الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ الآية. (التلقي) في اللغة معناه: الاستقبال، [منه الحديث: (أنه نهى عن تلقي الركبان [[حديث النهي عن تلقي الركبان، أخرجه البخاري عن أبي هريرة رقم (2150) كتاب (البيوع) باب (النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم ..). وأخرج البخاري عن ابن عباس رقم (2158) باب (هل يبيع حاضر لباد)، وعن أبي هريرة رقم (2162) باب (النهي عن تلقي الركبان، وعن ابن عباس (2274) كتاب (الإجارة) باب (أجر السمسرة)، وأخرجه مسلم عن ابن عباس (1521) كتاب (البيوع) باب: (تحريم بيع الحاضر للباد). وأخرجه أحمد في "مسنده" 1/ 368، 2/ 42. وأخرجه النسائي في كتاب (البيوع) 7/ 256، 257.]] قالوا: معناه: الاستقبال [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج) وأثبته من (ب).]]]. والليث يقول: خرجنا نتلقى الحاج، أي نستقبلهم [[في (أ): (يستقبلهم)، وما في (ب)، (ج) أصح. والكلام لم أجده منسوبًا لليث، انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) 4/ 3291، و (العين) (لقو) 5/ 212 و (لقى) 5/ 215، "اللسان" (لقا) 7/ 4067.]]. وفي حديث آخر "لا تتلقوا الركبان والأجلاب" [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" بسنده، "تهذيب اللغة" (لقى) 4/ 3291، وسبق تخريج حديث النهي عن تلقي الركبان. وأخرج مسلم عن أبي هريرة: (أنه نهى أن يتلقى الجلب) رقم (1519) كتاب (البيوع) باب: (تحريم تلقي الجلب). وأخرجه النسائي في كتاب (البيوع) 7/ 257، واخرجه أبو داود رقم (3437) (البيوع) باب (التلقي). وأخرجه الدارمي (البيوع) 3/ 1671 (2608). وأخرجه أحمد في "المسند" بلفظ (الأجلاب) 2/ 284، 410. وأخرجه ابن ماجه في (البيوع) رقم (2178) باب: النهي عن تلقي الجلب.]]. وهذا معنى التلقي في اللغة [[انظر: "تهذيب اللغة" (لقى) 4/ 3291، "الصحاح" (لقي) 6/ 2484، "اللسان" (لقا) 7/ 4066.]]، وأصله أنه (تَفَعُّل) [[في (أ)، (ج): (يفعل).]] من اللقاء، فالتلقي معناه: التعرض للقاء الشيء، ولما كان الاستقبال للشيء تعرض للقائه قيل له: (تلقٍّ) [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 242 - 243.]]. ويقال لَقَّيْتُه الشيء فَتَلَقَّى، أي عرضته لأن يراه فتعرض له، فَلَقَّيْتُه من (لقى) مثل: رَأيْتُه من (يري)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [فصلت: 35] ثم صار التلقي بمعنى الأخذ، لأن الإنسان إنما يستقبل ما يحرص عليه، فكل كلام استقبلته فأنت مريد أخذه، وإلا أعرضت عنه [[(عنه) ساقطة من (ب).]]. وجميع أهل اللغة والمعاني فسروا (التلقي) هاهنا بالأخذ والقبول [[انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) 4/ 3291، والطبري فىِ "تفسيره" 1/ 242 - 243، (تفسير أبي الليث) 1/ 112، "غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 38، وابن عطية في "تفسيره" 1/ 260. ومنهم من فسر تلقي آدم للكلمات: بأنه تعلمها ودعا بها، انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 85، "تهذيب اللغة" 4/ 3291.]]، ومنه الحديث: (أن رسول الله ﷺ كان يتلقى الوحي من جبريل) [[بهذا النص ذكره ابن قتيبة في "غريب القرآن" 1/ 38. وبهذا المعنى أخرج أحمد في "مسنده" بسنده عن ابن عباس: أن أبيا قال لعمر يا أمير المؤمنين إني تلقيت القرآن ممن تلقاه، وقال عفان: ممن يتلقاه من جبريل عليه السلام وهو رطب، "المسند" 5/ 117، وعفان أحد رواة الحديث والأحاديث بمعناه في البخاري رقم (5044) كتاب (فضائل القرآن) باب (الترتيل في القراءة)، ونحوه في مسلم رقم (448) كتاب الصلاة، باب: الاستماع للقراءة.]] أي يتقبله ويأخذه [["غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 38.]]. الأصمعي: تلقت الرحم ماء الفحل، إذا قبلته وارْتَجَّت عليه [["تهذيب اللغة" (لقي) 4/ 3291، "اللسان" (لقا) 7/ 4066.]]. فمعنى قوله تعالى ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ أي: أخذها عنه وتلقنها [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 242 - 243، "غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 38، "تفسير ابن عطية" 1/ 260، "تهذيب اللغة" (لقى) 4/ 3291.]]. والرجل يُلَقَّى الكلام فيتلقاه، أي يُلَقَّنه فَيَتَلقَّنه [[انظر: "تهذيب اللغة" (لقي) 4/ 3291، "اللسان" (لقا) 7/ 4066.]]. وبعض الناس يقولون: تلقى هاهنا: تلقن فجعل النون (ياء) كما قالوا تَظَنَّى من الظن [[في "تفسير القرطبي": (تظني من تطنن) 1/ 276، وكذا في "البحر" 1/ 165.]]، وذلك غلط لأن النون إنما يجوز إبدالها بالياء إذا اجتمع نونان، وكذلك هذا الباب إذا اجتمع حرفان من جنس واحد جاز إبدال الثاني بالياء. كقول العجاج: تَقَضِّي البَازِي إِذَا [[(إذا البازى) ساقط من (ب).]] البَازِي كَسَره [[من أرجوزة يمدح فيها عمر بن عبيد الله بن معمر، يقول: انقض انقاض البَازِي ضم جناحيه، فهو في سرعته سرعة انقاض البَازي إذا كسر، أي ضم جناحيه، وهذا أسرع ما يكون في انقضاضه، ورد البيت في "الخصائص" 2/ 90، "همع الهوامع" 5/ 340، "اللسان" (قضض) 6/ 3661، "المشوف المعلم" 2/ 646، "ديوان العجاج" ص 28.]] بمعنى تقضض، فأما إذا لم يجتمع [[في (أ)، (ج): (تجتمع) والصحيح بالياء.]] حرفان، فلا يجوز الإبدال، لا يجوز أن تقول: تقبى بمعنى تقبل، وهذا ظاهر [[انظر: "تفسير القرطبي" 1/ 276، "البحر" 1/ 165، "الدر المصون" 1/ 295.]]. وتفسير التلقي [[في (ب): (الثاني).]] بالتلقن جائز صحيح [[(صحيح) ساقط من (ب).]] كما بينا، فأما أن يكون التلقي من لفظ التلقن فلا. و (الكلمات): جمع الكلمة، والكلمة تقع على الكثير والقليل، وتقع على الحرف الواحد من الهجاء. قال ابن الأعرابي: يقال: لفلان كلمة شاعرة، أي: قصيدة، وقالوا [[(قالوا) ساقط من (ب).]]: قال امرؤ القيس في كلمته أي: قصيدته، وقال قس [[هو قس بن ساعدة بن جدامة بن زفر الإيادي، الخطيب البليغ، سمع النبى ﷺ حكمته، ومات قبل البعثة، انظر ترجمته في "الإصابة" 3/ 279، "الخزانة" 2/ 89]] في قصدته، يعنون خطبته [[عن "الحجة" لأبي علي بتصرف 2/ 31، وانظر: "تهذيب اللغة" (كلم) 4/ 3180]]. وتجمع (الكلمة)، (كَلِمًا) [[في (ب): (كما). قال الجوهري (الكلم لا يكون أقل من ثلاث من كلمات، لأنه جمع كلمة، "الصحاح" (كلم) 5/ 2043.]]، قال رؤبة [[مكان البيت بعد قوله: (تميم تقول: (كِلْمَة) وفي الجمع (كِلَمُ) لأنه شاهد على هذه اللغة. انظر: "تهذيب اللغة" (كلم) 4/ 3180، "اللسان" (كلم) 7/ 3922]]: لَا يَسْمَعُ [[في (أ)، (ج): (تسمع)، وفي (ب) غير منقوط وضبطته مثل "التهذيب" وغيره.]] الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكِلَم [[ورد البيت في ملحق ديوان رؤبة مع الأبيات المنسوبة له وليست في "ديوانه" ص 182، وفي "تهذيب اللغة" (هنم) 4/ 3807، و (كلم) 4/ 3180، وفي "اللسان" (كلم) 7/ 3922.]] وتميم تقول: (كِلْمَة)، وفي الجمع (كِلَم). وأما استعمال الكلمة في القليل فإن سيبويه [قد أوقعها على الاسم المفرد، والفعل المفرد، والحرف المفرد، فأما الكلام فإن سيبويه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] استعمله فيما كان مؤلفًا من هذه الكَلِم [["الحجة" لأبي علي 2/ 32، وانظر "الصحاح" (كلم) 5/ 2023.]]، فالحرف الواحد لا يكون كلامًا، ولهذا لا يقطع [[(لا) ساقطة من (ب).]] الحرف الواحد الصلاة. واختلف القراء في هذه الآية، فقرأ ابن كثير (آدم) بالنصب، (كلمات) بالرفع [[قرأ ابن كثير وحده بنصب (آدم) ورفع (كلمات) وبقية العشرة برفع (آدم) ونصب (كلمات)، انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 154، "التبصرة" ص 250، "النشر" 2/ 211، "الإقناع" لابن الباذش 2/ 597، "البدور الزاهرة" ص30.]]، وحجته في ذلك: أن الأفعال المتعدية إلى المفعول به على ثلاثة أضرب، منها: ما يجوز أن يكون الفاعل له مفعولا به، ويجوز أن يكون المفعول به فاعلا له [[في "الحجة": (منها ما يجوز فيه أن يكون الفاعل له مفعولًا به، ومنها ما يجوز أن يكون المفعول به فاعلًا له)، 2/ 40، وما عند الواحدي هو صحيح.]] نحو اكْرَمَ بِشْرٌ بكرا، وشتم زيد عمرًا، وضرب عبد الله زيدًا. ومنها: ما لا يكون [فيه] [[(فيه) ساقطة من (ب)، (ج)، وثابت في (أ)، "الحجة" 1/ 40.]] المفعول فاعلًا له، نحو: دققت الثوب، وأكلت الخبز. ومنها: ما يكون إسناده إلى الفاعل في المعنى كإسناده إلى المفعول به، [وذلك] [[(وذلك) ساقط من (ب)]] نحو: أَصَبْت [[في (ب): (أصب).]] وَنِلْت وتَلَقَّيْتُ، تقول: نالني خير [[في (ب): (خيرًا) في كل المواضع الأربعة بالنصب.]] ونلت خيراً، وأصابني خير وأصبت خيراً. قال الله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] وفي قراءة عبد الله [[ذكر قراءة ابن مسعود الطبري في "تفسيره" 1/ 532. والفراء في "المعاني" 1/ 28. وانظر. "الكشاف" 1/ 309. "البحر" 1/ 377.]] ﴿الظَّالِمُونَ﴾ [[الاستشهاد بهذه القراءة ورد في "الحجة" في غير هذا الموضوع فنقله الواحدي بين هذه الأمثلة. انظر: "الحجة" 2/ 41، 42.]]. وتقول: لقيت زيدا، وتلقاني وتلقيته، قال: إِذَا أَنْتَ لَمْ تُعْرِضْ عَنِ الفُحْشِ واْلخَنَا ... أَصَبْتَ حَلِيمًا أَوْ أَصَابَكَ جَاهِلُ [[البيت ينسب لزهير، وينسب لابنه كعب كذا قال ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" ص 77. وورد البيت في "الحجة" 2/ 41. "المخصص" 15/ 161. وفي "ديوان زهير بن أبي سلمى" وراوية: (إذا أنت لم تقصر عن الجهل.) من قصيدة في سنان ابن أبي حارثة المُري، "ديوان زهير" مع شرحه ص 300، وورد في "ديوان كعب بن زهير مع قصائد لكعب لم تذكر في ديوانه" ص 257.]] قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾ [[في (أ): (قد) سقطت الواو من الآية، وكذا من الآية التي تليها.]] [آل عمران: 40] وقال: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾، [مريم:8] وإذا كانت معاني هذه الأفعال على ما ذكرنا [[من أن بعض الأفعال المتعدية إسنادها إلى الفاعل في المعنى كإسنادها إلى المفعول به.]]، فنصب ابن كثير (آدم) ورفعه (الكلمات) في المعنى [[أي أن قراءة ابن كثير في المعنى كقراءة الجمهور.]] كقول من رفع (آدم) ونصب الكلمات [[بنصه من "الحجة" لأبي علي 2/ 40، 41، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 94، "الحجة" لابن خالويه ص 75. أما مكي فقال في توجيه قراءة ابن كثير: (علَّه من نصب (آدم) ورفع (الكلمات) أنه جعل (الكلمات) استنقذت (آدم) بتوفيق الله له لقوله إياها الدعاء بها فتاب الله عليه .. فهي الفاعلة وهو المُسْتَنْقَذ بها ..)، "الكشف" 1/ 237.]]، وحجة من رفع (آدم) ونصب (الكلمات) [[وهي قراءة العشرة عدا ابن كثير كما سبق.]] قوله [[في "الحجة": (ومن حجة من رفع أن عليه الأكثر، ومما يشهد للرفع قوله ..) 2/ 41.]]: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ [النور: 15]، فأسند الفعل إلى المخاطبين، والمفعول به كلام يُتَلَقَّى [[في (ج): (تلقى).]]، كما أن الذي تَلَقَّى آدم كلام يتلقى، فكما أسند الفعل إلى المخاطبين، فجعل التلقي لهم، كذلك يلزم أن يسند الفعل إلى آدم، فيجعل التلقي له [[(له) ساقط من (ج).]] دون الكلمات [[(الحجة) لأبي علي 2/ 41، 42، وقال مكي: وعلة من قرأ برفع (آدم) ونصب (الكلمات) أنه جعل (آدم) هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو قبلها ودعا بها، وعمل بها، فتاب الله عليه، فهو الفاعل لقبول الكلمات ...) "الكشف" 1/ 237، وانظر "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 95، "الحجة" لابن خالويه ص 75.]]. ومعنى التلقي للكلمات هو أن الله تعالى ألهم [[وكذا قال أبو الليث في "تفسيره" 1/ 112، وقال ابن قتيبة: كأن الله أوحى إليه أن يستغفره ويستقبله بكلام من عنده، "غريب القرآن" ص 38، وقال ابن جرير: (... كأنه استقبله، فتلقاه بالقبول حين أوحى إليه وأخبره ..)، "تفسير الطبري" 1/ 242 - 243، فهو وحي، انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 260 - 261، و"زاد المسير" 1/ 69.]] آدم حتى اعترف بذنبه، وقال: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ الآية [الأعراف: 23]، فهذه الآية هي المعنية بالكلمات في قول الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد [[أخرجه ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد وقتادة وابن زيد والحسن وأبي العالية 1/ 243 - 244، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومحمد بن كعب وخالد بن معدان وعطاء الخرساني، والربيع 1/ 90 - 91، وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" بسنده عن ابن عباس قال: وكذلك قال مجاهد والحسن 1/ 66 أ، وانظر: "زاد المسير" 1/ 69، و"تفسير ابن كثير" 1/ 86 - 87. ورجح ابن جرير هذا القول، قال: (والذي يدل عليه كتاب الله أن == الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلا بقيلها إلى ربه، معترفا بذنبه، وهو قوله ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 23]، وليس ما قاله من خالف قولنا هذا -من الأقوال التي حكيناها- بمدفوع قوله، ولكنه قول لا شاهد عليه من حجة يجب التسليم لها، فيجوز لنا إضافته إلى آدم ..) "تفسير الطبري" 1/ 244.]]، وأخذ آدم من الله إلهامه إياه، حتى أخذ بإلهامه. وقال ابن عباس: الكلمات هي: أن آدم قال: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: ألم تسبق رحمتك لي غضبك؟ قال: بلى، قال ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: فلم أخرجتني منها؟ قال: بشؤم معصيتك، قال يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم قال: فهو الكلمات [[أخرجه ابن جرير عن ابن عباس بنحوه من عدة طرق، وأخرج نحوه عن أبي العالية والسدي في "تفسيره" 1/ 243، وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن ابن عباس نحوه، قال المحقق: في سنده ضعف وانقطاع 1/ 311، وأخرج الحاكم في "مستدركه" عن ابن عباس نحوه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، "المستدرك" 2/ 545، وذكر الثعلبي 1/ 65 ب، وذكره ابن كثير في "تفسيره"، وفي الهامش قال المحقق: (سنده حسن من أجل الحسن بن عطية .. وهذا الأثر كغيره من الآثار المتلقاة عن أهل الكتاب التي لا يجوز الاعتماد عليها في تفسير كتاب الله) 1/ 149. ذكر الواحدي أشهر الأقوال في المراد بالكلمات، وفيها أقوال أخرى، انظر: "تفسير ابن جرير" 1/ 243 - 244، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 90 - 91، و"الثعلبي" 1/ 65 ب، و"ابن عطية" 1/ 261، "زاد المسير" 1/ 69، و"تفسير ابن كثير" 1/ 87، و"الرازي" 3/ 19.]]. قال أبو إسحاق: وفي الآية تعريف للمذنب، كف السبيل إلى التنصل من الذنوب، وأنه لا ينفع إلا الاعتراف [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 85]]. وسئل بعض السلف عما يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبوه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: 23] وما قاله [[في (ب): (وما قال).]] موسى: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: 16] وما قاله [[في (ج): (وما قال).]] يونس: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [[قوله (لا إله إلا أنت) ساقط من (ب).]] [الأنبياء: 87]، وما قالته الملكة: ﴿إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: 44] [[الأثر أورده أبو حيان في البحر 1/ 165.]]. وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾. معنى التوبة في اللغة: الرجوع. وفي الشريعة: رجوع العبد من المعصية إلى الطاعة [[التوبة في الشرع: ترك الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة على عدم العودة إليه، وتدارك ما أمكنه من عمل الصالحات، فهذه أركان التوبة وشرائطها، (مفردات الراغب) ص 76، وانظر: "شرح أسماء الله" للزجاج ص 61، "تهذيب اللغة" (تاب) 1/ 416 - 417، "تفسير الطبري" 1/ 246، و"ابن عطية" 1/ 261 - 262، و"القرطبي" 1/ 277 - 278، "زاد المسير" 1/ 70، "البحر" 1/ 166.]]، فالعبد يتوب إلى الله والله يتوب عليه، أي يرجع عليه [[في (ب): (إليه).]] بالمغفرة، [والعبد تواب إلى الله أي راجع إليه بالندم، والله تواب يعود عليه بالكرم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] والعبد تواب إلى الله بالسؤال، والله تواب عليه بالنوال [[ذكر الأزهري نحوه عن الليث، "تهذيب اللغة" (تاب) 1/ 416 - 417.]]. فمعنى قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ أي عاد عليه بالمغفرة [[(تاب عليه) أي وفقه للتوبة وقبلها منه، وعاد عليه بالمغفرة، انظر: "تفسير الطبري" == 1/ 246، و"تفسير ابن عطية" 1/ 262، "زاد المسير" 1/ 70، و"تفسير ابن كثير" 1/ 87.]]، ولا يحتاج إلى ذكر المغفرة، لأن هذا اللفظ وضع لرجوع العبد إلى الله بالطاعة والندم ورجوع الله عليه بالعفو والمغفرة، وكما لا يحتاج [[في (ب): (يحتاج) في الموضعين.]] إذا قلت: تاب الله عليه، أن تقول بالندم أو بالطاعة، فكذلك لا تحتاج في قولك: (تاب الله عليه) إلى شيء آخر [[انظر: "تفسير البيضاوي" 1/ 22، و"النسفي" و"الرازي" 3/ 22.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [[(إنه) ساقط من (ب).]]. أي يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب