الباحث القرآني
﴿وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلۡمَـٰكِرِینَ ٥٤﴾ - تفسير
١٣٠٨٨- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط بن نصر- قال: إن بني إسرائيل حَصَروا عيسى وتسعة عشر رجلًا مِن الحواريين في بيت، فقال عيسى لأصحابه: مَن يأخذ صورتي فيُقتلَ وله الجنة؟ فأخذها رجلٌ منهم، وصُعِد بعيسى إلى السماء، فذلك قوله: ﴿ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين﴾[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٤٧.]]١٢١٤. (٣/٥٩٥)
١٣٠٨٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ومَكَرُواْ ومَكَرَ الله﴾ وذلك أن كفار بني إسرائيل عمدوا إلى رجل، فجعلوه رقيبًا على عيسى ليقتلوه، فجعل الله شَبَهَ عيسى على الرقيب، فأخذوا الرقيب فقتلوه وصلبوه١٢١٥، وظنوا أنه عيسى، ورفع الله ﷿ عيسى إلى سماء الدنيا من بيت المقدس ليلة القدر في رمضان، فذلك قوله سبحانه: ﴿ومَكَرُواْ﴾ بعيسى ليقتلوه، يعني: اليهود، ﴿ومَكَرَ الله﴾ بهم حين قتل رقيبهم وصاحبهم، ﴿والله خَيْرُ الماكرين﴾ يعني: أفضل مكرًا منهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٨.]]. (ز)
١٣٠٩٠- قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة بن الفضل-: ثم ذكر رَفْعَه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله، قال: ﴿ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين﴾، ثم أخبرهم ورَدَّ عليهم فيما أقَرَّ اليهود بصلبه كيف رفعه وطهَّره منهم، فقال الله: ﴿يا عيسى إني متوفيك﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٠.]]. (ز)
﴿وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلۡمَـٰكِرِینَ ٥٤﴾ - آثار مطولة في قصة ذلك
١٣٠٩١- قال وهب بن مُنَبِّه: طرقوا عيسى في بعض الليل، فأسروه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فلمّا أرادوا صَلْبَه أظْلَمَتِ الأرضُ، وأرسل اللهُ الملائكة، فحالوا بينهم وبينه، فصلبوا مكانه رجلًا يقال له: يهوذا، وهو الذي دلَّهم عليه، وذلك أنّ عيسى جمع الحواريين تلك الليلة وأوصاهم، ثم قال: ليكفرنّ أحدكم قبل أن يصيح الديك، ويبيعني بدراهم يسيرة. فخرجوا وتفرّقوا، وكانت اليهود تطلبه، فأتى أحد الحواريين إلى اليهود، فقال لهم: ماتجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهمًا، فأخذها، ودلّهم عليه، فألقى اللهُ عليه شَبَه عيسى لَمّا دخل البيت، فرُفع عيسى، وأُخذ الذي دلَّهم عليه، فقال: أنا الذي دللتكم عليه. فلم يلتفتوا إلى قوله، وقتلوه، وصلبوه، وهم يظنّون أنّه عيسى. فلمّا صُلِب شَبَه عيسى جاءت أُم عيسى وامرأة كان عيسى دعا لها فأبرأها من الجنون تبكيان عند المصلوب، فجاءهما عيسى، فقال لهما: علامَ تبكيان؟ فقالتا: عليك. فقال: إنّ الله قد رفعني، ولم يُصِبني إلّا خير، وإنّ هذا شيء شُبِّه لهم. فلمّا كان بعد سبعة أيّام قال الله ﷿ لعيسى: اهبط على مريم في المحراب -موضع لأمّه في خبائها-، فإنّها لم يبكِ عليك أحد بكاها، ولم يحزن عليك أحد حزنها، ثم لتجمع لك الحواريين فبُثَّهم في الأرض دعاة إلى اللّه تعالى، فأهبطه اللّه عليها، فاشتعل الجبل حين هبط نورًا، فجمعت له الحواريين فبُثَّهم في الأرض دعاة ثم رفعه إليه. وتلك الليلة هي الليلة التي يدخن فيها النّصارى، فلمّا أصبح الحواريُّون حدَّث كلُّ واحد منهم بِلُغَة مَن أرسله عيسى إليهم، فذلك قوله: ﴿ومَكَرُوا ومَكَرَ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ﴾[[تفسير الثعلبي ٣/٧٩-٨٠.]]. (ز)
١٣٠٩٢- عن محمد بن إسحاق -من طريق صدقة بن سابق- قال: فأقبلت مريم بعيسى حتى نزلت إيلْيا[[إيليا: مدينة بيت المقدس. لسان العرب (أيل).]]، وتحدَّثوا به وبقدومه، وهم إذ ذاك تحت أيدي الروم، والروم أهل وثن، إنما بعثه إليهم ليستنقذهم به ولينقذهم به، وليظهرهم على مَن خالفهم، فعَدَوْا عليه بعد أن رأوا منه الآيات والعِبَر البيِّنة، فهَمُّوا به، وأجمعوا على قتله، وقتل مَن معه مِمَّن قال: تابعه، وآمن به. وإنما كانوا اثني عشر رجلًا من الحواريين، وبعضهم يقول: ثلاثة عشرة، وكان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليكلمه رجل يقال له: رواد، فلم يفظع عبد من عباد الله فيما ذكر لنا فظعه، ولم يجزع منه جزعه، ولم يدعوا[[كذا في المصدر المطبوع، ولعل الصحيح: يدع.]] الله في صرفه عنه دعاه، حتى إنه ليقول فيما يزعمون: اللهم إن كنت صارفًا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني. حتى إنّ جِلْدَه من كَرْب ذلك لَيَتَفَصَّدُ دَمًا، فدخل المدخل الذي أجمعوا ليدخلوا عليه فيه، فيقتلوه هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر رجلًا بعيسى، فلما أيقن أنهم داخلون عليه، وأتاه من الله ﷿ أنّه متوفيه ورافعه إليه، فقال: يا معشر الحواريين، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يشتبه للقوم، فيقتلوه مكاني؟ فقال جرجس: أنا. قال: فاجلس. فدخلوا وقد رُفِعَ عيسى، وكان عِدَّتُهم حين دخلوا مع عيسى معلومة قد رأوهم، وأَحْصَوْا عِدَّتَهم، فلما دخلوا عليهم ليأخذوا عيسى -فيما يرون- وأصحابه فقدوا مِن العِدَّة رجلًا، فهو الذي اختلفوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى حتى جعلوا للفرطوس ثلاثين درهمًا على أن يُعَرِّفُهُمُوه، فقال لهم: نعم، إذا دخلتم عليه فإني سَأُقَبِّلُه، فهو الذي أُقَبِّل. فلما دخل دخلوا معه وقد رُفِع عيسى، رأى جِرْجِس في صورة عيسى، فلم يَشُكَّ أنه هو، فأكب عليه فقَبَّله، وأخذوه وصلبوه، ثم إن بُطْرُس ندم على ما صنع، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه، فهو ملعون في النصارى، وكان أحد المعدودين مِن أصحابه[[أخرجه ابن المنذر ١/٢١٩-٢٢٠.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.