الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾ قال الفراء: (لولا) هاهنا متروك الجواب؛ لأنه معلوم المعنى. وكذلك كل ما كان معلوم الجواب فإن العرب تكتفي بترك جوابه، ألا ترى أن الرجل ليشتم صاحبه فيقول المشتوم: أما والله لولا أبوك، فيعلم أنه يريد لشتمتك، فمثل هذا يترك جواب، وقد قال بعد ذلك فبيّن جواب وهو قوله ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ﴾ [النور: 14] ﴿مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [النور: 21] فذلك يبين لك المتروك [["معاني القرآن" للفراء 2/ 247.]]. وقال المبرد: تأويله -والله أعلم- لهلكتم، أو لم يبق لكم باقية، أو لم يصلح لكم أمر، أو ما أشبه ذلك من الوعيد المرجع، فحذف لأنه [[في (ع): (أنَّه).]] لا يشكل [[ذكر الزركشي في "البرهان" 3/ 187 هذا القول عن المبرد.]]. وأنشد لجرير فقال: كذب العواذل لو رأين مناخنا ... بحزيز رامة والمطيُّ سوامي [[البيت في "ديوانه" 2/ 961، "النقائض" لأبي عبيدة 1/ 258، "سر صناعة الإعراب" 2/ 648. والعَواذل: جمع عاذلة وهي اللائمة. والمُناخ -بالضم-: مبرك الإبل. والحزيز -كأمير-: الموضع من الأرض كثرت حجارته وغلظت كأنَّها السكاكين، وقيل الأرض فيها غلظ واستواء. وحزيز رامه: اسم لعدة مواضع في بلاد العرب، منها موضع في طريق البصرة إلى مكة. انظر: "معجم البلدان" لياقوت 4/ 212، "لسان العرب" 11/ 437 (عذل) 5/ 335 (حزز) 14/ 400 (سما)، "القاموس المحيط" 2/ 272. قال أبو عبيدة في "النقائض" 1/ 258 - 259: و"المطي": ما امتطى ظهره، والطا: الظهر. و"المطي سوامي" يقول: هي في بلد لا رعي فيها فهي تسمو بأبصارها إلى موضع الرعي. يقول: لو رأين مناخنا وما نلقى ما عذلننا في الطلب. اهـ مع تصرف.]] وقد ذكرنا هذا مستقصى فيما تقدم. وقال أبو إسحاق: المعنى والله أعلم: لولا فضل الله عليكم لنال الكاذب منكم عذاب عظيم [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 33.]]. وهذا مما ذكره المبرّد لأن هذه الآية [[في (ع): (اللام).]] من تمام قصة اللعان فتقدير الجواب بما قدره أبو إسحاق أليق [[(أليق) ساقطة من (ع).]] بما تقدم مما قدره المبرّد، وإن كان ذلك جائزًا [[في (ع): (جائز).]]. قال ابن عباس: ولولا ستر الله عليكم ورحمته. قال مقاتل: (ونعمته) لأطلع على الكاذب منهما [["تفسير مقاتل" 2/ 35 ب: وفيه لأظهر علي الذنب يعني الكاذب منهما.]]. يعني: لولا أنّه ستر بفضله ورحمته لبيَّن الكاذب من الزوجين فيقام عليه الحد. ﴿وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ﴾ يعود على من رجع عن معاصي الله إلى ما يجب بالرحمة. ﴿حَكِيمٌ﴾ في خلقه فيما فرض من الحدود. قاله ابن عباس. وقال مقاتل: ﴿حَكِيمٌ﴾ حكم بالملاعنة [["تفسير مقاتل" 2/ 35 ب.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب