه الآية العظيمة التي أعطاها الله تعالى عيسى؛ وهي أنه يكلم الناس في المهد وكهلًا على السواء؛ أي أنه يتكلم بكلام رصين بليغ عجيب مع أنه في المهد، وعادة لا يتكلم الناس في المهد، إنما ينبغ نبغًا لا يُفهم، لكن هذا من آيات الله عز وجل، كما أن أصل عيسى من آيات الله، وسبق لنا ما ذكره الله تعالى من كلام عيسى في المهد لما قال قوم مريم لها: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ [مريم ٢٨ - ٢٩]. فقال؟
* الطلبة: ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم ٢٩].
* الشيخ: نعم، هم قالوا: كيف نكلم، لكن هو قال: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم ٣٠ - ٣٣] كلام عجيب بليغ، لكن الله على كل شيء قدير.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التنصيص على النعمة بالعلم والشرف والحكمة، وأنها أخص من مطلق النعمة؛ لأن مطلق النعمة سبق ﴿اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾، لكن العلم خصه فقال: ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾، وعلى هذا فيجب على طالب العلم أن يشكر الله تعالى على نعمته عليه حيث خصَّه بالعلم الذي حرمه كثيرًا من الناس، وإذا منّ الله عليه مع العلم بالعبادة والدعوة إلى الله صار نعمة فوق نعمة، فكم من أناس ضلّوا عن سواء السبيل؛ قال الله عز وجل: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام ١١٦]، والإنسان إذا شعر بنعمة الله عليه بالعلم والعبادة والدعوة فإنه يزداد فرحًا وسرورًا ومثابرة وصبرًا على ما هو عليه من طلب العلم، وازدياد العبادة، وقوة الدعوة إلى الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التنصيص على الحكمة؛ وهي معرفة أسرار الشريعة وغاياتها وثمراتها، فإن معرفة ذلك لا شك أنها تزيد الإيمان، وأنها تزيد الإنسان بصيرة في شرائع الله.
وإنها -أي الشرائع- من لدن حكيم عليم، ولهذا نقول: لا يمكن أن يوجد في صريح المعقول ما يخالف صحيح المنقول، هذه القاعدة خذها مطردة، لا يمكن أن يوجد في صريح المعقول ما ينافي صحيح المنقول، فإن وجدت ما ينافيه فاعلم أن الأمر لا يخلو من أحد أمرين ولا بد: إما أن عقلك ليس بصريح؛ يعني فيه شبهات أوجبت اختفاء الحق عليه، أو شهوات انطمس بها، نسأل الله العافية.
وإما أن يكون النص غير صحيح، يكون حديثًا ضعيفًا أو مكذوبًا على الرسول ﷺ أو ما أشبه ذلك، أما أن يكون عقل صريح سالم من الشبهات والشهوات ونقل صحيح، فلا يمكن أن يتناقض أبدًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوراة والإنجيل كتابان من عند الله عز وجل، وسبق أن قلنا: إن عطفهما على الكتاب من باب عطف الخاص على العام إذا لم نقل إن المراد بالكتاب الكتابة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان قدرة الله تبارك وتعالى على إحياء الموتى، وعلى إدخال الروح في الجماد؛ من قوله: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾.
* ومن فوائدها: إطلاق لفظ الخلق على ما صنعه المخلوق، مثلًا لو صنعت بابًا تقول: خلقت بابًا، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون ١٤] وقوله في الحديث الصحيح: «يُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢١٠٥)، ومسلم(٢١٠٧ /٩٦) من حديث عائشة.]].
فإن قال قائل: إذا أثبتّ صفة الخلق للمخلوق فأيّ فرق بين خلق الخالق وخلق المخلوق؟
فالجواب: الفرق عظيم جدًّا؛ خلق الخالق إيجاد من عدم على ما يريد الله عز وجل ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [آل عمران ٦]، خلق المخلوق تحويل مخلوق الله إلى صفة أخرى، وإلا فالأصل منين؟ من الله عز وجل؛ هل يمكن لأحد أن يجعل من الحجر ذهبًا؟ لا يمكن، لكن يمكن أن يجعل من الذهب حليًّا، وأن يجعل منه على شكل حيوان كما جعلت بنو إسرائيل الحلي الذي أخذوه من آل فرعون، جعلوه عجلًا، فافترق الخلق المنسوب للخالق والخلق المنسوب للمخلوق، خلق المخلوق يعني تحويل الشيء من شيء إلى آخر لا ذاته ولكن صفاته، وأما خلق الخالق فهو إيجاد من عدم، وهذا لا يستطيع أحد أن يفعله.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله عز وجل جعل لعيسى آية تُعجز علماء الفن الذي اشتهر في حياته، فقد قيل: إن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام اشتهر في وقته الطب، وترقّى ترقيًا عظيمًا، فجاء عيسى بآيات لا يستطيع الأطباء أن يقوموا بها، كما أن السحر في عهد موسى كان منتشرًا؛ فجاء موسى بآيات تبطل سحرهم، وكما أن البلاغة في العرب منتشرة في عهد الرسول ﷺ؛ فجاء الله تعالى بكتاب أعجزهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه سبحانه وتعالى يختار من الآيات أشدها إعجازًا، فإنه لم يمنّ على عيسى بأن يخلق أرنبًا أو قطًّا أو ما أشبه ذلك، بل طائرًا؛ لأن الطيران في الجو أبلغ من المشي على الأرض فاختار الله له أن يخلق أيش؟ طائرًا يعني على صورة الطير.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن النفخ له تأثير في الأجساد إذا أراد الله عز وجل أن يُؤثِّر؛ لأنه نفخ في الطير الذي صنعه فصار أيش؟ صار طائرًا كما في القراءة الأخرى، لما نفخ فيه صار حيوانًا من الطيور، ثم طار لتحقق أنه دخلته الروح، ومن ثم جاءت القراءة على المريض عن طريق النفث، والنفث -كما نعلم جميعًا- يتضمن نفخًا وريقًا، وهذا مؤثّر بإذن الله عز وجل، ولهذا لو أن القارئ صار يقرأ ويأخذ بأصبعه من ريقه ويبل به مكان الألم، أو يبل به المريض فلا أظنه ينفع، لا بد من نفخ مع ريق.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: ما أعطاه الله تعالى عيسى من الآيات في إبراء الأكمه، وهو الذي خلق بلا عين ولا بصر، وهذه دليل على قدرة الله، والظاهر -والله أعلم- أنه يبرئه في الحال، ما يحتاج إلى علاج، وإلى انتظار، الظاهر أنه يبرئه في الحال كما جرى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عين أبي قتادة رضي الله عنه حين جُرحت في أُحد، وبَرزت على خده، العين بَرزت على الخد، فأُتي به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأخذ العين وردها في مكانها، وعادت كما كانت في الحال[[أخرجه أبو يعلى (١٥٤٩) من حديث قتادة بن النعمان.]]، سبحان الله العظيم! هذه القدرة ما يبلغها الأطباء، الظاهر أن إِبْرَاءه الأكمه والأبرص الظاهر أنه يكون في الحال بدون معالجة وتردد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: هذه الآية العظيمة لعيسى أنه يخرج الموتى من القبور؛ لقوله: ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾، وهذه لا يقدر عليها أحد، أما هل يبقى الميت إذا خرج أو لا يبقى؟ هذا ليس لنا فيه كلام، ولا ينبغي أن نتكلم فيه، لماذا؟ لأن الآية حصرت بإخراجه من قبره، أما هل يبقى ويعيش مع الناس أو يموت بعد أن خرج وبرز للناس، ثم يُدفن؟ فهذا ليس لنا في معرفته مصلحة وليس لنا أن نسأل عنه؛ لأن الآية حاصلة بدونه.
في هذه الجمل الأربع: الطير، إبراء الأكمه، إبراء الأبرص، إحياء الموتى، فيه دليل على أنه لا يمكن لأي بشر مهما أوتي أن يحصل له مراده إلا بإذن الله عز وجل؛ لأن كل جملة أو كل كلمة قيدها الله تعالى بأيش؟ بإذنه لئلا يدعي مدعٍ أن الخلق لهم استقلال في أفعالهم، فيكون في هذه الفائدة يكون لها فرع؛ وهو: الرد على القدرية، مَن القدرية؟ القدريّة الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله ليس لله فيه إرادة، الإنسان يأكل ويشرب، ويدخل ويخرج، ويتحرك ويسكن بإرادة تامة ليس لله فيها تعلق، وهذا يعني إثبات خالق مع الله عز وجل، أو إثبات موجب للحوادث مع الله عز وجل؛ ولهذا سُميّت القدرية مجوس هذه الأمة؛ لأن المجوس يقولون: إن الحوادث الكونية لها خالقان: ظلمة، ونور، وهؤلاء يقولون: الحوادث في الكون لها موجدان، كل واحد مستقل عن الآخر: أفعال العباد يستقل بها العباد حتى إن بعضهم يقول: إن الله لا يعلم من أفعال العباد إلا ما وقع، وأما ما لم يقع فلا يعلمه الله عز وجل، فوصفوا الله تبارك وتعالى بالجهل فيما هو في ملكه تبارك وتعالى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات إذن الله، وليُعلم أن الإذن المضاف إلى الله عز وجل ينقسم إلى قسمين: إذن كوني قدري، وإذن شرعي تعبدي، مثال الإذن الكوني: هذه الآية ﴿بِإِذْنِي﴾، مثال الإذن الشرعي قول الله تبارك وتعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١] ما لم يأذن به الله شرعًا أو قدرًا؟ شرعا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: وقدرًا؟ قد أذن فيه؛ فإنه مَكَّن هؤلاء من أن يشرعوا لأقوامهم ما لم يأذن به الله، ومكّن الأقوام أن يتعبدوا بهذه الشريعة البدعية، لكن شرعًا لا، فالإذن إذن المضاف إلى الله عز وجل تنقسم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: طيب، مثال الإذن الكوني هذه الآية ﴿تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾، مثال الإذن الشرعي: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١]، الفائدة من معرفة القسمين: أن نؤمن بأن ما أذن الله فيه قَدرًا فلا بد من وقوعه، وما لم يأذن به فلا يمكن وقوعه، أما شرعًا، فما أذن الله به شرعًا فقد يقع، وقد لا يقع، وما لم يأذن فيه فقد يقع، وقد لا يقع نعم، هذا هو الفرق.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن كف الأذى عن الإنسان من نعمة الله عليه، ولهذا امتن الله به على المؤمنين فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحج ٣٨] فكلما كان الإنسان أشد إيمانًا بالله عز وجل دافع الله عنه، وتسليط بعض الناس عليه بالإيذاء ما هو إلا كتسليط المرض على الرسل والأنبياء من باب أيش؟ رفعة الدرجات وإلا فلا شك أن هناك أئمة من هذه الأمة أُذوا أشد الإيذاء، بل الرسل عليهم الصلاة والسلام يؤذون كما قال عز وجل: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف ٣٥] ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [الأنعام ٣٤] نعم ﴿فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا﴾، لكن هذا من باب رفعة الدرجات، منين نأخذ الفائدة هذه أن الله يدافع عن المؤمنين؟ من قوله: ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [الأنعام ٣٤].
* ومن فوائد الآية: تشجيع الداعي إلى الله عز وجل الذي يأتي بالآيات البينات فإنه عُرضة لأيش؟ للإيذاء؛ لقوله: ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ فكل إنسان يدعو إلى الله ويأتي بالبراهين والأدلة لا بد أن يُسلَّط عليه من يُسلَّط، ولكن الله تعالى بقوته وقدرته يَصرف عنه ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تمرد بني إسرائيل الذين كفروا، حيث ادّعوا أن هذا سحر، بل حصروا ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ﴾ يعني ولا يمكن أن يكون حقًّا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن السحر قد يَخفى، أو أن السحر ما خَفِي سببه، فقالوا: كيف يكون عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله كيف يكون هذا؟ هذا سحر، لو أن أحدًا وقف على جثة هامدة، وقال: قومي فقامت، ماذا يقول الناس؟
* طالب: ساحر.
* الشيخ: نعم، يقولون: هذا ساحر كيف يقوم الميت؟ فهم لبَّسوا -والعياذ بالله- على عباد الله، وقالوا في آيات الأنبياء: إنها سحر مبين.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المؤمنين يتبين لهم الحق، ويعلمون أنه حق؛ لأن مثل هذا القول: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ إنما يَصدر من أهل الكفر، أما المؤمن فيؤمن بالآيات، ويرى أنها حق ويزيد إيمانه بها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن عيسى عليه الصلاة والسلام كغيره من الرسل جاء بالآيات البينات؛ يعني الواضحات التي لا تُشكل على أحد، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلّا أَعْطَاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا يُؤْمِنُ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٤٩٨١) ومسلم ( ١٥٢/٢٣٩) عن أبي هريرة.]]. ولولا هذا لكان الناس معذورين ألَّا يُصدقوا؛ يعني لولا الآيات مع الرسل عليهم الصلاة والسلام لكان الناس لهم عذر ألَّا يصدقوا، وعليه يكون قوله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء ١٦٥] يكون مقيدًا بأنهم أوتوا أيش؟
آيات يؤمن على مثلها البشر، وآيات الأنبياء أنواع كثيرة يجمعها أنها معنوية وحسية، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله فصلًا قيما جدًّا جدًّا في آخر كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ذكر فيه آيات النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إن آياته نوعان: حسية ومعنوية، والحسية آفاقية وأرضية، وضّح توضيحًا كاملًا، وأن من أعظم آياته، بل أعظم آيات هذا القرآن، الذي كان آية في وقته، وفيما بعد إلى يوم القيامة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «وَإِنَّمَا الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيٌ أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ» أو كلمة نحوها «فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٤٩٨١)، ومسلم ( ١٥٢/٢٣٩) من حديث أبي هريرة.]]؛ لأن القرآن بقي، وآيات الأنبياء انتهت بحياتهم فقط ما لبث أقوامهم أن حرّفوا الكتب من بعدهم لا أهل التوراة، ولا أهل الإنجيل، ولا الكتب الأخرى.
* طالب: شيخ -بارك الله فيك- ما الفرق بين الإرادة والإذن؟
* الشيخ: والإذن؟ لا، متقاربات، لكن الإذن أبلغ في التأثير، فمثلًا أنا أريد منك أن تفعل، وأذِنت أن تفعل، هذه أبلغ، إنما بالنسبة لصفات الله عز وجل متقاربة.
* طالب: قلنا: إن خلق الله سبحانه وتعالى إيجاد من العدم، وخلق العباد تحويل شيء إلى شيء، هل خلق عيسى للطير هذا من خلق الله..؟
وآيات الأنبياء أنواع كثيرة، يجمعها أنها معنوية وحسية، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله فصلًا قيمًا جدًّا جدًّا في آخر كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ذكر فيه آيات النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إن الآيات نوعان: حسية ومعنوية، والحسية آفاقية وأرضية، وضح توضيحًا كاملًا، وأن من أعظم آياته، بل أعظم آياته هذا القرآن الذي كان آية في وقته وفيما بعده إلى يوم القيامة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «وَإِنَّمَا الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيٌ أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ» - أو كلمة نحوها- «فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» »[[متفق عليه؛ البخاري (٤٩٨١) ومسلم (١٥٢ / ٢٣٩) من حديث أبي هريرة. ]]؛ لأن القرآن بقي، وآيات الأنبياء انتهت بحياتهم فقط، ما لبث أقوامهم أن حرفوا الكتب من بعدهم، لا أهل التوراة ولا أهل الإنجيل ولا الكتب الأخرى.
* طالب: ما الفرق بين الإرادة والإذن؟
* الشيخ: لا، متقاربات، لكن الإذن أبلغ في التأثير، فمثلًا أنا أريد منك أن تفعل، وأذنت أن تفعل، هذه أبلغ، إنما بالنسبة لصفات الله عز وجل متقاربة.
* طالب: (...) قلنا بأن خلق الله سبحانه وتعالى إيجاد (...).
* الشيخ: تحويل نعم.
* طالب: هل خلق الإنسان للطير هذا من خلق الله أو من خلق المخلوق؟
* الشيخ: لا، خلق المخلوق، كل إنسان يستطيع أن يأتي بشيء ويصنعه كهيئة الطير.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: هو ما أوجد هذا، أصلها من طين، والطين مخلوق لله عز وجل من قبل صنعه على شبه طائر.
{"ayah":"إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِی عَلَیۡكَ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَتِكَ إِذۡ أَیَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق