الباحث القرآني

[و] [[ما بين المعقوفين: زيادة من (د).]] - قوله تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ﴾. أصل (المَكْر) في اللغة: السعي في الفساد [[في (ج)، (د): (بالفساد).]] في خفية، ومُداجاة [[انظر (مادة: مكر) في "كتاب العين" 5/ 370، "تهذيب اللغة" 4/ 3434، "تفسير الثعلبي" 3/ 57 أ، "اللسان" 7/ 4247، "التاج" 7/ 493494. و (المُداجاة): من: (داجى الرجلَ): ساتره بالعداوة، وأخفاها عنه، فكأنه أتاه في الظلمة. و (المداجاة): المداراة، و (داجَيتة): داريته، وكأنك ساترته العداوة انظر: "اللسان" 3/ 1332 (دجا).]]. قال الزجاج [[لم أقف على مصدر قوله وقد ذكره كذلك السمين الحلبي في "الدر المصون" 3/ 212، ولم يبين مصدره.]]: يقال: (مَكَرَ الليلُ، وأمْكَر): إذا أظلم [[لم أعثر على هذا المعنى فيما رجعت إليه من مصادر اللغة، وقد ذكره الثعلبي في "تفسيره" 3/ 57 أقائلًا: (قال أهل المعاني: المكر: السعي بالفساد في سَتر ومُداجاة، وأصله من قول العرب: (مكَرَ الليلُ): إذا أظلم).]]. قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله وقد أورد معناه ابنُ الجوزي في "زاد المسير" 1/ 395.]]: يريد: أنَّ عامَّة بني إسرائيل كفروا به، وهَمَّوا بقتله، وتواطئُوا على الفتك به، فذلك مكرهم به. وقوله تعالى: ﴿وَمَكَرَ اللَّهُ﴾. قال أهل المعاني [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 218، "معاني القرآن" للزجاج، 1/ 419، "معاني القرآن" للنحاس 1/ 408، "تفسير الثعلبي" 3/ 57 أ.]]: المَكْرُ مِنَ [[في (د): (في).]] المخلوقين: خِبٌّ [[في (د): (خبث). (الخِبُّ) بكسر الخاء: الخِداع، والخُبْثُ، والغِشُّ. و (الخَبُّ) بفتح الخاء، وقد تكسر: الخدَّاع، الذي يسعى بين الناس بالفساد، والفعل منه: (خَبَّ)؛ أي: خَدَعَ وغشَّ غشًا منكرًا، و (خبَّبَهُ تخبيبًا): خدعه وأفسده. انظر (مادة: خبب) في "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث": 1/ 541، "القاموس" 77.]] وخِداعٌ، وهو مِنَ الله: استدراجه العِبادَ. قال الله تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [[سورة الأعراف: 182، والقلم: 44.]]. قال ابن عباس في تفسيره [[في (ج): (تفسير). وقوله أورده الثعلبي في "تفسيره" 3/ 57 أ، وذكره المؤلف في تفسيره "البسيط"، تح (د). الفوزان) 2/ 541، والقرطبي في "تفسيره" 4/ 98.]]: كلَّما أحدثوا خطيئةً، جدَّدْنا [[في (ج): (حددنا).]] لهم نعمةً. وليس المراد بـ (مَكْرِ اللهِ) في هذه الآية، هذا الوجه. ووجه (مكرِ اللهِ) بهم في هذه القصَّة، ما قال الزجاج، وهو أنه قال [[في "معاني القرآن" له: 1/ 419، نقله عنه باختصار.]]: المكر من الله عز وجل: المجازاة على ذلك، فسُمِّي باسمه، كقوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾، وقد مرَّ [[انظر: "تفسير البسيط" للمؤلف: [البقرة: 15]. والواحديُّ عند تفسيره لهذه الآية أوَّلَ الاستهزاء الوارد في الآية بالمجازاة؛ أي: يجازيهم جزاء استهزائهم، وأجراه على المجاز، لا على الحقيقة، وما ذكره المؤلف حول معنى الاستهزاء، والمكر الوارد في هذه الآيات إنما هو من لوازم معانيها، والواجب في مثل هذه الألفاظ الاستهزاء، والمكر، والخديعة، والسخرية الواجب فيها أن تُثبت على الحقيقة، كما أثبتها الله لنفسه، دون تأويل. وتُجرى وفق ما يليق به تعالى ولكن لا يُشتَق من هذه الأفعال التي أطلقها الله على نفسه أسماءٌ منها، فلا يقال: ماكر، ولا مستهزيء، حاشاه عن ذلك؛ وذلك أن هذه الأفعال في إطلاقاتها، أوسع من== إطلاقات الأسماء. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 132 - 133، "مجموع فتاوى ابن تيمية" 7/ 111 - 112، "إعلام الموقعين" لابن القيم: 3/ 217 - 218، "مدارج السالكين" 3/ 415.]] قال المفسرون: ومكْرُ اللهِ بهم في هذه القصَّه: إلقاءُ شَبَهِ عيسى على [[من قوله: (على ..) إلى (.. في سورة عيسى): ساقط من: (ج).]] من دَلَّ عليه، حتى صُلِب بَدَلَه. قال ابن عباس: وذلك أن أحد الإنجيلية [[في (د): (أصحابه).]] ممن آمن به، نافَقَ، فدلَّ [[في (ج): (يدل).]] عليه، فجعله [[(أ)، (ب): (جعل)، وهي ساقطة من: (ج). والمثبت من (د).]] الله تعالى في سورة عيسى، فأُخِذ فَصلِبَ [[الذي وقفت عليه مما ورد عن ابن عباس: أن اليهود لمَّا أرادوا قتل عيسى عليه السلام حاصروه، وحوارييه، ثم بعث رأسُ اليهود رجلًا خبيثًا ليدخل ويقتل عيسى عليه السلام، فرفع اللهُ عيسى، وألقى شبهَهُ على هذا الرجل، فلمَّا خرج الرجلُ إلى أصحابه بعد أن لم يرَ عيسى، ظنَّه أصحابُه أنه عيسى، فقتلوه وصلبوه. وقد أورد هذه القصة عن ابن عباس: الثعلبيُّ في "تفسيره" 3/ 57 ب، والبغوي في "تفسيره" 2/ 4445، وابن الجوزي في "الزاد" 1/ 395، وأوردها القرطبي في "تفسيره" ولم يعزها إلى ابن عباس. وكذا ورد عن السدِّي بمعناه كما في "تفسير البغوي" 2/ 45، وعن مقاتل في "تفسيره" 1/ 278. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس من طريق سعيد بن جُبير قصَّةً، مُلَخصها: أن عيسى عليه السلام لما خرج على أصحابه، وهم اثنا عشر رجلًا، قال لهم: (أيُّكم سيُلقى عليه شَبَهي، فيُقتَل مكاني، فيكون معي في الجنة؟) فتطوع أحدهم، فألقِيَ عليه شَبَه عيسى عليه السلام، ثم رفع عيسى إلى السماء، ولما جاء طلبُ اليهود، أخذوا الشبيه، فقتلوه وصلبوه. انظر: "مصنف ابن أبي شيبة": 6/ 342. وكذا ورد بهذا المعنى عن السُدِّي، كما في "تفسير الطبري" 3/ 289، وورد مثله عن قتادة في "تفسير البغوي" 2/ 45 == فليس في هذه الروايات عن ابن عباس وغيره، أن الذي دلَّ عليه كان ممن نافق من أصحابه، ولكن ورد ذلك عن وهب، وهو: أن الذي دلَّ اليهود عليه أحدُ الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام بعد أن أخذ رشْوَةً من اليهود، فلما دخل هذا الرجل إلى البيت الذي فيه عيسى، رفع اللهُ عيسى عليه السلام، وألقي شبَهَهُ على الرجل، فأخذه بعدها اليهود وقتلوه وصلبوه، ظنًا منهم أنه عيسى عليه السلام. انظر هذه الرواية عن وهب في "تفسير الثعلبي" 3/ 57 ب، "تفسير البغوي" 2/ 46.]]. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾. أي: أفضل المُجازين بالسيِّئَة العقوبة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب